مدير «الصحة العالمية»: علّمنا «كورونا» أن لا أحد في مأمن

«أوميكرون» يضع المنظمة أمام معضلة «التحذير» أو «الكف عن الرصد»

مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس (أ.ب)
مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس (أ.ب)
TT

مدير «الصحة العالمية»: علّمنا «كورونا» أن لا أحد في مأمن

مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس (أ.ب)
مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس (أ.ب)

وضع متحوّر «أوميكرون» الجديد منظمة الصحة العالمية مرة أخرى أمام معضلة المفاضلة بين التحذير من خطورة انتشار هذه الطفرة الفيروسية التي وصفها خبراؤها بأنها «مرتفعة جداً» من جهة، ومن جهة أخرى دفع البلدان إلى الكفّ عن رصد المتحورات الفيروسية خشية من تدابير الحماية والقيود التي يمكن أن تفرضها الدول الأخرى.
وتجد المنظمة نفسها أمام هذا المفترق فيما تناقش الدورة الخاصة لجمعية الصحة العالمية سبل تمكينها وتعزيز قدراتها لمواجهة الجوائح الصحية المستقبلية، ومدّها بصلاحيات أوسع من التي تملكها حالياً للتدخّل في حالات الطوارئ التي تعود القرارات فيها حصراً للدول الأعضاء.
وكان المدير العام للمنظمة تادروس أدهانوم غيبريسوس عاد ليؤكد في افتتاح الجمعية مطلع هذا الأسبوع، أن «كوفيد لا يقف عند حدود الدول، وأنه إذا شهدت بعض البلدان أو المناطق استقراراً أو تراجعاً في معدلات السريان، فإن الأمثولة الأساسية التي علّمتنا إياها هذه الجائحة هي أن ما من إقليم أو بلد أو مجموعة أو فرد في مأمن من الوباء إلى أن يكون الجميع في مأمن منه».
عندما أبلغت جنوب أفريقيا عن ظهور المتحوّر الجديد الأربعاء الماضي، سارع الفريق التقني الاستشاري حول فيروس كورونا، وهو هيئة مستقلة من الخبراء ترصد وتقيّم تطوّر الفيروس وتحوراته، إلى إصدار توصية بتصنيفه في مرتبة المثير للقلق، أي أنه يشكّل خطراً على الصحة الدولية العامة من حيث زيادة معدّل السريان وارتفاع القدرة على الفتك أو التهرّب من تدابير الحماية، بما فيها اللقاحات.
وفي رأي خبير العلوم الوبائية والمدير السابق لقسم الطوارئ في منظمة الصحة دانييل آكونيا، فإن «جنوب أفريقيا والمنظمة الدولية تصرّفتا بمنتهى السرعة والشفافية، ومن غير الوقوع فريسة الهلع والارتياب الذي دبّ في أوصال بعض الدول وأدّى إلى عزل جنوب أفريقيا والبلدان المحيطة بها، انطلاقاً من حسابات سياسية داخلية وليس استناداً إلى معايير الصحة العامة ومقتضياتها العلمية».
ويقول مايكل رايان المدير الحالي للطوارئ الصحية في المنظمة، إن «المتحوّر الجديد موجود في أوروبا، وبالتالي لا فائدة ترجى الآن من إغلاق الحدود. المطلوب لاحتواء انتشاره هو مزيد من تدابير الحماية والمراقبة داخل البلدان. والطفرات الجديدة ستستمرّ في الظهور طالما لم نتمكّن من احتواء الفيروس ورفع مستويات التغطية اللقاحية».
وكانت القرارات التي اتخذتها دول عديدة بإغلاق حدودها قد أثارت انتقادات في أوساط المنظمة الدولية التي عاد مديرها العام ليؤكد أمس (الثلاثاء)، خلال المفاوضات الجارية حول معاهدة دولية للتأهب في مواجهة الجوائح الصحية، أن «متحوّر أوميكرون هو الدليل على أن العالم يحتاج إلى اتفاق جديد حول الجوائح الصحية، لأن النظام الحالي يدفع البلدان إلى عدم التنبيه عن التهديدات الصحية التي تنتهي بالانتشار على الصعيد العالمي».
وكان مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة في أوروبا هانز كلوغيه ذكّر في حديث خاص مع «الشرق الأوسط» منذ أيام، بأن المنظمة الدولية رهينة الدول الأعضاء وهامش المناورة أمامها ضيّق جداً. فهي تنبّه، وتوصي، لكنها لا تملك صلاحيات لفرض التدابير أو الإجراءات على الحكومات، ويقتصر دورها على مساعدة البلدان وتقديم المشورة العلمية لها. وقال كلوغيه: «منظمة الصحة ليست كياناً مستقلاً، بل هي رابطة تضمّ 194 دولة غالباً ما تتضارب مصالحها في أمور كثيرة، وهي ليست إنتربول صحية».
وخلافاً لما حدث في بداية الجائحة عندما تعرّضت المنظمة الدولية لانتقادات شديدة بسبب تأخرها في تقييم خطورة الفيروس، يجمع الخبراء اليوم على أنها تحرّكت بسرعة وشفافية فور ظهور المتحوّر الجديد، لكنها لا تملك قدرة التأثير على قرارات الدول التي تصرّفت، في غياب خطوط توجيهية عالمية، انطلاقاً من مصالحها واعتباراتها الداخلية الضيّقة. ويقول رفايل فيلاسانجوان رئيس مجلس إدارة تحالف «غافي» للقاحات: «تصرّف جنوب أفريقيا كان مثالياً: رصدت المتحوّر الجديد في ظرف 36 ساعة وسارعت إلى إبلاغ المنظمة بالنتائج. وهذا ما لم تفعله الصين في حينه».
وكان المدير العام للمنظمة الدولية عاد للتنديد بالعقبات التي واجهها الخبراء في بداية الجائحة بسبب من عدم تبادل المعلومات والبيانات من دول عديدة «ما حال دون التشخيص السريع والواضح لمواصفات الفيروس ومسار تطوره». وقال إن عدم وجود مقاربة دولية موحّدة أدّى إلى استجابات مشتّتة وأشاع معلومات غير دقيقة وخاطئة تسبّبت في تقويض الثقة بالنظام متعدد الأطراف. وذكّر تادروس أدهانوم بأن السبب الرئيسي في ظهور متحورات جديدة هو الإجحاف الصارخ في توزيع اللقاحات، حيث إن «ما يزيد على 80 في المائة من اللقاحات في العالم ذهبت إلى بلدان مجموعة العشرين، فيما لم تحصل أفريقيا سوى على 7 في المائة من هذه اللقاحات، ولم يصل منها إلى البلدان الفقيرة سوى 0.6 في المائة حتى الآن».


