دعوات تونسية لفتح ملف «اغتيالات سياسية» ارتكبت إبان حكم «النهضة»

سعيد قال إنه يعكف على وضع جدول زمني لإصلاح النظام السياسي

رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن (أ.ف.ب)
رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن (أ.ف.ب)
TT

دعوات تونسية لفتح ملف «اغتيالات سياسية» ارتكبت إبان حكم «النهضة»

رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن (أ.ف.ب)
رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن (أ.ف.ب)

طالب فوزي الشرفي، رئيس حزب المسار الديمقراطي (يساري)، رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد بفتح كل ملفات الفساد وملف الاغتيالات السياسية التي شهدتها البلاد، معتبراً أن مراجعة الحكم القضائي الذي صدر في قضية القيادي في حزب «النداء»، لطفي نقض، «يُعدّ خطوة إيجابية نحو تعافي القضاء»، على حد تعبيره.
وشدد الشرفي على ضرورة فتح الملفات الكبرى، المرتبطة بالفساد والتهريب والاحتكار، وتبييض الأموال وملفات الإرهاب، وفي مقدمتها قضية الاغتيالات السياسية، التي وقعت سنة 2013 إبان حكم حركة النهضة، التي كان ضحيتها القيادي اليساري شكري بلعيد، والنائب البرلماني محمد البراهمي، بعد أن أعاد القضاء فتح ملف مقتل القيادي بحزب «النداء» لطفي نقض، وتغيير الحكم من البراءة إلى السجن لمدة 15 سنة.
في السياق ذاته، دعا الشرفي أيضاً إلى فتح ملف شبكات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، كسوريا والعراق، وملف جهاز الأمن السري المنسوب لحركة «النهضة»، والمال السياسي المشبوه، إضافة إلى الجمعيات المتورطة في تمويل التطرف والإرهاب.
وكانت هدى نقض، أرملة الفقيد الذي قُتِل سنة 2012، قد صرحت بأن الحكم الذي قضى بسجن أربعة متهمين لمدة 15 سنة، هو بمثابة رد اعتبار لعائلتها، مبرزة أن جسد الفقيد، الذي اتهمت قيادات محلية من حركة «النهضة» بالمسؤولية عن مقتله، كان يحمل آثار عنف، وأن موته لم يكن طبيعياً، على حد تعبيرها، كما اتهمت هدى نقض حركة «النهضة» بتسليط ضغوط كثيرة لكي يكون الحكم ببراءة المتهمين.
يُذكَر أن محكمة الاستئناف بمدينة سوسة (وسط شرق) أدانت أربعة متهمين؛ اثنان منهم من أجل القتل العمد، وسجنهما لمدة 15 سنة، كما أدانت اثنين آخرين بالمشاركة في القتل العمد، وحكمت عليهما بالسجن لمدة 15 عاماً أيضاً. وكانت المحكمة الابتدائية بمدينة سوسة قد قضت سنة 2016 ببراءة المتهمين، وهو ما خلف جدلاً سياسياً واسعاً حول تدخل جهات للتأثير على المحكمة من أجل إدانة المتهمين، على الرغم من تبرئتهما في السابق.
على صعيد آخر، كشف راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان المعلقة أنشطته، معلومات مهمة عن عدة شخصيات سياسية وازنة، أبرزهم الباجي قائد السبسي، وهشام المشيشي رئيس الحكومة المدعومة من حركة النهضة. علاوة على الرئيس الحالي قيس سعيد، ورئيس الحكومة التونسية السابق إلياس الفخفاخ.
وقال الغنوشي في مقال نشره أمس بصحيفة «الرأي العام» الأسبوعية إن ما حدث في 25 من يوليو (تموز) الماضي من «قرارات استثنائية» للرئيس سعيد، عبر عن إرادة شعبية صادقة متعطشة للتغيير، بعد أن ضاقت ذرعاً بالحكومة وحزامها السياسي والبرلماني، لكنه عبر في المقابل عن خشيته من أن تكون هذه القرارات «بداية حكم عسكري مقنع»، على حد تعبيره.
وفي معرض حديثه عن الرئيس الراحل الباحي قايد السبسي، أشار الغنوشي إلى أنه «يُعدّ أحد رموز النظام القديم المخضرمين، الذي قاد تونس إلى أوّل انتخابات نزيهة في تاريخها»، مؤكداً أنه «كان يتوق إلى أن يُكافأ بمنحه رئاسة الجمهورية»، وأنه أسس حزب «النداء»، لكي يثأر من إقصائه ومنعه من الوصول إلى قصر قرطاج.
وبشأن التحالفات السياسية، التي أبرمها بعد انتخابات سنة 2014 مع رؤساء الحكومات المتعاقبة، قال الغنوشي إن التحالف مع الشاهد «كان غير موفق»، كما أن اختيار الحبيب الجملي مرشحاً لرئاسة الحكومة بعد انتخابات 2009 كان غير موفق أيضاً، حسب تعبيره، معتبراً أن الرئيس الحالي سعيد «استغل هذه الفرصة ليقترح إلياس الفخفاخ على رأس الحكومة، رغم أنه كان الشخصية الأقل شعبية».
وكشف الغنوشي عن تحيّز الفخفاخ الواضح لحزبي الرئيس (حركة الشعب والتيار الديمقراطي)، مؤكد أنه «كان مغروراً، ولا يتردد في التصريح بعدم مبالاته بقيادات حركة (النهضة)»، على الرغم من أنهم كانوا أقوى حلفائه.
وبخصوص حكومة المشيشي وعلاقتها بمؤسسة الرئاسة، والخلاف السياسي بين رأسي السلطة التفيذية، كشف الغنوشي عن الاختلاف الذي حدث بسرعة بين رئيس الجمهورية وهشام المشيشي، الذي كان مقرباً منه، ولذلك قرر الإطاحة به قبل عرض الحكومة على البرلمان.
وأقر الغنوشي باعتماد الرئيس على قيادات حركة النهضة قائلاً: «لقد استعان بنا، لكننا رفضنا المغامرة، وفضلنا دعم مَن رشحه ثم تخلى عنه، وأخطأنا بعدم مجاراة الرئيس في رغبته بإسقاط حكومة المشيشي».
في سياق ذلك، قال الرئيس قيس سعيد أمس إنه يعمل على وضع جدول زمني لإصلاح النظام السياسي، في محاولة فيما يبدو لتهدئة المعارضة المتنامية في الداخل والخارج، منذ استئثاره بأغلب السلطة قبل أربعة أشهر. لكنه لم يعلن أي موعد محدد لذلك، رغم أنه يواجه ضغوطًا قوية لإعلان خارطة طريق واضحة، وإنهاء الإجراءات الاستثنائية،والعودة إلى المسار الديمقراطي.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».