وليد توفيق لـ «الشرق الأوسط»: أرفض تنازل الفنان تحت أي ظرف

يطلق أغنية جديدة ويأمل في استعادة لبنان المخطوف

وليد توفيق لـ «الشرق الأوسط»: أرفض تنازل الفنان تحت أي ظرف
TT

وليد توفيق لـ «الشرق الأوسط»: أرفض تنازل الفنان تحت أي ظرف

وليد توفيق لـ «الشرق الأوسط»: أرفض تنازل الفنان تحت أي ظرف

لا تتضارب الأصالة مع الـ«ترند» إن أحسن الفنان الاختيار. كان وليد توفيق أول مَن غنى «تيجي نقسم القمر»، و«انزل يا جميل عالساحة»، و«إيه العظمة دي كلها»، وما هو أكثر «خفة»: «أموت في دباديبه»، لكنه حافظ على المعنى داخل اللحن الكبير. يسمي اللعبة: «لمسة»، ويستعيد، في حديث مع «الشرق الأوسط»، غناء الموسيقار محمد عبد الوهاب «المي تروي العطشان وتطفي نار الحيران، يا جمالها والحوض مليان وأنا عايم عَوش المي»، للتأكيد: «تُمزج اللمسة بلحن طربي وتُشبع بالأصالة، فتولد الأغنية الخالدة».
لا يبرر التنازلات؛ لكن الظرف أحياناً يلوي المرء، نعقب. فيرفض: «لا يجوز للفنان التنازل عن مستواه، حتى في المآسي المادية أو قلة الفرص». يعترف بالزمن الذي يدهس البشر ويغير الأحوال. وكم هو عنيد، يبدل الأشياء على مزاجه! بالنسبة إليه، يستحيل نكران العصر: «الزمن يشبه ناسه، والفنان يستمر بالتكيف مع المتغيرات. قوتي في مجاراة الشباب والحفاظ على الأصالة. صعوبة ومتعة».
ما أرق الأغنية، مثل عناق! «يا قلب حاجي تعن»، لحن يحاكي ما لم يعد في اليد. جميلة، تُذكر بأغنيات المكانة، فيا أستاذ وليد، كيف يستطيع الفنان أن يكون من أسماء الزمن الجميل وفي الوقت عينه قادراً على إصدار «ترند» يُطرب الجيل الجديد وأيضاً ذواقة الفن؟ يجيب: «أي قلب لا يعن اليوم، بالحب أو بالوطن؟ انظروا ماذا يجري في لبنان، أليس هو صميم الأنين؟ أين أذهب بكل الأوجاع؟ لأنني فنان، أترجمها بالكلمة واللحن. أخزن مشاعر الشجن والعتب والحب في هذه الأغنية. يفطر قلبي في كل مرة أسمعها، برغم أنني أنجزتها قبل مدة».
الإنتاج لـ«لايف ستايلز استوديوز»، من كلمات نادين الأسعد وألحان وليد توفيق، فيستتر الشوق تحت ظلال الندم ويهب العشق القديم وأنات الروح المؤلمة. لكن كيف تولد الأغنية؟ عراقة فنية، ولا يزال وليد توفيق يخاف على سمعة أولاده من أي زلة مُحتملة: «أعملُ لأزيدهم فخراً. الفن مسألة شاقة، ولا يمكن التورط بأي غناء. أولويتي الكلمة، إلا حين يجتاحني وحي ما على شكل موسيقى، أقتطفه بإحساسي كملحن وأسجله على آلة أو أترجمه فوراً بالعود. بعدها أكلم الشاعر فتولد الأغنية».
يذكر يوم كان في أفريقيا يتناول الغداء أمام البحر، ونسمات حنين تدغدغ شوقه للبنان والعائلة. راح يناجيه: «آه يا بحر شو بحكيلك، آه يا بحر شو بشكيلك. وين الغوالي وينن؟»، فولدت أغنيته الرقيقة «يا بحر»، حين اتصل بالشاعر نزار فرنسيس وسلمه مهمة إكمال الكلمات. كلمة وأحاسيس، فتصبح الأغنية للناس.
تدعمه «لايف ستايلز استوديوز» التي يعتبرها أهم شركات الإنتاج بعد «روتانا»، وتُوسع انتشار الأغنية. حتى الفنان الكبير، برأيه، يحتاج إلى شركة إنتاج رائدة تدعم خياراته. هو التعاون الثالث بينهما، بدءاً من «بحنلك»، ثم «ما في شي بيتغير»، وصولاً إلى دمع القلب وأناته. يخبرنا أنه في جلسة جمعتهما، طلب رئيس مجلس إدارة الشركة الشيخ فهد زايد الاستماع إلى أحدث أغنياته. سحرته «يا قلب حاجي تعن»، فطلب تصويرها بفيديو كليب (إخراج فادي حداد). أبدى الفنان اللبناني قلقه: «لكنها طربية! ماذا لو لم تستمل الجمهور؟». أصر الشيخ وإصراره في محله.
يقول بامتنان للنفس: «أعطاني وليد توفيق المجد والمال، فلم أبخل عليه بالإنتاج الخاص». يذكر فيلم «سمك بلا حسك» مع بدايات النجومية، حين أنتجه بمساعدة شريك، فأدى النجم السوري دريد لحام دور البطولة. نسأله على الطريقة اللبنانية: هل تردد مثلاً: «الأغنية ستكسر الأرض؟». يضحك، مع رجاء: «فلنتوقف عن التلويح بهذا التعبير!». يذكر رهانات على أغنيات كلفت المال والجهد، فإذا بها تحقق نجاحاً عادياً، وكم من أغنيات لم يخطر نجاحها المدوي على البال! يؤمن بتوفيق الله ويسلمه مصائره. وبدهشة الأطفال يتساءل: «هل يعقل أن (انزل يا جميل عالساحة) لا تزال نجمة في المناسبات من عام 1982 إلى اليوم؟».
ماذا عن الخوف، أيعتريك في الليالي وقبل القرارات؟ إجابة النضج: «طبعاً أخاف، خصوصاً في هذا الزمن». حفر وليد توفيق اسماً مذهباً منذ فيلمي «من يطفئ النار» و«قمر الليل»، ومنذ التعاون البديع مع كبار الملحنين كعبد الوهاب وبليغ حمدي ومحمد الموجي، وتلحينه أكثر من 80 في المائة من أغنياته. لذلك يخاف. يفكر مرات قبل الغناء للناس. فبالنسبة إليه، قد يغفر الجمهور انزلاق فنان يافع، أخضر العود. لكنه لن يغفر أخطاء الكبار.
يوافق هاني شاكر على معركة تنقية الشوائب الفنية، ويمر في ذاكرته يوم كانت «الرقابة على النصوص والأصوات تحول دون انفلات الساحة». لا يعنيه الـ«ترند» إلا أن ثمن الشهرة المُستحقة لأغنية من أثر: «الدعابات الرعناء قد تتحول إلى ترند. أتكون بذلك قيمة وذات مغزى؟ حتماً لا. أذكر قولاً لبليغ حمدي: دعوهم يغنون وسينتهون».
طرق باب الفنانة سميرة توفيق في أبوظبي، فجمعهما لقاء مع سفير لبنان. كبيران من آل توفيق، يا للمصادفة، لم يتحدثا في الفن، بل عن الأحوال الأليمة في الوطن المقهور. يشكر الإمارات على التكفل بإجراء جراحة لشفائها واحترام شيخوخة الفنان. لحن لها ثلاث أغنيات، بينها «اسأل النجوم يا سيد العرافين»: «الفنان بعد العُمر يحتاج إلى حضن. كلمة طيبة واهتمام».
الشكر الإماراتي موصول بامتنان نيابة عن لبنان وشعبه للسعودية. توفي والده في المملكة ودُفن فيها، كما أن عمه عاش على أراضيها لخمسين عاماً ولا تزال عائلته تنعم بالاستقرار والطمأنينة: «لم تقدم لوطننا سوى الخير والمساعدة والموقف. ستزول الغيوم». من الآن وحتى الفرج، لا يخفي أن الشباب اللبناني بلا مستقبل، وعليهم اللحاق بفرص الحياة في الخارج. وليد توفيق لن يهاجر. رجاؤه استعادة الوطن من خطافه.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.