إنعاش ذاكرة الكاريكاتير المصرية بلوحات نادرة

الاحتفاء بالعيد الأول له هذا العام

إنعاش ذاكرة الكاريكاتير المصرية بلوحات نادرة
TT

إنعاش ذاكرة الكاريكاتير المصرية بلوحات نادرة

إنعاش ذاكرة الكاريكاتير المصرية بلوحات نادرة

حمل الراحل محمد عبد المنعم رخا (1911م - 1989م) لقب «أبو الكاريكاتير المصري»، كونه أول رسام مصري يحترف هذا الفن بالمعنى الحقيقي، حيث أرسى قواعده بالشكل المتعارف عليه في الصحافة. ولأجل هذه المكانة اتفق جموع رسامي وفناني الكاريكاتير المصريين أن يكون يوم مولده 7 نوفمبر (تشرين الثاني) عيداً للكاريكاتير المصري.
وتفعيلاً واحتفالاً بالعيد الأول هذا العام، يشهد متحف محمود مختار بالقاهرة حالياً تنظيم معرض «عيد الكاريكاتير المصري الأول»، الذي تنظمه الجمعية المصرية للكاريكاتير، بالتعاون مع قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة المصرية، ومتحف الكاريكاتير بالفيوم، والملتقى العربي لرواد الكاريكاتير. يضم المعرض 130 عملاً، لـ100 رسام كاريكاتير للرواد الأوائل والفنانين المعاصرين من مختلف الأعمار، بما يجعل منه احتفاءً حقيقياً بالعيد الأول لهذا الفن، واستعراض تاريخه عبر العقود الماضية.
يقول الفنان فوزي مرسي، عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للكاريكاتير، لـ«الشرق الأوسط»: «ما يميز هذا المعرض أن أعماله من الأصول التي تمتلكها الجمعية المصرية للكاريكاتير، فهي ليست مطبوعة أو من الصحف، كما أمدتنا أسرة الفنان رخا الذي تحمل الدورة الأولى لعيد الكاريكاتير المصري اسمه بمجموعة من اللوحات النادرة للراحل، وكذلك يضم المعرض مجموعة أخرى من مقتنيات متحف الكاريكاتير بالفيوم، ما جعل جميع مقتنيات المعرض تمثل ثروة إبداعية تحكي تاريخ الكاريكاتير في مصر». ويضيف: «هدف المعرض احتفالي، بمناسبة عيد الكاريكاتير الأول، كما أردنا من خلاله أيضاً أن نوجه الأنظار لفن الكاريكاتير، ودوره المهم، حيث إن هذا الفن بدأ يتوارى من صفحات الصحف، التي لم تعد تفرد المساحات له مقارنة بالماضي، لذا أردنا أن نعيده للأضواء مجدداً من خلال المعارض الفنية، كما كان المعرض فرصة لتكريم رواد هذا الفن، وتكريم أسرة الفنان رخا».
بالإضافة إلى تلك الأهداف؛ يحمل المعرض هدفاً آخر هو إتاحة الفرصة لاكتشاف مواهب جديدة في فن الكاريكاتير، على اعتبار أن المعرض يعد متنفساً مفتوحاً أمامهم لكي يرى الجمهور الزائر أعمالهم، بعد أن توقفت الصحف عن النشر للمواهب، ما دعاهم للتوجه إلى نشر أعمالهم على صفحاتهم بموقع «فيسبوك»، إلا أن ذلك يكون مقصوراً على أصدقائهم فقط، لذا تظهر أهمية المعرض في أنه يتيح اللقاء المباشر بين المواهب الجديدة مع رواد فن الكاريكاتير، ما يعمل على نقل وتبادل الخبرات بين الجميع.
وبالتجول في المعرض، يبدو أنه لم يتم تحديد ثيمة محددة للوحات، إلا أن البورتريهات تأخذ النصيب الأوفر من بين الأعمال، حيث نشاهد أعمالاً تجسد رواد الكاريكاتير، في مقدمتهم رخا ومصطفى حسين ومحمد عفت، كما نرى أعمالاً عن الحارة المصرية والبيئة الشعبية والموضوعات الاجتماعية والحياتية التي نراها في أعمال كثيرين، مثل جورج بهجوري وناجي كامل وزهدي العدوي ومحمد حاكم وغيرهم، كما يستحضر المعرض شخصيات كاريكاتيرية شهيرة لدى الجمهور مثل شخصية «كمبورة» التي أبدعها الراحل مصطفى حسين.
وأوضح مرسي أن عيد الكاريكاتير المصري سيتم الاحتفال به سنوياً: «نهتم بالمعارض لأنها وسيلة ترويج قوية، بعد أن تبدلت أحوال الصحف التي كانت توزع ملايين النسخ، عكس الفترة الراهنة، لذلك تأتي هذه المعارض وكذلك الملتقيات الدولية للكاريكاتير التي تنظمها الجمعية المصرية للكاريكاتير، كبديل قوي يسهم في زيادة تفاعل الجمهور مع فن الكاريكاتير». وعلى هامش المعرض الحالي تمت إقامة حفل توقيع كتاب الفنان نبيل صادق، الذي يوثق مسيرته الفنية في عالم الكاريكاتير على مدار 50 عاماً، وهي الخطوة التي يصفها مرسي بـ«المهمة» في الوقت الحالي، خصوصاً مع إحجام دور النشر عن نشر كتب الكاريكاتير خلال السنوات الماضية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».