المغرب ومجموعة «فيسغراد» للتعاون في محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية

خلال مباحثات بوريطة مع نظرائه في التشيك وسلوفاكيا وبولونيا

وزير خارجية المغرب خلال مؤتمر صحافي مع وزراء خارجية مجموعة فيسغراد في بودابست (ماب)
وزير خارجية المغرب خلال مؤتمر صحافي مع وزراء خارجية مجموعة فيسغراد في بودابست (ماب)
TT

المغرب ومجموعة «فيسغراد» للتعاون في محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية

وزير خارجية المغرب خلال مؤتمر صحافي مع وزراء خارجية مجموعة فيسغراد في بودابست (ماب)
وزير خارجية المغرب خلال مؤتمر صحافي مع وزراء خارجية مجموعة فيسغراد في بودابست (ماب)

عبّر المغرب ومجموعة فيسغراد (بولونيا، التشيك، هنغاريا، سلوفاكيا)، أمس، بمناسبة انعقاد الاجتماع الوزاري الأول لـ«مجموعة فيسغراد + المغرب»، عن «عزمهما القوي» على إعطاء دفعة جديدة لتعاونهما قصد مواجهة التحديات المشتركة.
وقال وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، خلال مؤتمر صحافي عقد عقب هذا الاجتماع، إن «المغرب وشركاءه داخل مجموعة فيسغراد يحدوهما عزم قوي على تعزيز تعاونهما من أجل مواجهة التحديات المشتركة، ولا سيما محاربة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية والجريمة العابرة للحدود».
وأبرز بوريطة الآفاق الواعدة للتعاون القائم بين الجانبين وإمكانات توسيعه حتى يشمل مجالات أخرى، من خلال تثمين إمكانات المغرب، باعتباره بوابة ولوج القارة الأفريقية، ومؤهلات مجموعة «فيسغراد» بوصفها منصة لوسط وشرق أوروبا. كما أكد على إمكانات المغرب كقطب للاستقرار في المنطقة، وكذا التزامه القوي من أجل تنمية وتطوير القارة الأفريقية، بما يجعله شريكاً «مسؤولاً وذي مصداقية» لمجموعة فيسغراد. لافتاً إلى أن المملكة ودول مجموعة فيسغراد تتشاطران نفس القناعة إزاء ضرورة تنويع الشراكات من أجل الاستجابة لمختلف التحديات الراهنة.
كما أعرب الوزير بوريطة عن أمله في رؤية الإرادة المشتركة لكلا الجانبين إزاء تمتين علاقات التعاون القائمة بينهما، وهي تجد ترجمتها في «مبادرات وبرامج ملموسة في خدمة مصالحنا المشتركة».
من جهتهم، رحّب وزراء الخارجية في الدول الأعضاء في مجموعة فيسغراد بانعقاد الاجتماع الوزاري الأول لـ«مجموعة فيسغراد + المغرب»، مؤكدين على ضرورة مواصلة هذا الحوار القوي، وتعزيزه من خلال آليات عملية. كما أجمعوا على تأكيد إعجابهم بالدور الذي يضطلع به المغرب كباعث على السلام والاستقرار في المنطقة، وبجهوده النوعية في المجال الأمني ومحاربة الإرهاب.
مشيرين إلى الدور المحوري للمغرب في محاربة الهجرة غير الشرعية. وشددوا في هذا الصدد على ضرورة قيام الاتحاد الأوروبي بمنح المملكة مزيداً من الدعم فيما يتعلق بتدبير الحدود، وكذا تعزيز قدراته في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية. كما أشادوا أيضاً بريادة الملك محمد السادس والتزامه من أجل النهوض بقيم السلام، والاستقرار والعيش المشترك.
وجددوا التأكيد على التزام مجموعة فيسغراد بمواصلة الدفاع عن مصالح المغرب داخل التكتل.
في سياق ذلك، أشار وزراء خارجية مجموعة فيسغراد، كذلك، إلى أنه على الاتحاد الأوروبي تقديم دعم مباشر وملموس من أجل مواكبة المغرب في جهوده التنموية، مجددين موقف دعم استئناف مجلس الاتحاد الأوروبي لدى محكمة العدل الأوروبية لإلغاء الأحكام الصادرة بشأن اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري المبرمتين مع المغرب.
وتؤكد الرئاسة الهنغارية لمجموعة فيسغراد للفترة ما بين 2021 و2022 على ضرورة تعزيز التعاون مع المغرب، والتنفيذ الناجح للمشروعات المشتركة الجارية مع المملكة.
وكان بوريطة قد أجرى، الاثنين، في بودابست سلسلة من المباحثات مع نظرائه؛ التشيكي جاكوب كولهانيك، والسلوفاكي إيفان كورشوك، والبولوني زبيغنييف راو.
وشكّلت هذه المباحثات مناسبة للوزراء الثلاثة من أجل التأكيد على الاهتمام الخاص الذي يولونه للمغرب. كما حرصوا على الإشادة بتدبير المغرب النموذجي لمكافحة وباء «كوفيد 19»، ولا سيما نجاح حملة التلقيح الخاصة به.
وأجمع وزراء خارجية جمهورية التشيك، وسلوفاكيا، وبولونيا، على تأكيد دور المغرب كبلد للسلم والاستقرار وكنموذج إقليمي في مجال التنمية والأمن، وجددوا رغبتهم في دعم دور المغرب كشريك ذي مصداقية بالنسبة لأوروبا، ومصدر للاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي. مؤكدين أن المغرب يشكل أرضية حقيقية للتنمية، ومنصة للنمو بالنسبة للمنطقة برمتها. كما عبروا عن اهتمامهم بتعزيز الشراكة الاقتصادية مع المملكة، وجعلها تسير في اتجاه تدعيم تموقع بلدانهم في أفريقيا، سعياً إلى التصدي للأسباب العميقة الكامنة وراء الهجرة غير الشرعية.
في غضون ذلك، شدد الوزراء، الذين جددوا التأكيد على رغبة بلدانهم في تعزيز علاقات التعاون مع المغرب، على إيلاء أهمية خاصة للنهوض بالتعاون في مجال البحث والتنمية، وفي المجالين الجامعي وتبادل الطلبة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».