سرطان الرئة... رصد التركيبة الجينية والمناعية للأورام

تطورات التشخيص والعلاج

سرطان الرئة... رصد التركيبة الجينية والمناعية للأورام
TT

سرطان الرئة... رصد التركيبة الجينية والمناعية للأورام

سرطان الرئة... رصد التركيبة الجينية والمناعية للأورام

سرطان الرئة أورام تتشكل في أنسجة الرئة عادة في الخلايا التي تبطن الممرات الهوائية، ويعتبر السبب الرئيسي للوفاة بالسرطان لدى كل من الرجال والنساء عالميا. وبشكل عام هناك نوعان رئيسيان منه: سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة وسرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة (النوع الأكثر شيوعاً، 80 - 85 في المائة). وينمو كلاهما بشكل مختلف ويتم التعامل مع كل نوع بشكل مختلف أيضاً.
وحديثا، يصنف سرطان الرئة إلى أنواع متعددة بناء على التركيبة الجينية والمناعية لأنسجة الورم، والتي تحدد أفضل الخيارات العلاجية الحديثة.
ولأهمية التوعية بهذا المرض، أقامت شركة فايزر الطبية السعودية المحدودة مؤتمرا صحافيا للتعريف بحجم انتشار هذا السرطان وأهمية الكشف المبكر عنه وتسليط الضوء على آخر المستجدات في طرق علاجه. حضر المؤتمر ملحق «صحتك» وفيما يلي ملخص لأهم ما جاء فيه.

- نظرة عامة
تحدث الدكتور شادي الخياط المدير الطبي لمستشفى جامعة الملك عبد العزيز والأستاذ المشارك في الطب والأورام بالجامعة عن حجم المشكلة وتأثيرها على المجتمع، وأن معدل الوفيات من أورام الرئة يصل إلى 1.6 مليون وفاة سنويا في العالم وهو أكبر من عدد الذين يتوفون من سرطان البروستاتا والثدي والقولون، وأن 70 - 75 في المائة من المرضى يشخصون متأخرين ما يجعل العلاج صعبا ويخفض معدل العيش خمس سنوات لأقل من 16 في المائة.
وفي المملكة العربية السعودية، اتخذت خطوات جيدة بأن جعلت التبليغ عن الأورام إجباريا على كل القطاعات الحكومية والخاصة من أجل الوصول للأعداد المؤكدة للسرطانات في المملكة. وتشير الإحصاءات بأن سرطان الرئة يحتل المرتبة الخامسة من السرطانات في المملكة بين الرجال وهو شائع أيضاً بين النساء. في عام 2020 سجلت بالمملكة 34000 حالة سرطان، منها 1150 حالة سرطان رئة، توفي منهم حوالي 1000 (نسبة الوفاة عالية جدا) بسبب تشخيص أكثر من 75 في المائة منهم بالمرحلة الرابعة المتأخرة مما يؤثر على نسبة الشفاء.
وبالنسبة للنجاة والحياة (survival rate) للمصاب بسرطان الرئة، فإنها تختلف بحسب مرحلة المرض. وهناك تحسن كبير مع توفر الأدوية الحديثة، فمعدل الحياة لمدة خمس سنوات لمرضى المرحلة الأولى المبكرة قد يصل إلى 90 - 95 في المائة عندما يتم الكشف مبكرا جدا وبتناول العلاج المناسب في الوقت المناسب، وفي المرحلة الثانية قد يصل إلى 70 - 75 في المائة، وفي المرحلة الثالثة قد يصل إلى 35 في المائة، أما في المرحلة المتأخرة (والمصابون يشكلون 75 في المائة من مرضى سرطان الرئة) فتنخفض إلى حوالي 12 في المائة فقط (5 - 15 في المائة في أحسن الأحوال).
وتحدث الدكتور هاني الهاشمي مدير الإدارة الطبية في شركة فايزر السعودية المحدودة عن أهمية ودور المساهمة في دعم الأبحاث الطبية وكل ما يساعد في نشر الثقافة والوعي والمعلومة الصحيحة بين أفراد المجتمع إضافة إلى تحديد ومعرفة مسببات الأمراض داخل المملكة، بشكل خاص. هناك أبحاث تم دعمها في المملكة لأمراض السرطان بشكل عام وسرطان الرئة بشكل خاص كما تم دعم مجموعة من الدراسات والأوراق البحثية لعدد من الباحثين في الجامعات ومراكز الأبحاث ومراكز الأورام في السعودية، مماثل لما تم في مجال البحث العلمي في أي دولة متقدمة أخرى، وقد تم نشرها في المدونات الطبية العالمية. ومن جانب آخر، فهناك تعاون كبير ودعم لبرامج الإقلاع عن التدخين في المراكز والعيادات المخصصة لمكافحة التدخين من خلال شراكات كثيرة مع وزارة الصحة وكذلك الجمعيات المهتمة بمكافحة التدخين.


