على وقع صوت الآلات الموسيقية الشعبية الراقص، احتفلت السلطات الليبية بوصول أول فوج سياحي أوروبي إلى العاصمة طرابلس، في ثاني محطة له داخل البلاد، بينما كشف عبد السلام اللاهي، وزير السياحة في حكومة «الوحدة الوطنية»، عن زيارة فوج آخر مكون من 800 سائح إلى ليبيا في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وذلك بعد انقطاع دام 10 أعوام.
أمضى الفوج السياحي المكون من 80 فرداً، وغالبيتهم من الإيطاليين والفرنسيين والسويسريين، ليلته الأولى أمس، في فندق «كورنثيا» بوسط العاصمة، بعد 12 يوماً قضاها في زيارة مناطق بالجنوب الليبي، تمتع خلالها بالصحراء الليبية المترامية، والتزلج على الرمال، ومشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة، بجانب التقرب من المواطنين الذين حرصوا على الترحيب بالسائحين بلهجتهم المحلية الجاذبة، وإشعارهم بالأمن والراحة.
وصل الفوج إلى ليبيا عبر معبر وزان الحدودي مع تونس، قبل أن ينتقل بمساعدة وكالة سفريات خاصة، إلى مدينة غدامس القديمة (جنوب ليبيا) والتجول في شوارعها وأزقتها ليعيد الروح مجدداً لهذه الصناعة المُعطلة منذ عقد.
وتُعد غدامس، المعروفة باسم «لؤلؤة الصحراء»، من أقدم المدن التي شُيدت في حقبة ما قبل الصحراء. وفي الجزء الجديد من هذه المدينة التي أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) على لائحة التراث العالمي، مسجد أنيق ذو مئذنتين، مقابل مبانٍ ضخمة مزينة بالقرون البيضاء التي تحاكي العمارة النموذجية للمدينة القديمة.
تجول الزوار مع كاميرات وهواتف ذكية في المدينة القديمة بأزقتها المطلية باللون الأبيض ومحالها الحرفية ومنازلها التقليدية المعززة بجذوع النخيل. وتفقدوا معرضي الصناعات التقليدية والحرف اليدوية فيها.
وقالت البلدية إن مديري الوكالات السياحية الليبية كانوا في استقبال السائحين، وحرصوا على إقامة برامج ترفيهية لهم في الواحة التي لم تستقبل مجموعات سياحية منذ اندلاع «ثورة 17 فبراير (شباط)» عام 2011، بسبب الفوضى التي سادت أنحاء البلاد.
وعملت أجهزة الشرطة في جنوب البلاد على تأمين الفوج السياحي، الذي أقلته سيارات دفع رباعي كبيرة الحجم، وحظي باهتمام ملحوظ، «لتبديد مخاوف الانفلات الأمني، وسعياً لجذب مزيد من السائحين دعماً للاقتصاد الوطني»، وفق مسؤول محلي ببلدية غات.
وقال السائح الفرنسي جان بول (57 عاماً) لوكالة «لصحافة الفرنسية، إن «آخر زياراتي لليبيا كانت منذ أكثر من عشر سنوات. اكتشفنا بلداً رائعاً ومناظر استثنائية وأناساً مضيافين جداً»، مضيفاً: «نريد بالتأكيد أن نعود».
وكان نظام القذافي قد أظهر عودة إلى الساحة العالمية تُوجت برفع حظر للأمم المتحدة، في عام 2003، ومُنحت تأشيرات سياحية للمرة الأولى وأنشئت وزارة للسياحة أيضاً، وبحلول عام 2010، كان قد زار ليبيا 110 آلاف سائح أجنبي، ودرت هذه الحركة السياحية عائدات بقيمة 40 مليون دولار، إلا أن القطاع شُل عقب اندلاع «الثورة».
وقال منسق الرحلة خالد درديرة: «فكرنا في إعادة السياح الأوروبيين من جديد إلى ليبيا، واليوم الحمد الله نراهم»، مضيفاً أن «الغرض من الرحلة هو تغيير نظرة المسافر الأوروبي بأن ليبيا دولة فاشلة».
وأوضح وزير السياحة الليبي، في تصريح صحافي، مساء أول من أمس، أن ليبيا «تذخر بتنوع المناظر الطبيعية والسياحية الجاذبة، بجانب تنوع الثقافة الشعبية المحكومة بتراكم معرفي وحضاري لآلاف السنين، ما يجعلها مزاراً مهماً للسائحين». وختم: «سنحرص في قادم الأيام على اجتذاب المزيد من الأفواج السياحية الأوروبية للبلاد، ما يسمح بالتبادل الثقافي والمعرفي وإنعاش الاقتصاد الوطني».
عودة الروح للسياحة الليبية بعد انقطاع 10 أعوام
التاريخ والصحراء والمدن العتيقة عوامل جاذبة
عودة الروح للسياحة الليبية بعد انقطاع 10 أعوام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة