«تحطيب الأشجار» يهدد موسم الزيتون جنوب سوريا

أهالي درعا يستخدمونها للتدفئة

أشجار زيتون مقطوعة في ريف درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
أشجار زيتون مقطوعة في ريف درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
TT
20

«تحطيب الأشجار» يهدد موسم الزيتون جنوب سوريا

أشجار زيتون مقطوعة في ريف درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)
أشجار زيتون مقطوعة في ريف درعا جنوب سوريا (الشرق الأوسط)

بدأ سكان جنوب سوريا في محافظات درعا والسويداء موسم قطاف الزيتون الذي لطالما اشتهرت به هذه المناطق بجودة إنتاجها ونوعية زيتها، واستمرت هذه المناطق في إنتاج الزيتون وزيت الزيتون؛ رغم ما مرت به من صعوبات ومراحل أبعدها كثيراً عن إنتاجها السابق لعام 2011، مع زيادة قطع الأشجار للتدفئة.
ويختلف هذا العام عن الذي سبقه بتراجع ملحوظ وتحسن بطيء وكانت أسباب التراجع والتحسن تبعا للعملية الاقتصادية في البلاد، بحسب ما قاله أبو فضل، مزارع من ريف درعا الغربي، لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً أن كميات محصول الزيتون هذا العام انخفضت عن الأعوام الماضية، وأجور الزراعة والقطاف ارتفعت، إضافة إلى ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية. ويعود انخفاض كميات الإنتاج من الزيتون هذا العام بشكل كبير، بسبب عمليات تحطيب أشجار الزيتون؛ لاستخدامها بديلاً للمواقد المخصصة لإعداد الطعام ولتوفير وسيلة للتدفئة في فصل الشتاء. ونتيجة عجز معظم المزارعين عن تقديم ما تحتاج إليه أشجار الزيتون من حراثة وسقاية وأسمدة، فضلاً عن عدم استطاعة الكثيرين منهم عن رش الأدوية المناسبة لتثبيت الثمار ومكافحة الحشرات، ومعالجة الأمراض التي تصيب أشجار الزيتون. نتيجة لغلاء أسعارها.
وزاد أبو محمد (60 عاماً)، أن موسم الزيتون هذا العام اختلف عن الأعوام السابقة في أمور عدة، منها عدم التزام أصحاب المعاصر بتسعيرة ثابتة، وارتفاع أجر عصر الزيتون، حيث وصلت الأسعار بين 175 ليرة سورية إلى 225 ليرة للكيلو الواحد، بينما كانت في العام الماضي تتراوح بين 45 و65 ليرة سورية، وأجرة الحافلة التي تنقل الزيتون من الحقل إلى المعصرة ارتفعت أضعافاً أيضاً، حيث وصل سعر أجرة نقل المحصول مسافة 30 كلم إلى 75 ألف ليرة سورية؛ ما دفع العائلات إلى تجميع محصولهم ونقله مجتمعين بهدف تحمل تكلفة نقله إلى المعاصر بشكل جماعي، وجاء ذلك نتيجة لارتفاع أسعار المحروقات في السوق السوداء وعدم توفيرها في السوق العادية، سواء البنزين أو المازوت، مشيراً إلى أن هذا الارتفاع سيؤثر هذا العام على سعر صفيحة زيت الزيتون في المنطقة، حيث وصل سعر صفيحة زيت الزيتون في محافظة درعا العام الماضي بين الـ170000 والـ220000 ليرة سورية، بينما سعر كيلو الزيتون الأخضر بين 2000 و3500 ليرة، والأسود بين الـ4000 والـ5000 ليرة سورية. وسوف يزيد سعرها نظراً لارتفاع سعر تكلفة الإنتاج.
وقال أحد المهندسين الزراعين في درعا لـ«الشرق الأوسط»، إن تغير الظروف المناخية أثر بشكل كبير على إنتاج الزيتون هذا العام، و«في هذا العام عانت مناطق جنوب سوريا من موجات حر شديدة في فصل الصيف؛ ما أثر على أشجار الزيتون بشكل مباشر، وظهور الأمراض على الشجرة، وتعرضها للحشرات، وباتت تحتاج إلى عناية ومبيدات وأسمدة خاصة، ونتيجة ارتفاع تكاليف ذلك ابتعد معظم المزارعين والعائلات عن العناية اللازمة بالأشجار، إضافة إلى أننا نشهد جنوب سوريا حالياً تأخراً في قدوم المطر، باعتبار أن عصاره الزيت تبدأ في حبات الزيتون بعد تعرضها لبرد المطر ثم للشمس وهذا عرف تاريخي ولكنه علمي وتأخر المطر هذا العام عن المنطقة، أثر على الإنتاج من الزيتون وعلى خصوبة حبات الزيتون بالزيت، فجميع النسب المئوية للزيتون سوف تشهد ارتفاعاً، أي أن الشخص الذي كان يحصل على صفيحة زيت مقابل 80 ك.غ من الزيتون العام الماضي سوف يحصل عليها هذا العام بما لا يقل عن 100 كلغ».
وأضاف أحد أصحاب معاصر الزيتون في درعا، أن «متطلبات صيانة المحركات الخاصة بالمعصرة ارتفعت أضعاف العام الماضي، وكل معصرة تحتاج إلى صيانة دورية منذ بدء موسم عصر الزيتون حتى ينتهي، كما تضاعفت أجور اليد العاملة، وأسعار المحروقات وقلة المحروقات المقدمة من الحكومة أو عدم كفايتها وشرائها من السوق السوداء بأسعار تصل إلى 4000 ليرة سورية للتر الواحد، وتحتاج المعصرة يومياً في كل ساعة كهرباء إلى 15 لتراً من المازوت لتشغيل المولد الكهربائي؛ ما أثر على المعاصر بشكل سلبي وجعلها تندفع إلى رفع أسعار عصر الزيتون». وأضاف، أنهم (أصحاب المعاصر) «يحاولون إيجاد حالة تخفف من الأعباء على أصحاب الزيتون من خلال تقديم تسهيلات دفع أجرة العصر بشراء كمية من إنتاج الزيت العائد للمزارع بدل من المال أو شراء حب الزيتون».
من طرفه، أفاد علي البالغ من العمر أربعين عاماً، بأن «لموسم قطاف الزيتون طقوسه الخاصة في مختلف مناطق جنوب سوريا، حيث تجمع الأهل والأقارب والجيران، وتجد الجميع استعد منذ ساعات الصباح للنزول إلى الحقل، وكل العائلات في البلدة تبدأ بالأيام ذاتها في قطاف موسمها، والجميع يتشارك في قطاف الزيتون، كباراً وصغاراً، وتتبادل الأحاديث والأكلات والتشجيعات بين الأهل والجيران في الحقل، كأنك في احتفال والكل سعيد رغم التعب تحت ظلال الأشجار».
وأعرب عن أمله في إنتاج جيد من الزيتون للحصول على مونة بيته من مادة زيت الزيتون، ويقول «لا يهمني الكمية، ولكن أتمنى أن أكتفي في توفير احتياجاتي من الزيت حتى الموسم القادم؛ كي لا أضطر إلى شراء الزيت فلا قدرة مادية تساعد على ذلك».
وبحسب إحصائيات حكومية في درعا، فإن المساحة المزروعة بالزيتون في المحافظة تقدر بـ28689 هكتاراً، وقُدرت إنتاج الزيتون في المحافظة هذا العام قد يصل إلى 21 ألف طن من الزيتون، وإنتاج 2500 طن من زيت الزيتون.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.