- تطورات التشخيص
• أولا: أهمية الكشف المبكر. يقول الدكتور أحمد الرفاعي استشاري الأورام في المركز الطبي الدولي بجدة - إن أورام الرئة ليس لها أعراض مبكرة، وإنما تكتشف عادة بطريق الصدفة عندما تعمل أشعة للصدر لأي سبب آخر مثل التحضير لعمل جراحي، فتكتشف الكتلة، ويتم طلب الأشعة المقطعية، الأشعة النووية المتخصصة، الفحص بالرنين المغناطيسي، ثم أخذ عينة لعمل الخزعة إما عن طريق المنظار أو بالأشعة المقطعية التداخلية، وبذلك يتم اكتشاف المرض.
في التسعينات، كان الكشف عن الخلايا الموجودة داخل الجسم يتم من الإفرازات الرئوية وعمل أشعة الصدر، ولكنها لم تكن تجدي بطريقة كبيرة في الكشف المبكر، أمام معدلات الوفاة العالية جدا.
الحل هو الكشف المبكر، وهناك أكثر من دراسة أثبتت أن عمل الفحص المبكر سوف يساهم في خفض الوفيات، ولذا تم إقرارها من المنظمات العالمية. والبداية بعمل أشعة الصدر لتوضيح أي تغيرات في أنسجة الرئة ثم أخذ عينة من الأنسجة ومن ثم يتم إجراء الجراحة المناسبة. ووجد أن نسبة التشخيص ارتفعت لحد ما والعمليات الجراحية ازدادت ولكنها لم تساعد في خفض نسبة الوفيات بلغت.
والأشعة المقطعية منخفضة الإشعاع (low dose CT scan)، تقنية جديدة، لها مزايا مهمة أولها الجرعة الصغيرة جدا من الإشعاع (بجهد أقل من 120 كيلو فولت) وثانيها أنها لا تحتاج لإعطاء المريض صبغة وثالثها أن نتائجها جيدة وهي سهلة وبسيطة وآمنة والأهم أنها أدت لخفض معدلات الوفيات. ويتم عمل هذه الأشعة كل ثلاث سنوات للكشف عن الأورام، وفقاً لأول دراسة (International Screen Trial)، وتم لأول مرة خفض معدل الوفيات إلى 20 في المائة.
تلا ذلك الدراسة التأكيدية (Nelson Trial) التي أظهرت أن معدل الوفيات عند من لديهم عوامل خطورة عالية (التدخين لأكثر من عشرين سنة) وهم فوق سن 55 سنة وصل إلى 24 في المائة وهي نسبة تعتبر رائعة. وهناك دراسة ثالثة وجد فيها أن المعدل وصل إلى 39 في المائة.ووضعت مجموعة من الضوابط لتقنين عمل هذا الفحص المبكر منها: وجود تاريخ مرضي في الأسرة، مستوى تعليم المريض، مدى التحوصل في الرئة، الإصابة السابقة بالأورام، حجم الكتلة الموجودة في الرئة ومعدل زيادته ومضاعفاته.
ونظرا لأن عدد الحالات في المملكة مقارنة بالدول الأخرى ما زال يعتبر قليلا وغير كاف لإقرار مثل هذا الإجراء، فقد اتخذت إجراءات بديلة لتقليل نسبة الإصابة والوفيات من سرطان الرئة منها: منع التدخين في الأماكن العامة، ضرائب مرتفعة على منتجات التبغ، برامج مكافحة التدخين وعيادات للإقلاع عن التدخين، توفير أحدث وسائل التشخيص والعلاج للمصابين.
