موقع تونسي يجدد النقاش حول دور «صحافة المواطن»

موقع تونسي يجدد النقاش حول دور «صحافة المواطن»
TT

موقع تونسي يجدد النقاش حول دور «صحافة المواطن»

موقع تونسي يجدد النقاش حول دور «صحافة المواطن»

جدد إطلاق تونس ما يعتبر أول موقع متخصص لصحافة المواطن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تساؤلات حول دور هذا النوع من الصحافة في عصر الإعلام الرقمي، ومواقع التواصل الاجتماعي... انقسم حولها الخبراء بين داعم لفكرة «وجود مواقع متخصصة لصحافة المواطن»، ورافض للفكرة ويرى أنها تساهم في زيادة الأخبار الكاذبة بسبب افتقار المواطن الصحافي لأدوات المهنة التي تفرض عليه الالتزام بمعايير مهنية تضمن له التحقق والتثبت من صحة المعلومات». ومن هذه التساؤلات: هل العلاقة بين الصحافة التقليدية وصحافة المواطن تنافسية أم تشاركية؟ وهل يمكن لصحافة المواطن أن تكون داعماً لمصداقية الإعلام؟ وغيرها من الأسئلة.
في منتصف نوفمبر (تشرين ثاني) الجاري، أطلقت الدكتورة نهى بلعيد، أستاذ الإعلام والاتصال في تونس، موقع «ماذا يحدث؟»، الذي وصفته بأنه «أول موقع متخصص في صحافة المواطن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وشددت بلعيد عبره على «أهمية صحافة المواطن في ظل تراجع الثقة في الإعلام». وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «مؤسسة «ستايستا» المتخصصة في إجراء قياسات وبحوث الرأي العام أشارت في مقياس ثقة المواطن لعام 2021 إلى أن ثقة المواطنين في الصحافيين تراجعت إلى نسبة 10 في المائة، ومن هنا تأتي أهمية موقع «ماذا يحدث؟» باعتباره صوت المواطن، لكونه يتيح للمواطن نشر المعلومات من قلب الحدث».
وتضيف بلعيد أن «المواطن يمثل سلطة خامسة»، وهي السلطة التي تحدث عنها دان غيلمور عام 2004 في كتابه «نحن الإعلام» الذي يدافع عن الصحافة «من قبل الشعب ومن أجل الشعب». وتستطرد أن «مهمة الموقع هي دعم حرية الرأي والتعبير وتعزيز مفهوم الصحافي المواطن، ومعالجة المعلومات المرسلة من قلب الحدث من قبل المواطنين، ومشاركة معلومات موثوقة وذات مصداقية، وتعزيز الحوكمة التشاركية». إلا أن الدكتورة حنان الجندي، أستاذ الإعلام في مصر، ترى أن «تراجع الثقة في الصحافيين والإعلام، لا تبرر الاعتماد على المواطن الصحافي كبديل، فمهنة الإعلام لها قواعدها ومعاييرها، والالتزام بها هو الطريق لاستعادة الثقة والمصداقية».
حول هذا الموضوع، تذكر دراسة نشرها موقع «ستايستا» في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أن ما معدله «2.4 من كل 10 أشخاص يرون الصحافيين كأشخاص يمكن الوثوق بهم»، وبحسب الدراسة التي أجريت في 28 دولة فإن «معدلات الثقة في الصحافيين ترتفع في الصين إلى 45 في المائة، وفي المملكة العربية السعودية إلى حوالي 36 في المائة، بينما تقل في دول مثل بريطانيا وكوريا الجنوبية».
وثمة دراسة أخرى نشرها معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أوكسفورد البريطانية، في سبتمبر (أيلول) الماضي، أفادت أن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت على مدار العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم، وأصبح الإعلام يشغل مناقشات العامة. وفي معظم الأوقات تقود هذه المناقشات إلى الهجوم على وسائل الإعلام والإعلاميين من جانب أشخاص يعبرون عن عدم ثقتهم في الإعلام». ووفق الدراسة فإنه «رغم أن جائحة كوفيد - 19 ذكرت الجميع بأهمية الصحافة والإعلام المستقل، وأعادت جزءاً من الثقة في بعض المناطق؛ إلا أن كثيرين ما زالوا ينظرون للأخبار بتشكك».
عودة إلى بلعيد، التي ترى أن «صحافة المواطن لها دور مهم في تغطية الأحداث عند غياب الإعلام التقليدي عن مكان الحدث»، وتشير إلى أنها «أسست أيضاً شبكة للمواطنين الصحافيين، لتكون مصدراً للمعلومات من موقع الحدث». وبالمناسبة، اشترطت بلعيد لعضوية هذه الشبكة الخاصة بالمواطنين الصحافيين «نشر 10 مقالات، وتحقيق أكثر من 1000 مشاهدة لمقاطع الفيديو التي تنشر بموقع «ماذا يحدث؟»، إضافة إلى الالتحاق بدورات تدريبية حول صحافة المواطن، هدفها تزويدهم بالمهارات الأساسية للحد من الأخبار الزائفة».
