هل يواجه المحتوى العربي تحديات على «منصات التواصل»؟

شعار «ميتا» الجديد
شعار «ميتا» الجديد
TT

هل يواجه المحتوى العربي تحديات على «منصات التواصل»؟

شعار «ميتا» الجديد
شعار «ميتا» الجديد

طُرحت تساؤلات حول التحديات التي تواجه المحتوى العربي على منصات التواصل الاجتماعي، عقب جدل أثارته «وثائق مسربة» من داخل منصة «فيسبوك»، ونُشرت على صعيد واسع في وسائل الإعلام الغربية والعربية، تتعلق بتعامل المنصة مع المحتوى المنشور باللغة العربية. إذ أظهرت هذه «الوثائق المسربة»، سوء فهم خوارزميات «فيسبوك» للهجات العربية المختلفة، إضافةً إلى أن فريق متابع المنشورات العربية الموجود في المغرب يواجه صعوبة في فهم اللهجات العربية وطُرق الكتابة، وهو ما تسبب في حظر كثير من المنشورات بطريق الخطأ.
يرى متخصصون وخبراء أن «فيسبوك» لم ينجح في التعامل مع المحتوى العربي. وأشار بعضهم إلى أن «المشكلة لا تتعلق باللغة العربية فقط بل تشمل اللغات الأخرى». لكنهم أوضحوا أن «أعداد الجمهور العربي على المنصة خلفت الكثير من التحديات».
وفق الوثائق التي سرّبتها الموظفة السابقة في «فيسبوك» فرنسيس هوغن، ونشرتها وسائل الإعلام العالمية، الأسبوع الماضي، فإن «الأخطاء في التعامل مع المحتوى العربي لم تكن بسيطة». في حين أشارت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية في تقرير لها، إلى أن «إدارة (فيسبوك) كانت على علم بهذه الإخفاقات لسنوات؛ لكنها لم تفعل شيئاً لحل المشكلة». وذكر تقرير الوكالة أنه «من الأخطاء التي وقع فيها (فيسبوك») ما حدث في مايو (أيار) الماضي، حين حظر تطبيق (إنستغرام) استخدام كلمة (أقصى)، في إشارة إلى (المسجد الأقصى)، بسبب الخطأ في فهم معنى الكلمة، وهو ما اعتذر عنه (فيسبوك) فيما بعد». وفق «أسوشييتد برس» فإن «فحص الوثائق المسرّبة لـ(فيسبوك) أظهر أن المشكلة ليست محصورة بمحتوى اللغة العربية، بل يشمل أيضاً مناطق أخرى من العالم، حيث ينتشر المحتوى الضار وخطاب الكراهية، لأن الشركة لا تملك كادراً ملمّاً بلغات هذه المناطق وسياقاتها الثقافية».
أشرف زيتون، المدير السابق لسياسات «فيسبوك» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أوضح في لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن «المحتوى على منصة تواصل اجتماعي مثل (فيسبوك) يمرّ عبر ثلاث بوابات: الأولى هي بوابة الذكاء الصناعي التي تعتمد على الخوارزميات المُعدّة سلفاً عبر فريق من المبرمجين ولا يتدخّل فيها أي عنصر بشري، وهي مسؤولة عن التعامل مع 85% من المحتوى. أما البوابة الثانية، المسؤولة عن التعامل مع ما بين من 10 و13% من المحتوى، فهي بوابة شركات الاستشارات الخاصة التي تتولى تقديم خدمة إدارة المحتوى لـ(فيسبوك)، وهي عادةً ما توظِّف لهذه المهمة فريقاً كبيراً من مديري التعليقات ليست لديهم خبرات وليسوا موظفين دائمين... بالتالي، لا يتحمل (فيسبوك) أي تبعات تجاههم، وهذا الفريق موجود حالياً في المغرب».
ويتابع زيتون: «وفيما يتعلق بالبوابة الثالثة، فهي تتكون من الفريق العربي لـ(فيسبوك). ويضم هذا القسم نحو 40 موظفاً موجودين حالياً في العاصمة الآيرلندية دبلن، وهو فريق مدرب ومعيّن لدى (فيسبوك)، ولديه قدرات أكبر من الفريق الموجود في المغرب».
زيتون يرى أن «هذه البوابات الثلاث لم تنجح في التعامل مع المحتوى العربي. فالفريق الموجود في المغرب لا يستطيع فهم جميع اللهجات العربية، وكذلك تعجز خوارزميات (فيسبوك) عن تفسيرها، إضافةً إلى أن المنطقة العربية من المناطق التي يصعب التعامل معها بسبب كثرة الحروب والنزاعات فيها».
من جهته، قال فتحي أبو حطب، الخبير المصري في شؤون الإعلام الرقمي، في حواره مع «الشرق الأوسط» إنه «على الرغم من أن (فيسبوك) يُفترض وجوده في كل مكان في العالم؛ فلديه مناطق ونقاط عمياء -حسب تعبيره. ففريق الإدارة في المغرب صغير مقارنةً بحجم العمل، كما أن لهجات اللغة العربية متعددة، ويستخدم العرب طُرقاً مختلفة للكتابة». ويشير إلى أنه «وفق الوثائق المسرّبة فإن المسؤولين عن إدارة المحتوى العربي قد أبلغوا إدارة (فيسبوك) بصعوبة التعامل معه».
أيضاً، حسب تقرير «أسوشييتد برس» فإن «(فيسبوك) أخفق في تطوير تقنيات ذكاء صناعي قادرة على اكتشاف المحتوى الضارّ. وهو ما سمح بانتشار خطاب الكراهية وازدهاره في بعض الدول، فأدى إلى حذف وتقييد كلمات عادية وشائعة تستخدم في الخطاب اليومي». ثم إن التقرير أشار كذلك إلى أن «المشكلة غير المحصورة في اللغة العربية؛ موجودة في اللغات الأخرى وأماكن النزاع مثل أفغانستان والهند».
عودة إلى زيتون، فإنه يقول: «رغم وجود 215 مليون مستخدم لـ(فيسبوك) في المنطقة العربية، فإن النظام داخل (فيسبوك) عاجز عن التعامل مع هذا العدد من الجمهور العربي، ما يخلق الكثير من التحديات». ثم يشير إلى أنه «سبق أن أبلغ إدارة (فيسبوك) باعتراضه على تمركز فريق إدارة المحتوى العربي في المغرب». وطالب بـ«تجنب التعامل مع المنطقة العربية ككتلة واحدة، لأنها في الحقيقة مقسّمة إلى عدة مناطق ولهجات، إضافةً إلى أنه لا بد من فهم السياقات التي يجري فيها الحديث».
ثم يتحدث زيتون عن سوء استثمار «فيسبوك» للسوق العربية، فيشرح «رغم كون العراق ثاني أكبر سوق بعد مصر على المنصة؛ لا يضم فريق الإدارة في دبلن إلا عراقياً واحداً». ويضيف: «للأسف، (فيسبوك) لم يستثمر الكثير في هذه السوق رغم كبرها...». وهنا يقول أبو حطب، موضحاً أن «(فيسبوك) غير مُتحيز ضد العرب، لكنه في نفس الوقت غير مهتم بهم، وهنا تكمن المشكلة».
من جهة أخرى، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن أن «برامج الذكاء الصناعي التي يعتمد عليها (فيسبوك) لم تتمكن إلا من حذف 2% من إجمالي منشورات خطاب الكراهية». وحسب مراقبين، «يواجه (فيسبوك) حالياً حملة إعلامية، يشارك فيها 30 صحافياً من 17 مؤسسة مختلفة، تعتمد على الوثائق التي سرّبتها الموظفة السابقة هوغن حول سياسات الشركة تجاه المستخدمين».
وبالمناسبة، كانت شركة «فيسبوك»، مالكة المنصة العالمية، قد أعلنت الأسبوع الماضي عن تغيير اسمها إلى «ميتا»، وهو ما فسّره المراقبون بأنه «محاولة لتحسين السمعة وتحاشي ربط اسم الشركة التي تضم منصات متعددة بمنصة (فيسبوك) التي تواجه الكثير من الانتقادات حالياً


مقالات ذات صلة

أستراليا تقر قانوناً يحظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم أقل من 16 عاماً

العالم رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (رويترز)

أستراليا تقر قانوناً يحظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم أقل من 16 عاماً

أقر البرلمان الأسترالي، اليوم (الجمعة) قانوناً يحظر استخدام الأطفال دون سن الـ16 عاما لوسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما سيصير قريباً أول قانون من نوعه في العالم.

