«ضد السينما» يثير الأسئلة العميقة ويحفظ الذاكرة السعودية

«إثراء» تكشف النقاب عن تفاصيله على هامش «البحر الأحمر»

طارق خواجي وماجد سمان في جلسة نقاشية عقدتها {إثراء}
طارق خواجي وماجد سمان في جلسة نقاشية عقدتها {إثراء}
TT

«ضد السينما» يثير الأسئلة العميقة ويحفظ الذاكرة السعودية

طارق خواجي وماجد سمان في جلسة نقاشية عقدتها {إثراء}
طارق خواجي وماجد سمان في جلسة نقاشية عقدتها {إثراء}

كشفت «إثراء» النقاب أمس عن تفاصيل الفيلم الوثائقي المنتظر «ضد السينما» الذي يؤرخ لحقبة تاريخية مهمة في المشهد الثقافي والاجتماعي السعودي، وذلك على هامش فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة.
وبحسب طارق خواجي المشرف على وحدة المحتوى في إثراء فإن الفيلم الوثائقي «ضد السينما» من إخراج علي سعيد في مراحل الإنتاج النهائية، وقريباً سوف يطلق، وأضاف في حديث صحفي أمس بقوله «ما يجعل الفيلم مثير للاهتمام بشكل كبير جداً وجود جيلين، جيل عاصر القصة وآخر يشاهدها لأول مرة».
وتابع «كان هناك سينما الأحواش ومحلات الفيديو ثم الفيلم السعودي القصير في 2008، الناس لا يعرفون القصة الكاملة، ترميم قطع فسيفساء هذه القصة ليس معلوماً، (ضد السينما) يجمع هذه السياقات في قصة واحدة».
ولفت خواجي إلى أن «الحقيقة دائماً موجودة في قاع بئر، والوصول إليها ليس سهلاً (...) المساحة متاحة لنا لنروي القصة كاملة ولسنا بحاجة لأخذ مناورات لسرد قصة السينما في السعودية».
وتابع «الجيل اليوم سوف يعرف كيف أخذت القصة منحاها التاريخي من منطقة إلى أخرى، ويعكس حقبة فكرية، (ضد السينما) إلى حد كبير عبارة عن رواية تاريخية واجتماعية أنثروبولوجية سعودية، لدينا رغبة في أن يمثل الفيلم مرحلة تاريخية ويمثل علامة تاريخية في السينما العالمية، وطموحنا أن يعرض في أول صالة عرض سينمائي في العالم، كما سيكون متوفراً على منصات البث المرئية، وعلى إثراء كذلك». وتعهد المشرف على وحدة المحتوى في إثراء بأن تشهد الفترة القادمة مشاركة فاعلة لإثراء في المهرجانات السينمائية العالمية، «ليس حضوراً لمجرد الحضور بل حضور فاعل». على حد تعبيره. وقال إن «الفضاء مختلف عما بدأناه، الفرصة سانحة ومواتية لإنتاج أعمال سينمائية فارقة على المشهد الثقافي، نحن طموحون وجادون في إنتاج أعمال سينمائية تؤثر في صناعة مشهد سينمائي حقيقي».
من جانبه، تحدث ماجد سمان رئيس وحدة الفنون المسرحية في إثراء عن فيلمي «طريق الوادي»، و«بحر الرمال» من إنتاج إثراء، مبيناً أن فيلم «طريق الوادي» من تأليف خالد فهد عبارة عن قصة فانتازية عائلية عن طفل مصاب بالتوحد يعيش مغامرة عندما يضيع في قرية.
وكشف أن جميع الطاقم خلف وأمام الكاميرا سعوديون، وسوف يتم تصوير الفيلم في السودة جنوب السعودية، حيث سيتم بناء قرية بشكل كامل. أما فيلم «بحر الرمال» فسيكون طاقم العمل من شمال أفريقيا وأوروبا والشام، لكن الممثلين بالكامل سيكونون سعوديين، وأضاف «نطلب من صناع السينما والهواة والمبتدئين السعوديين تقديم أسمائهم لمن يريد الاشتراك في هذا الفيلم، مساعد سينمائي أول، مساعد مخرج، أو مساعد مدير فني، سيتم تدريب المواهب السعودية بشكل مباشر، والفيلم من إنتاج محمد حفظي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي».

سعيد: «ضد السينما» توثيق وتأمل

> في إطار حديثه عن ولادة فكرة الفيلم، قال علي سعيد مخرج «ضد السينما» إن البذرة الأولى للفكرة جاءت عندما كان يتصفح كتب تاريخ السينما، ولم يجد ذكرا للسينما السعودية. وأضاف «نحن من الجيل الذي عاش التحولات ما قبل افتتاح السينما، كنا قلقين على هذه الذاكرة».
وتابع «قلت لماذا لا ننظر لحالة التضاد في صناعة السينما، لدينا قصة تستحق أن تروى، ولذلك أرخنا لحالة التضاد من البداية، الفيلم عبارة عن رحلة مغامرة واكتشاف، تكتشف أنك تذهب إلى عالم آخر».
مع ذلك، لم يخف سعيد بأن الفيلم قد يثير بعض النقاش الضروري، كما يطرح أسئلة، وقال «اتجهنا للوثائقي على مستويين، للتوثيق، كما عملنا على طرح الأسئلة العميقة أمام الذاكرة السعودية، عملنا على دراسة علاقة السينما بمحيطها وكيف نشأتها وتأمل هذه الظاهرة من بدايتها حتى افتتاح صالات السينما».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».