الفنانة جوزفين بيكر تنضم الى قافلة «العظماء في فرنسا»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته في البانتيون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته في البانتيون (أ.ف.ب)
TT

الفنانة جوزفين بيكر تنضم الى قافلة «العظماء في فرنسا»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته في البانتيون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يلقي كلمته في البانتيون (أ.ف.ب)

على واجهة مبنى البانتيون، الكنيسة السابقة الواقعة في أعلى الحي اللاتيني والتي حولت الى «معبد الجمهورية العلماني» حيث يرقد كبار الفرنسيين، كتبت العبارة التالية: «الوطن وفي لرجاله العظماء». لكن اليوم الثلاثاء، أدخلت إليه امرأة غير فرنسية، سوداء البشرة ومغنية مسرح. إلا أنها كانت إنساناً فريداً. عانت من التمييز العنصري في بلدها الأصلي، الولايات المتحدة ووقفت الى جانب القس الشهير مارتن لوثر كينغ عندما قال كلمته الخالدة: «لديّ حلم»، متمنيا زوال العنصرية الممارسة ضد السود. وبعد أن ذاعت شهرتها الفنية وتحولت الى رمز التجديد والمعاصرة، لم تتردد في الإنخراط في المقاومة الفرنسية والمخاطرة بحياتها والانضمام الى الجنرال شارل ديغول ونقل معلومات حساسة عن الجيش الألماني كانت تجمعها بفضل معارفها وحضورها الاجتماعي المميز.

جوزفين بيكر توفيت في العام 1975 بعد أن أمضت غالبية حياتها في فرنسا التي وصلت إليها شابة صغيرة. إلا أن الحياة التي عاشتها في هذا البلد أهلتها لأن تنضم الى النساء الخمس اللواتي سبقنها الى البانتيون وآخرهن سيمون فيل، الوزيرة السابقة ورئيسة البرلمان الأوروبي التي عادت سالمة من محرقة النازيين في أوشفيتز حيث قضى والداها ونقلت مع زوجها الى البانتيون في العام 2018.
جوزفين بيكر أقيم لها احتفال استثنائي ترأسه الرئيس إيمانويل ماكرون بحضور ألفي مدعو على رأسهم عشرة من أولادها الإثني عشر الذين تبنتهم والذين ينتمون الى كل القارات.
الإحتفال بدأ من مدخل شارع سوفلو الذي فرش فيه السجاد الأحمر حتى بوابة البانتيون. نعشها الذي لف بالعلم الفرنسي كان فارغا من جثمانها إذ أن عائلتها رفضت نقله وأصرت على أن يبقى في إمارة موناكو المطلة على مياه البحر المتوسط الى جانب أخر أزواجها وأحد أبنائها. وبدل الجثمان، وضعت في النعش أربع حفنات من تراب الأراضي التي أحبتها، وهي من مدينة سانت لويس الأميركية التي ولدت فيها، باريس التي عرفت فيها الشهرة والمجد، ومن قصر ميلاند، الواقع في منطقة الدوردوني في وسط فرنسا حيث عاشت مع عائلتها، وأخيرا من إمارة موناكو حيث أنهت حياتها وحيث تجاور، في مقبرتها، الأميرة غريس التي قضت في حادث سيارة. وطوال المسافة التي قطعها النعش في شارع سوفلو، بُثت مقاطع من أغاني جوزفين بيكر التي ألهبت في أوائل القرن الماضي المسرح الغنائي الفرنسي وأبرزها أغنية «ها أنا يا باريس» التي أذيعت في الخامسة والنصف تحديدا إيذانا ببدء الإحتفالية. وفي الأغنية تقول: «عندي حبيبان: بلدي وباريس»، وهي أغنيتها الأكثر شهرة والتي عزفت فرقة القوات الجوية الموسيقية موسيقاها عند وصول النعش الى مدخل شارع سوفلو.

