صدم حريق مسرح «استوديو ناصيبيان» الشهير في مصر، الكثير من الفنانين المصريين، بعدما أُضرمت النيران في أرجاء المسرح التاريخي، الذي يقع في حي «الفجالة» في وسط العاصمة القاهرة.
ويعد المسرح واحداً من أبرز رموز الفن والثقافة في مصر، وهو يقع داخل حيّز جمعية النهضة للعلوم والثقافة (جيزويت القاهرة)، إحدى أشهر الجمعيات الأهلية الثقافية في مصر.
وتعرض المسرح لحريق غير معروف السبب إلى الآن، وسط تحقيقات من النيابة المصرية، والتهم كامل المسرح وعدداً من الحافلات التابعة للجمعية. واعتبر القائمون على الجمعية أنّ «وقوع الحريق مساء أول من أمس الأحد (يوم العطلة الأسبوعية للجمعية)، ساهم في عدم وقوع كارثة في الأرواح»، فيما أعلنوا «تعرض المسرح بالكامل للحريق».
وكانت سيارات الإسعاف ورجال الحماية المدنية والإطفاء حضروا لموقع الحريق فور الإبلاغ، وعملوا على إطفاء الحريق الذي التهم المسرح من دون وجود إصابات بشرية. ووجه الأب وليم سيدهم اليسوعي، رئيس مجلس إدارة جمعية النهضة، الشكر لكل دعوات الدعم التي تلقتها الجمعية في أعقاب الحريق، وكتب على صفحته عبر «فيسبوك»: «لقد أمددتمونا بطاقات حب التي جعلتنا نسجد لله شكرا على هذا الزخم من المساندة والتشجيع. نعدكم أن نكون على مستوى حسن ظنكم بنا، والله وحده معكم يمدنا بقوته وعزته لنتشجع ونعاود الكرة مرة أخرى».
ويعد مسرح «استوديو ناصيبيان» ثاني أقدم استوديو سينمائي في مصر، يعود تأسيسه لرئيس الجالية الأرمينية في مصر هرانت ناصيبيان، الذي باعه بعد ثورة 23 يوليو (تموز) عام 1952 مباشرة قبل هجرته من مصر، وظل يُؤجر حتى اشترته جمعية النهضة (جيزويت القاهرة). وشهد هذا الاستوديو تصوير عدد من أشهر أفلام السينما المصرية، منها: «عروس النيل»، و«الفتوة»، و«شفيقة ومتولي»، و«شيء في صدري»، و«الحفيد»، و«باب الحديد».
حسب الدكتورة مروة عبد الله السيد، مديرة مدرسة سينما الجيزويت بالقاهرة، فإن القيمة الثقافية والفنية والتاريخية لاستوديو مسرح ناصيبيان «كبيرة جداً». وتضيف لـ«الشرق الأوسط» أنّ «المسرح يعد ثاني أقدم استوديو للتصوير في مصر، ساهم موقعه ومكانه في تطوير صناعة السينما المصرية، واستطاعت جمعية النهضة على مدار سنوات طويلة في تطويره وتجديده، سواء بالمعدات أو خشبة المسرح، لخدمة عدد أكبر من الفنانين على مدار السنوات وإتاحة العروض لجمهور أكبر».
ويعتبر هشام أصلان، المستشار الإعلامي لجمعية النهضة، مدير صالون الجيزويت الثقافي، أنّ «حريق مسرح ناصيبيان له خسائره العملية والمعنوية على السواء»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أنّه «إلى جانب تاريخه فهو وثيق الارتباط بصناعة السينما، ومفتوح لاستضافة الفرق المسرحية المستقلة، ومسرح الشارع، علاوة على كثير من الفعاليات والاجتماعات للجمعية».
وذكر أصلان أنّ «المسرح على مدار الفترة الأخيرة كان يشهد فعاليات (صالون الجيزويت الثقافي) الشهري، الذي كان يعتمد على استضافة شخصيات ثقافية وفنية مؤثرة وسط حضور ومشاركة حيّة من جمهور الجمعية، وكان يمنح الصالون طقساً خاصاً، وبُعداً بصرياً غنياً عبر توظيف إمكانيات المسرح من صوت وإضاءة خلال الحوار مع ضيوفه، منهم الموسيقار راجح داود، والمخرج السينمائي داود عبد السيد، والكاتب محمد سلماوي، والسيناريست مدحت العدل، والكاتب عمر طاهر، وغيرهم»، موضحاً أنّ «التأثر النفسي البالغ المرتبط بالحريق والتهامه للمسرح سيظل قائماً، خاصة أنّ المسرح يمثل للكثيرين رصيداً ضخماً من الذكريات التي لا يمكن إحصاؤها».
وكانت جمعية النهضة قد دشنت الشهر الماضي مبادرة «المشاركة المجتمعية لتنمية الثقافة والفنون المستقلة» التي تهدف لتطوير قطاعات ومدارس جيزويت القاهرة، ويقول الكاتب أصلان إنّه «من المتوقع أن يكون إعادة بناء المسرح من جديد على رأس أولويات تلك المبادرة التي تضم جهات وأفرادا من محبي وداعمي الجمعية».
وحسب سامح سامي، المدير التنفيذي لـ«جيزويت القاهرة» فإنّه رغم أنّ حدث حريق مسرح ناصيبيان بالكامل حادث مؤلم لكل مُحبي الجمعية، فإنهم سيبدأون على الفور خطة إعادة بنائه من جديد كمنارة للفن. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نأمل أن تستطيع مبادرة (المشاركة المجتمعية لتنمية الثقافة والفنون المستقلة) التي أطلقناها في تمويل إعادة بناء المسرح من جديد، ولن يكون الحريق عائقاً عن توقفه عن مواصلة نشاطه واستقباله للفرق والعروض المستقلة». مؤكداً أنّهم في انتظار الانتهاء من تحقيقات النيابة لتحديد سبب هذا الحريق.
حريق «استوديو ناصيبيان» التاريخي يصدم الفنانين المصريين
أنشئ في ثلاثينات القرن الماضي واستضاف تصوير 140 فيلماً
حريق «استوديو ناصيبيان» التاريخي يصدم الفنانين المصريين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة