الأجواء الكوميدية تسيطر على افتتاح «القاهرة السينمائي»

إطلالة مميزة لنيللي... وعلي ربيع ينتزع الضحكات

الفنان سمير صبري يقدم جائزة المهرجان للفنانة نيللي
الفنان سمير صبري يقدم جائزة المهرجان للفنانة نيللي
TT

الأجواء الكوميدية تسيطر على افتتاح «القاهرة السينمائي»

الفنان سمير صبري يقدم جائزة المهرجان للفنانة نيللي
الفنان سمير صبري يقدم جائزة المهرجان للفنانة نيللي

سيطرت الكوميديا والأجواء المبهجة على حفل افتتاح الدورة 43 لـ«مهرجان القاهرة السينمائي» الذي أقيم مساء أول من أمس، وطغت ضحكات الحضور على الفقرات التي قدمها الفنان خالد الصاوي، بمشاركة الممثل الكوميدي علي ربيع، الذي ارتجل فقرة كوميدية طويلة أفسح المهرجان لها الوقت دون تحديد، وأبدى فيها ربيع بطريقته الكوميدية دهشته لعدم دعوته لحضور مهرجان القاهرة، رغم قرب مسكنه من دار الأوبرا التي يقام بها.
ولم تقتصر الكوميديا على فقرة خالد الصاوي وعلي ربيع، بل امتدت لفقرة استقبال المخرج الصربي أمير كوستوريتسا، رئيس لجنة تحكيم المسابقة الدولية، على المسرح بفرقة موسيقية عزفت لحن الموسيقى التصويرية لفيلمه «تحت الأرض»، التي أشاعت البهجة بين الحضور، فيما عبّر المخرج الصربي عن سعادته بوجوده أخيراً في القاهرة، وقال: «خلال رحلتي مع الازدحام المروري كنت أشعر بنبض القاهرة، والحياة في السينما بمثابة سباق يتمنى الجميع أن يفوز به».
وكان الحاضرون لحفل الافتتاح انتظروا وقتاً طويلاً داخل السيارات التي أقلتهم بسبب الزحام، ما أدى إلى تأخر بدء الحفل ومن ثم تأجيل عرض فيلم الافتتاح «المسابقة الرسمية»، ليعرض في أول أيام المهرجان، وغابت الكلمات الطويلة عن الحفل الذي تحدث فيه رئيس المهرجان محمد حفظي بثقة كبيرة، مشيراً إلى أن افتتاح «القاهرة السينمائي» جاء بعد 24 ساعة فقط من حفل افتتاح طريق الكباش بالأقصر، بما يمثل ركائز أساسية للقوة الناعمة، مخاطباً الحضور قائلاً: «أتمنى أن تستمتعوا بأيام المهرجان وألا ننسى مَن رحلوا عنا في الأيام الأخيرة، واستعرضت الشاشة لقطات للفنانين الراحلين من بينهم إلياس رحباني، وحاتم علي، ووحيد حامد، وسمير غانم ودلال عبد العزيز، فيما جاءت إشادة وزيرة الثقافة، إيناس عبد الدايم، بالمستوى الذي وصل إليه المهرجان والتحديثات العديدة التي شهدها في دوراته الأخيرة، وتعاظم دوره في دعم الشباب، ما يشير إلى اتجاه لتجديد المسؤولية لمحمد حفظي لرئاسة المهرجان في الدورة المقبلة لتكون الخامسة له، فيما قدّم الموسيقار هاني شنودة عزفاً على البيانو مصاحباً للمطربة هند عبد الحليم في أغنية «سينما الحياة» التي عبّرت عن صناع الأفلام بكل طوائفهم، من مخرجين ومديري تصوير ومنتجين، وعبّر هاني شنودة عن سعادته بوقوفه للعزف على مسرح دار الأوبرا.
وأهدى الفنان كريم عبد العزيز المتوج بـ«جائزة فاتن حمامة للتميز» تكريمه إلى والده وأستاذه المخرج محمد عبد العزيز، الذي كان حاضراً للحفل، وقال: «تربيت على يد أساتذة علمونا احترام الفن»، كما عبّر عن سعادته بتقديم مني زكي لفقرة تكريمه، وقد جمعته بها أفلام عديدة وصداقة امتدت على مدى 24 عاماً».
من جهته، أكد المخرج محمد عبد العزيز، سعادته بالتكريم الذي حظي به نجله، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «موهبة كريم ظهرت عليه منذ طفولته، وتنبأ له كبار النجوم الذين شارك معهم في الأفلام وعمره أربع سنوات، كما أنه اتجه لدعم موهبته بالدراسة في معهد السينما، ولعب بطولة أفلام جمعت بين الكوميديا والتراجيديا، ورغم أن شهادتي فيه مجروحة فإنني كأب فخور بما حققه في مسيرته التي استحقت تكريماً من مهرجان القاهرة العريق».
وظهر الفنان سمير صبري، مستنداً إلى عكاز لإصابة بقدمه، خلال تقديمه فقرة تكريم الفنانة نيللي، المتوجة بجائزة الهرم الذهبي عن مسيرتها الفنية، مستغلاً براعته كمحاور في إجراء حوار معها على المسرح وداعب الحضور ومذيعة الحفل منى عبد الوهاب.
وأبدى المخرج المصري، أمير رمسيس، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، تفاؤله بالدورة الحالية للمهرجان، معتبراً أن «اختيار لجنة التحكيم جيد جداً، وكذلك مستوى الأفلام داخل وخارج المسابقة واعد، إذ شاهدنا شكلاً مختلفاً وإضافات كبيرة خلال الدورات السابقة، بشكل جاد جداً وأكثر ما يميزه في رأيي قسم الصناعة في ملتقى القاهرة، الذي صار أحد أبرز ملامح المهرجان».
وكان حفل الافتتاح أقيم بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، وسط إجراءات احترازية مشددة، وأكد عمر قاسم، المدير التنفيذي للمهرجان لـ«الشرق الأوسط»، أنه «تم تطعيم جميع الحضور قبل حفل الافتتاح، وكذلك التزم الضيوف بالحصول على المصل، ولم نسمح بالدخول إلى الأوبرا إلا بالتأكد من شهادات التطعيم أو تحليل يؤكد الخلو من الإصابة».
ويراهن محمد حفظي، خلال الدورة الـ43، على تأكيد نجاحاته السابقة التي اعتمدت بشكل أساسي على مشاركة أفلام كبيرة ومهمة في المهرجان، سواء من خلال مسابقاته أو من خلال القسم الرسمي خارج المسابقة، الذي يشهد هذا العام مشاركات فنية متميزة.
كما يواصل المهرجان الانفراد بعروض عالمية (27 فيلماً)، وأخرى دولية (7 أفلام) وثالثة في عرضها الأول في الشرق الأوسط وأفريقيا، كذلك يؤكد قدرته على اختيار رعاة أسهموا بشكل كبير في ميزانية المهرجان، إلى جانب دعم الدولة.
وتستحدث هذه الدورة تخصيص «يوم صناعة السينما للشباب» الذي يتيح فيه للبعض من طلاب مدارس السينما التعرف على كيفية بدء خطوتهم الأولى في مجال صناعة الفيلم، من خلال خبرات سينمائيين كبار، كما تقام حلقة نقاشية للتعبير عن صانعات الأفلام العربيات بالتعاون مع «منصة نتفليكس» تقدمها الفنانة هند صبري.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».