مهرجان الموسيقى العربية يدعو لتوثيق أعمال المؤلفين المعاصرين

يختتم فعالياته بحفل كبير لماجدة الرومي

مهرجان الموسيقى العربية يدعو لتوثيق أعمال المؤلفين المعاصرين
TT

مهرجان الموسيقى العربية يدعو لتوثيق أعمال المؤلفين المعاصرين

مهرجان الموسيقى العربية يدعو لتوثيق أعمال المؤلفين المعاصرين

دعا مهرجان الموسيقى العربية بالقاهرة، في دورته الـ30، إلى تدريس خصائص تميز التقاسيم والغناء بالآلة والتأويل اللحني، بجانب توثيق أعمال المؤلفين المعاصرين.
وأصدر المهرجان توصيات في ختام المؤتمر العلمي المصاحب للمهرجان، والذي شارك فيه 50 باحثاً عربياً وأجنبياً، إذ ناقش في دورته الجديدة موضوع (الآلات الموسيقية في الإبداع الموسيقي العربي المعاصر)، وطالب المؤسسات الثقافية والفنية الرسمية وغير الرسمية بالوطن العربي إلى إفساح المجال لعرض وتوثيق أعمال المؤلفين الموسيقيين المعاصرين في العالم العربي خصوصاً التجارب التي تتناول آلات الموسيقي العربية برؤى معاصرة مع إيجاد سبل للتعاون مع جهات إعلامية لنشر هذه الأعمال علي وسائل الإعلام والتواصل المختلفة...
كما دعا المؤسسات العلمية والأكاديمية الموسيقية بالعالم العربي إلى الاهتمام بتدريس أهم الخصائص التي تميز الأداء العربي على الآلات الموسيقية مثل التقاسيم والغناء بالآلة والتأويل اللحني الخلاق والاهتمام بتناولها في الأبحاث والدراسات العلمية للتأكيد على خصوصية إبداع المؤدي العربي مع الاهتمام بنقل التقاليد الأدائية في مجالات الغناء والعزف وجمعها وتوثيقها لكي يسهل على العازفين المعاصرين أداؤها.
ولم يكتف مؤتمر مهرجان الموسيقى العربية بدعوة الأكاديميين والباحثين الموسيقيين بالاهتمام بالأداء العربي، بل دعا كذلك وزراء التربية والتعليم بالوطن العربي إلى إدخال تعليم آلات الموسيقى العربية التقليدية والشعبية ضمن مناهج الأنشطة الفنية بالمدارس لترسيخ الهوية الثقافية والفنية، بجانب الاهتمام باستحداث سبل جديدة لتدريس الآلات باستخدام الوسائل الحديثة في التواصل مع إقامة مسابقات فنية لتشجيع الأطفال واليافعين علي إتقان العزف عليها.
وافتتح مهرجان الموسيقى العربية دورته الـ30، بمسرح النافورة، بدار الأوبرا المصرية (وسط القاهرة)، في بداية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري بألحان الوفاء لموسيقيين مصريين راحلين، هما جمال سلامة وعبده داغر، اللذين تم إهداء الدورة الحالية لهما، وعزفت ألحانهما وزيرة الثقافة المصرية الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدايم على آلة الفلوت.
وكرم المهرجان في دورته الحالية 19 شخصية مصرية وعربية ساهمت في إثراء الحياة الفنية من بينهم فنان الخط العربي إبراهيم أحمد إبراهيم، والموسيقار اللبناني مروان خوري، والموسيقار السوداني محمد الأمين، والشاعر صلاح محمد علي، والموسيقار السعودي الدكتور عبادي جوهر.
كما دعا المؤتمر، المجمع العربي للموسيقى التابع لجامعة الدول العربية إلى تبني عقد منتدى فكري يتناول آلات الموسيقى الشعبية بالوطن العربي من حيث تبادل الخبرات في تطوير صناعتها لتحسين إمكانياتها الصوتية وزيادة مساحتها اللحنية بما يشجع المؤلفين الموسيقيين على استخدامها في إبداعاتهم الموسيقية المعاصرة وكذلك تبني مسابقة للتأليف الجديد لهذه الآلات باختيار آلة كل عام ويكون ذلك على نطاق دولي بما يوسع الإنتاج المعاصر لهذه الآلات ويعيد الاهتمام بها على الصعيدين العربي والعالمي.
وثمن المؤتمر الجهود التي يبذلها بعض الموسيقيين العرب لإيجاد أجيال جديدة من العازفين على آلات الموسيقى العربية التقليدية، على غرار تجربة الدكتور صابر عبد الستار في مصر، الدكتور هياف ياسين في لبنان، ومعهد صلحي الوادي بسوريا.
وتقدم فعاليات الدورة الـ30 عبر 6 مسارح بالقاهرة ودمنهور ومكتبة الإسكندرية للمرة الأولى. حيث تستضيف المسارح الستة 33 حفلاً بمشاركة 101 فنان من 10 دول بالإضافة
وتشهد الدورة الـ30 عودة الفنانة السورية أصالة للمشاركة في المهرجان العام الجاري، بعد غيابها العام الماضي، بينما تغيب الفنانة المصرية أنغام بسبب ارتباطاتها الفنية.
وتتواصل الفعاليات على مدار 15 يوماً لأول مرة في تاريخ المهرجان منذ احتفائه باليوبيل الفضي قبل خمس سنوات بمشاركة عربية كبيرة من بينها الفنانة سميرة سعيد، مدحت صالح، أصالة، مروان خوري، وائل جسار، هاني شاكر، علي الحجار، صابر الرباعي، ونجمة حفل الختام الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».