غير أن الدكتورة الجندي ترى أن «صحافة المواطن نتاج طبيعي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي مكنت كل فرد من تسجيل ونشر ما يشاهده». وتضيف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «التكنولوجيا غيرت شكل العملية الاتصالية، وحولت مستقبل الرسالة الإعلامية إلى مرسل لها... ووسائل الإعلام نفسها، هي التي شجعت صحافة المواطن لنقل الحدث من الأماكن التي لا يوجدون فيها، وخاصةً مناطق النزاع والأوبئة».
ويرجع الخبراء بداية صحافة المواطن إلى عام 2000 وتحديداً في كوريا الجنوبية عندما أعلن أوه يون هو أن «كل مواطن صحافي» وأطلق موقعاً إلكترونياً يحمل اسم «أوهمي نيوز» مع 727 مواطنا صحافيا، زاد عددهم إلى 50 ألفا من 100 دولة حول العالم بحلول عام 2007.
ووفق مراقبين فإن «صحافة المواطن تثير تساؤلات حول المعايير المهنية، ومدى التزام المواطن الصحافي بنشر أخبار دقيقة في ظل انتشار الأخبار الزائفة». وهنا توضح الدكتورة بلعيد أن «المواطن يساهم أحياناً في انتشار الأخبار الزائفة، ولذا فإن موقع «ماذا يحدث؟» يعمل في إطار تشاركي بين الصحافي المهني والمواطن الصحافي... فعندما تصل المعلومات من قلب الحدث، يعمل الصحافي المهني على التحقق منها قبل نشرها، في إطار تشاركي بنسبة 100 في المائة».
الجندي من جانبها تعتبر أن «صحافة المواطن ساهمت في انتشار الأخبار الزائفة لأن المواطن الصحافي لا يمتلك أدوات المهنة، وأدوات التحقق من المعلومات، ولا يعرف ما يقال؟ وما لا يقال؟ كما أنه لا يفهم السياسة التحريرية للمؤسسة الإعلامية التي يرسل لها مادته، ومن هنا قد يؤدي ذلك لنشر معلومات مضللة أو غير دقيقة».
في أي حال، خلال العام الجاري اختير موقع «ماذا يحدث؟» واحداً من أفضل 25 مشروعاً للمواطنين الشباب في أفريقيا، من بين 500 مشروع إعلامي، كجزء من برنامج احتضان المشاريع الذي تشرف عليه وكالة النهوض بالإعلام الفرنسية (CFI). في حين يرى مراقبون أنه مع انتشار صحافة المواطن وتشجيع المؤسسات الإعلامية عليها لتغطية نقص الكوادر في كل المواقع، ظهر نوع من المنافسة بين الصحافي التقليدي والمواطن الصحافي، حتى أن بعض المواطنين الصحافيين كانوا يعترضون على رفض نشر ما يرسلونه من مواد، أو عند تعديلها من قبل الصحافي المهني الذي يتحقق منها. وبما يخصها، تصف بلعيد المنافسة بين صحافة المواطن والصحافة التقليدية بأنها «غير منطقية»، وإن «كانت في الوقت نفسه أمراً طبيعياً». ثم تقول «في محاولة لتجنب هذا النوع من المنافسة، يوفر موقع «ماذا يحدث؟» تدريبات للمواطنين الصحافيين لتطوير مهاراتهم للحصول على صفة صحافي... وبصفتي مدير دراسات كلية الاتصال للجامعة المركزية بتونس، أؤكد أهمية الحصول على شهادة جامعية في الصحافة للحصول على صفة الصحافي، فليس أي شخص يمكن أن يصبح صحافياً؛ ولكن الصحافي المواطن يلعب دوراً مهماً الآن لضمان استمرار وسائل الإعلام في عملها مع منافسة منصات التواصل الاجتماعي لها».
الدكتورة بلعيد ترى أيضاً أن «موقع «ماذا يحدث؟» مساحة افتراضية لتبادل المعلومات، تعطي المواطنين الفرصة للمساهمة في النقاش العام عبر الإنترنت، مع احترام القواعد الأخلاقية للصحافة المهنية. ويجري التحقق من المعلومات التي يقدمها المواطن، ويتولى فريق التحرير صياغة الخبر بأكمله أو تهذيب الصياغة، مع ذكر مصدر هذه المعلومات. كذلك تنشر المقالات أيضاً باسم الصحافي المواطن بعد التحقق من المعلومات الواردة فيها والتدقيق فيها من قبل الصحافي المهني. وأحياناً قد لا يتقن المواطن الكتابة والتعبير، لكنه يمتلك فيديو للحدث أو صوراً له، وهنا تكمن مهمة الصحافي في صياغة الموضوع الصحافي».


مقالات ذات صلة

مقتل صحافيَيْن بقصف إسرائيلي على غزة

المشرق العربي صورة ملتقَطة في 24 مارس 2025 تُظهِر فلسطينيين يتفقدون الأضرار الناجمة عن غارة جوية إسرائيلية على حي الشجاعية شرق مدينة غزة (د.ب.أ)

مقتل صحافيَيْن بقصف إسرائيلي على غزة

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الاثنين، مقتل صحافيين اثنين جراء قصف إسرائيلي على القطاع، في حين أكد الصليب الأحمر تضرر مكتبه.

«الشرق الأوسط» (غزة)
يوميات الشرق تمسَّكت هدى شديد بالحياة حتى الرمق الأخير (إنستغرام الإعلامية)

رحيل الإعلامية هدى شديد... الأحلام العنيدة تتكسَّر

بقيت هدى شديد تصارع المرض حتى الرمق الأخير. كانت تقول عن نفسها: «أنا مقاتلة روحانية له». مهووسة بإخفاء حزنها ودموعها تحت إطلالة مُشرقة دائماً.

فيفيان حداد (بيروت)
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في خدمة الصحافة؟ (رويترز)

صحيفة إيطالية تُصدر طبعة «يكتبها» الذكاء الاصطناعي

بدأت إحدى الصحف الإيطالية، منذ الثلاثاء، إصدار طبعة مولّدة كلياً بواسطة الذكاء الاصطناعي، وستواصل لمدة شهر هذه التجربة الأولى من نوعها في العالم.

«الشرق الأوسط» (روما)
الولايات المتحدة​ غلاف كتاب «كيرلس بيبول» Careless People (أناس مهمِلون) لسارة وين وليامز (أ.ب)

كتاب مثير للجدل لموظفة سابقة في «ميتا» يتصدر المبيعات في أميركا

تصدّر كتاب لموظفة سابقة في شركة «ميتا» يتناول بطريقة سلبية عدداً كبيراً من المسؤولين في المجموعة الأميركية بينهم مارك زوكربيرغ ، المبيعات في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم مبنى المقر الرئيسي لإذاعة «صوت أميركا» قرب مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن (إ.ب.أ)

صحافيون معرّضون للخطر بعد تفكيك ترمب وسائل إعلام مموّلة أميركياً

حذّرت منظمة «مراسلون بلا حدود»، الاثنين، من أن الخطوات التي يتّخذها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتفكيك وسائل إعلام عالمية تموّلها الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الصين تعيد رسم ملامح المستقبل التقني والتواصلي والإعلامي

بايت دانس... الشركة الأم لـ"تيك توك" (أ ف ب / غيتي)
بايت دانس... الشركة الأم لـ"تيك توك" (أ ف ب / غيتي)
TT

الصين تعيد رسم ملامح المستقبل التقني والتواصلي والإعلامي

بايت دانس... الشركة الأم لـ"تيك توك" (أ ف ب / غيتي)
بايت دانس... الشركة الأم لـ"تيك توك" (أ ف ب / غيتي)

في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالتحولات الجيوسياسية والاقتصادية، تمضي الصين بخطوات ثابتة نحو إعادة تشكيل المستقبل التكنولوجي والتواصلي والمعلوماتي والاقتصادي.

خلال الدورتين السنويتين لمجلس الشعب الوطني والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني المنعقدتين أخيراً في بكين، تم الكشف عن عدة مفاهيم جديدة تعكس الطموحات الصينية في ريادة التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي. من بين هذه المفاهيم، برزت تقنية الجيل السادس (6G)، والذكاء المتجسد، وشركات «الغزال» و«اليونيكورن»، التي تُظهر جميعها كيف تتأهب الصين للهيمنة على مستقبل الابتكار التكنولوجي والاقتصاد الرقمي.

قفزة نحو الإدراك الذكي

في حين أن تقنية الجيل الخامس (5G) لا تزال قيد التوسع عالميًا، بدأت الصين بالفعل في العمل على تطوير الجيل السادس (6G). ويُتوقع أن تكون سرعة 6G أعلى بعشر مرات من 5G، ما يعني إمكانية نقل البيانات بشكل أسرع مع زمن استجابة أقل، وهو ما سيتيح تحقيق مستويات جديدة من التواصل بين الأجهزة والذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء.

بيد أن الأهم من السرعة، هو مفهوم «الإدراك الذكي» الذي سيجلبه 6G. ففي حين أن شبكات الاتصال الحالية تعتمد على نقل البيانات فقط، فإن تقنية الـ6G ستُدخل تقنيات الإدراك والذكاء التكيّفي، ما يسمح للأجهزة ليس فقط بالتواصل، بل أيضاً بفهم البيئة المحيطة وتحليلها والتفاعل معها بذكاء غير مسبوق.

الصين بدأت بالفعل اختباراتها على 6G، حين أطلقت أول قمر اصطناعي بتقنية 6G في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، وهي تعمل راهناً على تطوير معايير هذه التقنية بحلول 2025، مع توقعات بتسويقها عالمياً بحلول عام 2030. وهذا يعني أن الصين لا تكتفي فقط بقيادة تطوير 6G، بل تسعى أيضاً إلى وضع المعايير العالمية لهذه التقنية، ما يمنحها نفوذاً تكنولوجياً واقتصادياً واسع النطاق.

شعار ديدي تشوزينغ على مبنى الشركة في بكين (رويترز)

الذكاء المتجسد: اكتساب الآلات وعياً بشرياً

من جهة ثانية، إذا كان الذكاء الاصطناعي قد بدأ في تغيير أسلوب حياتنا وأعمالنا... بل وحتى إعلامنا، فإن الصين تعمل على دفعه إلى المستوى التالي من خلال ما يُعرف بـ«الذكاء المتجسد».

الفكرة الأساسية وراء هذا المفهوم هي دمج الذكاء الاصطناعي في الكيانات المادية، مثل الروبوتات، بحيث لا تقتصر على تنفيذ الأوامر بل تتمتع بقدرة على الإدراك الحسي والتفاعل العاطفي والتكيف مع البيئات المختلفة... مثل البشر تماماً.

هذا التطوّر ستكون له تطبيقات ضخمة في مجالات مثل الطب، الصناعة، والخدمات اللوجيستية. تخيل أن تمتلك الروبوتات القدرة على «الشعور» كما البشر، مما يسمح لها بالتعامل مع المهام الدقيقة مثل الجراحة ورعاية المسنين، أو حتى التواصل والتفاعل الاجتماعي في خدمة العملاء.