«الشرق الأوسط» (ملبورن)
العالم يلزم القانون الجديد شركات التكنولوجيا الكبرى بمنع القاصرين من تسجيل الدخول على منصاتها (رويترز)

أستراليا تحظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً

أقرت أستراليا، اليوم (الخميس)، قانوناً يحظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق يحمل مشروع القانون الأسترالي منصات التواصل الاجتماعي المسؤولية القانونية في حالة فشلها  في منع الأطفال من امتلاك حسابات (أ.ف.ب)

«النواب الأسترالي» يقر مشروع قانون لحظر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال

أقر مجلس النواب الأسترالي، اليوم، مشروع قانون يحظر على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (ملبورن)
تكنولوجيا شعار شركة «ميتا» يظهر على شاشة جوّال (أ.ف.ب)

المفوضية الأوروبية تغرّم «ميتا» نحو 800 مليون يورو بتهمة تقويض المنافسة

أعلنت المفوضية الأوروبية، الخميس، أنها فرضت غرامة قدرها 798 مليون يورو على شركة «ميتا» لانتهاكها قواعد المنافسة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم الانشغال الزائد بالتكنولوجيا يُبعد الأطفال عن بناء صداقات حقيقية (جامعة كوينزلاند) play-circle 00:32

أستراليا تتجه لحظر «السوشيال ميديا» لمن دون 16 عاماً

تعتزم الحكومة الأسترالية اتخاذ خطوات نحو تقييد وصول الأطفال والمراهقين إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
TT

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)

قبل عام بالتمام والكمال، فازت الرياض، بتفوق، بتنظيم المعرض الدولي لعام 2030 وسط حالة من البهجة والسرور في الداخل والخارج ووسط حضور إعلامي استثنائي، نادراً ما شهد مثله المكتب العالمي للمعارض الذي استعاض بهذه المناسبة عن مكاتبه الباريسية الضيقة بقصر المؤتمرات في مدين «إيسي ليه مولينو» الواقعة على المدخل الغربي الجنوبي للعاصمة الفرنسية.

والثلاثاء، كان المكتب على موعد مع جمعيته العمومية الـ175، والاجتماع السنوي الذي ضم ممثلين عن أعضائه الـ184 لم يكن للإعلان عن فوز دولة جديدة بأي من المعارض بأنواعها الأربعة التي ينظمها المكتب الدولي، بل كان الغرض الأول منه الاستماع لوفد اليابان ليعرض التقدم الذي تحقق على درب تنظيم المعرض الدولي المقبل في مدينة أوزاكا ما بين 13 أبريل (نيسان) و13 أكتوبر (تشرين الأول) 2025. من هنا، كان الحضور الكاسح لوسائل الإعلام اليابانية والوفد الرسمي الكبير الذي جاء لفرنسا بهذه المناسبة. ولم يكتف الوفد الياباني بالكلمات التفصيلية بل قرن ذلك بثلة من أفلام الفيديو التي تشرح طموحات أوزاكا.

عبد العزيز الغنام المدير العام لإكسبو الرياض 2030 متحدثاً في الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض (الشرق الأوسط)

بيد أن الجمعية العمومية كانت أيضاً على موعد مع وفد المملكة السعودية ليعرض خططه والخطوات التنظيمية التي اجتازتها الرياض التي ما زال أمامها خمسة أعوام قبل الاستحقاق الكبير.