• ثانيا: تقنية حديثة لتحديد التركيبة الجينية والمناعية للورم. تحدث الدكتور عبد الله الطويرقي رئيس قسم الأورام في مركز الأورام الشامل بمدينة الملك فهد الطبية بالرياض مشيرا إلى أن هناك تطورا ملحوظا في مجال تشخيص الأورام وعلاجها مبنيا على معرفة التركيبة الجينية والمناعية وما هو نوع الخلل الجيني أو الطفرة الجينية الموجودة في المرض. فلم نعد نكتفي بتقسيم الورم حسب نوعية الخلايا والأنسجة (بالفحص المجهري) إلى أورام صغيرة الخلايا وأورام غير صغيرة الخلايا، وإنما أصبح التوجه، خلال الخمس سنوات الأخيرة، إلى تحديد التركيبة الجينية والمناعية للورم. وعلى أساس ذلك يتم تحديد الطريقة العلاجية المناسبة لكل مريض ومدى احتياجه لما يسمى بالعلاج الموجه أو المناعي
.
- تطورات العلاج
يقول الدكتور شادي الخياط إن طريقة العلاج تعتمد على مرحلة المرض، فكلما كان الاكتشاف مبكرا يكون العلاج أكثر فعالية والعكس عندما يأتي المريض في مراحل متأخرة من المرض.
عموما، نحن نطبق خطة العلاج الطبي المبني على البراهين معتمدين على التحاليل والتجارب المعملية ونتائج التجارب السريرية التي تم تطبيقها على أعداد كبيرة من المرضى وتمت دراسة الجدوى منها في المراحل المبكرة لسرطان الرئة، كالتالي:
• في المرحلتين الأولى والثانية: (الورم في الرئة فقط) يستهدف العلاج محاولة استئصال الورم بالتدخل الجراحي، وفي بعض الحالات يتم إضافة العلاج الكيميائي أو الإشعاعي لتعزيز نسبة الشفاء النهائي.
• في المرحلة الثالثة: (انتقال الورم خارج الرئة مثل الغدد اللمفاوية في منتصف الصدر) يجرى العلاج الكيميائي مع العلاج الإشعاعي، وحديثا، في السنوات الأخيرة، يتم إضافة بعض المركبات التي تعزز الجهاز المناعي وترفع نسبة الشفاء.
• في المرحلة الرابعة: (انتشار خلايا الورم خارج الرئة) وتسمى خلايا مهاجرة أو ثنائيات (Metastases) في الكبد أو العظام وأحيانا الدماغ، وتضم أكبر شريحة من المرضى. والعلاج هنا لا يستهدف الشفاء النهائي وإنما التحكم في الورم وتحويله من مرض قاتل إلى مرض مزمن يستطيع المريض معه أن يتعايش لفترة أطول مع تحسين نوعية وجودة الحياة. وقد أثبتت الدراسات، على مرضى هذه المرحلة، أن الذين أخذوا العلاج وتحديدا العلاج «المناعي والموجه» زادت نسبة النجاة والحياة عندهم وعاشوا فترة أطول من الذين لم يأخذوه، وأمكن التحكم في تطور الورم، والتحكم في الأعراض ومنع الألم وكتمة النفس والسعال المزعج للمريض، وأخيرا (وهي الإضافة الجديدة) تحسين نوعية حياة المريض.
وأضاف الدكتور عبد الله الطويرقي أن اختيار العلاج الأفضل من بين الخيارات المتعددة (الخيار الجراحي، الإشعاعي، الكيميائي، العلاج الموجه أو البيولوجي، والعلاج المناعي) يعتمد على عوامل محددة ومهمة أهمها:
- الوضع الصحي العام للمريض ومدى تقبله وتحمله للعلاج.
- مرحلة المرض، وتحديدها من بين المراحل الأربعة.
- وحديثا، معرفة تركيبة الورم الجينية والمناعية لتحديد الأدوية المناسبة الأكثر فعالية وأقل ضررا بالأنسجة السليمة وأجهزة الجسم الأخرى مثل العلاج المناعي والبيولوجي الموجه الذي يقوي المناعة الذاتية والاستغناء عن العلاج الكيميائي وآثاره الجانبية المزعجة.