وسجي النعش تحت قبة البانتيون وسوف ينزل الى الكهف حيث سيوضع بشكل نهائي غداً الأربعاء في احتفال عائلي خاص. وقال أحد أبنائها بريان بويون ــ بيكر إن الإحتفال «سيخلد في الذاكرة لأنه سيكون فرحا ومثيرا».
وفي الكلمة التي ألقاها، أشاد ماكرون بجوزفين بيكر التي رأى فيها رمزا للمرأة التي تحلت بكل ألوان الشجاعة ونجحت في أن تكون فرنسية فيما هي أميركية. كذلك رأى فيها رمزا للحداثة. وقال الناطق باسم الحكومة الوزير غبريال أتال إن بيكر «تجسد حب فرنسا الذي يمكن أن يصدر عن أشخاص لم يولدوا فيها».
ولكلام ماكرون وزرائه ومسؤولين آخرين معان سياسية عديدة فيما فرنسا مقبلة على حملة انتخابية يحتل فيها ملف المهاجرين حيزا كبيرا وحيث يتبارى اليمين واليمين المتطرف في الدعوة الى تدابير «جذريةّ» مثل وقف الهجرات نهائيا والتشدد لفي الرقابة على الحدود ووقف عمليات لم الشمل العائلي والدعوة الى الإنطواء. واللافت أن أحدا من السياسيين أو من المرشحين للإنتخابات الرئاسية لم يبد اعتراضا على تكريم بيكر بعد مرور 46 عاما على وفاتها عن طريق نقل نعشها الى البانتيون. وقالت مارين لو بن، زعيمة «التجمع الوطني» اليميني المتطرف إنها «سعيدة» بنقل بيكر الى البانتيون ونقلت عبارتها الشهيرة: «فرنسا ليست بلدي بالتبني، هي بلدي فقط» مضيفة أنها «تألقت في الدفاع عن فرنسا».

ولدت بيكر في مدينة مدينة سانت لويس في ولاية ميزوري، في عائلة فقيرة من أم من سكان أميركا الأصليين ومن أب إسباني. وانتقلت في سن التاسعة عشرة الى باريس حيث تحولت شيئا فشيئا، بفضل جرأتها، الى نجمة فنية أبدعت في الرقص والغناء بادئة بالعمل في مسرح الشانزليزيه. وكانت تردد أن فرنسا هي التي منحتها شخصيتها التي أحبها الجمهور وحولها الى ظاهرة. وبعد مسار فني استثنائي، تحولت جوزفين بيكر الى العمل السري بعد احتلال القوات الألمانية لفرنسا، وتفيد الشهادات المعروفة أبنها خاطرت أكثر من مرة بحياتها من أجل خدمة مقاومة المحتل النازي.
ويأتي التكريم المتأخر اعترافا بما جسدته بيكر كفنانة مكتملة ورائدة في الدفاع عن حقوق الإنسان ورفض التمييز العنصري الدي عانت منه في بلادها، والدفاع عن الأرض التي استقبلتها ووفرت لها الشهرة والمجد.



«زلة اللسان» تقود شيرين إلى تحقيق نقابي

شيرين خلال حفلها بالكويت (إدارة أعمال شيرين)
شيرين خلال حفلها بالكويت (إدارة أعمال شيرين)
TT

«زلة اللسان» تقود شيرين إلى تحقيق نقابي

شيرين خلال حفلها بالكويت (إدارة أعمال شيرين)
شيرين خلال حفلها بالكويت (إدارة أعمال شيرين)

فجّرت «زلة لسان» جديدة للفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب موجة واسعة من الجدل والانتقادات في مصر، وذلك بعدما طلبت من جمهور أحدث حفلاتها في الكويت الدعاء للموسيقار المصري الراحل محمد رحيم، ودعتهم لفعل «سيئة جارية»، وفق قولها، قبل أن تتدارك الموقف وتقول «صدقة جارية».

وعلى الرغم من اعتذار شيرين الفوري على ما قالته، عادّة أنه «زلة لسان»، فإنها توقعت الهجوم عليها، وأن كثيرين سيتركون ما تقوم به في الحفل وسيركزون على ما قالته، وهو ما حدث بالفعل، فقد تعرّضت لانتقادات واسعة، وامتدت موجة الغضب إلى نقابة الموسيقيين المصرية، التي قررت استدعاء المطربة للتحقيق.

