الأمم المتحدة تحذّر من وضع اقتصادي مريع في مناطق «السلطة»

منطقة صناعية إسرائيلية قرب غزة بالتوافق مع «حماس»

طفل فلسطيني بجانب الجدار الفاصل الإسرائيلي في بلدة العيزرية بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني بجانب الجدار الفاصل الإسرائيلي في بلدة العيزرية بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT
20

الأمم المتحدة تحذّر من وضع اقتصادي مريع في مناطق «السلطة»

طفل فلسطيني بجانب الجدار الفاصل الإسرائيلي في بلدة العيزرية بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني بجانب الجدار الفاصل الإسرائيلي في بلدة العيزرية بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

وصف تقرير لمنظمة الأمم المتحدة الوضع الاقتصادي في السلطة الفلسطينية بأنه «مريع»، ودعت المنظمة إلى التنسيق بين القيادتين الفلسطينية والإسرائيلية والقيام بجهد دولي مشترك لمعالجة الأزمة وإنقاذ الشعب الفلسطيني من تبعات هذا الوضع.
وجاء هذا التوصيف في تقرير لمكتب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينيسلاند، الذي من المقرر عرضه على المؤتمر الدوري للدول المانحة الخاص بلجنة تنسيق المساعدات الدولية للشعب الفلسطيني، المقرر عقده في العاصمة النرويجية، أوسلو، يوم الأربعاء القادم. وقال وينيسلاند إن التقرير «يسلط الضوء على الحاجة الملحة لمعالجة الأزمة الاقتصادية والمالية المستمرة التي تواجهها السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، والذي بات محفوفاً بالمخاطر بشكل متزايد».
ويحذر تقرير الأمم المتحدة من أن «النهج المجزأ في معالجة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية الحالية في الأرض الفلسطينية المحتلة، يؤدي إلى دورة مستمرة من إدارة الأزمات بدلاً من حلها. ويؤكد التقرير أن «الوضع الاقتصادي والمالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة مريع، نتيجة لسنوات من الركود الاقتصادي في الضفة الغربية وعقود متواصلة من التدهور المستمر في قطاع غزة. وقد بات «من الصعب على السلطة الفلسطينية تغطية الحد الأدنى من نفقاتها، جراء تسربات مالية طويلة الأمد، إضافة إلى استمرار إسرائيل في اقتطاع جزء من عائدات المقاصة (الفلسطينية) والاحتفاظ بها».
ودعا التقرير حكومة إسرائيل والسلطة الوطنية والمجتمع الدولي للعمل بتنسيق مشترك بشأن اعتماد استجابة متكاملة في الأشهر المقبلة، وترسيخ عملية وقف إطلاق النار في غزة، ودعم التنمية الاقتصادية في القطاع، وتعزيز انتعاش اقتصادي مستدام وشامل من شأنه تحسين سُبُل معيشة الفلسطينيين جميعاً، بمن فيهم النساء، والشباب، واللاجئون، والمجموعات المهمشة الأخرى. ويحذر التقرير من أن الوضع في أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة لا يزال هشاً على نحو استثنائي، «ولذا ينبغي اتخاذ المزيد من الخطوات لنزع فتيل التوتر في القدس الشرقية، والمحافظة على وقف إطلاق النار في غزة، ووقف النشاط الاستيطاني والعنف الذي يمارسه المستوطنون، وعمليات الهدم والإخلاء والاقتحامات الإسرائيلية في المنطقة (أ) والتي لا تزال تقوض السلطة والمؤسسات الفلسطينية وآفاق التوصل لحل قائم على الدولتيْن.
