اتفاق أميركي ـ روسي بشأن الكيماوي السوري يمهد لوضع دمشق تحت البند السابع

وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف يناقشان الوضع السوري لدي لقائهما في جنيف أمس (أ. ب)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف يناقشان الوضع السوري لدي لقائهما في جنيف أمس (أ. ب)
TT

اتفاق أميركي ـ روسي بشأن الكيماوي السوري يمهد لوضع دمشق تحت البند السابع

وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف يناقشان الوضع السوري لدي لقائهما في جنيف أمس (أ. ب)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف يناقشان الوضع السوري لدي لقائهما في جنيف أمس (أ. ب)

بعد ثلاثة أيام من المفاوضات الماراثونية بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف توصل الطرفان في جنيف إلى اتفاق للتخلص من الأسلحة الكيماوية السورية. وتنص الخطة على إمكان صدور قرار دولي تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز اللجوء إلى القوة في حال لم تف دمشق بتعهداتها، كما تضع إطارا زمنيا للعملية؛ إذ يعرض الرئيس السوري بشار الأسد، بموجب الاتفاق، ما لديه من أسلحة في غضون أسبوع، على أن يجري التخلص منها كاملة بحلول منتصف العام المقبل.
ويعبر هذا الاتفاق المؤلف من ست نقاط عن تقدم حقيقي في مشهد الأزمة السورية بعد أن بدت الهوة في مواقف الطرفين كبيرة في البداية.
وقال كيري في مؤتمر صحافي مشترك مع لافروف إن «الولايات المتحدة وروسيا التزمتا بالعمل على تدمير ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية في أسرع وقت ممكن. على سوريا أن تقدم خلال أسبوع قائمة كاملة» بأسلحتها الكيماوية.
وأعلن أنه يجب أن يكون مفتشو الأسلحة التابعون للأمم المتحدة على الأرض في سوريا في موعد لا يتجاوز نوفمبر (تشرين الثاني). وأضاف أن الهدف هو التدمير الكامل للأسلحة الكيماوية لدى سوريا بحلول منتصف 2014.
وأضاف كيري: «توصلنا إلى تقييم مشترك لكميات ونوعية الأسلحة التي يملكها نظام الأسد، وإننا مصممون على وضع هذه الأسلحة بسرعة تحت إشراف الأسرة الدولية»، وسط تقديرات بأن سوريا تملك نحو 1000 طن من الأسلحة الكيميائية.
ودعا كيري إلى «تدمير وتحقق سريعين» للأسلحة الكيماوية السورية، مطالبا دمشق بالسماح «بالوصول الفوري وبلا قيود» إلى مواقع هذه الأسلحة.
وتابع: «من الأسباب التي تحملنا على اعتقاد أن هذا قابل للتحقق أن نظام الأسد اتخذ تدابير استثنائية للحفاظ على السيطرة على هذه الأسلحة»، مشددا على أن هذه الأسلحة الكيماوية تبقى بصورة عامة في المناطق التي يسيطر عليها النظام. وقال: «من المفترض بالتالي ألا نواجه أي مشكلة في الوصول إلى هذه المواقع، وسيجري اختبار هذا الأمر قريبا».
وأشار كيري إلى أنه «في حال جرى تنفيذ الجدول الزمني بالكامل، فقد يضع ذلك حدا للخطر الذي تطرحه هذه الأسلحة، ليس على الشعب السوري فحسب، بل كذلك على جيرانه»، مضيفا أنه «نظرا إلى مخاطر انتشار (الأسلحة) فإن هذا الجدول الزمني يمكن أن يعزز الحماية والأمن للعالم بأسره»، وأضاف «أن العالم ينتظر الآن من نظام الأسد الالتزام بتعهداته».
وحذر كيري من أنه إذا لم تلتزم سوريا بالاتفاق الذي يتعين أن تضع اللمسات النهائية له منظمة مكافحة استخدام الأسلحة الكيماوية فإنها ستواجه عواقب بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يتناول العقوبات والعمل العسكري. وقال إنه لم يجر الاتفاق على ماهية هذه الإجراءات، لكنه أضاف أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يحتفظ بحق استخدام القوة العسكرية في سوريا. وتابع: «لا يوجد تقليص للخيارات».
ويبدو أن الروس وافقوا أخيرا على مبدأ إصدار قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة في حال لم تف دمشق بالتزاماتها، وهو ما كانوا يعارضونه بشدة منذ اندلاع النزاع السوري قبل عامين ونصف عام.
من جانبه أشاد لافروف بالمحادثات مع كيري، واصفا إياها بأنها «ممتازة». وقال: «جرى بلوغ الهدف الموضوع في سبتمبر (أيلول) من الرئيسين الروسي (فلاديمير بوتين) والأميركي (باراك أوباما) لوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت المراقبة». وأضاف: «أنا شخصيا وكيري أكدنا تأييدنا لحل سلمي في سوريا».
وقال لافروف: «في حال عدم احترام (دمشق) للشروط (في إطار اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية) أو في حال استخدام الأسلحة الكيماوية من أي جهة كانت، فإن مجلس الأمن الدولي سيتخذ تدابير في إطار الفصل السابع» من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة، لكنه أضاف: «هذا لا يعني بالطبع أننا سنصدق أي حالة انتهاك يجري رفعها إلى مجلس الأمن الدولي من دون التحقق منها».
وشدد في الوقت نفسه على أن الاتفاق «لم يذكر شيئا عن استخدام القوة، ولا شيئا بشأن أي عقوبات تلقائية»، حسبما أوردته وكالة رويترز.
وتابع أن البلدين توصلا إلى تسوية «في مهلة قياسية». وقال مبديا ارتياحه إنه «بالإرادة الطيبة وتعليمات رئيسينا، بوسع روسيا والولايات المتحدة أن تتحركا بنجاح لتسوية المشكلات العالمية» بما في ذلك مشكلات أسلحة الدمار الشامل.
وكان أوباما هدد باستخدام القوة ردا على هجوم الأسلحة الكيماوية يوم 21 أغسطس (آب) في سوريا الذي يقول مسؤولون أميركيون إنه قتل فيه نحو 1400 شخص. واتهمت الولايات المتحدة حكومة الأسد بارتكاب هذا الهجوم، بينما تقول روسيا والأسد إن قوات المعارضة هي التي نفذته.
وأذاعت وسائل الإعلام السورية المؤتمر الصحافي لكيري ولافروف على الهواء، مشيرة إلى أن دمشق راضية عن الاتفاق.
واتفق الوزيران كيري ولافروف في سويسرا على عقد اجتماع جديد في نيويورك «بحدود 28 سبتمبر»، على هامش الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة، وذلك لتحديد موعد مؤتمر «جنيف2» للسلام في سوريا.
وإثر اللقاء الثلاثي مع مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، جدد لافروف تأكيده التزام روسيا لصالح عقد مؤتمر دولي للسلام في سوريا بمشاركة «كل مجموعات المجتمع السوري». وقبيل الإعلان عن الاتفاق، حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال كلمته الإذاعية الأسبوعية أمس، دمشق، مطالبا إياها بأعمال «حسية». وبحسب صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، بدأت سوريا بإخفاء ترسانتها من الأسلحة الكيميائية في نحو 50 موقعا مختلفا، بهدف تعقيد مهمة المفتشين الدوليين المكلفين مراقبة هذه الأسلحة. وقال أوباما: «لن نسلم بتصريحات روسيا والأسد. إننا بحاجة إلى رؤية خطوات ملموسة تثبت أن الأسد جاد بشأن التخلي عن أسلحته الكيماوية».
وتابع أوباما: «بما أن هذه الخطة ظهرت فقط في ظل تهديد ذي مصداقية بتحرك عسكري أميركي، فسوف نبقي على مواقعنا العسكرية في المنطقة لإبقاء الضغط على نظام الأسد».
وقال أوباما معلقا على محادثات جنيف: «لقد أوضحنا أنه لا يمكن أن يشكل ذلك تكتيكا يهدف إلى المماطلة»، وقال: «إن أي اتفاق يجب أن يتحقق من التزام نظام الأسد وروسيا بتعهداتهما، وهذا يعني العمل على وضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت إشراف دولي وصولا في نهاية المطاف إلى تدميرها».
