بنيت يطالب الغرب بتكبيد إيران ثمن انتهاكاتها النووية

الرئيس الإسرائيلي يؤيد اتفاقاً قوياً مع طهران ويرهنه ببقاء الخيار العسكري

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، يترأس الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية في القدس أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، يترأس الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية في القدس أمس (أ.ب)
TT
20

بنيت يطالب الغرب بتكبيد إيران ثمن انتهاكاتها النووية

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، يترأس الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية في القدس أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، يترأس الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية في القدس أمس (أ.ب)

دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، أمس، إلى معاقبة إيران بسبب خروقاتها الاتفاق النووي، فيما قال الرئيس الإسرائيلي يتسحاك هيرتسوغ إن بلاده ستؤيد اتفاقاً جديداً مع إيران، لكنه طالب بالوقت ذاته بالحفاظ على الخيار العسكري.
واستهل بينيت اجتماع الحكومة الأسبوعي، أمس (الأحد)، بدعوة الدول الكبرى المشاركة في مباحثات فيينا إلى «التمسك بخط متشدد، والتوضيح لإيران بأنه لا يمكن أن تخصب يورانيوم وتفاوض في الوقت نفسه». وقال: «لقد انتهت جولة مفاوضات أولى بين إيران والدول العظمى دون تحقيق أي نتائج، لقد تراجع الإيرانيون عن جميع التفاهمات السابقة، كما اتخذوا موقفاً متشدداً وهمجياً للغاية».
وأكد بينيت أن هدف حكومته «هو استغلال نافذة الوقت التي فُتحت بين الجولات (التفاوض) كي نقول لأصدقائنا في الولايات المتحدة: هذا هو الوقت بالضبط لاستخدام سلة أدوات أخرى مقابل إسراع إيران في مجال التخصيب. وعلى إيران أن تبدأ بدفع أثمان خروقاتها».
في الأثناء، قال الرئيس الإسرائيلي، يتسحاك هيرتسوغ، إن التهديد الإيراني مشترك لإسرائيل والولايات المتحدة وإن بلاده ستبارك التوصل إلى اتفاق نووي جديد قوي ومتماسك مع طهران، ولكنه يعتقد أن مثل هذا الاتفاق «لن يتحقق من دون أن يوضع أمامها تهديد واضح وجدي بالخيار العسكري».
وقال هيرتسوغ، الذي كان يتكلم خلال مراسم تقديم أوراق اعتماد السفير الأميركي الجديد في إسرائيل، توماس نايدس، أمس (الأحد)، إنه «لا شك في أن التحدي الكبير الماثل أمام إسرائيل والولايات المتحدة هو التهديد الإيراني المشترك. ونحن نتابع عن كثب مفاوضات المجتمع الدولي مع إيران. وفي حال لم يتم التوصل إلى حل، فإن إسرائيل ستحتفظ بجميع الخيارات على الطاولة، وإذا لم يتخذ المجتمع الدولي خطوات حازمة في هذا الموضوع، فإن إسرائيل ستفعل ذلك. وستدافع إسرائيل عن نفسها بنفسها».
وتتعرض لهجة بينيت ضد إيران، لانتقادات من الوسط الليبرالي في الحلبة السياسية الإسرائيلية، بمن في ذلك وزراء في الحكومة يحذرون من أن يتسبب هذا التشدد في خلاف مع واشنطن، مؤكدين أن بنيت، الذي يقود «حكومة تغيير ناجحة»، يجب أن يحذر السير على نمط سلفه، بنيامين نتنياهو، الذي اصطدم بسياسة البيت الأبيض في عهدي الرئيسين، باراك أوباما وجو بايدن.
وقد عبر عن هذا الخط بقوة، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، الذي اعتبر الخطاب الإسرائيلي في زمن نتنياهو وزمن بنيت، أنه «غطرسة جوفاء»، و«ليس الطريق الصحيح». وقال: «هذه ليست سياسة، وإنما وصفة لضعف إسرائيل وتقليص قدرتها على الردع وحرية العمل».
وكتب باراك في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، أن على بينيت أن يعمل على تعزيز التنسيق مع الولايات المتحدة. ودعاه للكف عن إطلاق تصريحات يمكن أن توحي بانتقادات للإدارة الأميركية واعتبارها «تدير سياسة مرتبكة». يُذكر أن رئيس الموساد (جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية)، ديفيد برنياع سافر، فجر اليوم (الاثنين)، إلى واشنطن، لإجراء محادثات حول الملف النووي وسيعقبه وزير الدفاع، بيني غانتس، لزيارة مماثلة، بعد غد (الأربعاء). وفي حين يحافظ غانتس على موقف منسجم مع الموقف الأميركي، اختار بارنياع أن يصرح بأن جهازه لم يسمح بأن تكون إيران نووية. وقد أثار هذا التصريح انتقاداً شديداً من الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، الجنرال غيورا آيلاند، فقال إن «على إسرائيل الحفاظ على لهجة منخفضة أكثر»، ووصف تصريحات بينيت ورئيس الموساد، ديفيد برنياع، بأنها «غير حذرة».
وأضاف آيلاند أنه «عندما يقول رئيس الموساد إن الموساد سيعرف كيف يوقف البرنامج النووي الإيراني، وفي اليوم التالي يسافر إلى الولايات المتحدة، فإنه يستدعي عملياً مقولة بسيطة جداً من جانب الأميركيين، وهي أنه إذا كان الموساد يعرف كيف يوقف البرنامج النووي الإيراني، فماذا تريدون منا؟ أوقفوا البرنامج النووي الإيراني، وسيكون الوضع جيداً لنا جميعاً. ولذلك أعتقد أن قسماً من أقوالنا لم يكن في مكانه».
وكان مسؤولون إسرائيليون مطلعون على فحوى المفاوضات النووية في فيينا بين إيران والدول العظمى، قد لخصوا انتهاء الأسبوع الأول لهذه المفاوضات، بالقول إن الإدارة الأميركية «مرتبكة»، ولم تتوقع أن يتزايد تطرف إيران حيال العودة إلى الاتفاق النووي من عام 2015. ونقلت صحيفة «هآرتس»، أمس، عن أحد المسؤولين الإسرائيليين قوله إن «مسؤولين أميركيين فوجئوا من قرار المندوب الإيراني طرح ورقتي موقف تشملان مطالب حازمة حول رفع العقوبات ضدها وقائمة شروط من أجل العودة إلى الاتفاق النووي. ولذلك حذر مسؤولون إسرائيليون من أن منح إيران ضمانات بشأن رفع عقوبات متواصل سوف يضعف إحدى الوسائل المهمة التي بحوزة المجتمع الدولي كسوط ضد برنامجها النووي ويجعلها عاقراً». واعتبر مسؤول سياسي إسرائيلي أن إيران لم تأتِ إلى المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق، وإنما بحثاً عن تسهيلات. وسنرى الدول العظمى في الأيام القريبة تتجه نحو أزمة مقابل إيران أو نحو ليونة».
وقال مسؤول آخر في تل أبيب إن المواقف الإسرائيلية «بدأت تترك أثرها على الغرب؛ فقد أطلق وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، تصريحات أكثر حدة، نابعة من تشديد مواقف شركائه الأوروبيين. فالأوروبيون شددوا لهجتهم بعد أيام معدودة من جولة اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، وصاروا يعبرون بشكل واضح عن مواقف تدفعها إسرائيل».
وادعى مسؤولون إسرائيليون أن «إيران وضعت مسدساً محشواً على طاولة المفاوضات، عندما قررت قبل وقت قصير قبل ذلك تشغيل أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة (فوردو)». واعتبروا أن الولايات المتحدة التي تشارك في المفاوضات بشكل مباشر، قد توافق على رفع العقوبات مقابل اتفاق مرحلي جزئي، بتخفيف العقوبات مقابل تقليص البرنامج النووي. وقال مسؤول إسرائيلي إنه «يوجد استعداد أميركي لم يتم نفيه لدفع اتفاق جزئي».



