هند صبري: لم أضيّع فرصة في حياتي

تم اختيارها كإحدى الملهمات في صناعة السينما العربية

هند صبري: لم أضيّع فرصة في حياتي
TT

هند صبري: لم أضيّع فرصة في حياتي

هند صبري: لم أضيّع فرصة في حياتي

أكدت الفنانة هند صبري أنها واجهت تحديات عديدة في مشوارها كممثلة وفي حياتها، وأنها بطبيعة شخصيتها تتمتع بمثابرة ودأب، كما أنها نشأت في عائلة تحترم المرأة، وهو ما جعلها تتصرف في حياتها بلا خوف، مشيرة إلى اعتزازها بما حققته في مشوارها الفني والإنساني.
وتم اختيار هند صبري كأحد الأصوات الملهمة بين صانعات الأفلام العربيات ضمن برنامج «أيام القاهرة لصناعة السينما» الذي جاء بشراكة بين مهرجان القاهرة السينمائي وشبكة «نتفليكس»، تحت عنوان «لأنها أبدعت»، في حوار أدارته الإعلامية جاسمين طه زكي، بهدف التعرف على تجربتها كممثلة وكمنتجة منفذة مع شبكة «نتفليكس» من خلال أحدث أعمالها الدرامية «البحث عن علا» الذي انتهت من تصويره أخيراً.
وتحدثت هند، أمس، ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي عن صعوبة اختيارها للأعمال الفنية قائلة: «مشكلتي كممثلة تكمن في أن الأدوار التي تكتب للمرأة تقدم بطريقة نمطية للغاية ولا تمت بصلة للنساء اللاتي التقي معهن في كل مكان، لكنني لا أقبل هذا التنميط، بل أختار شخصيات بعيدة كل البعد عني، يجمعهن أنهن غير نمطيات، كما كانت هناك فترة لم تكن الكتابة ترتبط بالممثلات، بل بالممثلين الرجال ما جعل أدوار المرأة تتقلص إلى الأدوار المساعدة».
وأوضحت أن «هناك رجالاً يعبرون جيداً عن النساء ككتاب أو صناع أفلام، وبالنسبة لي فإن المخرج محمد خان أعتبره مخرجاً مهتماً بالمرأة، وفيلمه (موعد مع العشاء) من أهم الأفلام تعبيراً عن المرأة، كما عبر في فيلم (بنات وسط البلد) عن فئة اجتماعية وعمرية قد لا تعبر عنها المرأة بنفس الطريقة، فقصص المرأة من الصعب التعبير عنها، لأننا كنساء لدينا تحدٍّ ثقافي مهم، إذ لا نعرف حدود التحدث عما يدور في عقل المرأة، وحدود ما يقبله المجتمع، فقد تربينا على الصمت وعدم البوح، وهناك تابوهات تقع على المرأة وتبدو وكأنها غير مسموح لها بالشكوى، ولدينا كثير من المسكوت عنه في حياة المرأة العربية».
وتحدثت هند عن التفرقة التي تتم بين المرأة والرجل داخل صناعة السينما، قائلة: لا يوجد فنانة تتساوى في أجرها مع الرجل ولا في جودة الأدوار التي تكتب للرجال، فأنا أتمنى تقديم أدوار أكشن، لكن هذه الأدوار لا تكتب للمرأة، وكذلك الأدوار الكوميدية غير موجودة باستثناء ياسمين عبد العزيز ودنيا سمير غانم.
وأكدت صبري أنها سعيدة بما حققته في الفن، مشيرة إلى نهجها الذي أوصلها إلى ذلك: «رفضت تضييع أي فرصة في حياتي، ولم أرضخ لفكرة الاختيارات التي تفرض علينا، فقد خُيرت بين التمثيل واستكمال دراستي فواصلت كل منهما بنجاح، وقالوا إذا عملتِ في السينما المصرية فلن تعودي للسينما التونسية، فواصلت أعمالي بين مصر وتونس، أنا بطبيعتي لا أحب أن أُوضع بين خيارات على أن أستسلم لها، وأعتقد أن ذلك يرتبط بنمط التربية، نحن نربي بناتنا على فكرة (لا بد أن تختاري)، بينما علينا أن نؤكد فيهن قدراتهن على التحدي».
وذكرت «صبري» أن أكبر تحدٍّ تواجهه كأم، هو أنها لا تقضي وقتاً طويلاً مع طفلتيها: «أتحدث معهما في كل شيء، لكن النساء دائماً يكون لديهن إحساس بالذنب، وأن هناك أصوات داخل كل امرأة تشعرها دوماً بالتقصير، وعلى المرأة لتحقق التوازن في حياتها أن تؤمن بما تقوم به، وأهميته للمجتمع، وأقول لكل امرأة لا تطفئي مصباح نجاحك لإرضاء الآخرين، وهو ما أقوله أيضا لابنتيّ (8 و10 سنوات) ليفهما مبكراً أن تتمسكا بأحلامهما، وحقوقهما، فأنا من أكثر الناس الذين طالتهم الشتائم لكنني، لم أسكت عن حقي، ولا أخاف، ولا أريد تربية ابنتيّ على الخوف.
وكشفت هند صبري، خلال اللقاء، عن شخصيات بعينها كانت ملهمة لها في مشوارها، قائلة: «أعشق سعاد حسني وكانت ولا تزال ملهمة لي، كما أكن احتراماً شديداً لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وكذلك السيدة العظيمة أم كلثوم، كما كانت النجمة أودري هيبون من الملهمات لي، وكنت أتطلع لأخوض تجربة الإخراج قبل بلوغي سن الأربعين، لكن لم يحدث لكنني على الأقل خضت تجربة الإنتاج من خلال تجربتي كمنتج منفذ مع شبكة (نتفليكس)، وهي ليست بالمعنى المتداول لدينا، بل أعتبرها تجربة مهمة كنت أتطلع إليها، حين قررت خوض مجال الإنتاج، وكنت أدرك أن وقته قد حان، وأن لديّ ما أود عمله في هذا المجال.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».