شيرين ستخضع للتحقيق في نقابة الموسيقيين المصرية (مكتبها الإعلامي)

ووفق بيان لنقيب الموسيقيين المصريين، مصطفى كامل، فإن قرار إحالة شيرين عبد الوهاب للتحقيق معها، «عمّا بدر منها من سلوك يتنافى تماماً مع كل القيم والمبادئ»، جاء بأغلبية أعضاء مجلس الإدارة، عادّاً أن ما حدث هذه المرة يعد «عبثاً واستهتاراً بكل القيم الدينية والمجتمعية والإنسانية والفنية، ويستوجب المساءلة».

وقال كامل إنه لم يشعر بـ«عفوية أو عدم قصد أو زلة لسان» خلال حديث شيرين، مؤكداً «عدم وجود رغبة حقيقية في التقويم» لدى شيرين.

وطالب نقاد مصريون، من بينهم محمد عبد الرحمن، بأن تتوقف شيرين عن الحديث والإدلاء بأي تصريحات تلفزيونية أو لقاءات إعلامية، أو على خشبة المسرح، وتكتفي بالغناء، حتى لا تقع في «زلة لسان» قد تجعلها تخسر كل ما حققته خلال مسيرتها الفنية.

ويُعد عبد الرحمن أن الأمر الأكثر سلبية في هذا الأمر مرتبط بانقسام الجمهور حول نية المطربة المصرية، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ذلك يُشير إلى غياب الثقة بشخصيتها، وهو أمر ينال كثيراً من مكانتها».

وفي حين أبدى كثير من المتابعين رضاهم عن إجراء نقابة الموسيقيين التحقيق مع شيرين، فإن الناقد الموسيقي مصطفى حمدي وصف رد فعل النقابة بـ«المبالغ فيه»، بسبب تكرار مثل هذه الوقائع من شيرين خلال السنوات السابقة، وعدم وجود ما يستدعي التحقيق من الأساس، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأمر ربما يرجع إلى الرغبة في «الشو الدعائي».

ويعد حفل الكويت الأول لشيرين عبد الوهاب منذ شهور، بعد اعتذارها عن تقديم عدة حفلات خلال الصيف عقب خضوعها للعلاج، ويتوقع أن تقوم بإحياء حفل بالإمارات خلال الشهر الحالي، وحفل آخر بالكويت مطلع العام الجديد، وفق ما أعلنته في تصريحات سابقة.

ووصف نقيب الموسيقيين في بيانه تصرف شيرين بـ«غير المنضبط على كل المستويات»، مؤكداً أن «الجمهور والصحافة والنقابة سامحوا شيرين كثيراً لمكانتها الفنية والظروف المحيطة بها، من أجل إعادتها لمكانتها الفنية، لكن هذه المرة جرى تغليب العقل فيما قالته أمام الجمهور والكاميرات».

وعدّ عبد الرحمن بيان النقابة بـ«البيان الشخصي المُعبر عن شخص النقيب» أكثر من كونه بياناً إعلامياً صادراً عن «نقابة الموسيقيين» تعليقاً على الواقعة.

وكانت شيرين قد نشرت عبر حسابها على «إكس» رسالة صوتية شكرت فيها الجمهور والصحافة والنقاد بعد الحفل.

ووقعت شيرين في أزمات عدة بسبب أحاديثها التي وُصفت بأنها «منفلتة»، من بينها حديثها عن نطق ابنتها دولة «تونس» بـ«بقدونس» وهو أمر لم يتقبله الجمهور خلال وجودها في مهرجان «قرطاج» عام 2017، كما اضطرت للاعتذار للفنان عمرو دياب عن «زلة لسانها» في حفل زفاف عمرو يوسف وكندة علوش لحديثها بشكل سلبي عنه.

كما اضطرت للاعتذار لأسرة الموسيقار حسن أبو السعود، بعدما شبّهت نفسها به بسبب زيادة وزنها خلال فترة زواجها من طليقها الفنان حسام حبيب، في حين أوقفتها نقابة الموسيقيين بعدما قالت في حفلها بدبي عام 2017 إن شرب مياه النيل يسبب «بلهارسيا»، وهي الواقعة التي اضطرت للاعتذار عنها أيضاً.