اليمن: توجهات حكومية ودولية لمواجهة انعدام الأمن الغذائي

نصف الأطفال يعانون من سوء التغذية المزمن

أطفال يمنيون في مخيم للنازحين في مدينة حيس التابعة لمحافظة الحديدة يحصلون على مساعدات غذائية (غيتي)
أطفال يمنيون في مخيم للنازحين في مدينة حيس التابعة لمحافظة الحديدة يحصلون على مساعدات غذائية (غيتي)
TT

اليمن: توجهات حكومية ودولية لمواجهة انعدام الأمن الغذائي

أطفال يمنيون في مخيم للنازحين في مدينة حيس التابعة لمحافظة الحديدة يحصلون على مساعدات غذائية (غيتي)
أطفال يمنيون في مخيم للنازحين في مدينة حيس التابعة لمحافظة الحديدة يحصلون على مساعدات غذائية (غيتي)

تسعى منظمة الصحة العالمية إلى مواجهة انعدام الأمن الغذائي وقصور نظم المعلومات الصحية والتغذية في اليمن، بالتزامن مع إعلان الحكومة رسمياً أن نصف أطفال البلاد يعانون من سوء التغذية المزمن، وبيانات أممية تفيد بأن ربع مليون طفل وامرأة حرموا من علاج سوء التغذية الحاد بسبب نقص التمويل.

وفي حفل نظمه المجلس الوطني للسكان في اليمن بمناسبة اليوم العالمي للسكان، أكد أحمد عوض بن مبارك، رئيس الوزراء اليمني، أن الرؤية الحكومية تتركز على المورد البشري كأهم الموارد التي يجب استثمارها وتحسينها من خلال تقديم خدمات وبرامج مخصصة، رغم التحديات الكبيرة والضغوط المالية والاقتصادية التي تواجهها.

175 مديرية في اليمن يعاني أطفالها من التقزم (الأمم المتحدة)

ونقل الإعلام الرسمي عن بن مبارك تأكيده أن 50 في المائة من الأطفال في بلاده يعانون من سوء تغذية مزمن، و21 في المائة منهم يعانون من التقزم نتيجة لذلك، منبهاً إلى أن خطورة هذه الأرقام تستوجب التعاطي الجاد معها، والوقوف بمسؤولية كبيرة أمامها، وإعطاءها الأولوية في كل الخطط والبرامج والإنفاق.

ولفت إلى الصعوبات التي تواجهها حكومته وما تتعرض له من ضغوط مالية واقتصادية عند تعاطيها مع هذه التحديات جراء الحرب المستمرة من قبل الجماعة الحوثية، مشدداً على ضرورة وضع سياسات واستراتيجيات وطنية للموازنة بين الزيادة في النمو السكاني والتنمية، وما يتطلبه ذلك من إدارة جادة للتحديات الاقتصادية والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية واستيعاب احتياجات النمو السكاني.

ويأتي هذا بالتزامن مع إحصائية أممية حديثة كشفت عن أن ما يقارب ربع مليون طفل وامرأة حامل ومرضعة في اليمن، حرموا في يونيو (حزيران) الماضي من علاج سوء التغذية الحاد بسبب نقص التمويل.

نقص تمويل

يذكر برنامج الغذاء العالمي في تقرير حديث أن ما مجموعه 239.8 ألف طفل وامرأة حامل ومرضعة، حرموا من الحصول على علاج سوء التغذية الحاد المعتدل في شهر يونيو 2024؛ بسبب النقص الحاد في التمويل، لافتاً إلى أن برنامج الوقاية من سوء التغذية الحاد التابع له لا يزال معلقاً بالكامل.

وأرجع التقرير هذا التوقف إلى نقص التمويل، الذي يترك 2.4 مليون طفل وامرأة مرضعة وحامل معرضين لخطر مضاعفات سوء التغذية، فيما لا تزال عملياته في اليمن تفتقر بشدة إلى التمويل، بعد حصوله على نسبة 11 في المائة فقط من إجمالي متطلبات التمويل البالغة 1.25 مليار دولار للستة الأشهر الأخيرة من هذا العام.