مقالات ذات صلة

صحتك صورة ملتقطة بالمجهر الإلكتروني قدمتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تُظهر مجموعة من فيروسات «نوروفيروس» (أ.ب)

وسط انتشاره بأميركا... ماذا نعرف عن «نوروفيروس»؟ وكيف نحمي أنفسنا؟

تشهد أميركا تزايداً في حالات الإصابة بفيروس «نوروفيروس»، المعروف أيضاً باسم إنفلونزا المعدة أو جرثومة المعدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
المشرق العربي لا تملك معظم العوائل المحتاجة خصوصاً سكان المخيمات بشمال غربي سوريا المساعدات الغذائية الكافية (الشرق الأوسط)

منظمة الصحة: المساعدات الطبية الأوروبية لن تصل إلى سوريا قبل الأسبوع المقبل

أعلنت مسؤولة صحية في الأمم المتحدة أن نحو 50 طناً من الإمدادات الطبية الممولة من الاتحاد الأوروبي تأخر وصولها ولن تعبر الحدود حتى الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
TT

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)

قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال خطاب جرى بثه على الهواء مباشرة اليوم الاثنين إنه يعتزم الاستقالة من رئاسة الحزب الليبرالي الحاكم، لكنه أوضح أنه سيبقى في منصبه حتى يختار الحزب بديلاً له.

وقال ترودو أمام في أوتاوا «أعتزم الاستقالة من منصبي كرئيس للحزب والحكومة، بمجرّد أن يختار الحزب رئيسه المقبل».

وأتت الخطوة بعدما واجه ترودو في الأسابيع الأخيرة ضغوطا كثيرة، مع اقتراب الانتخابات التشريعية وتراجع حزبه إلى أدنى مستوياته في استطلاعات الرأي.

وكانت صحيفة «غلوب آند ميل» أفادت الأحد، أنه من المرجح أن يعلن ترودو استقالته هذا الأسبوع، في ظل معارضة متزايدة له داخل حزبه الليبرالي.

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مصادر لم تسمها لكنها وصفتها بأنها مطلعة على شؤون الحزب الداخلية، أن إعلان ترودو قد يأتي في وقت مبكر الاثنين. كما رجحت الصحيفة وفقا لمصادرها أن يكون الإعلان أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني الأربعاء. وذكرت الصحيفة أنه في حال حدثت الاستقالة، لم يتضح ما إذا كان ترودو سيستمر في منصبه بشكل مؤقت ريثما يتمكن الحزب الليبرالي من اختيار قيادة جديدة.

ووصل ترودو إلى السلطة عام 2015 قبل ان يقود الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

لكنه الآن يتخلف عن منافسه الرئيسي، المحافظ بيار بواليافر، بفارق 20 نقطة في استطلاعات الرأي.