بريطانيا ترفع مستوى التهديد الإرهابي إثر «انفجار ليفربول»

الشرطة أمام منزل في حي بليفربول حيث أوقف أمس 3 أشخاص على خلفية الانفجار (رويترز)
الشرطة أمام منزل في حي بليفربول حيث أوقف أمس 3 أشخاص على خلفية الانفجار (رويترز)
TT

بريطانيا ترفع مستوى التهديد الإرهابي إثر «انفجار ليفربول»

الشرطة أمام منزل في حي بليفربول حيث أوقف أمس 3 أشخاص على خلفية الانفجار (رويترز)
الشرطة أمام منزل في حي بليفربول حيث أوقف أمس 3 أشخاص على خلفية الانفجار (رويترز)

رفعت المملكة المتحدة مستوى التهديد الإرهابي، أمس، إثر انفجار سيارة أجرة أمام مستشفى في ليفربول بشمال إنجلترا وصفته الشرطة بأنه «عمل إرهابي».
وقال رئيس الوزراء بوريس جونسون، في مؤتمر صحافي، إن الهجوم الذي أدى إلى مقتل المهاجم المفترض، تذكير بـ«ضرورة التزام كل منا باليقظة»، مؤكداً أن «الشعب البريطاني لن يخيفه الإرهاب أبداً». وأضاف جونسون: «لن نستسلم أبداً لمن يريدون تقسيمنا». ويعني رفع مستوى التهديد من «عالٍ» إلى «حاد»، أن السلطات تعتبر وقوع هجوم إرهابي محتملاً للغاية.
وذكرت الشرطة أن أربعة رجال تتراوح أعمارهم بين 20 و29 عاماً اعتقلوا منذ انفجار سيارة الأجرة أمام مستشفى للنساء في ليفربول الأحد، ووصفت الحادث أمس بأنه «عمل إرهابي»، فيما أوضحت أن دوافعه «لم تُحدد بعد».
وأشارت وزيرة الداخلية بريتي باتيل إلى أن هذا الهجوم هو الثاني خلال شهر، بعد مقتل النائب ديفيد أميس في 15 أكتوبر (تشرين الأول)، إثر لقاء مع ناخبيه في كنيسة على بُعد 60 كيلومتراً من لندن، ووجهت إلى المهاجم المفترض تهمة القتل والتحضير لأعمال إرهابية.
ويعتقد المحققون أن العبوة «صنعها» راكب سيارة الأجرة الذي قضى بعد الانفجار. وتمت مداهمة عنوانين؛ أحدهما في جادة راتلاند في ليفربول، حيث «عُثر على عناصر مهمة وسيكون من اللازم إجراء أبحاث إضافية اليوم (أمس) ويحتمل في الأيام المقبلة». وكان الراكب استقل سيارة الأجرة من جادة راتلاند في ليفربول، وطلب من السائق نقله إلى مستشفى النساء الواقع على بُعد عشر دقائق. وأمام هذا المستشفى وقع الانفجار قبيل الساعة 11 بالتوقيت المحلي وغرينتش الأحد، في وقت كانت بريطانيا تحيي ذكرى ضحايا الحروب في مناسبة «أحد الذكرى» وعلى بُعد أمتار من كاتدرائية ليفربول، حيث تجمع مئات الجنود وقدامى المحاربين وحشود.
وقال راس جاكسون، المكلف شرطة مكافحة الإرهاب في المنطقة بشأن هذا الحفل، خلال مؤتمر صحافي، أمس: «لا يمكننا إقامة رابط في هذه المرحلة لكنها فرضية في التحقيق نستطلعها». وأوضح أن المحققين يعتقدون أنهم حددوا هوية الراكب لكنهم لا يرغبون في كشفها في الوقت الراهن.
ووصف مسؤولون سياسيون وبعض الصحف، سائق سيارة الأجرة الذي أصيب في الانفجار بأنه «بطل» لأنه أتاح تجنب سقوط قتلى.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، خلال زيارة إلى مركز طبي في لندن: «يبدو أن سائق سيارة الأجرة المعني تصرف بسرعة بديهة وشجاعة لا تصدق». وكتبت صحيفة «ديلي ميل» أن الراكب أوحى له بأنه «مثير للشبهة» فأبقاه داخل السيارة التي أقفل أبوابها قبل أن يلوذ بالفرار. وقالت رئيسة بلدية ليفربول جوان أندرسون، في حديث مع «بي.بي.سي»: «تمكن سائق سيارة الأجرة بفضل جهوده البطولية من درء كارثة رهيبة كان يمكن أن تقع في المستشفى»، مؤكدة أنه «أقفل أبواب» السيارة. وأعلنت الشرطة أنه غادر المستشفى الذي كان يعالج فيه.
وأعطى راس جاكسون بعض التفاصيل حول الحادثة، وقال: «عندما اقتربت سيارة الأجرة من نقطة الإنزال في المستشفى، وقع انفجار من داخل السيارة، وسرعان ما اجتاحتها النيران». وأضاف المسؤول الأمني: «اللافت للنظر أن سائق التاكسي هرب من السيارة. وعولج من إصاباته وخرج الآن من المستشفى».
وأظهرت صور نشرتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي موقع الانفجار، حيث فرضت الشرطة طوقاً أمنياً وسط تصاعد دخان كثيف. وأفاد قائد جهاز إطفاء مرزيسايد فيل غاريغان بأن الحريق كان مشتعلاً حين وصلت عربات الإطفاء. وحضت الشرطة السكان على «الحفاظ على الهدوء والتيقظ».


مقالات ذات صلة

أميركا تقلص عدد معتقلي غوانتانامو إلى 15 بعد إرسال 11 يمنياً إلى عُمان

الولايات المتحدة​ جندي أميركي خارج أسوار معسكر غوانتانامو (متداولة)

أميركا تقلص عدد معتقلي غوانتانامو إلى 15 بعد إرسال 11 يمنياً إلى عُمان

خفضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عدد السجناء في مركز احتجاز خليج غوانتانامو في كوبا بنحو النصف، بعد أن أرسلت 11 معتقلاً إلى عُمان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ تظهر نظارات «ميتا» الذكية المحدثة في المقر الرئيسي للشركة في مينلو بارك بكاليفورنيا في الولايات المتحدة 27 سبتمبر 2023 (رويترز)

ما نظارات «ميتا» التي استخدمها مهاجم نيو أورليانز للاستكشاف قبل عمله الإرهابي؟

نظارات «ميتا» هي أجهزة بها كاميرا مدمجة ومكبرات صوت وذكاء اصطناعي، يمكن التحكم فيها بصوتك وبأزرار، والتحكّم بها كذلك ببعض الإيماءات.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز (الولايات المتحدة))
شؤون إقليمية جانب من لقاء رئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو ووفد إيمرالي (موقع الحزب)

تركيا: مطالبة بإنهاء عزلة أوجلان لحل المشكلة الكردية

أعلن حزب مؤيد للأكراد أن عملية الحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان لحل المشكلة الكردية في تركيا لن تؤدي إلى نتيجة دون إنهاء عزلته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)

وفاة زعيم محلي في مالي اختطفه تنظيم «القاعدة»

أعلن تنظيم «القاعدة» أن زعيم مجموعة محلية يتمتع بنفوذ واسع في مالي وغرب أفريقيا توفي حين كان رهينة بحوزة مجموعة تابعة للتنظيم في حادثة أثارت ردود فعل غاضبة

الشيخ محمد (نواكشوط )

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