جنوب أفريقيا ترزح تحت وطأة «أوميكرون»

منسوب القلق الأوروبي يرتفع صحياً وسياسياً

جنوب أفريقية تخضع لفحص «كورونا» أمس (أ.ب)
جنوب أفريقية تخضع لفحص «كورونا» أمس (أ.ب)
TT

جنوب أفريقيا ترزح تحت وطأة «أوميكرون»

جنوب أفريقية تخضع لفحص «كورونا» أمس (أ.ب)
جنوب أفريقية تخضع لفحص «كورونا» أمس (أ.ب)

رفع متحور «أوميكرون» منسوب القلق في الدوائر الصحية والسياسية الأوروبية التي تجهد منذ أسابيع لاحتواء موجة وبائية جديدة باتت تهدد بإنهاك العديد من المنظومات الصحية، وعاد الحديث عن جولة أخرى من القيود والتدابير الصارمة التي لم يعد مستبعداً أن تشمل هذه المرة فرض إلزامية اللقاح والإقفال العام الذي يخشى، في حال تطبيقه، أن يقضي على فرص الانتعاش الاقتصادي الذي بدأت تظهر بوادره في معظم البلدان الأوروبية.
ويتزامن ظهور هذا المتحور، الذي ما زال الغموض يحيط بمواصفاته البيولوجية، مع مجموعة من الاستحقاقات السياسية المهمة في عدد من بلدان الاتحاد الأوروبي، ومع موسم أعياد نهاية السنة التي تشهد عادة حركة تنقل كثيفة ونشاطاً اجتماعياً واقتصادياً يزيد من صعوبة تطبيق القيود المتشددة، ويهدد بتفاقم الاحتجاجات الشعبية ضدها.
وفيما لا تزال ألمانيا بقيادة حكومة لتصريف الأعمال، تستعد البرتغال لانتخابات عامة أواخر الشهر المقبل، بينما يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حملة انتخابية معقدة أمام صعود قوى اليمين المتطرف، ويحاول رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي التوفيق بين مغريات الصعود إلى سدة رئاسة الجمهورية التي يقدمها له الجميع على طبق من فضة والضغوط الداخلية والخارجية التي يتعرض لها للبقاء في منصبه حتى نهاية الولاية الحالية في العام 2023، فضلاً عن الصعاب التي تعترض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي يواجه تمرداً داخل حزبه ضد القيود الجديدة.
وبعد انقضاء أقل من أسبوع على ظهور المتحور الجديد الذي أطلق صافرات الإنذار في الدوائر الصحية الأوروبية المنهمكة في احتواء الموجة الوبائية الجديدة، انفتحت أبواب النقاش حول إلزامية اللقاح على مصاريعها رغم أن البيانات المتوافرة حتى الآن عن «أوميكرون» ليست كافية لتحديد مدى سرعة سريانه وخطورته. وكان لافتاً التصريح الذي صدر أمس الأربعاء عن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين التي قالت: «التفكير في إلزامية اللقاح نقاش ضروري»، فيما تدرس عدة بلدان، بينها ألمانيا، فرض هذا التدبير، خاصة أن عدد السكان الأوروبيين الذين لم يتلقوا اللقاح بعد يزيد على 150 مليوناً وفقاً لبيانات المفوضية.
وتدرك فون در لاين أن هذا النقاش يحمل مخاطر أمنية مرشحة للتصعيد، كالمظاهرات العنيفة التي شهدتها النمسا وهولندا وبلجيكا ومؤخراً التي تشهدها إيطاليا أسبوعياً. يضاف إلى ذلك أن هذا الموضوع لا يحظى بإجماع قوى الائتلاف الحكومي الجديد في ألمانيا، ويخشى أن تؤدي الشكوك القانونية حول التدبير إلى مشكلة في البلدان التي تسجل معدلات عالية من التغطية اللقاحية مثل إسبانيا والبرتغال وإيطاليا.
