الجهات السورية المتحاربة تحشد في تل تمر بريف الحسكة

التحالف الدولي يلقى بالونات تحذيرية للطيران الروسي

دورية أميركية في بلدة تل تمر بريف محافظة الحسكة شمال سوريا أمس (الشرق الأوسط)
دورية أميركية في بلدة تل تمر بريف محافظة الحسكة شمال سوريا أمس (الشرق الأوسط)
TT
20

الجهات السورية المتحاربة تحشد في تل تمر بريف الحسكة

دورية أميركية في بلدة تل تمر بريف محافظة الحسكة شمال سوريا أمس (الشرق الأوسط)
دورية أميركية في بلدة تل تمر بريف محافظة الحسكة شمال سوريا أمس (الشرق الأوسط)

للمرة الأولى منذ انتشار القوات النظامية الموالية للأسد نهاية 2019 في بلدة تل تمر الواقعة أقصى شمال محافظة الحسكة، بعد عملية «نبع السلام» التركية، أجرت هذه القوات مناورات عسكرية بالسلاح الحي بتنسيق وتغطية جوية من الطيران الحربي الروسي، بينما تصدت مقاتلات حربية تابعة للتحالف الدولي، بالتحليق في أجواء المنطقة، وألقت بالونات حرارية تحذيرية للطيران الروسي بعدم الاقتراب من مجالها الجوي وقواعدها العسكرية هناك.
وقال مصدر عسكري وشهود عيان من سكان تل تمر، إن القوات الروسية والقوات النظامية، أجرت مناورات عسكرية أمس الأحد، بالأسلحة الحية ومدرعات برية بمشاركة وتغطية الطيران الحربي الروسي، الذي حلق بعلو منخفض في ريف البلدة الشمالي والغربي، على مقربة من خطوط التماس ونقاط المواجهة مع الجيش التركي وفصائل سورية مسلحة موالية. وألقت الطائرات الروسية بالونات حرارية 3 مرات فوق خطوط التماس، بالقرب من الطريق الدولي السريع (إم 4) وإطلاق صواريخ في المساحات الفارغة بين قريتي «تل اللبن» و«العالية» على امتداد محور الطريق الدولي السريع المحاذي لسهول جبل عبد العزيز.
وهذه المنطقة تخضع عسكرياً وإدارياً لنفوذ وسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة من واشنطن، وينتشر الجيش التركي وفصائل سورية موالية في ريفها الغربي والشمالي، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وتزامنت هذه المناورات مع تحشيد الجهات السورية المتحاربة في هذه المنطقة، حيث وصلت تعزيزات عسكرية للجيش التركي لدعم الفصائل السورية الموالية في منطقة «نبع السلام»، وتنتظر ساعة الصفر لبدء هجوم عسكري. في حين قال قيادي عسكري في «قسد» من تل تمر، إن رتلاً عسكرياً تابعاً لقوات سوريا الديمقراطية، ضم أكثر من 20 عربة وسيارة عسكرية ثقيلة مزودة بأسلحة رشاشة وذخيرة، وصل أول من أمس لنقاط التماس في محيط البلدة قادمة من مدينة الحسكة المجاورة. كما أشارت مصادر أهلية محلية، إلى أن قوات النظام، استقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة ضمت دبابات وراجمات الصواريخ ومدافع ميدانية ومعدات عسكرية ولوجيستية وجنود بحماية الطيران الروسي.
في السياق، سيّر الجيش الأميركي دورية عسكرية مؤلفة من 10 عربات عسكرية، أمس، وصلت تل تمر قادمة من قواعدها بمدينة الحسكة، وتمركزت 4 مدرعات في المدخل الشرقي للبلدة وجالت 4 منها في سوقها المركزية وتوجهت إلى المدخل الغربي، وعبرت الطريق الدولي السريع الذي يربط تل تمر بمدينة عين عيسى بريف الرقة غرباً، بينما حلقت مقاتلات حربية تابعة للتحالف الدولي في أجواء المنطقة، وألقت بالونات حرارية تحذيرية للطيران الروسي، في رسالة بعدم الاقتراب من النطاق الجوي التابع للتحالف ووجود قاعدة عسكرية في قرية «القسرك» التي تبعد عنها قرابة 20 كيلومتراً في الجهة الشرقية.
في هذه الأثناء، وصلت تعزيزات عسكرية لقوات التحالف الدولي والجيش الأميركي المنتشرة بالحسكة، قادمة من إقليم كردستان العراق المجاور، ضمت 40 شاحنة كان على متنها مواد لوجيستية ومعدات عسكرية، وهذه ثالث قافلة عسكرية تصل قواعد التحالف خلال شهر، بهدف دعم القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة ويقدر عددها نحو 900 جندي.
من جهة ثانية، قال حسين سلمو، قائد «مجلس إقليم الجزيرة» في أحد المجالس العسكرية التابعة للقيادة العامة لقوات «قسد»، بأن تركيا تهدد وتهاجم بجيشها المنطقة، مشدداً على أننا «لن نقف مكتوفي الأيدي حيال هجمات الاحتلال التركي، بل سنتصدى لها ونحارب من يريد احتلال أرضنا والنيل من المكتسبات التي حققها شهداؤنا»، منوهاً بأن من حقهم الدفاع عن النفس وحماية مناطقهم، وطالب القوات النظامية والجيش الروسي بـ«وجوب تحرير المناطق المحتلة من قبل دولة الاحتلال التركي ومرتزقته الموالين، والعمل على إعادة المهجرين قسراً إلى ديارهم في عفرين وسري كانيه وكري سبي وكل المناطق السورية».
وكانت دفعات من عناصر الفصائل الموالية لتركيا، قد خرجت من معبر حوار كلس شمال شرقي حلب، إلى الأراضي التركية وتوجهت إلى منطقة «نبع السلام» في ريفي الرقة والحسكة، وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن دفعات من فصائل «فرقة الحمزة وفيلق الرحمن والسلطان مُراد وأحرار الشرقية وجيش الشرقية وفصيل سليمان شاه والفرقة التاسعة»، وتشكيلات أُخرى من فصائل «الجيش الوطني» الموالي لتركيا، وصلت الجمعة، إلى مدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا شمال الرقة، بعد عبورها الأراضي التركية قادمة من مناطق «درع الفرات» في ريف حلب، في ظل الحشود العسكرية التركية التي وصلت تل أبيض قبلها، بالتزامن مع الحديث التركي عن اقتراب انطلاقة معركة تستهدف مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شمال شرقي سوريا.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.