قابلة وممرضة في تدريب على الإبلاغ عن البيانات وضمان الجودة الذي يدعمه البنك الدولي بالتعاون مع السلطات الصحية (الأمم المتحدة)

وبين البرنامج أنه تلقى الشهر الماضي مساهمات بقيمة 188 مليون دولار من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والجهات المانحة الخاصة، بإجمالي731 مليون دولار حتى نهاية يونيو الماضي.

وأنفق الجزء الأكبر من هذا التمويل على الغذاء والتحويلات النقدية على المعونة الغذائية العامة في مناطق الحكومة، والسلع الغذائية التي سيتم توزيعها خلال الأشهر المقبلة، وأنشطة الصمود وسبل العيش الجارية حالياً، بالإضافة إلى السلع الأساسية للعام الدراسي المقبل.

وتمكن البرنامج خلال الشهر الماضي من مساعدة 431.5 ألف طفل وامرأة وفتاة حامل ومرضعة وطفل في إطار برنامجه لعلاج سوء التغذية الحاد المعتدل، من بين 671.3 ألف مستهدف.

بدورها، تعمل منظمة «كير» على تقديم خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، بما في ذلك نقل المياه بالشاحنات ومستلزمات النظافة إلى 1.2 مليون شخص، وتدعم التمكين الاقتصادي للمرأة من خلال تحسين وصولها إلى الوسائل المالية والمعدات والمشورة الفنية والتدريب حتى تتمكن من إنشاء أعمال تجارية صغيرة.

من خلال التمكين الاقتصادي للمرأة تسعى منظمات دولية عديدة إلى الحد من تدهور الأمن الغذائي في البلاد (منظمة كير)

وأوردت المنظمة في بيان حديث أنها تقوم بتوزيع المواد الغذائية والنقدية والقسائم على 1.4 مليون شخص، لتمكينهم من شراء الإمدادات الأساسية لأسرهم، إلى جانب نشاطها في مجال الصحة الإنجابية، وتدريب القابلات، وإعادة تأهيل أجنحة الولادة، وتوفير مستلزمات الولادة المنزلية.

نجاحات أممية

تتوجه منظمة الصحة العالمية لتعزيز تكامل نظم المعلومات الصحية والتغذية في اليمن، لإعداد تقارير أكثر قوة حول مؤشرات الصحة والتغذية ذات الصلة على مستوى المنطقة، بالتعاون مع المنشآت الصحية ومكاتب الصحة في المناطق والمحافظات، ووزارة الصحة العامة والسكان، وبدعم من البنك الدولي، وشراكة اليونيسيف.

وتقول «الصحة العالمية» على موقعها على شبكة الإنترنت إن مراكز التغذية العلاجية التابعة لها تشهد زيادات مضاعفة في حالات سوء التغذية الحاد الوخيم المصحوب بمضاعفات طبية، الذي ارتفع من 32 ألف مصاب خلال 2020، إلى 62 ألفاً خلال العام الماضي.

يمنيات ينتظرن مع أطفالهن الذين يعانون من سوء التغذية في مركز طبي في محافظة الحديدة (أ.ف.ب)

وتواصل المنظمة تقديم الدعم التشغيلي الكامل لـ62 مركزاً من مراكز التغذية العلاجية عبر برنامج رأس المال البشري الطارئ، حيث تقوم هذه المراكز بإدارة أكثر من 75 في المائة من الحالات التي تستقبلها، والتي تمثل 68 في المائة من جميع الحالات في اليمن.

ووصل معدل نجاح العلاج في هذه المراكز إلى 95 في المائة وفق تقديرات المنظمة، في حين تضمن المنظمة دعمها باللوازم الطبية، وتغطية تكاليف النقل والوجبات لمقدمي الرعاية، كما تقدم الدعم لـ340 موقع مراقبة في جميع أنحاء اليمن لقياس نسبة انتشار نقص التغذية بين الأطفال.

وفي العام الماضي، جرى فحص أكثر من مليون طفل يمني في هذه المواقع. ومن بينهم 25 ممن يعانون من نقص التغذية، وتمت إحالتهم لتلقي العلاج المنقذ للحياة، كما تم الكشف عن التقزم بين 44 في المائة من الأطفال الذين تم فحصهم.

