«الجولة الخليجية» تحفّز لدفع التعاون في المبادرات الاقتصادية المشتركة

زيارة ولي العهد السعودي ترفع وتيرة حراك قطاعات الأعمال والمجالس

الرياض تتأهب لاستضافة القمة الخليجية منتصف الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
الرياض تتأهب لاستضافة القمة الخليجية منتصف الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
TT

«الجولة الخليجية» تحفّز لدفع التعاون في المبادرات الاقتصادية المشتركة

الرياض تتأهب لاستضافة القمة الخليجية منتصف الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
الرياض تتأهب لاستضافة القمة الخليجية منتصف الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

في حين تمضي زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز لسلطنة عمان ضمن جولة تضم بلدان مجلس التعاون الخليجي قبيل انعقاد القمة الخليجية المزمعة منتصف الشهر الجاري في الرياض، توقع مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن تثمر جولة ولي العهد السعودي على الدول الخليجية عن توحيد الرؤى والجهود لتسريع تنفيذ مبادرات دول مجلس التعاون الاقتصادية المتعلقة بإطلاق السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي والعملة الخليجية، كاشفين عن انطلاق انعقاد مجالس الأعمال بين الدول الأعضاء لتعزيز الشراكات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية ضمن فعاليات هذه الجولة.
وانعقد، أمس، ملتقى الأعمال العماني السعودي بنادي الواحات العمانية تزامناً مع زيارة الأمير محمد بن سلمان للسلطنة، حيث قال رئيس مجلس الأعمال العماني السعودي ناصر الهاجري لـ«الشرق الأوسط» أن الاجتماعات الثنائية بين مجلس الأعمال المشترك حققت العديد من التوصيات التي تواكب التطور المطرد على كل المستويات عبر استغلال الفرص الاستثمارية المتاحة وبلوغ التكامل الاقتصادي عبر رؤية المملكة 2030 وعمان 2040، مبيناً أن القيادات ساهمت بشكل كبير في إزالة المعوقات أمام المستثمرين ورجال الأعمال.
من جانب آخر، يعتزم مجلس الأعمال السعودي القطري عقد اجتماع غدا الأربعاء تعزيزا للتعاون بمجالات التجارة والصناعة والزراعة والمنتجات الغذائية والمقاولات ومواد البناء والأدوية والسياحة والطيران والضيافة والاستثمار والخدمات والصناعات التحويلية، فيما سيقود مجلس الأعمال السعودي البحريني اجتماعا بهذه المناسبة يوم الخميس المقبل في المنامة لتنعكس إيجابا على علاقات البلدين الاقتصادية.
من ناحيته، قال الأمين العام السابق لاتحاد الغرف الخليجية عبد الرحيم نقي لـ«الشرق الأوسط» إن جولة ولي العهد السعودي في دول مجلس التعاون الخليجي تشكل أهمية كبرى لتفعيل الدور الاقتصادي والسياسي والأمني الخليجي وتوحيد الصفوف الخليجية وتحصن الدول الأعضاء أمام التحديات بتبني مواقف خليجية.
وشدد نقي على أن أهمية الجولة كونها تفتح مجالات التعاون الاقتصادي والاستثماري، خاصة ما يتعلق بتأسيس المشروعات الاستراتيجية بين السعودية ودول الخليج، إلى جانب ذلك ضرورة استفادة القطاع الخاص الخليجي من خلال اتحاد الغرف السعودية مع كل غرفة من الدول الأعضاء في تنظيم اجتماعات مجلس الأعمال المشتركة تتوصل خلالها إلى إقامة المشروعات المشتركة التي يستفيد منها المواطن الخليجي وتقوم على الاستفادة من البنية التحتية.
ويرى نقي أن القطاع الخاص الخليجي أمامه فرصة ذهبية للاستفادة من هذه الجولة قدر الإمكان، مؤكداً أنها تعكس أهداف وطموحات قادة المجلس وتظهر الإيمان بأهمية توطين الاستثمار الخليجي.
وتوقع نقي أن تثمر الجولة الحالية عن جهود تكون مرتكزا أساسيا للقمة المقبلة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي سيكون أهم مخرجاتها ما يتحقق من هذه الزيارات، مفصحاً أن مجلس الأعمال السعودي البحريني سيقود اجتماعاً بهذه المناسبة يوم الخميس المقبل في المنامة.
من ناحيته، كشف رجل الأعمال السعودي رئيس شركة التميز السعودية للتقنية عبد الله المليحي لـ«الشرق الأوسط» عن توجه شركات سعودية لتأسيس شراكة مع نظيرتها القطرية للاستثمار والتطوير العقاري، فضلاً عن مناقشات جارية حالياً لتأسيس شركة إماراتية سعودية للخدمات الفندقية.
وفي هذا السياق، أكد اتحاد الغرف التجارية السعودية، أمس، على أهمية جولة ولي العهد الرسمية الخليجية التي تشمل سلطنة عمان والكويت والإمارات ومملكة البحرين وقطر، مبيناً أن الزيارة تأتي في وقت يشهد فيه العالم تحديات على مختلف الأصعدة وبخاصة الاقتصادية، حيث تتباحث الدول الست في سبل تدعيم وتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، إضافة إلى رفع وتيرة التعاون وتعزيزها في جميع المجالات.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».