لكن التدابير التي تدرسها المفوضية الأوروبية لا تقتصر على فرض اللقاح بعد التطورات الوبائية الأخيرة. فإلى جانب القرار الذي اتخذته دول الاتحاد بتعليق الرحلات الجوية مع سبعة بلدان من الجنوب الأفريقي، أعلنت البرتغال وآيرلندا فرض اختبارات سلبية حتى على الملقحين الوافدين من داخل الاتحاد الأوروبي، فيما تدرس إسبانيا فرض حجر صحي على كل الذين كانوا على تواصل مع مصابين بالمتحور الجديد. وفي بلدان أوروبا الشرقية، مثل بولندا وبلغاريا ورومانيا، ما زالت نسبة التغطية اللقاحية متدنية والمستشفيات لم تعد قادرة على استيعاب المزيد من الإصابات، فيما تتنامى الحركات المناهضة للقيود واللقاحات. إلى كل ذلك تضاف التحذيرات التي صدرت أمس عن منظمة التعاون والتنمية الأوروبية بأن هزة اقتصادية عالمية جديدة ستكون لها عواقب وخيمة في هذه المرحلة، حتى في البلدان الأوروبية، حيث اقترب حجم الدين العام من قيمة إجمالي الناتج المحلي وضاق معه هامش المساعدات للنهوض مرة أخرى من الأزمة.
ولا تساعد الأنباء الواردة من جنوب أفريقيا على تخفيف القلق وتبديد الشكوك حول المتحور الجديد، إذ حذرت أمس رئيسة قسم العناية الفائقة في أكبر مستشفيات جوهانسبرغ من ارتفاع عدد المصابين الجدد الذين لا تزيد أعمارهم على خمس سنوات الذين يحتاجون لعلاج بالتنفس الصناعي، فضلاً عن إصابة العديد من الحوامل بالمتحور الجديد الذي يرجح أنه أصبح السائد في جنوب أفريقيا. ويذكر أن حكومة جنوب أفريقيا تجهد منذ أسابيع لإقناع المراهقين الذين تجاوزوا الثانية عشرة من العمر بتناول اللقاح، بعد أن أظهرت إحصاءات المستشفيات أن ما يزيد على 60 في المائة من الإصابات هي بين الأطفال والمراهقين والبالغين الشباب دون الثلاثين من العمر.
وتقول خبيرة العلوم الفيروسية رودو ماتيفا إن المنظومة الصحية في جنوب أفريقيا ليست مجهزة لاستقبال أعداد كبيرة من الأطفال في مستشفياتها، وليس من الواضح بعد إذا كانت كل الإصابات الجديدة هي بمتحور «أوميكرون»، لأن ذلك يقتضي قدرات على إجراء التسلسل الوراثي للفيروس لا تملكها جنوب أفريقيا. وتضيف «لكن الأكيد أن غالبية المصابين لم يتلقوا اللقاح أو تلقوا منه جرعة واحدة فحسب».
ومن جهتها تقول خبيرة الصحة العامة في المعهد الوطني للأمراض السارية في جنوب أفريقيا وسيلة جاسات إن «الأعراض التي تظهر على المصابين الجدد، وسرعة انتشار الفيروس في كل الولايات، والفئات العمرية التي يسري بينها، هي عوامل تدفع إلى الاستنتاج بأن ثمة لاعباً جديداً في هذه المعركة ضد (كوفيد) في جنوب أفريقيا». وكانت جاسات أعربت عن قلقها أيضا من ارتفاع عدد الإصابات بين أفراد الطواقم الصحية، حتى بين الذين تلقوا دورة اللقاح الكاملة والجرعة الإضافية.
وفيما يتوقع الخبراء أن تنقشع الرؤيا حول مواصفات المتحور الجديد في غضون الأيام العشرة المقبلة، قال العالم الوبائي ريتشارد فريلاند: «إذا تبين أن أوميكرون متحور يتجاوز دلتا ولا يتسبب في أعراض خطرة، فنكون أمام جائحة إنفلونزا وليس أكثر».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.