قُبيل جولة روما... إيران تكثّف اتصالاتها الدولية

غروسي يُجري مفاوضات مع عراقجي على هامش مفاوضات فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني مايو 2021 (الوكالة الدولية)
غروسي يُجري مفاوضات مع عراقجي على هامش مفاوضات فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني مايو 2021 (الوكالة الدولية)
TT
20

قُبيل جولة روما... إيران تكثّف اتصالاتها الدولية

غروسي يُجري مفاوضات مع عراقجي على هامش مفاوضات فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني مايو 2021 (الوكالة الدولية)
غروسي يُجري مفاوضات مع عراقجي على هامش مفاوضات فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني مايو 2021 (الوكالة الدولية)

في سياق الاستعداد للجولة الثانية من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة، تشهد الساحة الدبلوماسية تحركات مكثفة، إذ يزور المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، طهران، فيما يتوجه وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى موسكو لإجراء مشاورات قبيل انطلاق المحادثات في العاصمة الإيطالية روما.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، إن زيارة وزير الخارجية لموسكو من المقرر أن تكون نهاية الأسبوع (الخميس أو الجمعة). وأشار إلى أن الزيارة «كان مخططاً لها سلفاً، لكن ستكون هناك مشاورات بشأن المحادثات مع الولايات المتحدة».

