النظام السوري ينسق مع الفصائل الفلسطينية لـ«حل عسكري» في مخيم اليرموك

انشقاقات في صفوف «أكناف بيت المقدس» وانضمام بعض عناصرها لـ«داعش»

مخيم اليرموك في دمشق الذي دمره هجوم «داعش» سبقه حصار سنتين من قبل النظام السوري (إ.ف.ب)
مخيم اليرموك في دمشق الذي دمره هجوم «داعش» سبقه حصار سنتين من قبل النظام السوري (إ.ف.ب)
TT

النظام السوري ينسق مع الفصائل الفلسطينية لـ«حل عسكري» في مخيم اليرموك

مخيم اليرموك في دمشق الذي دمره هجوم «داعش» سبقه حصار سنتين من قبل النظام السوري (إ.ف.ب)
مخيم اليرموك في دمشق الذي دمره هجوم «داعش» سبقه حصار سنتين من قبل النظام السوري (إ.ف.ب)

لا يزال تنظيم «داعش» يبسط سيطرته على القسم الأكبر من مخيم «اليرموك» للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوبي دمشق، الذي اقتحمه مطلع الشهر الحالي، على الرغم من توحد جهود الفصائل الفلسطينية المؤيدة والمعارضة للنظام السوري على حد سواء، لدحر عناصر التنظيم إلى خارجه.
وفي حين أكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، أن «داعش» ما زال يسيطر على 90 في المائة من المخيم، قال أمين سر فصائل «المقاومة الفلسطينية» والأمين العام لـ«جبهة النضال الشعبي الفلسطيني» خالد عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط»، إنه وبعد أسبوع من القتال، نجحت الفصائل المقاتلة في دحر العناصر المتطرفة من كثير من الشوارع والأحياء بوسط المخيم، مما حصر بقعة سيطرة «داعش» في ثلث المخيم، وبالتحديد المنطقة الجنوبية المحاذية لحي الحجر الأسود الذي يُعتبر المركز الرئيسي لـ«داعش».
وقد تولت طوال الأيام الماضية جماعة «أكناف بيت المقدس» المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد، وتضم سوريين وفلسطينيين ينتمي معظمهم لحركة «حماس»، عمليات مواجهة وصد تمدد «داعش» داخل المخيم، فيما أعلن عدد من الفصائل العسكرية في المنطقة الجنوبية، وهي «جيش الإسلام» و«جيش الأبابيل» و«لواء شام الرسول» في وقت سابق، معركة «نصرة أهل المخيم» ضد تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» لفك الحصار عن «كتائب أكناف بيت المقدس» المحاصرة بين شارع لوبيا وحتى خط التماس مع قوات النظام.
وأشار عبد المجيد إلى أن 4 فصائل فلسطينية هي التي تخوض حاليا وبشكل أساسي المواجهات بوجه «داعش» و«جبهة النصرة»، وهي: «الجبهة الشعبية - القيادة العامة، و«حركة فتح الانتفاضة»، و«الصاعقة»، و«جبهة النضال الشعبية»، بالإضافة إلى متطوعين من أبناء المخيم، نافيا نفيا قاطعا أن يكون قد تم استقدام مقاتلين فلسطينيين من خارج سوريا.
وأشار عبد المجيد إلى أن مبعوثا من قيادة «منظمة التحرير»، التقى أخيرا جهات حكومية سوريا وأبلغها بأن «المنظمة تطلب من الحكومة التعاطي مع المخيم كأي بقعة جغرافية سورية، لإنهاء أزمة أكثر من 15 ألف لاجئ فلسطيني محاصرين داخله»، متوقعا في حال بقيت وتيرة المعارك على ما هي عليه، وإذا ما شن النظام عملية عسكرية واسعة منتظرة في منطقة الحجر الأسود، أن يسهل ذلك خروج عناصر «داعش» من «اليرموك».
وقال عبد المجيد إن أعدادا من «أكناف بيت المقدس» انشقوا في الأيام الماضية وانضم بعضهم إلى «داعش»، وهو ما أكده رامي عبد الرحمن، الذي أشار إلى أن الأعداد المنشقة صغيرة. وأضاف عبد الرحمن: «النظام السوري ينسق حاليا مع (أكناف بيت المقدس) والفصائل المقاتلة الأخرى لاستعادة المبادرة، ولكن ذلك مستبعد تماما باعتبار أن الكفة تميل كليا لـ(داعش)».
في هذا الوقت، اعتبر وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر، أن الوضع الراهن في مخيم اليرموك يستدعي «حلا عسكريا فرضه على الحكومة دخول المسلحين إلى المخيم». وأشار حيدر بعد اجتماعه مع عضو اللجنة المركزية في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني في دمشق، إلى أن «الأولوية الآن لإخراج ودحر المسلحين والإرهابيين من المخيم. وفي المعطيات الحالية، لا بد من حل عسكري ليست الدولة هي من تختاره، ولكن من دخل المخيم وكسر كل ما قد توصلنا إليه». وأوضح: «كنا قبل أيام نقول بأن المصالحة على الأبواب، ومن قَلب الطاولة هو من يتحمل المسؤولية. وفي الأيام المقبلة لا بد منه»، في إشارة إلى الحل العسكري.
وقال مجدلاني، من جهته، في المؤتمر الصحافي المشترك: «على ضوء تغير الوضع في مخيم اليرموك، أصبح من الصعب جدا الحديث الآن عن إمكانية حل سياسي في المخيم، على الأقل في المستقبل المنظور».
وأضاف مجدلاني أن «وظيفة المخيم بالنسبة لتنظيم داعش الإرهابي هي محطة ونقطة انطلاق ورأس حربة في استكمال الهجوم وتوسيع رقعة ما يسمى (الدولة الإسلامية) في جنوب دمشق».
ورأى مركز «الزيتونة للدراسات والاستشارات» الذي يُعنى بالملف الفلسطيني في تقرير أصدره، أن تحولات المشهد في مخيم اليرموك، من مشهد سعت فيه القوى الفلسطينية طوال عامين لتحييده قدر الإمكان عن الصراع، إلى إحدى بؤر المواجهة بين المعارضة والنظام، «ستزيد، على الأرجح، من معاناة اللاجئين الفلسطينيين، وقد تعيد خلط الأوراق في المواجهة الدائرة بين المعارضة والنظام في منطقة دمشق».
وأشار المركز، ومقره بيروت، إلى أن سيطرة «داعش» على قرابة 80 في المائة من مساحة المخيم، وبقاء المجموعات الفلسطينية محاصرة من قبل التنظيم جنوبا ومن قبل النظام شمالاً، ستجعل خيارات الانسحاب في ضوء الوضع الميداني، مستبعدة، لتبقى هذه المجموعات أمام تحدي التسوية أو المواجهة الانتحارية مع طرفي الكماشة؛ «داعش» والنظام.



