ميقاتي يدعو وزراءه للعودة إلى الاجتماع و«عدم إضاعة الوقت»

رفض ربطها بتحقيقات انفجار المرفأ

TT

ميقاتي يدعو وزراءه للعودة إلى الاجتماع و«عدم إضاعة الوقت»

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي جميع الأطراف المشاركة في حكومته إلى «التعاون» لإعادة عجلة العمل الحكومي إلى الدوران الكامل بعد نحو شهر من توقف اجتماعات الحكومة على خلفية مطالبة «حزب الله» و«حركة أمل» بتنحية المحقق العدلي في تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار كشرط لاستئناف جلساتها، نافياً المعلومات التي تشير إلى أن عودة انعقاد جلسات الحكومة مرتبطة بما ستؤول إليه التحقيقات في انفجار المرفأ.
وفي بيان له قال ميقاتي: «يتم التداول بأخبار مفادها التحضير لحلول للأزمة السياسية على قاعدة المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار مقابل مجلس الوزراء. إن رئيس الحكومة ينفي هذه الأخبار جملة وتفصيلاً، ويؤكد أن خريطة الحل التي وضعها منذ اليوم الأول هي الأساس وخلاصتها، أن لا تدخل سياسياً على الإطلاق في عمل القضاء، ولا رابط بين استئناف جلسات مجلس الوزراء وملف التحقيق القضائي في انفجار مرفأ بيروت، فاقتضى التوضيح».
وفي الإطار نفسه وفي كلمة له خلال اجتماع موسع للبحث في استكمال «خطة الإصلاح والنهوض وإعادة الأعمار» التي أطلقها البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد انفجار مرفأ بيروت، دعا ميقاتي «جميع الأطراف المشاركة في الحكومة، إلى التعاون لإعادة عجلة العمل الحكومي إلى الدوران الكامل وفق خريطة الطريق التي حددها منذ اليوم الأول وصون علاقات لبنان مع دول العالم لا سيما الأشقاء في دول الخليج». وحضر الاجتماع الوزراء وعدد من السفراء وممثلة البنك الدولي في لبنان منى فوزي والممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي وسفير الاتحاد الأوروبي رالف طراف الذين شددوا بدورهم على استقلالية القضاء وضرورة التوصل إلى تحقيق مستقل وشفاف في قضية انفجار المرفأ.
وقال ميقاتي في كلمته: «كفانا إضاعة للوقت وللفرص ولنتعاون جميعاً في ورشة عمل نمضي فيها في حل ما أمكن من مشكلات لها علاقة بأولويات اللبنانيين الموجوعين، ووضع سائر الملفات المرتبطة بالمعالجات المتوسطة والطويلة الأمد على سكة النقاش مع الهيئات الدولية المعنية».
وأكد أنه «في موازاة العمل على بلسمة جراح بيروت التي أصابها الانفجار المدمر في الرابع من أغسطس (آب) 2020، فإن الأولوية تبقى لجلاء ملابسات هذه الجريمة الفظيعة وكشف تفاصيلها والضالعين فيها، وبلسمة جراح المفجوعين. وجدد دعوته «الجميع إلى إبعاد هذا الملف عن السياسة وحصره في إطاره القضائي الصرف واعتماد الأصول الدستورية في معالجته»، مشدداً على أن «القضاء هو الملجأ لنا جميعاً ومن واجبنا حمايته وصونه، وبهذا نكون أيضاً قد وجهنا رسالة إلى كل أصدقاء لبنان والمجتمع الدولي، بأننا دولة تحسن صيانة القضاء وحمايته لإحقاق الحق والعدالة».
وألقت رشدي كلمة اعتبرت فيها أن «مبادرة إعادة الإعمار والتعافي والإصلاح تمثل دعمنا لتعافي لبنان، وهذه المبادرة تم تطويرها بشكل مشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي استجابة لانفجار مرفأ بيروت».
وفيما رحبت بتشكيل الحكومة الجديدة وبيانها الوزاري «المتماشي مع أولويات هذه المبادرة»، جددت دعوتها إلى ترجمة التزامات الحكومة لناحية خطط واعدة وإجراءات وأنشطة ملموسة وإنجازات تشتد الحاجة إليها في هذا البلد. وأكدت «نحن بحاجة إلى استجابة وطنية تلبي الاحتياجات الطارئة للفقراء والأكثر هشاشة، ولا بد أن يكرس ذلك من خلال استجابة طارئة قائمة تمول من المجتمع الدولي فيما يعبد الطريق نحو التعافي الاقتصادي المستدام، وتحسين سبل المعيشة للسكان المتأثرين وتحسين العدالة الاجتماعية للجميع بمن في ذلك النساء».
وأضافت قائلة: «إن ضمان التعافي المستند يفترض إقرار استراتيجية الحماية الاجتماعية المستدامة التي تدمج كل المجموعات»، ودعت ميقاتي «إلى التحرك بسرعة من أجل عرض مسودة الاستراتيجية التي أنجزت أخيراً وتشمل توسيع نطاق تقديم المساعدة الاجتماعية على شكل تحويلات نقدية إضافة إلى تقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية ذات الجودة العالية».
وأوضحت «ركزنا خلال الاجتماعات على الإصلاحات ذات الأولوية التي أدرجت ضمن هذه المبادرة، ولا يمكنني إلا أن أشدد على التحرك من أجل اعتماد هذه الإصلاحات في أقرب وقت ممكن لأنها تسهم في إعادة ثقة اللبنانيين بالدولة، وهذا سيضاف من سجل حكومتكم، بما أننا على بعد أشهر قليلة من الانتخابات البلدية والنيابية والرئاسية وهذا ما نأمله».
وتطرقت إلى التحقيق في انفجار المرفأ مشددة على «الحاجة الطارئة لتحقيق مستقل وشفاف وذي صدقية في أسباب انفجار المرفأ»، متمنية «الاستمرار في التحقيقات من دون أي تدخل سياسي»، معتبرة أن «الثقة بالدولة قد تآكلت وهناك حاجة إلى عقد اجتماعي جديد نظراً لأهميته البالغة، ومن شأن هذا العقد أن يعيد الثقة بالدولة ويضع حداً لدوامة الفساد».
وألقى سفير الاتحاد الأوروبي رالف طراف عبر تقنية الفيديو كلمة اعتبر فيها أن «اجتماع المبادرة الاستشارية لمجموعة الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار» تجمع صناع القرار اللبنانيين والجهات المانحة الدولية والمجتمع المدني، وتقوم على عملية تشاورية»، شاكراً الرئيس ميقاتي على انخراطه شخصياً في هذه العملية مؤكداً أن «المبادرة تبدأ بالإصلاحات».
وقال: «فيما يتعلق بالإصلاحات الكلية والمالية نواصل تشجيعنا الحكومة اللبنانية على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، ونعرف أن الحكومة تعمل لتحقيق ذلك، ونحن كمانحين نعمل لمواصلة هذه العملية ودعمها. إن المفاوضات التي ستتوج باتفاق مع صندوق النقد الدولي ونحتاج إلى إطار وجدول زمني من أجل تقديم الدعم للحكومة اللبنانية في كل القرارات التي تتخذها لمواجهة التحديات الاقتصادية».
ودعا البرلمان إلى «سن قانون استقلالية القضاء ونطالب بتحقيق مستقل في قضية مرفأ بيروت، ويجب أن نسمح للقضاء بمواصلة عمله من دون تدخل سياسي ونشجع الحكومة على تزويد لجنة مكافحة الفساد بالموظفين اللازمين. ونكرر توقعاتنا بأن تعقد الانتخابات المتوقعة للعام المقبل وفقاً للمهل القانونية، ونرحب بالالتزام الذي أعرب عنه جميع القادة السياسيين باحترام هذه الانتخابات».
وفي الختام تحدث الرئيس ميقاتي عن الإصلاحات وخطة التعافي قائلاً: «بما أن إطار الإصلاح وإعادة الإعمار يأتي استجابة للتحديات الناتجة عن انفجار مرفأ بيروت، فإن الأولوية في المرحلة الحالية هي لتحقيق تعافي لبنان بالتركيز على الإنسان أولاً، ووضع احتياجات اللبنانيين واللبنانيات في صلب عملنا، بالتوازي مع تنفيذ الإصلاحات المطلوبة. ويتركز سعينا في هذا الإطار، على تلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً وفقراً بشكل أفضل وأكثر شمولاً، من خلال البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً، والتنفيذ الفوري لشبكة الأمان الاجتماعي في حالات الطوارئ».



فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
TT

فرار مجندين من المعسكرات الحوثية في صنعاء وريفها

الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا مدنيين على الالتحاق بدورات عسكرية (فيسبوك)

شهدت معسكرات تدريب تابعة للجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها خلال الأيام الأخيرة، فراراً لمئات المجندين ممن جرى استقطابهم تحت مزاعم إشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

وتركزت عمليات الفرار للمجندين الحوثيين، وجُلهم من الموظفين الحكوميين والشبان من معسكرات تدريب في مدينة صنعاء، وفي أماكن أخرى مفتوحة، في مناطق بلاد الروس وسنحان وبني مطر وهمدان في ضواحي المدينة.

جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في صنعاء للتعبئة القتالية (فيسبوك)

وتحدّثت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن فرار العشرات من المجندين من معسكر تدريبي في منطقة جارف جنوب صنعاء، وهو ما دفع وحدات تتبع جهازي «الأمن الوقائي»، و«الأمن والمخابرات» التابعين للجماعة بشن حملات تعقب وملاحقة بحق المئات ممن قرروا الانسحاب من معسكرات التجنيد والعودة إلى مناطقهم.

وذكرت المصادر أن حملات التعقب الحالية تركّزت في أحياء متفرقة في مديريات صنعاء القديمة ومعين وآزال وبني الحارث، وفي قرى ومناطق أخرى بمحافظة ريف صنعاء.

وأفادت المصادر بقيام مجموعات حوثية مسلحة باعتقال نحو 18 عنصراً من أحياء متفرقة، منهم 9 مراهقين اختطفوا من داخل منازلهم في حي «السنينة» بمديرية معين في صنعاء.

وكان الانقلابيون الحوثيون قد دفعوا منذ مطلع الشهر الحالي بمئات المدنيين، بينهم شبان وأطفال وكبار في السن وموظفون في مديرية معين، للمشاركة في دورات تدريب على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة استعداداً لإشراكهم فيما تُسميه الجماعة «معركة تحرير فلسطين».

ملاحقة الفارين

يتحدث خالد، وهو قريب موظف حكومي فرّ من معسكر تدريب حوثي، عن تعرُّض الحي الذي يقطنون فيه وسط صنعاء للدَّهم من قبل مسلحين على متن عربتين، لاعتقال ابن عمه الذي قرر الانسحاب من المعسكر.

ونقل أحمد عن قريبه، قوله إنه وعدداً من زملائه الموظفين في مكتب تنفيذي بمديرية معين، قرروا الانسحاب من الدورة العسكرية بمرحلتها الثانية، بعد أن اكتشفوا قيام الجماعة بالدفع بالعشرات من رفقائهم ممن شاركوا في الدورة الأولى بوصفهم تعزيزات بشرية إلى جبهتي الحديدة والضالع لمواجهة القوات اليمنية.

طلاب مدرسة حكومية في ريف صنعاء يخضعون لتدريبات قتالية (فيسبوك)

ويبرر صادق (40 عاماً)، وهو من سكان ريف صنعاء، الأسباب التي جعلته ينسحب من معسكر تدريبي حوثي أُقيم في منطقة جبلية، ويقول إنه يفضل التفرغ للبحث عن عمل يمكّنه من تأمين العيش لأفراد عائلته الذين يعانون شدة الحرمان والفاقة جراء تدهور وضعه المادي.

ويتّهم صادق الجماعة الحوثية بعدم الاكتراث لمعاناة السكان، بقدر ما تهتم فقط بإمكانية إنجاح حملات التعبئة والتحشيد التي تطلقها لإسناد جبهاتها الداخلية، مستغلة بذلك الأحداث المستمرة في قطاع غزة وجنوب لبنان.

وكان سكان في صنعاء وريفها قد اشتكوا من إلزام مشرفين حوثيين لهم خلال فترات سابقة بحضور دورات عسكرية مكثفة تحت عناوين «طوفان الأقصى»، في حين تقوم في أعقاب اختتام كل دورة بتعزيز جبهاتها في مأرب وتعز والضالع والحديدة وغيرها بدفعات منهم.

وكثّفت الجماعة الحوثية منذ مطلع العام الحالي من عمليات الحشد والتجنيد في أوساط السكان والعاملين في هيئات ومؤسسات حكومية بمناطق تحت سيطرتها، وادّعى زعيمها عبد الملك الحوثي التمكن من تعبئة أكثر من 500 ألف شخص.