الأمم المتحدة مستعدة لدعم الحوار الوطني في تونس

محتجون ضد سياسات الرئيس قيس سعيد أمام البرلمان التونسي (رويترز)
محتجون ضد سياسات الرئيس قيس سعيد أمام البرلمان التونسي (رويترز)
TT

الأمم المتحدة مستعدة لدعم الحوار الوطني في تونس

محتجون ضد سياسات الرئيس قيس سعيد أمام البرلمان التونسي (رويترز)
محتجون ضد سياسات الرئيس قيس سعيد أمام البرلمان التونسي (رويترز)

أكدت الأمم المتحدة، أمس، استعدادها لتقديم الاستشارة الفنية لإطلاق الحوار الوطني الذي أعلن عنه الرئيس التونسي قيس سعيد ولم يجد طريقاً للتنفيذ، أو تحديد الأطراف السياسية والاجتماعية المشاركة في بلورته، وهو ما أظهر الضغوط الدولية المتزايدة على سعيد من أجل إنهاء التدابير الاستثنائية التي يحكم بها البلاد منذ 25 يوليو (تموز) الماضي، والدعوات المتكررة داخلياً وخارجياً لعودة المؤسسات الدستورية ومواصلة المسار الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وأبدى المنسق المقيم للأمم المتحدة في تونس أرنو بيرال، خلال لقاء جمعه مع رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن، استعداد الأمم المتحدة لتقديم المرافقة الفنية للقيام بالحوار الوطني الذي أعلن سعيد عن إجرائه خلال الفترة المقبلة، مؤكداً توافر خبرة واسعة للمنظمة الدولية في هذا المجال.
وشدد بيرال على حرص الأمم المتحدة على مواصلة تقديم المرافقة الضرورية لتونس، خصوصاً في مجالات التنمية المستدامة والتعليم والصحة والتشغيل والشؤون الاجتماعية.
أما بودن، فاستعرضت أهم أولويات الحكومة خلال المرحلة المقبلة، وأبرزت الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المزمع إجراؤها.
ويرى مراقبون أن هذا الاقتراح الأممي قد يحمل في طياته «إنذاراً مبطناً بتدخل أممي لتجاوز حالة الركود السياسي وتواصل إقصاء الأحزاب السياسية وإبطال مساهمة المؤسسات الدستورية في البناء الديمقراطي».
وكان الرئيس التونسي وعد بإجراء حوار وطني، أو ما أسماه «استشارة» مع الفئات الشابة عبر منصة إلكترونية حول مختلف المشاغل. غير أن مختلف الأطراف السياسية والمنظمات الاجتماعية، خصوصاً «اتحاد الشغل»، الطرف الاجتماعي المؤثر، رفضت المقترح الرئاسي، مؤكدة مخالفته القانون الانتخابي الحالي وهو مختلف كذلك عن الاستفتاء الشعبي.
على صعيد متصل، أدان المكتب التنفيذي لـ«حركة النهضة» ما أسماه «استمرار رئيس الدولة في اعتماد خطابات التشنج والتخوين في أكثر من مناسبة وآخرها استغلال اجتماعه بالمجلس الأعلى للجيوش لتصفية حساباته مع خصومه السياسيين».
وقالت قيادات الحركة في بيان، إن قيس سعيد سعى إلى سن أوامر ومراسيم على المقاس، رغبة منه في السيطرة على دواليب الدولة والتخلص من معارضيه، في تناقض صارخ مع الدستور الذي ألغاه والقوانين التي تجاوزها على حد تعبيرها.
وأضافت: «في الوقت الذي يتهجم فيه على معارضيه ويسعى إلى تشويههم وإصدار المراسيم اللادستورية، نراه يصمت تماماً عن المخالفات الواردة بشأنه في تقرير محكمة المحاسبات، وربما سيسعى عبر المراسيم إلى تحصين نفسه كما فعل في الأمر 117 الذي جعله فوق الدستور ولا معقب عليه».
وتابعت: «لو أنه التزم بأصول العمل وبالقانون لاعتبر أي تصريح يدلي به حول تقارير المحكمة الإدارية من باب تضارب المصالح، باعتبار ما ورد في التقرير من تجاوزات في حملته الانتخابية، ولترك للقضاء القيام بدوره في كنف الاستقلالية والحياد».
واعتبرت حركة النهضة أن السياسات المتبعة منذ نحو أربعة أشهر، أوصلت البلاد إلى عزلة دولية «بعدما كانت بلادنا محل احترام وتبجيل واستعداد للتعاون معها صارت معزولة دولياً وإقليمياً بسبب الانقلاب، وحرمت من المشاركة في قمة الدول الديمقراطية التي ستضم أكثر من 110 دول ديمقراطية في العالم بعد أن كانت تونس على رأس قائمة الدول المعنية بالحضور والمشاركة».
وكانت حركة النهضة أعلنت أمس تأجيل مؤتمر صحافي كانت ستعقده الجمعة لعرض آخر المستجدات السياسية في تونس إلى يوم الاثنين المقبل من دون ذكر الأسباب.
ووفق مصادر سياسية تونسية، من المنتظر أن يتطرق المؤتمر الصحافي إلى وضعية البرلمان التونسي وقرار تجميده والقرارات المنبثقة عن الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس التونسي قبل أكثر من أربعة أشهر. كما ستطرح حركة النهضة خارطة طريق ورؤيتها الخاصة بالمرحلة المقبلة التي من بينها ضرورة عودة نشاط البرلمان.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.