احتفاء بتنوع تصميم الأزياء المصرية عبر العصور

بدءاً من زمن الدولة القديمة وحتى القرن العشرين

TT

احتفاء بتنوع تصميم الأزياء المصرية عبر العصور

أثار تاريخ الأزياء المصرية على مر العصور، بداية من عصر الدولة القديمة، وحتى القرن العشرين، اهتمام الكثير من الباحثين وعلماء المصريات لتنوعها وتطورها واختلافها خلال القرون الماضية.
ولتسليط الضوء على هذا العالم المفعم بالتشويق والألوان المميزة، الذي يمتد لنحو 7 آلاف عام، أصدرت مجلة «راوي» المصرية (دورية سنوية) عدداً جديداً عن الأزياء المصرية، استعانت فيه بخبراء الآثار والملابس القديمة من مصر وكبرى جامعات العالم، مقدمة إياه في تسلسل زمني وتاريخي مشوق.
و«راوي لنشر التاريخ والتراث والفنون المصرية» منصة بحث ونشر، تنشر في كل عام دورية موسوعية باللغتين العربية والإنجليزية حول أحد الموضوعات المختارة من التاريخ المصري.
وقد شهد وزير السياحة والآثار المصري، الدكتور خالد العناني، وبرفقة عدد كبير من سفراء دول العالم في مصر، إطلاق العدد الجديد عن تاريخ الأزياء المصرية، مساء أول من أمس، في احتفالية نظمتها المجلة بمكتبة القاهرة الكبرى في الزمالك.
العدد الجديد من المجلة يقدم خطاً زمنياً كاملاً للأزياء المصرية منذ عصر الدولة القديمة وحتى القرن العشرين، متتبعاً طراز الملابس واختلاف تصميماتها عبر العصور، هذا بالإضافة إلى عرض تفاصيل الموضات القديمة والثقافات والمؤثرات المختلفة.
وللاقتراب أكثر من تصميمات الملابس القديمة، عرض نموذج ثلاثي الأبعاد لأزياء امرأتين تنتمي إحداهما للدولة الحديثة والأخرى لأوائل العصور الوسطى في القرن التاسع الميلادي.
ووفق ياسمين الضرغامي، رئيسة تحرير مجلة «راوي»، فإنها كانت مهتمة بالكشف عن تفاصيل تاريخ الأزياء المصرية منذ سنوات طويلة، حتى قررت إصدار عدد موسوعي أو مرجعي عن هذا الموضوع على غرار ما قدمته خلال الأعوام العشرة الماضية، مثل تاريخ المطبخ المصري، وتاريخ السينما المصرية، وتاريخ الفن التشكيلي المصري الحديث.
وتقول الضرغامي لـ«الشرق الأوسط»: «لتغطية جميع الأزمنة والعصور التاريخية الماضية استعنا بخبراء واختصاصيين آثاريين مخضرمين من جامعات مصرية وجامعات أجنبية مثل كوبنهاجن وليدن، وخبراء من متحف جورج واشنطن ليكون العدد بمثابة مرجع شامل عن تاريخ الأزياء المصرية»، مشيرة إلى أن «المعابد والمتاحف المصرية غنية بالتعريف بشكل الملابس الفرعونية وتصميماتها الشهيرة التي تتسم بالبساطة مع الاهتمام بالحلي، وهو ما يستهويني بشكل شخصي». ولفتت إلى أن كل عصر له طابع مميز، فبينما اتسم زمن الفراعنة بالبساطة، فإن العصر المملوكي شهد ازدهار صناعة الحرير التي كانت تصدر إلى أوروبا لدرجة أنه نافس الحرير الصيني في وقت من الأوقات.
وتشير الضرغامي إلى أن إصدار هذا العدد يعد المرحلة الأولى من مشروع تاريخ الأزياء المصرية، حيث تتضمن المرحلة التالية سلسلة من المعارض وورش العمل والمحاضرات، وتابعت أن هذا العدد بمثابة مرجع ليس فقط للهواة والمهتمين، ولكن أيضاً للعاملين في المهن الإبداعية، والباحثين في تاريخ الأزياء في مصر.
ورغم أن الفرعون الذهبي توت عنخ آمون كان ملكاً قليل الأهمية، واتسمت فترة حكمه بالاضطرابات، وتوفي شاباً، فإن مقبرته ضمت ثروات لا مثيل لها بالنظر إلى المنسوجات والملابس شديدة الفخامة التي خلفها وراءه، لذلك لا يسعنا سوى أن نحلق بخيالنا لنتصور ما كانت عليه خزانات الملابس الباذخة للملوك الأهم، بحسب ما تؤكده جيليان ايستوود، مديرة مركز أبحاث النسيج في مدينة ليدن بهولندا وعالمة النسيج الأثري في مصر، في مقالها بمجلة «راوي».
واستعرضت المجلة في هذا العدد ما تتميز به الأزياء اليومية المتنوعة في عصر المماليك بكل تفاصيلها المعقدة والمستفيضة وألوانها الزاهية من الأقطان بالغة الرقة إلى الكتان الفاخر والبروكار الثقيل، إذ تربعت الأقمشة المملوكية على عرش المنسوجات في جميع أنحاء المنطقة حينذاك.
ومن بين جميع الأقمشة الفاخرة التي أنتجتها مصر في العصر المملوكي، كان الحرير هو الأكثر شهرة وطلباً عبر العالم في القرون الوسطى.
فيما تشير المنحوتات العاجية الرائعة والمنسوجات الفخمة المطرزة بدقة بخيوط الذهب إلى كل ما تركه الفاطميون وراءهم من عناصر البذخ والوفرة على نطاق واسع. كما تطرقت المجلة إلى أواخر العصر الروماني وأوائل العصر البيزنطي، عندما أضحت الملابس وسيلة للتعبير عن الذات، حيث دمجت كل شيء من التمثيل الديني إلى الألوان الزاهية والتطريز المنمق وحتى التمائم المستخدمة للحماية واستجلاب الحظ السعيد.
وعكست الملابس مواكبة العصر الحديث في مصر في أوائل القرن العشرين، وغالباً ما زاحمت الثياب العصرية نظيرتها التقليدية في كل من المناطق الحضرية والريفية.
سلّطت المجلة أيضاً الضوء على تكريس شهيرة محرز حياتها للحفاظ على تاريخ الأزياء المصرية، حيث تأخذنا المجلة هنا في جولة حول مجموعتها التي لا مثيل لها من الأزياء الإقليمية.


مقالات ذات صلة

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

على الرغم من تعقيد الآلات المستعملة لصنعه، فإن نسيجه يستحق العناء، ويتحول إلى قماش ناعم جداً بمجرّد تحويله إلى سروال جينز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.