«بارود» تعيد زوار موسم الرياض لأحداث في التاريخ السعودي

متحف للأسلحة وقصص يحكيها الراوي

التعشير فن يستخدم لتخويف الأعداء والاحتفال بالانتصار (تصوير: بشير صالح)
التعشير فن يستخدم لتخويف الأعداء والاحتفال بالانتصار (تصوير: بشير صالح)
TT

«بارود» تعيد زوار موسم الرياض لأحداث في التاريخ السعودي

التعشير فن يستخدم لتخويف الأعداء والاحتفال بالانتصار (تصوير: بشير صالح)
التعشير فن يستخدم لتخويف الأعداء والاحتفال بالانتصار (تصوير: بشير صالح)

جمعت منطقة «كومبات فيلد» التي انطلقت فعاليتها ضمن موسم الرياض، بين أصالة الماضي والحاضر، عبر استحضار عراقة التاريخ السعودي من خلال قسم «البارود» الذي يحتوي على لمحات تحكي قصص الحروب والغزوات قديماً. و«كومبات فيلد» هي منطقة مختصة بالمنافسات الترفيهية القتالية والعروض الحركية، على مساحة تتجاوز 300 ألف م2. وتضم 33 منافسة وفعالية قتالية حربية وتكنولوجية، وهي من أقوى مناطق الترفيه إثارة في موسم الرياض، إذ تنقل الزوار إلى أراضي معارك محتدمة وحقيقية.
وتشمل فعاليات القسم الذي يستمر طوال أيام الموسم، مجلس الراوي، وركن الصقور، وورش عمل، وإسطبلاً مصغراً للخيل، وخيمة استراحة المحارب، بالإضافة إلى متحف لعرض أبرز الأدوات والأسلحة المستخدمة في الحروب قديماً.
كما يصادف الزوار عند تجولهم في قسم «البارود» عدداً من المتاجر التي لا تتجاوز مساحتها المترين، مستوحاة من التراث السعودي، وتتنوع البضائع التي تبيعها بين أدوات القنص والصيد وأدوات خاصة بالخيول والهجن، إضافة إلى متاجر للهدايا، وهو ما يشبع هوايات واهتمامات شرائح متنوعة من الجمهور.
وتحتوي المنطقة أيضاً على قرية مصغرة للرمي بالبارود، مع توفير مساحات آمنة لممارستها، كما يعرض المتحف في المنطقة الأسلحة التاريخية، ولمحة عن عراقة تاريخ الأسلحة العربية التي كانت تستخدم في الماضي أبرزها بنادق «المقمع»، وهي الأشهر في تلك الحقبة الزمنية ويستخدم لها بودرة البارود للرمي بها بغرض الصيد أو القتال.
ويعرض المسرح المقام في المنطقة عروض «التعشير»، وهي رقصة حربية فلكلورية تؤدى قبل المعارك بهدف إخافة الخصوم، ويؤديها العارض حاملاً سلاح المقمع الذي يحشى بالبارود ويطلق إلى الأسفل عندما يقفز العارض إلى أعلى وكان المحاربون القدامى يمارسون الرقصة كنوع من بث الثقة والحماسة قبل خوض المعركة وعلى النقيض كانت تبث الرعب في قلوب أعدائهم.
كما يضم القسم مجموعة من الورش، منها ورشة تصنيع القوس والسهم، وتشكيل السيف، وتزيين الخنجر، وتحظى هذه الورش بإقبال كبير من الزوار، خاصة مع تعريفهم بكيفية تعلم صناعتها بمحتواها القديم، إضافة إلى ركن للصقور، ومضمار للخيول العربية الذي يتيح للزائر فرصة الاستمتاع بمشاهدتها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».