«القاهرة السينمائي» يعرض جديداً في 3 مسابقات

افتتح دورته بفيلم عن فيلم

المخرجان جوانا حاجي توما وخليل جريج يقدّمان «دفاتر مايا» في مسابقة آفاق السينما العربية
المخرجان جوانا حاجي توما وخليل جريج يقدّمان «دفاتر مايا» في مسابقة آفاق السينما العربية
TT

«القاهرة السينمائي» يعرض جديداً في 3 مسابقات

المخرجان جوانا حاجي توما وخليل جريج يقدّمان «دفاتر مايا» في مسابقة آفاق السينما العربية
المخرجان جوانا حاجي توما وخليل جريج يقدّمان «دفاتر مايا» في مسابقة آفاق السينما العربية

افتتاح مهرجان القاهرة، الخامس والعشرين من الشهر الجاري، لم يختلف كثيراً عن افتتاح الدورات السابقة من حيث التنظيم. خط سير السيارات ما بين ماريوت هوتل ودار الأوبرا التي تقع على مسافة غير بعيدة استغرق وقتاً طويلاً بسبب الاحتياطات الأمنية وزحمة السير.
في الصالة الكبرى لدار الأوبرا، مكث الحضور بانتظار افتتاح متأخر عن موعده، لكن هذا الحضور اعتاد ذلك وتوقعه في كل دورة. محطات التلفزيون كانت تصطاد فناني السينما المصرية وتتحدث لهم على حساب الوقت الضائع. السجادة الحمراء كانت تمهيداً لدخول الفنانين واستعراضا للأزياء معاً.
ثم جاء التقديم والتكريم وكل هذا أضاف إلى السهرة فصولاً مهدورة بالنسبة لمن جاء ليشاهد فيلم الافتتاح. أما الذين جاءوا للسهرة ذاتها فكان ما سبق الفيلم من مشاهد واستعراضات على المنصة مرحبا به، تأخر وقته أو لم يتأخر.

دورة في الزمن الصعب
يقام مهرجان القاهرة بدعم جيد من وزارة الثقافة المصرية. تؤكد وزيرة الثقافة، د. إيناس عبد الدايم، التي تابعت أدق التفاصيل بغية إنجاح هذه الدورة الثالثة والأربعين، ذلك حين تقول إن «فريق المهرجان بالتعاون مع الجهات المعية يعمل منذ عام كامل على أن يقدم للجمهور أكثر مما هو متوقع، كما تشير إلى حرص الحكومة المصرية على إنجاح المهرجان وتقدمه باعتباره، المهرجان السينمائي الأهم في منطقة الشرق الأوسط». في الواقع إن مهرجان القاهرة السينمائي هو حفل على أكثر من صعيد. هو بالطبع مهرجان للسينما العالمية، ولقاء حميمي بين الوافدين والمقيمين يطمئن كل منهما على أحوال الآخر في ظل ظروف حياة بالغة الصعوبة وآخر بين هواة السينما والتظاهرات المهمة التي يحتويها المهرجان.
هناك المسابقة الكبرى التي تحتوي على 15 عشر فيلماً وتظاهرة «أسبوع النقاد الدوليين» التي يديرها الزميل أسامة عبد الفتاح وتظاهرة «آفاق السينما العربية» التي يديرها الزميل رامي عبد الرازق، ثم بحر من الأفلام المبرمجة خارج المسابقة والعروض الخاصة والبانوراما الدولية.
يعمل مهرجان القاهرة حسب ما تعنيه كلمات «مهرجان سينمائي عالمي» موفراً أعمالاً قادمة من دول عديدة حول القارات الخمس ومئات الأفلام والمشاركات وعدد غير معروف بعد من الضيوف والمشاركين من لجان تحكيم إلى ضيوف شرف ومن نقاد وصحافيين إلى سينمائيين يحتفى بوجودهم. في الوقت ذاته، وفي إطار العمل المجهد الذي يتولاه المهرجان ورئيسه محمد حفظي، هناك الظروف الصعبة التي تمر بها المناطق المختلفة من العالم. جائحة إثر أخرى تلف أطرافه وتضرب حيث تشاء وكلما فتحت الدول أبوابها لاستقبال وافدين وسياح ورجال أعمال، اشرأب متحور جديد يقال إنه أقوى من سابقه.
وبينما يرتفع عدد الضحايا وعدد متلقي اللقاح في الوقت ذاته، لا علم لأحد بتفاصيل ما يدور: كيف يدرك المشرفون في المنظمات الصحية أن هناك متحورا جديدا سيظهر بعد أسابيع؟ كيف يرون المستقبل فيعلنون أن الفصل المقبل سيشهد انخفاضاً أو تصعيداً؟ ما هي أسرار ذلك اللقاح ولماذا بات من الضروري تلقيه مرتين وثلاث، وكيف يكون ناجعاً إذا ما كانت بعض تلك المنظمات تعلن أن المتحور الجديد أوميكرون لا يكفيه اللقاح كعلاج؟
ما الذي يحدث تماماً؟ أهو فشل عالمي أو، كما يقول فريق لا بأس اليوم بحجمه، خطة مدبرة لقلب موازين الحياة والقوى حول العالم؟
لا أحد يعلم لكن الجميع يتصرف هنا حسب ما تقتضيه إجراءات السلامة. والمهرجانات السينمائية حول العالم باتت تتشدد أكثر وأكثر في عملية التلقيح، أثبتت فاعليتها على النحو المنشود أم لا.

مواجهة في فيلم الافتتاح
بات من المبهج أن يتابع المرء أفلاماً لا يرتدي من فيها الكمامات. الحياة تبدو أجمل على الشاشة من تلك التي ينتمي إليها المشاهدون. الخيال صار أفضل بكثير من الواقع وهو دوماً ما كان يتجاوزه. معظم ما سنراه من أفلام في المسابقة وخارجها لا يدور حول المحنة التي نعيشها بل تعرض لحياة تبدو اليوم كما لو كانت تقع على كوكب آخر أو في زمن بعيد.
فيلم الافتتاح وعنوان «المسابقة الرسمية» يتماشيان والجو الفكاهي الذي ساد التقديم على منصة المهرجان في سهرته الأولى. هو أيضاً كوميدي ولو أنه أكثر عمقاً من العديد من أفلام اليوم التي تنتمي إلى هذا النوع.
إحدى حسناته الأساسية هي أنه يدور حول صنع الأفلام (هناك عدد كبير منها في السنوات الأخيرة) ومن زاوية غير مطروقة. بينيلوبي كروز تؤدي دور مخرجة غادرت الدورة الأخيرة من مهرجان «كان» بالجائزة الأولى. يختارها رجل أعمال صناعي بالغ الثراء (جوزيه لويس غوميز) لكي تحول رواية نالت جائزة نوبل للسينما.
اللقاء الأول بين المخرجة لولا ورجل الأعمال أمبرتو يستحق دخول التاريخ: هي المخرجة المدركة وذات الرؤيا والخبرة. هو الرجل الذي اشترى حقوق الرواية من دون أن يقرأها ولديه صفر - خبرة في السينما (وما ينتمي لها). لا يستطيع أمبرتو الإفصاح إلا عن رغبته في صنع فيلم يخلده كمنتج حول الرواية التي ربحت نوبل تحت إدارة المخرجة التي ربحت السعفة. هي، في الجانب المقابل، المخرجة التي لديها فكرة واضحة حول ما الذي ستستطيع فعله في نطاق هذا الفيلم وكيف ستخرجه إلى العلن.
نقطة المواجهة الثانية هي بين ممثلي الفيلم الرئيسيين فيلكس (أنطونيو بانديراس) وإيفان (أوسكار مارتينيز). كل منهما ينتمي إلى مفهوم مختلف عن الآخر بالنسبة لماهية التمثيل والأداء. الأول يستمد مفهومه من النجاح الكبير الذي حققه على الشاشة. الثاني يستمده من التعاليم الأكاديمية التي يدرسها حين لا يقف أمام الكاميرا.
الفيلم من إخراج خفيف الإيقاع والوقع من قبل المخرجين الأرجنتينيين ماريانو كوون وغاستون دوبارل. السيناريو الذي كتباه (مع أندريه دوبارت) يكشف أوراقاً مهمة في عملية صياغة الفيلم وإن كانت ليست ذاتها الأوراق التي يكشف عنها كل فيلم. هو يدور في الاستثناء لكنه يوفره كفعل عام. هذا ضروري حتى لا يبدو الفيلم محصوراً كرصد لوضع محدود. لكن ما يثير التساؤل هو كيف اختار المخرجان لبينيلوبي كروز أن تبدو أقرب لعارضة أزياء منها إلى مخرجة. هي ليست مرسومة كنموذج فني أكثر مما هي مقدمة كنموذج لـ«نجمة سينمائية» تقف وراء الكاميرا.
بالطبع يستفيد من ممثليه الأساسيين بانديراس وكروز ولا يخشى قدراً من الكاريكاتور بغية الوصول إلى تأثير مماثل. لكن هذا لا ينجيه من اللوم. الدافع للاستفادة من هذين الاسمين المحبوبين أوروبيا وفي مناطق شتى بدا كما لو أنه ساد أي دافع آخر للجمع بينهما. لكن الفيلم ينقذ نفسه بإصراره على تقديم نموذج لما تقوم السينما عليه اليوم. لذا، إذا ما بدا مفرطاً في سخريته فإن هذا الإفراط ناتج عن حالة حاضرة يسبر الفيلم، بنجاح متفاوت من فصل أحداث لآخر، غورها.
بلوغ السعودي: حكاية خمسة نساء
تظاهرتان مهمتان بدأتا يوم أمس (الأحد)، تستحقان المتابعة والاهتمام. كلتاهما لمن يبحث عن جديد. التظاهرة الأولى (من دون تفضيل إحداهما على الأخرى) هي تظاهرة «آفاق السينما العربية» والثانية هي تظاهرة «أسبوع النقاد الدوليين».
في الأولى نجد الفيلم السعودي «بلوغ» المؤلف من خمس حكايات من إخراج خمس نساء هن سارة مسفر، فاطمة البنوي، جواهر العامري، هند الفهاد، ونور الأمير. كذلك نجد «قدحة» للمخرج أنيس الأسود (تونس)، و«لو انهارت الجدران» لحكيم بلعباس (المغرب)، و«يوميات شارع جبرائيل» لرشيد مشهراوي (فلسطين)، و«فياسكو» لنيقولا خوري (لبنان)، و«من القاهرة» لهالة جلال (مصر)، و«هيليوبوليس» لجعفر قاسم (الجزائر)، و«دفاتر مايا» لجوانا حاجي توما وخليل جريج (لبنان)، و«كل شي ماكو» لميسون الباجه جي (العراق)، و«أطياف لمهدي هميلي (تونس)، و«النهر» لغسان سلهب (لبنان).
سبعة أفلام في «أسبوع النقاد الدوليين «وهي «إمبارو» لسيمون ميسا سوتو (السويد، كولمبيا) و«قمر أزرق» لألينا غريغور (رومانيا) و«قلب الغابة المظلم» للسيرج ميرزابكيانتز (بلجيكا) و«لا سيڤيل» لتيودورا آنا ميهال (بلجيكا، مكسيك) و«الغريب» لأمير فخر الدين (سوريا) و«ڤيرا تحلم بالبحر» لكاتريننا كراسنيكي (كوزوڤو، ألبانيا) و«جذور برية» لهاجيني كيس (المجر).
يخبرني رئيس تظاهرة «أسبوع النقاد الدوليين» شيئاً عن اختياراته:
«صرفت فترة طويلة تمتد لعدة شهور على اختيار هذه الأفلام وحرصت على أن تكون فازت بجوائز أولى، مثل «قمر أزرق» الذي فاز بجائزة مهرجان سان سيباستيان الأولى و«لاسيڤيل» الذي نال جائزة من تظاهرة «نظرة ما» في مهرجان «كان». أنا شخصياً فخور بهذه الاختيارات وأعتقد أنها ستثير نقاشات لجنة التحكيم على نحو إيجابي». تضم لجنة التحكيم هنا الناقد الفرنسي سيدريك سوكيوڤيللي والناقد التونسي إبراهيم لطيف والممثلة المصرية ناهد السباعي.
أما لجنة تحكيم «آفاق السينما العربية» فتشمل الناقدة المصرية أمل الجمل والناقدة المغربية جيهان بوكرين والناقدة الأرمينية دايانا مارتيروسيان.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».