ولا يزال التقزم يمثل مشكلة مثيرة للقلق وينتشر على نطاق واسع في أكثر من 175 مديرية من مديريات اليمن البالغ عددها 333 مديرية، وفقاً لتحليل بيانات مراقبة التغذية.

وتعمل المنظمة على دعم ودمج أنشطة مراقبة التغذية في منصات تقديم الخدمات الصحية الروتينية للأمهات والمواليد والأطفال، الذي يتماشى مع التحول النموذجي من الدعم الإنساني إلى المزيد من العمل الموجه نحو التنمية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يتجاهلون تهديدات نتنياهو ويواصلون هجماتهم تجاه إسرائيل

العالم العربي صورة وزعها الحوثيون لصاروخ هاجموا به إسرائيل يسمونه «فلسطين 2» (إعلام حوثي) play-circle 03:14

الحوثيون يتجاهلون تهديدات نتنياهو ويواصلون هجماتهم تجاه إسرائيل

تجاهل الحوثيون المدعومون من إيران تهديدات بنيامين نتنياهو بضربهم وتدمير البنية التحتية وواصلوا هجماتهم باتجاه إسرائيل بالتوازي مع التصعيد ضد الجيش اليمني في تعز

علي ربيع (عدن)
العالم العربي فوضى أمنية وممارسات عنصرية تؤرق اليمنيين في إب (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن يعززون بعناصر أمن صوب 3 محافظات

دفع الحوثيون بالمئات من عناصرهم الأمنيين من مناطق متفرقة في محافظة إب، صوب محافظات تعز والحديدة والضالع بعد أن فشلوا في حشد مزيد من المجندين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النساء يمثلن نحو 19% من المهاجرين الواصلين الشهر الماضي إلى اليمن (الأمم المتحدة)

رقم قياسي لعدد المهاجرين الأفارقة الواصلين إلى اليمن خلال شهر

وصل 18 ألف مهاجر أفريقي إلى اليمن الشهر الماضي في رقم قياسي منذ عام ونصف، في حين عاد طوعياً 1500 مهاجر إثيوبي في رحلات بحرية خطرة.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يتفقدون موقع سقوط صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعترض مسيّرة انطلقت من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء اليوم الاثنين، اعتراض سلاح الجو الإسرائيلي لطائرة مسيرة، أُطلقت من اليمن صوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي دخان يتصاعد من محطة كهرباء في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات إسرائيلية (رويترز)

إيران تشدّ أزر الحوثيين عقب الضربات الإسرائيلية والأميركية

سارعت إيران إلى الاطمئنان على الحوثيين وشَدّ أزرهم إثر الضربات الإسرائيلية والأميركية الأخيرة، فيما أكدت الجماعة مضيها في التصعيد، وعدم تأثر قدرتها العسكرية.

علي ربيع (عدن)

اتهامات صومالية لإثيوبيا تلقي بظلالها على «اتفاق المصالحة»

عناصر من الجيش الوطني الصومالي (رويترز)
عناصر من الجيش الوطني الصومالي (رويترز)
TT

اتهامات صومالية لإثيوبيا تلقي بظلالها على «اتفاق المصالحة»

عناصر من الجيش الوطني الصومالي (رويترز)
عناصر من الجيش الوطني الصومالي (رويترز)

اتهامات صومالية لإثيوبيا باستهداف قواتها تعد الأولى منذ إعلان المصالحة بين البلدين برعاية تركية، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وبعد نحو عام من الخلافات بعد توقيع أديس أبابا اتفاقاً مع إقليم الصومال الانفصالي، بشأن الحصول على منفذ بحري، ورفضته مقديشو.

ذلك الاستهداف، الذي نفته إثيوبيا، ووعدت بالتحقيق، يعد الأول منذ توقيع «إعلان أنقرة»، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه يلقي بظلال قلق على اتفاق المصالحة، إذ يعد أول اختبار له بعد أقل من أسبوعين من الإعلان عنه، مؤكدين أنه «حال تكررت تلك الخروقات فسوف يكون استكمال الاتفاق محل شك، وسيزيد التوتر بمنطقة القرن الأفريقي».

