اختبار نشاط أدمغة ديدان تعرضت لروائح اللوز والملح

اختبار نشاط أدمغة ديدان تعرضت لروائح اللوز والملح
TT

اختبار نشاط أدمغة ديدان تعرضت لروائح اللوز والملح

اختبار نشاط أدمغة ديدان تعرضت لروائح اللوز والملح

يمكن لعلماء معهد سالك للدراسات البيولوجية في ولاية كاليفورنيا الأميركية، الآن، النظر إلى نشاط دماغ دودة «ربداء رشيقة» لتحديد المادة الكيميائية التي اشتمتها قبل ثوانٍ قليلة، هل هي كلوريد الصوديوم (الملح) أم بنزالدهيد، التي تعطي رائحة «زيت اللوز»، وهو إنجاز يمكن أن يساعد العلماء على فهم أفضل لكيفية عمل الدماغ البشري.
ولا يمكن للباحثين تتبع نشاط كل خلية من خلايا الدماغ البشري البالغ عددها 86 مليار، ولكن يمكنهم القيام بذلك في دودة «ربداء رشيقة»، التي تحتوي على 302 خلية عصبية فقط، فهي حيوان بسيط يمكن للباحثين مراقبة خلاياه العصبية الفردية أثناء قيامه بأفعال، وهذا المستوى من الدقة غير ممكن حالياً في البشر أو حتى الفئران.
وشرع الفريق البحثي في الدراسة المنشورة أول من أمس بدورية «بلوس كومبيوتشنال بيولوجي»، في معرفة كيفية تفاعل الخلايا العصبية لهذه الديدان مع شم كل مادة من المواد الكيميائية الخمس المختلفة «بنزالدهيد»، و«ثنائي الأسيتيل»، «بنتان - 2 - ول»، «نونانون - 2»، «كلوريد الصوديوم».
وقد أظهرت الدراسات السابقة أنّ بكتيريا «ربداء رشيقة» يمكنها التفريق بين هذه المواد الكيميائية، التي هي بالنسبة للإنسان، تشبه رائحة اللوز، والفيشار بالزبدة، والموز، والجبن، والملح.
وبينما يعرف الباحثون هويات حفنة صغيرة من الخلايا العصبية الحسية التي تستشعر هذه المحفزات بشكل مباشر، كان الفريق البحثي في الدراسة الجديدة، أكثر اهتماماً بكيفية تفاعل بقية الدماغ.
وهندس الباحثون البكتريا بحيث تحتوي كل خلية من الخلايا العصبية البالغ عددها 302 على مستشعر الفلورسنت الذي من شأنه أن يضيء عندما تكون الخلية العصبية نشطة، ثم راقبوا تحت المجهر تعرض 48 دودة مختلفة لدفقات متكررة من المواد الكيميائية الخمس، وفي المتوسط، يتم تنشيط 50 أو 60 خلية عصبية استجابة لكل مادة كيميائية.
ويقول سريكانث تشالاساني، الأستاذ المساعد في معهد سالك، والباحث الرئيس بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد بالتزامن مع نشر الدراسة: «هدفنا النهائي بالطبع، ليس قراءة عقول الديدان، ولكن اكتساب فهم أعمق لكيفية تشفير البشر للمعلومات في الدماغ وما يحدث عندما يكون هناك اضطرابات في المعالجة الحسية والحالات ذات الصلة مثل القلق واضطرابات نقص الانتباه وفرط الحركة واضطرابات طيف التوحد وغيرها».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».