أمين أبي ياغي لـ«الشرق الأوسط»: «شعلة لبنان الفنية لن تنطفئ»

يملك تاريخاً طويلاً في إدارة أعمال الفنانين وإحياء المهرجانات

أمين أبي ياغي لـ«الشرق الأوسط»: «شعلة لبنان الفنية لن تنطفئ»
TT

أمين أبي ياغي لـ«الشرق الأوسط»: «شعلة لبنان الفنية لن تنطفئ»

أمين أبي ياغي لـ«الشرق الأوسط»: «شعلة لبنان الفنية لن تنطفئ»

من الصعب اختصار مسيرة أمين أبي ياغي المهنية في كلمات قليلة. فإنجازاته الكثيرة في عالم الفن لها تاريخ طويل يتجاوز عمرها الثلاثين عاماً. بدأ مشواره «دي جي» في باريس وبعدها قرر العودة إلى لبنان ليترجم علاقات بناها في فرنسا لتسكن مسارح وطنه الأم. لا تقتصر نجاحاته على عالم المهرجانات والحفلات الغنائية، بل تطال إدارة أعمال فنانين كثر وفي مقدمهم إليسا. فهو يرافقها منذ بداياتها في عام 2000 ولا يزال بمثابة رجل الظل لها. مهماته كثيرة ومنوعة، يبقى أهمها الحفاظ على مكانة لبنان على الخريطة الفنية العالمية.
اليوم ومع انحسار تنظيم الحفلات الفنية في لبنان بسبب أزماته المتراكمة ولا سيما الاقتصادية، اضطر أبي ياغي أن يبحث عن بديل مؤقت له. فنراه يتنقل بين بلدان أوروبية وخليجية ليكون سفيراً فوق العادة لبلاد الأرز في كواليس مهرجانات ضخمة. مؤخراً كانت له بصماته في حفلات أُقيمت في الرياض والعلا ودبي وغيرها.
لبنان، حسب رأيه، خرج من دائرة الضوء حالياً «مع الأسف، صار لبنان خارج لائحة بلدان الحفلات الغنائية والموسيقية. تصوري إذا رغبت في تنظيم حفلة ما فإنك لا تستطيعين تحديد سعر بطاقات الدخول بسبب أسعار صرف الدولار المتلاعبة. حتى الفنان الأجنبي الذي تستضيفينه يقبض أجره بالدولار، وهو أمر بات غير متوفر لنا اليوم. هذا الأمر لا أعاني منه وحدي، بل جميع متعهدي الحفلات. علينا التفكير بالجمهور وكلفة التنقل من مكان إلى آخر بسبب غلاء البنزين. أضف إلى هذه المشكلات جائحة كورونا التي كبلتنا. نعيش مرحلة مغايرة تماماً لسابقاتها».
مؤخراً نال أمين أبي ياغي الإقامة الذهبية في دولة الإمارات العربية ككثيرين من الفنانين غيره الذين خصتهم الإمارات بهذه اللفتة. ويعلق لـ«الشرق الأوسط»: «نحن من الشاكرين لدولة الإمارات التي قدمت لنا تسهيلات جمة لها انعكاساتها الإيجابية الكبيرة علينا. هذا الأمر حفّزنا على إكمال مشوارنا كمتعهدي حفلات، لا سيما أنّ إمارة دبي تنبض بها وبالمعارض والاستعراضات الفنية المنوعة. كل هذه الأمور دفعتني لإعادة حساباتي من جديد، حتى إنّ شركتي (ستار سيستم) المتوقف عملها منذ فترة طويلة هي قاب قوسين من الانهيار التام». ويتابع أبي ياغي: «صحيح أننا ما زلنا نجد البدائل في دول الخليج العربي وبينها السعودية، ولكنني في قرارة نفسي لست سعيداً. كنت أفضّل أن يستمر لبنان مركزاً فنياً وثقافياً لا يموت. وهو أمر يعزّ عليّ كثيراً. فأن أرى بلدي مظلماً وساكتاً لا حول له ولا قوة، لهو أمر مؤثر جداً. وعلى الرغم من كل ذلك لا يمكنني أن أفقد الأمل، ولكن في هذه اللحظة بالذات في استطاعتي القول إنّ لبنان الفن انتهى. فلا أحد يفكر أن يستثمر في بلد يتخبط بمشكلات وأزمات كبيرة طالت حتى حالته الأمنية. فهذا اللا استقرار على أصعدة مختلفة أصاب لبنان بهزة كبيرة. ولكني وعلى الرغم من كل هذا ما زلت أعدّه منارة الشرق وأنّ هذه الفترة لا بدّ أن تنتهي. في رأيي شعلة لبنان الفنية لا تنطفئ، ونحن نحاول أن نحملها معنا أينما ذهبنا، على أمل إعادتها إلى الساحة اللبنانية قريباً».
ارتبط اسم أبي ياغي بمشاهير الأغنية الأجنبية. فهو كان أول من استقدم الفنان العالمي كريس دي بيرغ إلى لبنان في عام 1994، «قبلها استقدمت فرقة فرنسية ومن ثمّ أحيت فرقة (بيغ إن جابان) حفلة لاقت نجاحاً كبيراً. ومع دي بيرغ كانت الانطلاقة الحقيقية لي على هذا الصعيد. وفي عام 2000 بدأت في التنويع وفي تنظيم حفلات لفنانين لبنانيين وعرب. بعض الفنانين أمثال كريستيان كاستيل وكارلوتشي وبرنار سوفا وجان فرنسوا ميكايل وغيرهم، كانوا شبه مجهولين في بلادهم. فشكّل لبنان انطلاقتهم المهنية بعدما استضفتهم على مسارحه».