الصين تُركز بشكل كبير على تطوير هذا المجال، وتستثمر مبالغ ضخمة في أبحاث الروبوتات الذكية والأنظمة المستقلة، مما يعكس إدراكها لأهمية هذا المجال في رسم ملامح الاقتصاد المستقبلي.

الطفرة السريعة في ريادة الأعمال التقنية

إلى جانب تطوير التقنيات المتقدّمة، تعمل الصين على بناء بيئة حاضنة للشركات الناشئة العالية النمو. واحد من المفاهيم الجديدة التي جرى طرحها أخيراً هي «شركات الغزال»، وهذه هي الشركات التقنية التي تظهر فجأة في السوق، وتحقّق نمواً هائلًا خلال فترة قصيرة جداً، متجاوزة في بعض الأحيان الشركات التقليدية العملاقة.

هذه الشركات تختلف عن شركات «اليونيكورن» من حيث سرعة النمو، فهي تركّز على الابتكار السريع والدخول القويّ إلى السوق وتحقيق أرباح هائلة في وقت قياسي. ومن الأمثلة على ذلك، شركات التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، التي تشهد طفرة هائلة في الصين، خصوصاً، في مجالات مثل التجارة الإلكترونية والخدمات المالية الرقمية.

الحكومة الصينية تدعم هذا التوجّه من خلال تقديم حوافز مالية، وتسهيلات قانونية، وبنية تحتية متطورة، ما يجعل الصين بيئة مثالية لهذه الشركات التي ستغيّر معالم السوق في السنوات المقبلة.

«اليونيكورن»: حاضنات الابتكار والتقنيات الفريدة

بالإضافة إلى شركات «الغزال»، تواصل الصين العمل على تعزيز نمو شركات «اليونيكورن»، وهي الشركات الناشئة التي تتجاوز قيمتها السوقية مليار دولار قبل أن تُدرج في البورصة. وتتميّز هذه الشركات عادةً بامتلاك تقنيات مبتكرة ومزايا تنافسية قوية، ما يجعلها لاعبًا رئيساً في الاقتصاد الرقمي. في عام 2023، كانت الصين ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد شركات «اليونيكورن»، بعد الولايات المتحدة. ويُتوقع أن تستمر هذه الشركات في النمو بفضل دعم الحكومة الصينية والطلب المتزايد على التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والتكنولوجيا المالية.

أبرز شركات «اليونيكورن» في الصين

- بايت دانس ByteDance (الشركة الأم لـTikTok).

- ديدي تشوزينغ Didi Chuxing (أكبر منصّة للنقل الذكي في الصين).

- زياومي Xiaomi (إحدى أكبر شركات الهواتف الذكية في العالم).

هذه الشركات لا تقتصر على السوق المحلية، بل أصبحت تنافس على المستوى العالمي، ممّا يعزّز النفوذ الاقتصادي والتكنولوجي للصين.

الصين وتشكيل المستقبل

وهكذا، من خلال التركيز على 6G، الذكاء المتجسد، وتعزيز نمو الشركات الناشئة مثل «الغزال» و«اليونيكورن»، تُثبت الصين أنها ليست فقط جزءاً من السباق التكنولوجي، بل إنها تسعى لتحديد قواعد اللعبة المستقبلية. وفي حين أن الدول الأخرى ما زالت تناقش تأثيرات الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس، فإن الصين تضع معايير الجيل التالي من الابتكار، الأمر الذي يضعها في موقع الريادة المستقبلية. بالنظر إلى هذه التطورات، من الواضح أن العالم مقبل على تغييرات جذرية ستقودها الصين في السنوات المقبلة، وهو ما يستدعي من باقي الدول متابعة هذه التحوّلات، والتكيف معها، والاستثمار في الابتكار لضمان البقاء في السباق.

ومن ثمّ، فإن السؤال المطروح الآن هو: هل سيدرك العالم حجم هذا التحوّل قبل فوات الأوان؟

*رئيس «معهد طريق الحرير للدراسات والأبحاث»

رئيس «الرابطة العربية ـ الصينية

للحوار والتواصل» بيروت: وارف قميحة*