وفي غضون ذلك رحبت الأمم المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا بالاتفاق. وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الاتفاق الروسي - الأميركي ينبغي أن يتيح إنهاء «المعاناة المروعة» للسوريين.
ونقلت المتحدثة باسم الأمم المتحدة فانينا مايستراشي أن الأمين العام «يعد» بأن تساعد الأمم المتحدة في تنفيذ هذا الاتفاق، و«يأمل بقوة» أن يمهد الاتفاق «لحل سياسي يضع حدا للمعاناة المروعة للشعب السوري».
وبدوره قال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ إن المهمة «العاجلة» لتطبيق هذا الاتفاق تبدأ من الآن. وقال عبر موقع «تويتر»: «تحدثت إلى كيري. إن بريطانيا ترحب باتفاق الولايات المتحدة وروسيا حول الأسلحة الكيميائية في سوريا».
ورحب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بالاتفاق الأميركي، معتبرا أنه «تقدم مهم». وقال إن باريس ستأخذ في الاعتبار تقرير خبراء الأمم المتحدة حول الهجوم الكيميائي في 21 أغسطس الذي يتوقع صدوره غدا (الاثنين) «لتحدد موقفها».
في المقابل، أبدى وزيرا خارجية تركيا وكندا، أحمد داود أوغلو وجون بيرد، في إسطنبول، تشكيكهما في عزم دمشق على التخلص من ترسانة أسلحتها الكيماوية.
وقال الوزير التركي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الكندي الذي يزور تركيا: «فيما نعقد الآن هذا المؤتمر الصحافي، طيران النظام السوري لا يزال يقصف مناطق مختلفة (...) ويقتل مدنيين». واعتبر داود أوغلو أن المبادرة التي أطلقتها روسيا لتفكيك الترسانة الكيميائية السورية «لن تلغي الجرائم المرتكبة في الماضي التي استهدفت نساء وأطفالا وأبرياء».
* النقاط الرئيسية في الاتفاق الأميركي ـ الروسي
* توصلت الولايات المتحدة وروسيا أمس إلى «إطار للقضاء على الأسلحة الكيماوية السورية»، وفيما يلي النقاط الرئيسية للاتفاق:
* تطلب الولايات المتحدة وروسيا من منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيماوية الموافقة على إجراءات غير عادية خلال الأيام القليلة المقبلة «لتدمير برنامج الأسلحة الكيماوية السوري على وجه السرعة والتحقق بطريقة صارمة من ذلك».
* تعمل الولايات المتحدة وروسيا معا نحو تبني قرار للأمم المتحدة بسرعة يضع موضع التنفيذ قرار منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيماوية، بما في ذلك خطوات لضمان التحقق من التنفيذ وفاعليته.
* يتعين على سوريا ضمان حق تفتيش أي المواقع وكل المواقع في سوريا على الفور ودون قيود.
* إذا لم تلتزم سوريا، بما في ذلك النقل غير المسموح به أو الاستخدام لأسلحة كيماوية من جانب أي طرف في سوريا، فإنه يجب أن يفرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إجراءات بموجب قرار يصدر على أساس الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
* يجب أن تقدم سوريا في غضون أسبوع «قائمة شاملة تتضمن أسماء وأنواع وكميات أسلحتها الكيماوية وأنواع الذخائر وموقع وشكل التخزين والإنتاج والأبحاث ومنشآت التطوير».
* تريد الولايات المتحدة وروسيا تدمير الأسلحة خارج سوريا إذا أمكن ذلك.
* يتعين القضاء على منشآت تطوير وصنع أسلحة كيماوية ونظم إطلاق الأسلحة.
* يشمل الاتفاق المواعيد المستهدفة التالية:
- استكمال التفتيش الأولي الميداني للمواقع المعلن عنها بحلول نوفمبر (تشرين الثاني).
- تدمير معدات الإنتاج ومزج العناصر وتعبئتها بحلول نوفمبر.
- القضاء الكامل على كل مواد الأسلحة الكيماوية ومعداتها في النصف الأول من عام 2014.



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.