حفاوة الاستقبال ورحابة الكلمة... استراتيجية تُميز «موسم الرياض»

تنظيم الموسم الترفيهي يولد فرصاً وظيفية متنوعة (تصوير: بشير صالح)
تنظيم الموسم الترفيهي يولد فرصاً وظيفية متنوعة (تصوير: بشير صالح)
TT

حفاوة الاستقبال ورحابة الكلمة... استراتيجية تُميز «موسم الرياض»

تنظيم الموسم الترفيهي يولد فرصاً وظيفية متنوعة (تصوير: بشير صالح)
تنظيم الموسم الترفيهي يولد فرصاً وظيفية متنوعة (تصوير: بشير صالح)

حيرة ممتعة مليئة بالرفاهية الترفيهية تخلقها فعاليات موسم الرياض، وسباق رقمي يجسد مسيرة حجز التذاكر للعروض والحفلات. ومع اكتمال شهر ونصف الشهر من عمر موسم الرياض الترفيهي، أزالت هيئة الترفيه السعودية الستار عن إحصاءاتها الشهرية، الأربعاء الماضي، التي لاقت تفاعلاً واسعاً في منصات التواصل الاجتماعي.
وأوضحت هيئة الترفيه ممثلة برئيس مجلس إدارتها تركي آل الشيخ، أنّ موسم الرياض الترفيهي يأتي بأربعة ملايين ونصف المليون زائر حتى الآن، من ضمنهم 300 ألف سائح من مختلف دول العالم، ويشهد الموسم الترفيهي اكتظاظاً لافتاً منذ بداية الإجازة الدراسية في المملكة التي انتهت مع بداية الأسبوع الحالي.
في حين بلغ عدد الفرص الوظيفية أكثر من 122 ألف وظيفة تمثلت في المباشرة وغير المباشرة، حيث تُجسد خيارات التنظيم في موسم الرياض فرصاً مهنية تناسب الطلاب الجامعيين وحديثي التخرج، فتأتي شروط التنظيم الأساسية في أن يكون المتقدم سعودي الجنسية وأكبر من 18 عاماً، وفي أحيان يستوجب التحدث باللغتين العربية والإنجليزية.
أثناء الوقوف في صفوف الانتظار الطويلة لتجربة لعبة أو مغامرة شيقة، يأتي دور المنظمين الترفيهيين في إلقاء النكات واختلاق الأحاديث العابرة ليصبح وقت الانتظار أكثر متعة من التجربة بذاتها؛ مما يحفز الزوار على تكرار التجربة أكثر من مرة على الرغم من معرفتهم بمدة الانتظار. وتتنوع خيارات التنظيم في الموسم الترفيهي؛ إذ تشمل التنظيم الدائم طوال فترة الموسم، والتنظيم المؤقت خلال فعالية أو معرض معين. وحسب أهمية الفعالية والجهة المنظمة تختلف خطوات القبول في الوظائف التنظيمية، فمنها ما يستلزم المقابلات الشخصية، ومنها من يكتفي بالأوراق الرسمية، في حين يتطلب بعضها تدريباً مهنياً يتراوح ما بين أربعة أيام وأسبوع.
ودفعت الفرص التنظيمية الشباب السعودي إلى خلق مجتمع رقمي يهدف إلى تناقل وعرض الفرص والتجارب، وذلك من خلال مجموعات بسيطة على تطبيق «واتساب»، تجمع كل المهتمين والباحثين عن هذه الفرص، وتتيح لهم التعرف على تجارب بعضهم بعضاً.
وتعتبر الوظائف التنظيمية في موسم الرياض مصدر دخل إضافي؛ إذ تتراوح رواتب المنظمين في مختلف المناطق، ما بين ألفين ريال و5 آلاف ريال سعودي. وتأتي هذه الوظائف تحت مظلة العمل الجزئي أو العمل الحر، الذي لا يتعارض مع الدوام الكامل للفرد، سواء في الدراسة أو العمل.
وفي جولة لـ«الشرق الأوسط» بين الفعاليات الترفيهية التابعة لموسم الرياض، ذكر العديد من المنظمين متعة تجربة العمل في محفل ترفيهي غير مسبوق مثل موسم الرياض.
من جانبه، قال عبد العزيز عبد الله، المنظم الشاب، لـ«الشرق الأوسط»، «يُعدّ التعامل مع مختلف الثقافات من إيجابيات العمل في موسم الرياض؛ إذ يحملك مسؤولية نقل صورة إيجابية للشباب السعودي. وتساعد الفرص من هذا النوع على تعلّم خبرات جديدة وعلى توسيع قاعدتك الاجتماعية بطريقة تخدم مستقبلك المهني».
جدير ذكره، أنّ العديد من شركات التنظيم تتعاقد مع فعاليات الموسم الترفيهية، وهي التي تضمن بدورها تقديم تجربة ممتعة للزوار من خلال تدريب منظميها على عبارات وأساليب ترفيهية تتماشى مع هدف الموسم تخلق نوعاً من الارتياح والسعادة لدى الزوار، يساهم في إنجاح هذه الفعاليات بشكل كبير.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».