- سرطان الرئة وكورونا
* نسبة الإصابة. أوضح الدكتور أحمد رفاعي أن مرضى أورام الرئتين ليسوا في خطر أعلى للإصابة بكورونا، ولكن إذا تمت الإصابة ارتفعت مخاطر المضاعفات بنسبة تصل إلى 65 في المائة واحتمالات الوفاة لحوالي 20 في المائة خصوصاً أن أكثر هؤلاء المرضى يكون لديهم أمراض أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وتحوصل الرئة بالإضافة إلى أنهم غالبا ما يكونون متقدمين في العمر.
• لقاح كورونا. أظهرت الدراسات الحديثة مؤخراً أن مرضى الأورام يحتاجون فترة أطول لبناء الكثافة المناعية بعد أخذ الجرعة الأولى من اللقاح قد تصل إلى شهرين لتصل فيها المناعة 35 في المائة. وبعد أخذ الجرعة الثانية من التطعيم فإن مستوى الأجسام المضادة تكاد تصل إلى 85 في المائة وهي نسبة قريبة من الأشخاص الأصحاء، هذا يؤكد أهمية وجدوى إعطاء الجرعة التنشيطية التعزيزية من التطعيم لتصل نسبة النجاح إلى حوالي 93 في المائة بغض النظر عن مرحلة المرض وبغض النظر عن نوع العلاج.
• الآثار الجانبية وتبعات كورونا على مرضى سرطان الرئة. من الصعب تحديدها الآن فالوقت لا يزال قصيرا جدا بين ظهور الجائحة ودراسة آثارها الجانبية طويلة الأمد، والسرطان عموما ليس مرضاً حادا يصاب به الإنسان عندما يصاب بكورونا ولكن العلاقة بينهما ستظهر بعد مدة طويلة من الزمن. وسوف توضح الدراسات في المستقبل ما إذا كان الفيروس سيعمل تحوير في الحمض النووي أم لا؟ وهل مرضى سرطان الرئة معرضون للإصابة بكورونا أكثر من غيرهم؟ نعم قد يحصل ذلك بسبب تواجدهم بالقرب من مصادر العدوى وترددهم على المستشفيات أكثر من غيرهم، وبالتالي فإن نسبة الخطورة من العدوى والمضاعفات تكون عالية خصوصاً أن متوسط أعمار هؤلاء المرضى بين 60 - 66 سنة ولدى معظمهم أمراض مزمنة ونتوقع أن تكون مناعتهم أقل من غيرهم.
- الوقاية
يقول الدكتور شادي الخياط أن ليس هناك طرق معينة للوقاية أكثر من أن نستوعب الحقائق التالية:
- الابتعاد عن التدخين والتدخين السلبي، فالمسبب الرئيسي (85 في المائة) لسرطان الرئة هو «التدخين». طبعا، هناك مسببات ثانوية أخرى ولكنها بنسب ضئيلة مثل التعرض للاسبستوس ولبعض الغازات الكيميائية.
- على المدخنين الإقلاع فورا عن التدخين والاستفادة من برامج وزارة الصحة وعيادات مكافحة التدخين المنتشرة في كل مدن المملكة.
- لقد سجلت نتائج إيجابية طيبة لقانون فرض زيادة في سعر السجائر بالمملكة والحد من نسبة الإصابة بسرطان الرئة.
- السجائر الإلكترونية، هي توجه جديد يعتقد الناس أنهم يتجنبون التدخين باستعمالها، وقد أثبتت الدراسات أن احتراق النيكوتين في السجائر الإلكترونية، أيضاً، يصدر مواد كربونية مسرطنة أي تسبب سرطان الرئة، وبتحليل الدخان الخارج من السجائر الإلكترونية وجد أنه يحتوي على كثير من المواد المتشابهة لمحتوى السجائر العادية، ولخطورتها فإنها تحمل نفس التحذير الذي تحمله السجائر العادية من أنها «مسبب رئيس لسرطان الرئة».
- أخيرا، ننفي الشائعة حول علاقة أمراض الرئة وتحولها إلى سرطان خبيث، مثل وجود توسع في الشعب الهوائية والتهابات مزمنة في الرئة أو وجود ربو وحساسية في الرئة، فقد أثبتت الدراسات جميعها عدم وجود أي صلة بينهما وحتى الأورام الحميدة فإنها لا تتحول إلى سرطانية خبيثة بالرئة.

• استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».