وتلعب روسيا، التي لها مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي وتتمتع بحق النقض (الفيتو)، دوراً في المفاوضات النووية بين الغرب وإيران بصفتها حليفاً لطهران ومن الموقِّعين على الاتفاق النووي المبرم في 2015 الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018.

صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية من لقاء نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ونظيره الإيراني مجيد تخت روانجي في موسكو الأسبوع الماضي
صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية من لقاء نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ونظيره الإيراني مجيد تخت روانجي في موسكو الأسبوع الماضي

ودعت موسكو إلى التركيز على الاتصالات الدبلوماسية بدلاً من الإجراءات التي قد تؤدي إلى تصعيد. وعرض الكرملين مقترحاً للوساطة بين واشنطن وطهران.

والأسبوع الماضي، أجرت روسيا والصين وإيران مشاورات على مستوى الخبراء بشأن البرنامج النووي الإيراني في موسكو.

وزار مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، موسكو، الجمعة، قبل أن يلتقي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مسقط، السبت.

وتقول إيران والولايات المتحدة إنهما أجرتا محادثات «إيجابية» و«بنَّاءة» في سلطنة عمان الأسبوع الماضي، واتفقتا على الاجتماع مجدداً، يوم السبت، في إطار حوار يهدف إلى تسوية الخلاف المتصاعد بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وتتهم الولايات المتحدة إيران بالسعي إلى امتلاك سلاح نووي. وتقول طهران إن برنامجها النووي لأغراض مدنية فقط.

وهدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعمل عسكري إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف البرنامج النووي الإيراني، وقال (الأحد) إنه التقى مستشارين بشأن إيران ويتوقع قراراً سريعاً.

وقال بقائي إن البلاد ستستقبل هذا الأسبوع مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.

ونقلت وكالة «أرنا» الرسمية عن كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية الإيراني، قوله (الاثنين) إن غروسي سيزور طهران، يوم الأربعاء.

وبدوره أكد غروسي أنه سيزور طهران هذا الأسبوع لمناقشة التعاون بشأن البرنامج النووي الإيراني، مؤكداً أن هناك «حاجة ماسة» إلى حلول دبلوماسية.

وكتب في منشور على منصة «إكس»: «استمرار التواصل والتعاون مع الوكالة أمر ضروري في وقت تشتد فيه الحاجة إلى حلول دبلوماسية»، مشيراً إلى أنه «سيزور طهران في وقت لاحق من هذا الأسبوع». بينما أفاد مصدر دبلوماسي بأن الزيارة متوقَّعة يوم الخميس.

وأجرى عراقجي وغروسي اتصالاً هاتفياً مطلع الشهر الحالي. وذكرت وسائل إعلام حينها أن عراقجي وافق على طلب المسؤول الأممي لزيارة طهران بهدف مناقشة القضايا العالقة بين الطرفين.

كان غروسي قد أجرى محادثات مع غريب آبادي، منتصف الشهر الماضي في فيينا. وفي وقت لاحق، أبلغ غروسي قناة «بلومبرغ» أن محادثاته مع المسؤول الإيراني لم تحرز تقدماً.

ومن المقرر أن تصدر الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً شاملاً بشأن أنشطة إيران النووية، بناءً على طلب من القوى الأوروبية الثلاث (ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا) وبدعم أميركي.

وهددت الدول الثلاث بتفعيل آلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي للعودة التلقائية إلى العقوبات الأممية في حال لم تتعاون طهران مع تحقيق الوكالة التابعة للأمم المتحدة بشأن أنشطة نووية في مواقع سرية.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الاثنين، إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا ستتابع عن كثب وستظل يقظة بشأن المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران لضمان توافقها مع المصالح الأوروبية.

وقال بارو لدى وصوله لحضور اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ: «سنكون يقظين، إلى جانب أصدقائنا وشركائنا البريطانيين والألمان، لضمان توافق أي مفاوضات (أمريكية إيرانية) قد تجري مع مصالحنا الأمنية فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني».