الأحزاب اللبنانية تبدأ باختيار مرشحيها للانتخابات النيابية

TT

الأحزاب اللبنانية تبدأ باختيار مرشحيها للانتخابات النيابية

تربط معظم الأحزاب اللبنانية إعلان أسماء مرشحيها لخوض الانتخابات النيابية في ربيع العام 2022 بحسم موعد هذه الانتخابات مع توجه «التيار الوطني الحر» للطعن بقانون الانتخاب ما يطرح إمكانية تأجيل الموعد من نهاية مارس (آذار) إلى منتصف مايو (أيار).
وكان «الوطني الحر» سباقا بالإعلان مطلع الأسبوع عن إنجاز المرحلة الأولى من الاستطلاع الداخلي التمهيدي لاختيار مرشحيه إلى الانتخابات النيابية والذي قال إنه شارك فيه 13 ألف منتسب على أن تليها مرحلة ثانية تشمل القاعدة العريضة للتيار من مناصرين ومؤيدين ومنتسبين، ومرحلة ثالثة تشمل كل ناخبي الدوائر الانتخابية ليتقرر على أساسها المرشحين النهائيين.
وفيما يعتبر العونيون أن ما يقومون به لجهة ترك أمر اختيار المرشحين للمنتسبين والمناصرين، سابقة ديمقراطية على مستوى العمل الحزبي في لبنان، ينتقدهم أخصامهم باعتبار أن الآلية الداخلية للتيار تتيح لرئيسه عدم الالتزام بنتائج هذه الآلية واستبعاد أسماء قد تكون حلت بمراكز أولى والإتيان بمرشحين لم يشاركوا بالعملية ككل، تبعا لضرورات انتخابية وحسابات الربح والخسارة.
وقد تركت المرحلة الأولى من الانتخابات في التيار تصدعات داخلية حزبية بسبب انتقاد كثير من المرشحين والمنتسبين النتائج كما بسبب المنافسة الكبيرة بين المرشحين الذين ينكبون على تهشيم بعضهم البعض لضمان تبني القيادة ترشيحهم.
ولا تخفي معظم الأحزاب أن قياداتها هي التي تختار المرشحين. ويقول أمين السر العام في الحزب «التقدمي الاشتراكي» ظافر ناصر إن «قيادة الحزب لم تحسم بعد مسألة مرشحيها»، موضحا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «أمر يعلنه رئيس الحزب في الوقت المناسب وذلك عند نضوج كل الخيارات وبعد الاستئناس برأي القاعدة والقيادة الحزبية وتقدير الظروف الموضوعية لكل منطقة».
وكما «الاشتراكي» كذلك تيار «المستقبل» لا يزال منكبا على تحديد مرشحيه في ظل حديث عن أن رئيسه سعد الحريري لم يحسم أمر ترشحه للانتخابات هذا العام. ويشير منسق عام الانتخابات في تيار «المستقبل» فادي سعد إلى أن موضوع اختيار المرشحين «لا يزال قيد المداولة ولم نصل بعد لمرحلة الحسم» مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «مداولات داخلية تحصل ضمن آليات خاصة بالتيار وبالتنسيق مع الرئيس الحريري، لإعادة ترشيح بعض النواب أو طرح ترشيحات جديدة في عدد من الدوائر»، مضيفا «في نهاية المطاف لكل دائرة خصوصيتها ولا يزال لدينا وقت لحسم أسماء مرشحينا».
من جهته، يؤكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور أن «الملف الانتخابي بشقه الكبير بات محسوما، أما الترشيحات وإعلان الأسماء فأمور مرتبطة بقانون الانتخاب الذي سيتم الطعن به ما يجعل المهل مشكوكا بها، فهل تجري الانتخابات في مارس أو تتأجل لمايو؟ عندما يحسم أمر القانون يعلن كل شيء». ويضيف جبور لـ«الشرق الأوسط»: «الملف بعناية رئيس الحزب، وهو سيجمع الهيئة التنفيذية بعد تحديد موعد نهائي للانتخابات بعد تحديد مصير الطعن بقانون الانتخاب ليطرح عليها الأسماء والترشيحات التي ستكون منقسمة إلى 3 أقسام، ترشيحات جديدة، ترشيحات يتم تثبيتها وشخصيات يتم استبدالها، وحتى ذلك الحين الاستعدادات تبقى بعيدا عن الإعلام».
وكالعادة يخوض «حزب الله» وحركة «أمل» الانتخابات يدا بيد. وتقول مصادر مطلعة على أجوائهما إن حسم الترشيحات سيتم خلال شهر، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن بعض النواب الحاليين سيعاد ترشيحهم فيما سيتم ترشيح شخصيات جديدة في بعض الدوائر، وتضيف: «كل حزب يختار أسماء مرشحيه على حدة بعد الاتفاق على تقسيم الدوائر بينهما، فمثلا معظم الدوائر محسومة وتبقى 3 دوائر قد تشهد تبدلا وهي البقاع الغربي، زحلة وجبيل». وتكشف المصادر عن «احتمال أن تتولى (أمل) هذه المرة ترشيح شخصية عن المقعد الشيعي لقدرتها على التحالف مع قوى وازنة بالمنطقة، بعدما تولى (حزب الله) في الانتخابات الماضية ترشيح شخصية حزبية لم تنجح بالوصول إلى الندوة البرلمانية».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.