الليرة التركية تواصل التخبط... وتوقعات بالعودة لرفع كبير للفائدة

{أبل} أوقفت مبيعاتها وسط تصاعد الأزمة

واصلت الليرة التركية أداءها المتذبذب خلال تعاملات أمس (أ.ف.ب)
واصلت الليرة التركية أداءها المتذبذب خلال تعاملات أمس (أ.ف.ب)
TT

الليرة التركية تواصل التخبط... وتوقعات بالعودة لرفع كبير للفائدة

واصلت الليرة التركية أداءها المتذبذب خلال تعاملات أمس (أ.ف.ب)
واصلت الليرة التركية أداءها المتذبذب خلال تعاملات أمس (أ.ف.ب)

واصلت الليرة التركية أداءها المتذبذب خلال تعاملات أمس (الأربعاء) بعد الضربة القاتلة التي تعرضت لها أول من أمس على خلفية تصريحات الرئيس رجب طيب إردوغان بشأن الاستمرار في خفض سعر الفائدة ومطالبة حليفه دولت بهشلي رئيس حزب الحركة القومية بمناقشة مسألة استقلالية البنك المركزي.
وبينما بدأت الليرة عند مستوى قياسي منخفض بلغ 13.14 ليرة للدولار في التعاملات الصباحية، استفاقت على مدار اليوم مستعيدة بعض خسائرها لترتفع إلى مستوى 11.80 ليرة للدولار، ثم عاودت الانخفاض مجددا إلى حدود 12 ليرة للدولار قبل إغلاق التعاملات.
وخسرت الليرة 15 في المائة من قيمتها في تعاملات أول من أمس الثلاثاء، حيث وصلت إلى مستوى شديد التراجع عند 13.45 ليرة للدولار، بسبب المخاوف من ارتفاع التضخم وتداعيات اقتصادية أخرى لدفاع إردوغان عن التخفيضات الأخيرة في أسعار الفائدة، التي بلغت 400 نقطة أساس في 3 أشهر.
وسجلت الليرة مستويات قياسية منخفضة في 11 جلسة متتالية لتصل خسائرها منذ بداية العام إلى 43 في المائة، منها نحو 24 في المائة تكبدتها منذ بداية الأسبوع الماضي.
ورغم دفاع إردوغان عن السياسة النقدية للبنك المركزي وتعهده، ليل الاثنين – الثلاثاء، بالفوز في «حرب الاستقلال الاقتصادية»، تتزايد الانتقادات من جانب أولئك الذين يطالبون باتخاذ إجراءات لوقف تراجع العملة بمن في ذلك كبار الاقتصاديين.
وحذر كبير الاقتصاديين السابق في البنك المركزي التركي، هاكان كارا، على «تويتر» من أنه «في ظل أسعار الصرف الحالية قد يتجاوز التضخم الرسمي 30 في المائة في الأشهر المقبلة، وأنه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة فلن يتمكن النظام المالي من مواجهة ذلك.
وضغط إردوغان على البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة بهدف تعزيز الصادرات والاستثمار والوظائف حتى مع ارتفاع التضخم إلى ما يقرب من 20 في المائة، وتسارع انخفاض قيمة العملة ما يؤثر بشدة على عائدات الأتراك. وكان انخفاض الليرة، أول من أمس، هو الأكبر منذ ذروة أزمتها في عام 2018 التي أدت إلى ركود حاد وتسببت في ضعف النمو على مدار ثلاث سنوات ورفعت التضخم إلى خانة العشرات. وخفض البنك المركزي أسعار الفائدة 400 نقطة أساس منذ سبتمبر (أيلول)، لتهبط من 19 إلى 15 في المائة.
والتقى إردوغان، ليل الثلاثاء - الأربعاء، رئيس البنك المركزي التركي، شهاب كاوجي أوغلو، في أنقرة، بعد الانهيار التاريخي لليرة. وعقب اللقاء أعلن البنك المركزي أنه يمكنه فقط التدخل في الأسواق في ظل ظروف معينة لتقلبات مفرطة، مضيفا أن موجة المبيعات في الليرة التركية «غير واقعية ومنفصلة تماما عن الواقع».
وأضاف البيان أنه في ظل ظروف معينة يمكن فقط للبنك المركزي أن يتدخل في تقلبات مفرطة دون استهداف أي اتجاه دائم، مشيرا إلى أن سعر الصرف يخضع للعرض والطلب، وأن البنك لا يتعهد بأي تدخل في الوضع الراهن.
ودعا نائب رئيس البنك المركزي السابق، سميح تومين، الذي أقاله إردوغان الشهر الماضي، إلى العودة فورا للسياسات التي تحمي قيمة الليرة. وكتب على تويتر: «يجب التخلي فورا عن هذه التجربة غير الرشيدة التي ليس لها فرصة للنجاح وعلينا العودة إلى سياسات الجودة التي تحمي قيمة الليرة التركية ورخاء الشعب التركي».
وتوقع بنك الاستثمار الأميركي «غولدمان ساكس» أن يرفع المركزي التركي سعر الفائدة الرئيسي إلى 20 في المائة في الربع الثاني من العام القادم، رغم أنه يرى أيضا مخاطر لتحرك في موعد أقرب بالنظر إلى الضغوط المستمرة على العملة التركية.
وقال المحلل التركي في البنك، مراد أونور، إن رفع الفائدة إلى 20 في المائة لن يكون كافيا لخفض التضخم نحو مستويات أقل من عشرة في المائة؛ لكنه كاف للحفاظ على الاستقرار المالي.
وفي ظل هذه التطورات، أوقفت شركة «أبل» الأميركية، بشكل مؤقت، بيع منتجاتها للعملاء في تركيا مع استمرار انهيار الليرة. ورغم أن «أبل ستور» عبر الإنترنت لا يزال متاحاً للعملاء في تركيا، فإن الشركة لا تقبل أي طلبات جديدة، ولا تسمح للمتسوقين بإضافة أي عناصر إلى حقيبة التسوق الرقمية الخاصة بهم وإكمال المعاملات. ولم تقدم «أبل» بعد أي تعليق رسمي على توقف المبيعات في البلاد مع استمرار تفاقم الأزمة الاقتصادية.



بكين تهنّئ ترمب... وتحذّر من «الحرب التجارية»

أبراج سكنية عملاقة على ضفة نهر هوانغبو في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
أبراج سكنية عملاقة على ضفة نهر هوانغبو في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
TT

بكين تهنّئ ترمب... وتحذّر من «الحرب التجارية»

أبراج سكنية عملاقة على ضفة نهر هوانغبو في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
أبراج سكنية عملاقة على ضفة نهر هوانغبو في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

حذّرت الصين، الخميس، من أنه «لن يكون هناك فائز في حرب تجارية»، بعد إعادة انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة الذي تعهّد بفرض رسوم جمركية ضخمة جديدة على الواردات الصينية.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ: «من حيث المبدأ، أود أن أؤكد أنه لن يكون هناك فائز في حرب تجارية، وهو ما لا يخدم العالم أيضاً».

وتأتي تعليقات «الخارجية الصينية» بعدما هنّأ الرئيس الصيني شي جينبينغ، الخميس، دونالد ترمب على انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، داعياً إلى «تعزيز الحوار والتواصل» بين البلدين، حسب ما أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا».

وتسبّب الانتصار الكاسح الذي حقّقه المرشح الجمهوري في السباق إلى البيت الأبيض، الثلاثاء، في حالة من عدم اليقين لدى الولايات المتحدة وفي سائر أنحاء العالم.

وفيما يتعلق بالصين، فمن الممكن أن تؤدي عودة ترمب إلى البيت الأبيض إلى تعديل العلاقات الصينية - الأميركية التي توترت في السنوات الأخيرة بسبب ملفات خلافية عديدة، من بينها: تايوان، والتجارة، وحقوق الإنسان، والتنافس بين البلدين في مجال التكنولوجيا المتقدمة.

ونقل التلفزيون الصيني الحكومي «سي سي تي في» قول شي لترمب، إن «التاريخ أظهر أن الصين والولايات المتحدة تستفيدان من التعاون وتخسران من المواجهة». وأضاف أن «علاقة مستقرة وصحية ومستديمة بين الصين والولايات المتحدة تتفق مع المصالح المشتركة للبلدين ومع تطلعات المجتمع الدولي». وهذا أول تصريح يُدلي به الرئيس الصيني منذ فوز المرشح الجمهوري.

وكان ترمب وعد، خلال الحملة الانتخابية، على غرار ما فعلت منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، بممارسة ضغوط على الصين في مجالات عدة. وفي المجال التجاري، وعد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على كل واردات الولايات المتحدة من المنتجات الصينية.

وقالت المديرة المشاركة لبرنامج الصين وشرق آسيا في مركز «ستيمسون» للأبحاث في واشنطن، يون سون، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن ترمب يرغب في «استعادة توازن معين في التبادلات التجارية بين الولايات المتحدة والصين». وأضافت: «ومع ميله إلى ممارسة أكبر مقدار من الضغط قبل التوصل إلى اتفاق، أتوقع أن يفرض هذه الرسوم الجمركية».

وحسب محضر المكالمة الهاتفية التي أجراها شي مع ترمب ونشره الإعلام الرسمي الصيني، قال الرئيس الصيني للرئيس الأميركي المنتخب إنه يأمل في أن «يتمسك الجانبان بمبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح لكليهما». كما دعا الرئيس الصيني البلدين إلى «تعزيز الحوار والتواصل بينهما، وإدارة خلافاتهما بصورة مناسبة، وتطوير التعاون متبادل المنفعة، وإيجاد طريقة صحيحة للتعايش بين الصين والولايات المتحدة في هذا العصر الجديد، بما يخدم مصلحة البلدين والعالم».

والتقى شي جينبينغ ودونالد ترمب أربع مرات، في حين أشاد الرئيس الأميركي المنتخب أخيراً بـ«العلاقة القوية جداً» التي تربطه بالرئيس الصيني. كما أكد أنه يستطيع ثنيه عن شن عملية عسكرية ضد تايوان... بفرض رسوم جمركية بنسبة 150 في المائة على المنتجات الصينية.

وفي كل الأحوال، يطلق فوز ترمب فترة من عدم اليقين في العلاقات الاقتصادية الصينية - الأميركية التي اهتزت بشدة خلال الولاية الأولى (2017 - 2021) للرئيس المنتخب عندما شنّ حرباً تجارية ضد بكين. ويبقى السؤال ما إذا كان الاقتصاد الصيني يستطيع تحمل سيناريو جديد مماثل.

فالصين تعاني؛ إذ إنها مثقلة بتباطؤ الاستهلاك، كما تشهد أزمة حادة في العقارات مع مديونية عدد من المطورين والأسعار التي انخفضت في السنوات الأخيرة. وفي هذا السياق، يجتمع المسؤولون في البرلمان الصيني هذا الأسبوع في بكين، خصوصاً لوضع خطة إنعاش اقتصادي.

ويقدّر محللون أن فوز ترمب قد يدفع القادة الصينيين إلى تعزيز تلك الخطة، خصوصاً من أجل مواجهة الرسوم الجمركية الإضافية المستقبلية التي توعّد ترمب بفرضها.

وإذا نفّذ ترمب وعيده هذا، فإن هذه الرسوم الجمركية الضخمة قد تطول ما قيمته 500 مليار دولار من البضائع الصينية المصدرة إلى الولايات المتحدة، حسب شركة «باين بريدج إنفستمنتس».

وقالت كبيرة الاقتصاديين الصينيين في «يو بي إس إنفستمنت ريسيرش» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نتوقع أن ترد الحكومة الصينية بصورة محدودة وبمزيد من الدعم للسياسات المحلية للاقتصاد لتعويض التأثير السلبي جزئياً».

ومن جهة أخرى، أظهرت بيانات الجمارك يوم الخميس، أن الصادرات الصينية قفزت 12.7 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) على أساس سنوي من حيث القيمة، في حين تراجعت الواردات 2.3 في المائة.

وتوقع خبراء اقتصاد، في استطلاع أجرته «رويترز»، نمو الصادرات 5.2 في المائة، ارتفاعاً من 2.4 في المائة خلال سبتمبر (أيلول). كما توقعوا أن تنكمش الواردات 1.5 في المائة، مقابل نمو 0.3 في المائة في السابق.

والتصدير هو نقطة مضيئة للاقتصاد المتعثر الذي تضرّر بسبب ضعف الطلب المحلي وأزمة ديون سوق العقارات. لكن المحللين متفائلون بأن الحزمة المالية البالغة 1.4 تريليون دولار التي من المتوقع أن يقرّها المسؤولون هذا الأسبوع سوف تعمل على استقرار الميزانيات العمومية للحكومات المحلية ومطوري العقارات وتخفيف الضغوط التي أثرت في الاستهلاك.

كما أظهرت بيانات الجمارك أن الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة بلغ 33.5 مليار دولار في أكتوبر، وهو ما يزيد قليلاً على 33.3 مليار دولار في سبتمبر. وخلال الأشهر العشرة الأولى، بلغ الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة 291.38 مليار دولار.

وفي الأسواق، أغلقت أسهم الصين وهونغ كونغ على ارتفاع يوم الخميس، بدعم من تفاؤل المستثمرين بشأن تدابير التحفيز المحتملة التي تفوّقت على المخاوف بشأن تفاقم التوترات التجارية في ظل رئاسة ترمب الثانية.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية مرتفعاً 3 في المائة، في حين ارتفع مؤشر «شنغهاي» المركب 2.6 في المائة.

وتحوّل تركيز المستثمرين الآن إلى اجتماع «اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب»، الذي يُختتم يوم الجمعة. ومن المرجح أن تساعد أي مفاجأة تحفيزية من الاجتماع في رفع معنويات السوق في أسهم الصين.

وقال استراتيجي السوق العالمية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في «إنفيسكو»، ديفيد تشاو: «أعتقد أنه من المرجح للغاية أن نشهد مزيداً من التحفيز المالي والنقدي من بكين، وهو ما قد يعوّض بعض الرياح المعاكسة للتجارة».