​السواحل اليمنية تواصل ابتلاع المهاجرين من القرن الأفريقي

السواحل اليمنية ابتلعت أكثر من 3 آلاف مهاجر من القرن الأفريقي (إعلام حكومي)
السواحل اليمنية ابتلعت أكثر من 3 آلاف مهاجر من القرن الأفريقي (إعلام حكومي)
TT

​السواحل اليمنية تواصل ابتلاع المهاجرين من القرن الأفريقي

السواحل اليمنية ابتلعت أكثر من 3 آلاف مهاجر من القرن الأفريقي (إعلام حكومي)
السواحل اليمنية ابتلعت أكثر من 3 آلاف مهاجر من القرن الأفريقي (إعلام حكومي)

تواصل السواحل اليمنية ابتلاع المهاجرين من القرن الأفريقي، بعد أن لقي هذا الأسبوع أكثر من 20 شخصاً حتفهم غرقاً بالقرب من مضيق باب المندب، وهو أحدث طرق التهريب إلى اليمن بعد تشديد السلطات الرقابة على الطرق الأساسية في سواحل محافظتي لحج وشبوة.

ومع تسجيل فقدان أكثر من ثلاثة آلاف مهاجر خلال الأعوام الماضية، أكدت المنظمة الدولية للهجرة أن قارباً انقلب في البحر السبت الماضي في مديرية (ذو باب) التابعة لمحافظة تعز اليمنية، ما أدى إلى وفاة 20 مهاجراً إثيوبياً (9 نساء و11 رجلاً).

وكان المركب، بحسب المنظمة الأممية، يحمل على متنه 35 مهاجراً، وقبطاناً يمنياً ومساعده، بعد أن غادر من سواحل جيبوتي وانقلب بالقرب من سواحل منطقة الحجاجة.

وأفاد مسؤولو التنسيق الميدانيون في مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة بأن الناجين هم 15 رجلاً إثيوبياً، إضافة ليمنيين اثنين وهما طاقم القارب، حيث وصلوا إلى الشاطئ بعد الحادث المروع، وقد أظهرت البيانات أن الرياح الموسمية العاتية كانت وراء انقلاب القارب، الذي يُعتَقد أنه غادر جيبوتي.

عشرات الآلاف من المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن في رحلات محفوفة بالمخاطر (إعلام حكومي)

وقال عبد الستار عيسويف، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، إن «هذه المأساة تذكر بالوضع القاتم والظروف المتقلبة التي يتحملها المهاجرون في بحثهم عن الأمان وحياة أفضل. فكل حياة تُفقد هي خسارة كبيرة. ويجب على المجتمع الدولي أن يشد من عزمه من أجل معالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية، وإعطاء الأولوية لحماية المهاجرين وحفظ كرامتهم».

طرق خطرة

على الرغم من الجهود المستمرة لتفكيك شبكات التهريب وتعزيز سلامة المهاجرين، تظل المياه قبالة السواحل اليمنية من بين الأخطر في العالم. ففي عام 2024 فقط، وثقت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر إلى اليمن.

وقالت المنظمة إن من المثير للقلق أنه منذ عام 2014 سجل مشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة 3 آلاف و435 حالة وفاة واختفاء على طول الطريق الشرقي، بما في ذلك ألف و416 شخصاً فقدوا حياتهم غرقاً.

ونبهت المنظمة في بيانها إلى أن الحادثة الأخيرة تسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى تضافر الجهود لمعالجة أوجه الضعف التي يواجهها المهاجرون.

على الرغم من تشديد الإجراءات الأمنية يستمر تدفق المهاجرين إلى اليمن (إعلام حكومي)

ويدفع الصراع، وتغير المناخ، ونقص الفرص الاقتصادية معظم المهاجرين الإثيوبيين إلى السفر عبر اليمن للوصول إلى دول الخليج، ولكن ينتهي بهم الأمر في التعرض للاستغلال والعنف، والظروف المهددة للحياة على طول الطريق.

وتعهدت المنظمة الأممية تقديم الدعم الحاسم للمهاجرين على طول طرق الهجرة الرئيسة في اليمن، بما في ذلك الرعاية الصحية والغذاء والمأوى وخدمات الحماية المتخصصة. ومع ذلك، بينت أن حجم الاحتياجات يتجاوز بكثير الموارد المتاحة. ويعد تعزيز التعاون الدولي، وزيادة التمويل، والالتزام الجماعي بالهجرة الآمنة، أموراً ضرورية لمنع مزيد من المآسي وحماية الأرواح.

ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، كررت المنظمة الدولية للهجرة نداءها للمانحين والشركاء لتعزيز الجهود لحماية المهاجرين الضعفاء، ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية. وقالت إن العمل المتضافر ضروري لضمان عدم اضطرار المهاجرين إلى المخاطرة بحياتهم بحثاً عن الأمان والكرامة.

جهد أمني يمني

كانت الحملة الأمنية المشتركة للقوات الحكومية اليمنية في محافظة لحج قد ضبطت منذ أيام قارباً يحمل على متنه 179 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي، وذلك أثناء محاولتهم دخول البلاد عبر سواحل خور العميرة.

ووفق إعلام الحملة الأمنية، فقد رصدت القوات البحرية التابعة للحملة تحركات مريبة لقارب بالقرب من سواحل خور العميرة، حيث تبين وجود عدد كبير من الأشخاص على متنه. وعلى الفور، قامت القوات بمطاردة القارب وإيقافه، لتكتشف أنه يحمل مهاجرين غير شرعيين من جنسيات مختلفة قادمين من دول القرن الأفريقي، وتم التعامل مع الوضع بحرفية تامة، حيث تم نقل المهاجرين إلى مراكز مخصصة لتقديم المساعدات الإنسانية الأولية لهم، مع اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

وجدّدت قيادة الحملة الأمنية التزامها بمواصلة جهودها في التصدي لعمليات التهريب والهجرة غير الشرعية، وأكدت في بيانها أن هذه العمليات تشكل تهديداً للأمن القومي، وتعرّض حياة المهاجرين للخطر.

وقالت إن مكافحة الهجرة غير الشرعية ليست مجرد مسؤولية أمنية، بل مسؤولية إنسانية وأخلاقية، وإنها ستواصل التصدي بكل حزم لهذه الظاهرة، مع الحرص على احترام حقوق الإنسان، وتوفير المساعدات اللازمة للمهاجرين المضبوطين.

ودعت قيادة الحملة السكان إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة تتعلق بالتهريب أو الهجرة غير الشرعية، وقالت إن التعاون المجتمعي هو أساس الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها. وتعهدت مواصلة تعزيز الرقابة البحرية، وتشديد الإجراءات عند النقاط الحدودية لمنع تكرار مثل هذه المحاولات غير القانونية.