أزمة الكهرباء تهدد قطاع الاتصالات في لبنان

TT

أزمة الكهرباء تهدد قطاع الاتصالات في لبنان

يشكو زياد مراد (40 عاماً) الذي انتقل حديثاً للسكن في إحدى مناطق جبل لبنان من وضع الاتصالات داخل منزله، لافتاً إلى أن الإرسال موجود في قسم من المنزل ومقطوع كلياً في القسم الآخر. ولدى استفسار مراد من إحدى شركات الاتصالات عن سبب الانقطاع أبلغ بأن إحدى محطات الإرسال في المنطقة متوقفة من أكثر من 3 أشهر نتيجة عدم تزويدها بمادة المازوت ما يؤدي لتوقف الاتصالات والإنترنت لدى قسم كبير من سكان المنطقة.
ووصف وزير الاتصـالات جوني القرم، وضع قطاع الاتصالات بـ«المزري»، كاشفاً أن «الجيش سلمنا كمية من المازوت تكفي قطاع الاتصالات 4 أيام»، موضحاً أن سبب الأزمة ليس عدم توافر الأموال لشراء المازوت «إنما واقع أنه لا يحق لنا التصرف بهذه الأموال، لأنه لا توجد آلية لصرفها». وطمأن القرم بأنه «لا توقف لقطاع الاتصالات» لكنه تحدث عن إمكانية حصول «انقطاع مرحلي أو جزئي»، كاشفاً عن رفع سعر الاتصالات الدولية ابتداء من مطلع الشهر المقبل.
وفي عام 2020 أعلن عن استرداد الدولة اللبنانية لكامل القطاع الخليوي الذي يفترض أن يؤمن مبالغ كبيرة لخزينة الدولة، باعتبار أن فاتورة الاتصالات في لبنان هي من الأعلى في العالم، إذ وصل متوسط معدل الإيراد من كل مشترك في لبنان إلى 28.4 دولار. وبلغت عائدات الاتصالات، حسب موازنة عام 2019، ملياراً و253 مليون دولار.
ويعاني قطاع الاتصالات منذ أشهر من انقطاعات في الإرسال بسبب عدم قدرة مولدات شركات الاتصالات على العمل لوقت طويل، في ظل انقطاع الكهرباء لوقت طويل.
ويقول مصدر مسؤول في إحدى شركات الاتصالات، إن «المشكلة الأساسية التي يرزح تحتها القطاع حالياً هي مشكلة انقطاع الكهرباء»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مولدات الشركات غير قادرة على تأمين الطاقة طوال فترة انقطاع الكهرباء؛ أولاً لعدم توافر المازوت بالكميات اللازمة، كما وبشكل أساسي لأنها غير قادرة على أن تبقى تعمل لساعات متواصلة وطويلة.
ويشير المصدر إلى «وجود نحو 2500 محطة إرسال على كامل الأراضي اللبنانية نحو 25 في المائة منها لا تعمل نتيجة عدم تأمين المازوت اللازم للمولدات»، متحدثاً عن «أزمة أخرى يعاني منها القطاع ألا وهي النزف الحاصل بالموظفين، باعتبار أن حوالي 300 موظف في شركتي الخليوي في لبنان غادروا خلال عام بسبب الرواتب المتدنية نتيجة انهيار سعر صرف الليرة، ما يؤثر أيضاً على الأداء بالقطاع».
ويوضح الخبير في قطاع الاتصالات طوني حايك، أن «ما يحول دون تأمين الكميات الكافية من المازوت لمولدات محطات الإرسال لتغطية الانقطاع بالكهرباء هو تقييد الحسابات المالية للشركات، فحتى لو كانت الأموال متوفرة لشراء الفيول على سعر صرف 20 ألف ليرة للدولار الواحد، إلا أن ذلك غير ممكن باعتبار أن آلية الصرف تمر أولاً بالموازنة العامة وأي سلفات يجب أن تمر عبر مجلس النواب أو الوزراء، كما عبر ديوان المحاسبة». ويشير حايك في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «القطاع لديه مداخيل كبيرة وفي حال نجح بتنظيم نفسه فهو قادر على تجاوز كل المشاكل التي تعترضه»، مضيفاً: «أما رفع سعر الاتصالات في المرحلة الراهنة فمستبعد، كون الأسعار أصلاً مرتفعة جداً، إلا إذا فرض صندوق النقد الدولي ذلك لتأمين مداخيل إضافية، علماً بأن توجهات الصندوق معروفة، وهو سيدفع باتجاه إنشاء هيئة ناظمة للقطاع كما باتجاه خصخصته».



«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

بعد محادثات في الدوحة مع «حماس»، عدّها الوسطاء «بادرة أمل»، تعالت مطالب مشاركين في اجتماع وزاري عربي - إسلامي - أوروبي في مدريد، بأهمية «وقف إطلاق النار بغزة»، قبيل اجتماعات أممية تخشى إسرائيل من أنها ستدعم الحقوق الفلسطينية.

«اجتماع مدريد» الذي عدّته القاهرة «فرصة مهمة»، ضمن جهود أممية لوقف الحرب في غزة، يراه خبراء -تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»- «مساعي جديدة ومهمة خصوصاً أنه يأتي في توقيت تقف فيه المفاوضات في ظرف حرج وتحتاج إلى دفعة، وقد يشكّل الاجتماع ضغطاً دولياً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو».

«اجتماع مدريد» يهدف إلى «التنسيق حول الأوضاع في غزة وخطوات تنفيذ حل الدولتين، والتحضير للحدث رفيع المستوى في هذا الشأن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79»، وفق إفادة وزارة الخارجية السعودية، الجمعة. ويشارك في الاجتماع «أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة (التي أُقيمت في الرياض خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2023)».

وعدّت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، «اجتماع مدريد» الذي يشارك فيه وزيرها بدر عبد العاطي بأنه «سيمثّل فرصة مهمة للتشاور حول سبل دفع جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وتنفيذ حل الدولتين».

وبحضور وزاري عربي - أوروبي، بينهم وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، وفلسطين، قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في مؤتمر صحافي: «نأمل أن يُسهم الاجتماع في دفع سبل إنهاء الحرب على غزة (...) نحن نفتح جهوداً جديدة لدعم مستقبل للفلسطينيين وسلام دائم وحل الدولتين، ونجتمع لإيصال صوت موحد عربي وإسلامي وأوروبي في هذا الصدد، وللتنسيق للاجتماعات المقبلة».

وشدد الوزير الإسباني على «دعم جهود قطر ومصر والولايات المتحدة، لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن»، مؤكداً أنه «يجب أن تقف الحرب الآن، ولا داعي لذرائع لتمديد معاناة الملايين».

تلك المطالب سينضم إليها تصويت أممي محتمل، الأربعاء المقبل، في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، على مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بإنهاء «وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 6 أشهر»، في حين دعا السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الجمعية العامة إلى «رفض هذا القرار الشائن بشكل قاطع».

آثار القصف الإسرائيلي على مباني شمال قطاع غزة (رويترز)

ومع ذلك الحراك الجديد، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، أننا أمام «مشهد جديد» تحاول فيه الأسرة الدولية حتى في غياب الولايات المتحدة، تأكيد أن أسس عملية مدريد (التي قادت لعملية سلام في 1991) باقية، وأن أسس الحل واحدة، لافتاً إلى أن «اجتماع مدريد» «سيكون مخصصاً لدعم الأمور العاجلة، وعلى رأسها وقف إطلاق النار بغزة وتعزيز جهود الوسطاء»، وهذا ما أكده وزير الخارجية الإسباني.

ويعتقد حجازي أن الاجتماع بكل تأكيد «هو بلورة للموقف الدولي نحو الهدنة»، ونوع من الضغوط على الإدارة الأميركية، ويقدّم إليها الآلية التي يمكن من خلالها النفاذ إلى جهود الحل «إذا ما رغبت في ذلك».

نتائج «اجتماع مدريد»، بالإضافة إلى التصويت الأممي، يراها المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، «مساعي جديدة من باب الضغط الدبلوماسي وترتيب الأوراق مع الأصدقاء الأوروبيين، وقد تُسهم في تحريك ملف الهدنة»، مضيفاً: «لكن رغم أهمية الحراك، مَن يمتلك الضغط الحقيقي على نتنياهو، الولايات المتحدة غير المشاركة في الاجتماع، وعليها دور كبير في وقف ما يحدث بغزة لو تحركت بجدية».

في المقابل، ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الخميس، أن هناك «استعدادات في إسرائيل ونيويورك لإدارة معركة لمواجهة الخطوات الدراماتيكية التي تعمل عليها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة»، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي «هزيمة لواء رفح» التابع لـ«حماس»، وعدم العثور على أي أنفاق «نشطة» في الحدود مع مصر، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤولين عسكريين، الخميس.

صورة اُلتقطت في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة تُظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ويسيطر الجيش الإسرائيلي حالياً على رفح الفلسطينية، والمنطقة الحدودية مع مصر، التي تشمل «محور فيلادلفيا» منذ مايو (أيار) الماضي، ولا يزال رفض نتنياهو مغادرتها عقبة رئيسية في المفاوضات؛ إذ يتذرع بأن الأنفاق تشهد تهريباً للسلاح إلى «حماس»، وهو ما نفته مصر، وطالبته بالانسحاب الفوري منه مراراً.

ووسط تأزم بالمفاوضات بسبب تلك العقبات، قال مصدر مصري رفيع المستوى، الأربعاء، في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، إن اجتماعاً حضرته «حماس» بالدوحة مع الوسطاء «يشكّل بادرة أمل» نحو عقد اتفاق.

ولا يرى حجازي أن «هناك بادرة لأن يغيّر نتنياهو مسار العنف الذي يتبناه ما لم تغيّر الولايات المتحدة أسلوبها تجاهه بشكل صارم وجاد»، ويستدرك: «أشك في ذلك، لذا سيبقى الوضع على ما هو عليه لما بعد الانتخابات الأميركية». وعوّل على «استمرار الجهود الدولية لدعم التوصل لاتفاق بوصفه أملاً وحيداً متبقياً لإنهاء التصعيد في المنطقة».

ووفق الرقب فإن العقبات التي لا تزال موجودة أمام إبرام اتفاق لا تتوقف على «محور فيلادلفيا» فقط، فهناك خلافات بشأن عدد الأسرى والمطالبات الإسرائيلية بـ«فيتو» على بعض الأسماء الفلسطينية، والوجود في الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وعودة النازحين بحرية دون تفتيش. ولفت إلى أن الحديث الإسرائيلي عن عدم وجود أنشطة بالأنفاق تأكيد على أحاديث القاهرة المتكررة، لكن على أرض الواقع هناك أبراج مراقبة وتوسعات تنشئها إسرائيل تؤكد أن نتنياهو لا يريد أي حل لهذه العقبة في هذا المحور.