يذكر أن البنك الدولي كان قد حذر هو الآخر من أن السلطة الفلسطينية «قد تواجه صعوبات في الوفاء بالتزاماتها بحلول نهاية العام الحالي». ومع أنه أشار إلى أن الاقتصاد الفلسطيني سجل مؤخراً «بوادر انتعاش» لكنه مع ذلك يواجه «تحديات خطرة» تطال خصوصاً التوظيف والتمويل العام «غير المستقر للغاية». وقال مدير البنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة، كانثان شانكار، إن «الطريق فيما يتعلق بتنشيط الاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب لا يزال غير واضح ويعتمد على تضافر جهود جميع الأطراف المانحين، والسلطة الفلسطينية، وإسرائيل وغيرهم». وأوضح أنه في قطاع غزة يعيش نحو مليوني نسمة وتبلغ نسبة البطالة 45 في المائة ونسبة الفقر 59 في المائة. وبسبب جائحة «كورونا» شهد الاقتصاد الفلسطيني في عام 2020 تدهوراً آخر جراء زيادة الإنفاق على القطاع الصحي وانخفض في الوقت نفسه عدد العمال الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل. وأوضح أن الاقتصاد الفلسطيني نما في الأشهر الستة الأولى من عام 2021 بنسبة 5.4 في المائة، متوقعاً أن ترتفع هذه النسبة إلى 6 في المائة في نهاية العام الجاري، لكنه حذر من أن وتيرة هذا النمو الاقتصادي ستتباطأ في العام المقبل إلى نحو 3 في المائة بسبب استمرار محدودية المصادر.
وقد عقدت الحكومة الفلسطينية، اجتماعاً طارئاً لها يوم الثلاثاء الماضي، واتخذت جملة من الإجراءات لمواجهة الأزمة المالية، قد تشمل خفض رواتب نحو 140 ألف موظف. وقال رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد أشتية، في حينه، إن الوضع المالي الحالي للحكومة الفلسطينية هو الأصعب منذ أعوام. وأوضح أن ما وصل من مساعدات حتى نهاية العام، لم يتجاوز 10 في المائة مما كان يصل عادة إلى الخزينة، وهذا الأمر سوف يعكس نفسه على المصاريف التشغيلية للسلطة.
وأفاد أشتية بأن السلطة الفلسطينية لم تتلق أي مساعدات مالية من الدول العربية الشقيقة خلال العامين الحالي والماضي. وتابع: «رغم أن الولايات المتحدة استأنفت بعض مساعدتها للأونروا فإن قوانين الكونغرس الأميركي تمنع الإدارة الأميركية من مساعدة السلطة بشكل مباشر». وأكد أنه «خلال اجتماع الدول المانحة، في أوسلو، سوف نطلب من الدول الصديقة لفلسطين الضغط على إسرائيل لوقف خصوماتها من أموال الضرائب الفلسطينية، وزيادة مساعداتها لكي نتمكن من الإيفاء بالتزاماتنا». وأشار أشتية إلى نجاح زيارته الأخيرة إلى أوروبا، في الشهر الماضي، قائلاً: «فتحت الآفاق لتحسن في الوضع المالي مع بداية العام القادم، آملين أن نكون قد استطعنا أن نعبر هذه الأزمة في القريب».
وتبلغ مديونية الحكومة الفلسطينية للبنوك المحلية نحو 2.3 مليار دولار، في حين لم تتلق هذا العام سوى 30 مليون دولار مساعدات خارجية، بانخفاض 90 في المائة عن المقدر في الموازنة.
- إسرائيل تراقب
ومن الجهة الإسرائيلية قالت مصادر سياسية إن المسؤولين يراقبون هم أيضاً بقلق ما يجر ولذلك قاموا بإيجاد مخرج للالتفاف على القانون الذي يلزم الحكومة بالامتناع عن تحويل أموال الضرائب بسبب دفع رواتب لذوي الشهداء وللأسرى وعائلاتهم، كما أنها أعلنت مؤخراً زيادة عدد تصاريح العمال الفلسطينيين من قطاع غزة ليبلغ 7 آلاف تصريح.
وكشفت صحيفة «معاريف» في تل أبيب، أمس، عن خطة إسرائيلية لإعادة تفعيل المنطقة الصناعية عند معبر بيت حانون شمال غزة. ويجري الحديث عن المنطقة الصناعية التي كانت قد عملت حتى سنة 2004، قبل أن تدمرها إسرائيل بالقصف الجوي والمدفعي خلال قمعها الانتفاضة الفلسطينية الثانية وانفصالها عن القطاع. ووفقاً للصحيفة العبرية، فقد طرحت إسرائيل مخطط إقامة «منطقة صناعية مشتركة لإسرائيل وغزة على أنقاض المنطقة الصناعية المدمرة». وقال مصدر عسكري في تل أبيب إن هذه المنطقة كانت تشغل مئات الفلسطينيين في شتى المجالات الصناعية، والتخطيط اليوم يتحدث عن تشغيل 7000 فلسطيني على الأقل.



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.