«ذا جروفز» ... لوس أنجليس على أكتاف وادي حنيفة

عروض استعراضية تضيف رونقاً لأجواء «ذا جروفز» (تصوير: صالح الغنام)
عروض استعراضية تضيف رونقاً لأجواء «ذا جروفز» (تصوير: صالح الغنام)
TT

«ذا جروفز» ... لوس أنجليس على أكتاف وادي حنيفة

عروض استعراضية تضيف رونقاً لأجواء «ذا جروفز» (تصوير: صالح الغنام)
عروض استعراضية تضيف رونقاً لأجواء «ذا جروفز» (تصوير: صالح الغنام)

بين البروتوكولات الدولية والبعثات الدبلوماسية والنسيج المعماري اللافت لحي السفارات في العاصمة السعودية الرياض، تتربع منطقة «ذا جروفز» التابعة لـ«موسم الرياض الترفيهي» وسط الحي الدبلوماسي بتصميم معماري مستوحى من التراث السعودي وبتوزيع نباتي مستدام.
تشتهر منطقة «ذا جروفز» بنسختها الأصلية في مدينة لوس أنجليس الأميركية، وجاءت تسميتها من المرتفع الذي بنيت عليه المنطقة؛ حيث تحظى بإطلالة طبيعية تتواءم مع طبيعية لوس أنجليس، حيث يُعرف مصطلح «ذا جروفز» بالعربية بأنه «الأخدود» أو شق مستطيل غائر في الأرض، ومن هذا المنطلق يأتي اختيار موقع منطقة «ذا جروفز» في «موسم الرياض الترفيهي» بإطلالة صخرية طبيعية على وادي حنيفة. وتأتي فكرة «ذا جروفز» ضمن آلاف الأفكار التي اقترحها متابعو رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية تركي آل الشيخ على منصة «تويتر»، فمن خلال آلاف الاقتراحات المختلفة؛ أقيمت مسابقة تنقح الأفكار بحسب ملاءمة إقامتها في «موسم الرياض الترفيهي»، والتي لاقت من خلالها «ذا جروفز» مكانها في قائمة الموسم الترفيهي.
ومن «حديقة الخزامى» المطلة على وادي حنيفة؛ إحدى أقدم الحدائق في العاصمة الرياض، تقام منطقة «ذا جروفز» التابعة لـ«الموسم الترفيهي» بعدد من المطاعم الفاخرة والمتاجر المحلية والعروض اليومية المبهرة، وتتميز المنطقة بملاءمتها للعائلات.
وفي إطار الرفاهية الترفيهية؛ ترسم منطقة «ذا جروفز» ثقافة الوجبات الخفيفة، أو شاي ما بعد الظهيرة، بطابع فاخر يتمثل في تذوق مختلف الأطعمة الشهية المحضرة من أشهر المطابخ العالمية وسط أجواء موسيقية هادئة وجلسات متنوعة راقية.
ومن نسج العباية وخياطة البشت وحتى رسم اللوحات الفنية المميزة، وجدت متاجر بطابع مخملي يتناسب مع سكان الحي الدبلوماسي، حيث جرى استقطاب المتاجر بعناية تتواءم مع مفهوم المنطقة وهدفها.
وأوضحت لمى عناية؛ مسؤولة التنظيم في منطقة «ذا جروفز» لـ«الشرق الأوسط» أن «المنطقة تتيح التعاقد الشهري للمتاجر المحلية، حيث من الممكن أن تتغير المتاجر كل شهر بحسب الإقبال عليها».
ومن الناحية التنظيمية؛ ترتكز المنطقة على كرم الاستقبال وحفاوة الكلمات، فوسط الأضواء الخافتة والنسيم البارد يستقبل المنظمون الزوار بوجوه بشوشة وصدور رحبة؛ وذلك لخلق تجربة فريدة للزوار تدفع بهم إلى تكرار الزيارة، وأشارت لمى عناية إلى أن «المنظمين يتلقون تدريباً مسبقاً قبل العمل في هذا المحفل، وتصل مدة التدريب إلى 4 أيام يتمكن خلالها المنظم من اتقان الأسلوب الموحد لاستقبال الزوار في (ذا جروفز)».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».