ومن الفنانين الذين استقدمهم أبي ياغي أيضاً شارل أزنافور وجوني هوليداي والموسيقيين ينّي وكلايدرمن. «كانوا يحبون المجيء إلى لبنان وإحياء الحفلات فيه والاستمتاع برد فعل الجمهور اللبناني الذواق. حتى إنّ بينهم من تحمس وجاء لبنان أيام الحرب والتقط صوراً تذكارية قرب متاريس الرمل أو يحمل قطعة سلاح للذكرى. فكانوا يَعدّون الأمر بمثابة تجربة فنية من نوع الـ(اكزوتيك)».
يتذكر أبي ياغي لبنان العز بأسى فهو لا يمكنه أن ينسى مثلاً حفل الـ«بيغ ماشين» في مدرسة المون لاسال الذي تسببت زحمة السيارات والوافدين إليه في تأجيل حفل زفاف كان يقام في المكان نفسه. وكذلك يتذكر أزنافور عندما كان يتناول الغداء معه في مطعم لبناني، واكتشف أنّه يضع سماعة في أذنه. «لم أتوقع أن يكون أزنافور يعاني من ضعف في السمع. فهو يغني بشكل رائع وكان هذا الأمر مفاجأة كبيرة لي». كذلك يتذكر حفل الفنان الفرنسي غارو في مهرجانات «أعياد بيروت»، إذ بقي يغني على الرغم من انهمار المطر بشكل مفاجئ غير متوقع في شهر سبتمبر (أيلول).
يملك أبي ياغي أخباراً وأسراراً كثيرة عن نجوم الفن الغربيين. ويكتفي بذكر بعض منها، كعازف البيانو يني الذي كان لا ينام إلا وغرفته يسودها ظلام حالك. أما جوني هوليداي فكان يعشق المسرح، ومهما كان متعباً عندما يعتلي خشبته يتحول إلى شخص آخر مليء بالحياة والحماس، «كان شخصاً لديه طقوسه الخاصة قبل تقديمه الحفل، وفي آخر مرة جاء فيها لبنان قبل عام من وفاته، كان يبدو عليه التعب والإرهاق بشكل ملحوظ».
وهل هؤلاء الفنانين حزنوا لما يحصل في لبنان وبقوا أوفياء له؟ يردّ أبي ياغي: «بعد انفجار 4 أغسطس (آب)، اكتشفت مدى اهتمامهم الكبير به فأبدوا تأثرهم الكبير تجاهه. ويأتي الفنان ميكا في مقدمة الذين كانوا يتصلون باستمرار للوقوف على حالة اللبنانيين بعد هذه الكارثة، لا سيما أنّه من أصول لبنانية. وهناك مغنون فرنسيون وغيرهم لا يزالون حتى الساعة يسألونني عن أحوال لبنان».
ويعد أبي ياغي من مديري أعمال الفنانين الناجحين والقليلين في لبنان. فهو يدير أعمال إليسا منذ عام 2000 وقبلها عمل مع الفنانة دانيا الخطيب، وحالياً يتعاون معه المغني جوزف عطية. ينظم حفلات الفنانين فوديل والشاب خالد. فما سرّ نجاحه؟ يرد: إنّ «إدارة أعمال الفنان لا تحتاج إلى شهادات جامعية بل إلى الخبرة وإلى شبكة علاقات عامة جيدة. فمدير الأعمال يشكل واجهة الفنان، ولذلك الثقة بين الطرفين ضرورية. وهي من العوامل الأساسية التي ترتكز عليها هذه العلاقة».
في المرحلة الأولى مع إليسا كان هو من يدير الدفة، ويتخذ القرارات اللازمة. «عندما يصبح الفنان مدركاً لأهدافه ويعرف تماماً عن ماذا يريد، يصبح هو صاحب الشأن. إذا لم يصل الفنان إلى هذه المرحلة، فهذا يعني أنّ هناك خطأ ما يعاني منه. إليسا اليوم إنسانة صلبة تعرف ماذا تريد تماماً. والأهم في الموضوع هو رسم حدود بين مدير الأعمال والفنان كي لا تختلط عليهما الأمور. فعلاقة البزنس يجب أن تبقى على طبيعتها لأنّ الشغل شغل». أما القاعدة الذهبية التي يتبعها في عمله كمدير أعمال فنان فهي «أفكر بهدوء قبل الإقدام على أي مشروع، لا أتسرع لأنّ في العجلة الندامة».
اليوم يفتقد أبي ياغي الحماس الكبير الذي كان يجتاح إليه في الماضي. «صرت اليوم أختار ما أرغب القيام به. لم أعد متحمساً كما في الماضي في ظل أوضاع سوق صعبة جداً. أخطط لإقامة حفل لفنان عالمي في دبي وأستعد له بهدوء. أعيش وعائلتي في لبنان، وأتمنى أن يستعيد عافيته قريباً. فهو ساحة فنية لها دورها الفعال في هذا المجال. ولا يمكن الاستغناء عنه».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.