الاتفاق الذي رعته تركيا في 11 ديسمبر الحالي بين الصومال وإثيوبيا، تعهد بإنهاء الخلاف وحُسن الجوار، والذهاب لمحادثات في نهاية فبراير (شباط) المقبل، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي في غضون 4 أشهر، بمساعدة تركية.

ونشب خلاف بين البلدين عقب توقيع إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً في يناير (كانون الثاني) 2024 مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي عن مقديشو، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناءً تجارياً، وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

وهو ما قوبل برفض صومالي وعربي، لا سيما من القاهرة التي لديها مخاوف من تهديدات إثيوبية لأمنها عبر البحر الأحمر، وتبعه توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي.

قوات صومالية تصطف قبل الشروع في دورية جنوب شرقي دوساماريب (رويترز)

واحتج وزير الدولة للشؤون الخارجية والتعاون الدولي، الصومالي علي محمد عمر، الثلاثاء، من سلوك القوات الإثيوبية في مدينة دولو جنوب الصومال، وذلك خلال لقاء وزير الدولة الخارجية الإثيوبي، مسقانو أرقا، بأديس أبابا، وأكد الأخير «استعداد بلاده لإجراء تحقيق فوري في الحادثة، والعمل مع مقديشو لمنع تكرار مثل هذه الحوادث»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الصومالية».

وكانت الحكومة الصومالية، قالت في بيان صحافي، الاثنين، إن «القوات الإثيوبية شنت هجوماً على مواقع تابعة للجيش الوطني في مدينة دولو بإقليم غدو، جنوب البلاد»، كما أكد البيان أن هذا الهجوم يشكل «انتهاكاً صريحاً» لاتفاق أنقرة في ظل «توجه وفد رفيع لمستوى، الاثنين، إلى أديس أبابا لبحث تنفيذه وتعزيز العلاقات الثنائية»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الصومالية» الرسمية بالتزامن.

غير أن إثيوبيا في بيان صحافي للخارجية الثلاثاء، أعربت عن «انزعاجها» من الاتهامات الصومالية، «هذا الادعاء غير صحيح، والحادث محرض عليه من قبل عناصر معينة عازمة على إخراج تطبيع العلاقات بين إثيوبيا والصومال عن مساره»، دون كشف أي جهة تتبع تلك العناصر.

ويرى المحلل السياسي في شؤون القرن الأفريقي، عبد الناصر الحاج أن الواقعة «حال لم تكن هناك ملابسات أو مبررات واضحة، فإنها بكل تأكيد تعد انتهاكاً صارخاً من قبل إثيوبيا لاتفاقية أنقرة التي كان بإمكانها طي صفحة من الصراعات التي تهدد أمن القرن الأفريقي بأكمله».

ويتفق معه المحلل السياسي والأكاديمي في شؤون القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود، بأن الاستهداف الذي تم في ظل وجود وفد صومالي بأديس أبابا «قد يكون له تأثير سلبي على المحادثات الهشة التي جرت قريباً في أنقرة، والتي كان من المتوقع أن يكون سير المحادثات فيها إيجابياً وفعالاً».

ويفسر المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، هذا الاستهداف بأنه «محاولة إثيوبية لفرض الهيمنة الإقليمية عبر سعيها إلى الحفاظ على نفوذها في الصومال، خاصة في ظل وجود قوى إقليمية ودولية أخرى مثل تركيا»، فضلاً عن أنها رغبة من أديس أبابا في «إرسال رسالة بأنها ما زالت لاعباً رئيساً في المنطقة، ولا يمكن تهميش دورها»، مشيراً إلى أن النفي أمر متوقع، وليس هناك مصلحة صومالية في أن تقول أمراً غير حقيقي الآن.

