مباحثات مصرية ـ فرنسية لتعزيز التعاون والتشاور حول المستجدات الإقليمية

السيسي يلتقي ماكرون على هامش «مؤتمر باريس»... و«سد النهضة» أبرز الملفات

السيسي يصل إلى مطار شارل ديغول في باريس
السيسي يصل إلى مطار شارل ديغول في باريس
TT

مباحثات مصرية ـ فرنسية لتعزيز التعاون والتشاور حول المستجدات الإقليمية

السيسي يصل إلى مطار شارل ديغول في باريس
السيسي يصل إلى مطار شارل ديغول في باريس

يبحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في العاصمة الفرنسية باريس، «المستجدات الإقليمية وتعزيز التعاون الثنائي في العديد من المجالات»، وذلك على هامش «مؤتمر باريس الدولي» حول ليبيا. وأفاد بيان رئاسي مصري أمس، أن «الرئيس السيسي يعقد (مباحثات قمة) مع الرئيس الفرنسي لبحث مجمل جوانب العلاقات الثنائية، التي تشهد طفرة نوعية الأعوام الأخيرة، بما يحقق المصالح المشتركة للدولتين والشعبين، فضلاً عن مواصلة المشاورات والتنسيق المتبادل، وتبادل الرؤى حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية».
وذكر المتحدث الرسمي للرئاسة المصرية بسام راضي أن «الرئيس السيسي يلتقي كبار المسؤولين بالحكومة الفرنسية، لدفع التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والعسكرية».
وبحسب متحدث الرئاسة المصرية أمس، فإن «مشاركة الرئيس السيسي في (مؤتمر باريس) تأتي تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي، وفي ضوء العلاقات الوثيقة التي تربط مصر وفرنسا، فضلاً عن دور مصر المحوري في دعم المسار السياسي في ليبيا على الصعيد الثنائي والإقليمي والدولي».
وأوضح أن «الرئيس المصري يعتزم التركيز خلال أعمال المؤتمر على تكاتف المجتمع الدولي لمساندة ليبيا خلال المنعطف التاريخي الهام الذي تمر به حالياً، من خلال إجراء الاستحقاق الانتخابي المنتظر في موعده ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وكذلك خروج جميع القوات الأجنبية و(المرتزقة) والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية، فضلاً عن إلقاء الضوء على الجهود المصرية الجارية في هذا الصدد على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية».
وقبل يومين بحث السيسي وماكرون خلال اتصال هاتفي، تعزيز العلاقات، وفي مايو (أيار) الماضي أجرى الرئيسان مباحثات عبر الفيديو مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، سعياً لوساطة بشأن التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين.
من جهته، أكد سفير مصر لدى فرنسا علاء يوسف «وجود تنسيق كامل ومشاورات مستمرة بين الرئيسين السيسي وماكرون بشأن القضايا الإقليمية والدولية كافة، ومن بينها تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، والقضية الليبية».
ووفق يوسف فإن «العلاقات المصرية - الفرنسية شهدت زخماً إيجابياً في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتكنولوجية خلال الأعوام الماضية مدعومة بتبادل الزيارات بين كبار المسؤولين بالبلدين»، متوقعاً «تنامي حجم التجارة والاستثمارات بين البلدين خلال الأعوام المقبلة، نتيجة اهتمام الشركات الفرنسية بالاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر، ونجاح الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، والمشروعات القومية الضخمة في مصر والإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لتوفير البيئة المواتية للاستثمار». وأوضح يوسف خلال تصريحات أوردتها وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية مساء أول من أمس أن «التعاون بين البلدين في مجال الطاقة شهد نمواً ملحوظاً في ضوء خطة مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتداول وتجارة الغاز»، لافتاً إلى أن «فرنسا انضمت إلى منتدى غاز شرق البحر المتوسط»، وأن «مصر وفرنسا تتعاونان لمواجهة الأفكار (المتطرفة)»، مؤكداً أن «الحكومة الفرنسية تتفهم الموقف المصري المتعلق بضرورة التوصل إلى اتفاق (قانوني مُلزم) في أسرع وقت بشأن (سد النهضة) لضمان حقوق القاهرة المائية». ويشار إلى أن مجلس الأمن الدولي قد اعتمد بياناً رئاسياً منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، يشجع الدول الثلاث «مصر والسودان وإثيوبيا» على استئناف المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي للوصول لاتفاق مُلزم «خلال فترة زمنية معقولة».



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.