ووقعت المهمة على عاتق عبد العزيز الغنام، المدير العام لـ«إكسبو الرياض 2030» ليلقي كلمة ركز من خلالها على التوجهات الثلاثة الرئيسية التي تعمل الهيئة على تحقيق تقدم بشأنها، تاركاً التفاصيل لمتكلمين جاءوا بعده إلى المنصة. وفي المقام الأول، أشار الغنام إلى أن مدينة الرياض «أطلقت برنامجاً محدداً لتهيئة المدينة، وذلك من خلال دراسة أفضل الممارسات التي اتبعتها الجهات التي استضافت معارض إكسبو في السابق، وحددت المجالات الرئيسية للاستعداد للحدث الكبير». وأضاف الغنام: «أطلقنا، إضافة إلى ما سبق، دراسة لتقييم قدرة الرياض على المدى الطويل في عام 2030 والقيام بالاستثمارات اللازمة». وفي المقام الثاني، أفاد الغنام بأن المملكة «على المسار الصحيح لتقديم ملف التسجيل (للمكتب) لمراجعته بحلول أوائل عام 2025». وزاد: «نحن، في الوقت نفسه، نحرز تقدماً سريعاً حتى نكون جاهزين لتوقيع اتفاقية المقر بمجرد تسجيل إكسبو رسمياً». وأخيراً، وفي المقام الثالث، أشار الغنام إلى تطورات عمل الهيئة المنظمة: «بناءً على ملاحظاتكم ومساهمات كبار الخبراء، قمنا بتنقيح وتحسين موضوعنا العام ومواضيعه الفرعية ومخططنا الرئيسي وشعار إكسبو 2030 الرياض». واختتم كلمته بالقول إن «إكسبو الرياض 2030 ملك لنا جميعاً ونحن ملتزمون بتعميق شراكتنا معكم في كل خطوة على الطريق، بينما نواصل هذه الرحلة الرائعة معاً».

وكانت الكلمة الثانية لغيدا الشبل، من الهيئة المنظمة للمعرض، التي ركزت كلمتها على ما حققته الهيئة «لكسب ثقة المكتب ومواصلة الجهود لتقديم معرض غير مسبوق». وفي كلمتها، تناولت الشبل ثلاث نقاط؛ أولاها هيكلة حوكمة إكسبو. وفي هذا السياق، أشارت الشبل إلى أن «اللجنة العليا لإكسبو ستعمل، على أعلى مستوى، برئاسة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء على ضمان استمرار إكسبو بوصفه أولوية وطنية وقصوى للمملكة».

وأضافت: «ستتولى شركة تطوير إكسبو الرياض، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة، الإشراف على جميع مراحل إكسبو 2030 الرياض من أجل مواءمة الأهداف الاستراتيجية مع الأنشطة التشغيلية. وأخيراً، سيواصل المفوض العام لإكسبو 2030 تنسيقه الوثيق مع المكتب الدولي للمعارض، وسيمثل حكومة المملكة في جميع الأمور المتعلقة بإكسبو». وأشارت أيضاً إلى أن شركة تطوير إكسبو الرياض، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة، «ستتولى الإشراف على جميع مراحل إكسبو 2030 الرياض من أجل مواءمة الأهداف الاستراتيجية مع الأنشطة التشغيلية».

كذلك، فصلت الشبل الموضوع العام الذي سينعقد المعرض على ضوئه والذي يحمل رؤية المملكة، وهو «تخيل الغدّ» الذي ينقسم بدوره إلى ثلاثة مواضيع فرعية، وهي موضوع «تقنيات التغيير» وكيف يمكن للابتكار والإنجازات العلمية أن تحدث تغييراً إيجابياً. والموضوع الثاني عنوانه «حلول مستدامة» والمقصود بذلك الأساليب المبتكرة للعمل المناخي والتنمية المستدامة وتجديد النظام البيئي التي تدعم التقدم والإشراف البيئي.

فيما الموضوع الثالث محوره «الازدهار للجميع» بمعنى أن «التقدم الحقيقي تقدم شامل، ويعزز عالماً يكون فيه الازدهار واقعاً يتقاسمه الجميع». وأخيراً، أشارت الشبل إلى حضور الهيئة القوي في معرض أوزاكا وما ستقوم به في هذه المناسبة، كما وجهت الشكر للشريك الياباني لتعاونه. وأعقب ذلك فيلم فيديو قدمه مازن الفلاح يبين ما سيكون عليه المعرض المرتقب.