ويشير إلى أن حالة السخط على منصات التواصل الاجتماعي بشأن الواقعة تعكس عدم رضا قطاعات كبيرة من الشعب الصومالي عن الوضع الحالي، خاصة تجاه الحكومة، وهذه الانتقادات قد تؤدي إلى زيادة الضغوط الشعبية مما قد يدفع الحكومة إلى اتخاذ خطوات أكثر جدية لفرض السيادة الوطنية، فضلاً عن اختبار التزام الأطراف الخارجية، مثل تركيا، بدعم الاستقرار في الصومال.

وخيمت الانتقادات على لقاء المدير العام لجهاز المخابرات الإثيوبية، السفير رضوان حسين، مع نظيره الصومالي، عبد الله محمد علي، بأديس أبابا. وقال رضوان في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إنه «في إطار متابعة اتفاقية أنقرة، أكدنا التزامنا بالمضي قدماً، متجاهلين الانتقادات من القريب والبعيد، التي تهدف إلى الخروج عن المسار»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الإثيوبية» الثلاثاء.

ورغم ذلك الالتزام، فإن «إعلان أنقرة» يُواجه «أول اختبار حقيقي مع هذا الخرق»، وفق بري، لافتاً إلى أن هذا التأثير يتوقف على «قدرة الأطراف المعنية على احتواء التصعيد، وإن لم يتم اتخاذ خطوات سريعة لضبط الوضع، فقد يُضعف الاتفاق»، وقد يؤدي تكرار الخرق إلى «تشكيك الأطراف الأخرى، بما في ذلك تركيا، في جدوى واستدامة الاتفاق».

ويحمل المشهد الحالي احتمال حدوث حالة من عدم الاستقرار في الصومال، بسبب تنافس القوى الإقليمية والدولية: مصر، وإثيوبيا، وتركيا، وغيرها، فضلاً عن «ضعف» الحكومة الصومالية أمام الضغوط الداخلية والخارجية، وحدوث تحديات أمام استكمال تنفيذ «إعلان أنقرة»، وفق بري.

ويرى الحاج أهمية أن تضع الصومال شروطاً جديدة أكثر وضوحاً في حال كان هناك ضغط من الجانب التركي بغية الحفاظ على الاتفاقية. وتبرز حاجة الصومال الحقيقية في إنهاء أي دور للقوات الإثيوبية ضمن بعثة حفظ السلام، بوصفه أحد أهم الشروط التي قد تحملها مقديشو لأجل استئناف الالتزام باتفاقية أنقرة، كما أكد الحاج أن تلك الشروط وسقوفات مطالبها، هي الاختبار الحقيقي لصمود اتفاق أنقرة.

فيما يعتقد الدكتور علي محمود أن التطورات الأخيرة لن تشكل تهديداً خطيراً للحوار الجاري بين الطرفين، وسوف تستمر، وسيتعين على الحكومة الصومالية أن تظل هادئة وحكيمة خلال هذه الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد، وألا تجعل الوضع يزداد سوءاً.

ذلك الاستهداف لم تعلق عليه القاهرة التي رفضت الاتفاق الإثيوبي مع «أرض الصومال» مبكراً، ودعمت مقديشو باتفاق عسكري في أغسطس الماضي، ونوهت بأن «إعلان أنقرة» يؤكد على مبادئ حفظ ووحدة واستقرار الصومال، وفق بيان مشترك عقب لقاء وزيري خارجية البلدين بدر عبد العاطي وأحمد معلم فقي، الاثنين.

وفي مؤتمر صحافي مع فقي بالقاهرة، أعلن بدر عبد العاطي، أن بلاده ستشارك في قوة حفظ السلام الجديدة التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال، التي من المتوقع أن تنتشر في يناير 2025، وذلك «بناء على ترحيب من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي».

وبعد تأكيد مصر مشاركة قواتها المصرية المقررة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يعتقد الحاج أن الفرصة باتت مواتية لأن يكون هناك تنسيق مصري صومالي أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً أن مقديشو اختبرت النيات الإثيوبية من خلال ترحيبها باتفاقية أنقرة، وسط الاستعدادات الكبيرة التي أظهرها الجانب المصري، فيما يتعلق بدعم وإسناد السيادة الوطنية في الصومال، والمساهمة الضخمة التي عرضتها القاهرة لأجل حفظ الأمن والسلام في الصومال.