الساحة الفنية تخسر الممثل عصام بريدي إثر تعرّضه لحادث سير مروع

اللبنانيون صدموا بالخبر وزملاؤه ينعونه على صفحات التواصل الاجتماعي

الراحل عصام بريدي
الراحل عصام بريدي
TT

الساحة الفنية تخسر الممثل عصام بريدي إثر تعرّضه لحادث سير مروع

الراحل عصام بريدي
الراحل عصام بريدي

فجع اللبنانيون بخبر مقتل الممثل اللبناني الشاب عصام بريدي، إثر تعرّضه لحادث سير مروع في منطقة الدورة عندما كان عائدا إلى منزله في جونية.
وفي التفاصيل أن عصام بريدي كان يمضي ليلته في منطقة الحمرا، وأثناء عودته فجر الأحد (الرابعة صباحا) إلى منزله الواقع في مدينة جونية الساحلية (شمال لبنان)، اصطدمت سيارته من نوع «ليكساس» بالفاصل الأوسط على جسر الدورة فانقلبت في اتجاه نهر الموت. وكان اصطدام سيارته بحافة الأوتوستراد المذكور قد أدى إلى رفع مستوى السيارة عن الأرض وقُذف منها عصام إلى الأوتوستراد العلوي فاصطدم رأسه بالأرض بشكل قاتل. وتردد أن تساقط الأمطار والثلوج حينها أسهم في انزلاق السيارة وانقلابها.
وفور شيوع الخبر انهمرت التعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي من قبل زملائه الممثلين ومحبّيه. وقد تبيّن أن أحدث تغريدة كتبها الممثل الراحل (35 عاما) قبيل الحادث هي معايدة اللبنانيين من الطائفة الشرقية بعيد الفصح.
وغرّدت إليسا تقول: «أنا حزينة جدا لوفاة عصام بريدي، هذا الشاب الممثل الموهوب الذي كان في استطاعته أن يعيشنا الحلم في أدواره». فيما غرّدت الممثلة نادين نسيب نجيم قائلة: «وعيت على أبشع خبر.. خبر وفاتك عصام قتلني وكسرني! من يومين حطّيت صورتنا سوا وكتبتلي أحلى الكلام وكأنك عم تودعني.. الله يرحمك وتكون نفسك بالسما». ومن ثم نشرت الصورة التي جمعتها به معلّقة: «هيدي الصورة لما كنا سوا ببرنامج (أحلى جلسة) وقلتلي ياللا نشتغل مع بعض.. انت كتير طيب ومحترم رح أشتقلك».
أما الممثلة سيرين عبد النور فنشرت صورة للمثل الراحل على حسابها الخاص على صفحة «إنستغرام» وكتبت معلقة على رحيله «ما باعتقد فيه كلام يعبّر عن وجع قلبي.. حتى دموعي خانتني من كتر الصدمة. عصام بريدي مات ها الإنسان اللي مليان فرح راح؟! والبسمة فارقت وجهه.. الله يرحمه ويصبّر أهله».
والمعروف أن الفنان الراحل عرف بشخصيته القريبة للقلب وبطاقته الإيجابية الدائمة التي كان ينشرها أينما كان. وقد شارك مؤخرا في مسلسل «علاقات خاصة» الذي يعرض حاليا على شاشات التلفزة، وأيضًا في المسلسل المنتظر أن يعرض في موسم رمضان المقبل «بنت الشهبندر». وقد درس التمثيل في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، وعمل في مجال المسرح والسينما والتلفزيون، كما درس الموسيقى وتخرّج عام 2001 في برنامج «استوديو الفن» عن فئة الأغنية الطربية العربية.
وعرف أيضا بشخصية عصام في مسلسل «آدم وحواء»، الذي شاركته فيه التمثيل الممثلة باتريسيا نمور، فشكلا ثنائيا ناجحا، خوّلهما تحقيق نسبة نجاح عالية من خلاله. كما شارك في عدة مسلسلات أخرى كـ«لعبة الموت» و«زفّة». ولطالما أحبّ عصام بريدي الغناء، لكنه ترك في هذا المجال أغنية وحيدة بعنوان «حبّ جنون».
تربط عصام بأخيه الإعلامي وسام بريدي (مقدّم برنامج «رقص النجوم»)، علاقة متينة لطالما تحدّث عنها في مقابلاته وإطلالاته الإعلامية. وهذا الانسجام بين الأخوين جعلهما يفتتحان مطعم «قرنفل» في منطقة أنطلياس، حيث كان يجتمع فيه محبّوهما في الوسط الفني.
في آخر يوم قبيل وفاته نشر عصام بريدي عبر حسابه الخاص على صفحة «إنستغرام» صورة تجمعه بأصدقائه الممثلين، معلّقا في أسفلها على الفرحة التي يشعر بها عندما يكون مع أقرب الأصدقاء إليه.
وكان الممثل الشاب قد كتب رسالة مؤثّرة لوالدته بمناسبة عيد الأم، تناقلتها الصفحات الإلكترونية فور انتشار خبر وفاته، والتي قال فيها: «إلى أمي.. أي كلام أهديك؟ من له قلب كبير يحمل كلّ الحب مثل قلبك؟ من له حضن حنون مثل حضنك؟ من لديه لوحة باسمة الطلّة مثل وجهك؟ أنت يا سرّ السعادة في القلوب.. من يا ترى يحمل همًّا.. من يا ترى يحمل حبًا مثلما تحمل أمي؟!.. من تراه يحفظ سرًا مثلما تحفظه أمي؟ ماذا أهديك يا كل عمري ومنتهى عمري؟».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».