لبنان يطلق مشروع «تجوّل في لبنان على الدراجة الهوائية»

يوزع 5000 دراجة مجانًا في مختلف المناطق

لبنان يطلق مشروع «تجوّل في لبنان على الدراجة الهوائية»
TT

لبنان يطلق مشروع «تجوّل في لبنان على الدراجة الهوائية»

لبنان يطلق مشروع «تجوّل في لبنان على الدراجة الهوائية»

أطلقت وزارة السياحة في لبنان مشروعا بيئيا ورياضيا بعنوان «byke du liban» (تجوّل في لبنان على الدراجة الهوائية)، وهدفه تشجيع اللبنانيين على استخدام الدراجة الهوائية بدل السيارات في تنقلاتهم.
هذا المشروع الذي يروّج للسياحة في لبنان وخصوصا الريفية منها يدعمه كل من مصرف لبنان وبلدية بيروت، كما تتولّى مؤسسة «تامر هولدينغ» تأمين 5000 دراجة هوائية لتكون تحت تصرّف اللبنانيين أينما كانوا ودون أي مقابل.
وتأتي هذه الخطوة التي أطلقها الوزير ميشال فرعون في مؤتمر صحافي عقد في مبنى وزارة السياحة، وحضره مدير عام مؤسسات الرعاية الاجتماعية لدار الأيتام الإسلامية خالد قباني، ومدير عام وزارة الشباب والرياضة زيد خيامي، ورجل الأعمال اللبناني غابي تامر، وغيرهم، لإرساء مبدأ الحفاظ على البيئة من ناحية، وتحفيز اللبنانيين على ممارسة رياضة ركوب الدراجات الهوائية وهم يتجولون في مختلف المناطق اللبنانية من ناحية ثانية. وستحطّ الدراجات رحالها في مدينتي طرابلس وجبيل في شمال لبنان مرورا بمدن صيدا وصور والنبطية في جنوبه، وعروس البقاع زحلة، ووصولا إلى منطقة الشوف (بلدات دير القمر وبيت الدين والباروك) وبيروت.
وأكد الوزير فرعون أن هذه الخطوة هي سياحية بامتياز وبعيدة كل البعد عن أي طابع سياسي يمكن أن يطالها. وقال: «نتمنى لهذا الحدث الذي انطلق من بيروت إلى كل لبنان أن يتحوّل إلى جولات سياحية تطال مختلف القرى اللبنانية، لأن لبنان يضم الجمالين الطبيعي والاستثنائي ويحب الحفاظ على معالم بيئته بأفضل الوسائل الممكنة».
والمعروف أن ركوب الدراجات الهوائية صار بمثابة نزعة معروفة في مجال وسائل التنقل في البلدان الأوروبية كفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وهولندا وألمانيا وإسبانيا وغيرها. وفي حين أن تلك البلدان نظمتها بشكل رسمي وأدخلتها ضمن قانون السير لديها، فإن لبنان سيحاول في المقابل تخصيص طرقات لها تشرف عليها مؤسسات إنسانية كالصليب الأحمر اللبناني ومديرية الدفاع المدني التابعة لوزارة الداخلية. أما استخدام هذه الدراجات فهو مقرون بيوم الأحد فقط من كل أسبوع، وفي أيام المهرجانات الاحتفالية التي تقام في موسم الصيف في عدد كبير من المناطق اللبنانية.
ويرى رجل الأعمال اللبناني غابي تامر، الذي أخذ على عاتقه ومن خلال المؤسسة التي يملكها (تامر هولدينغ) تغذية هذا المشروع بالدراجات الهوائية اللازمة، أن الهدف الأساسي لهذا النشاط هو نشر ثقافة جديدة بين اللبنانيين، ألا وهي احترام الدراجة الهوائية وصاحبها، وهي ثقافة معروفة حتى في وسط أكبر المدن العالمية كنيويورك مثلا.
ويقول في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»: «هي فكرة رائدة وممتعة لمن يحبّ التجول في بلداتنا اللبنانية، واكتشاف خصائصها بعيدا عن قيادة السيارات وزحمة السير التي تواجهنا عامة في تنقلاتنا». وأضاف: «لا شك أن تبني هذه الخطوة من قبل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وبلدية بيروت بشخص رئيسها بلال حمد، إضافة إلى رئيس الحكومة تمام سلام، ساهم في القيام بها على أكمل وجه». وذكر غابي تامر أن الرئيس سلام وزوجته شاركا فعليا في نشاط مشابه أقيم العام الماضي في طرابلس وبيروت، فاستخدما الدراجة الهوائية في تنقلاتهما لتشجيع هذه المبادرة.
وبينما كان عدد الدراجات الهوائية الموضوعة تحت تصرّف اللبنانيين في الأعوام الماضية لا يتجاوز الـ3500 دراجة، فقد عمد القائمون على هذا النشاط إلى تأمين 1500 دراجة إضافية هذا العام، لاستقطاب أكبر عدد من اللبنانيين لممارسة هذه الرياضة ذات الهوية البيئية المعروفة بها.
وكانت وسيلة النقل هذه قد بدأت تلقى شهرتها في لبنان منذ أكثر من 5 سنوات، عندما نظّمت بعض البلديات احتفالات ونشاطات في مناطقها سمحت فيها فقط باستعمال الدراجة الهوائية دون غيرها، فأقفلت الطرقات التي تستضيفها في وجه السيارات لتبرز الوجه البيئي لهذه الخطوة.
كما اتبعت بعض الإدارات الرسمية والخاصة في لبنان كـ«شركة سوليدير» و«ليبان بوست» و«مخفر كركول رأس بيروت» استخدام الدراجة الهوائية أثناء قيام موظفيها بواجباتهم اليومية، الأمر الذي فعّل مباشرة اللجوء إلى وسيلة النقل هذه على الأرض. كما حضن كورنيش المنارة من جهة ومنطقة البيال وسط بيروت من جهة أخرى أكثر من نشاط في هذا الإطار شارك فيه اللبنانيون من مختلف الأعمار.
ولكن هل سيصبح هذا النشاط تقليدا سنويا متبعا في لبنان؟ يردّ غابي تامر: «بالتأكيد سيكون اللبنانيون على موعد معه كل سنة، ونتأمّل أن يلاقي تجاوبا من قبل المواطن اللبناني المعروف بفوضويته مع الأخذ بعين الاعتبار احترام خصوصية الطرقات العامة في لبنان، فنحن بصدد ابتكار بيئة نظيفة وحاضنة تصبّ في مصلحة وطننا».
يذكر أن وزارة السياحة ستؤمن الخوذات والقمصان القطنية الخاصة بأي رحلة ينوي الراغب في ممارسة هذه الرياضة أن يقوم بها، وذلك مجانا ومن أي نقطة انطلاق اتبعها.
«byke Lebanon» خطوة جديدة يضيفها الوزير ميشال فرعون إلى روزنامة النشاطات السياحية في لبنان، والتي يمكن أن تسمح للبنانيين المقيمين وحتى للأجانب والسيّاح القيام بها من خلال تمضية يوم كامل في ربوع لبنان أثناء موسم الصيف المقبل، بعيدا عن ضوضاء المدينة وأصوات أبواق السيارات في زحمة السير المعروفة بها المدن.
بعض محبي هذه الرياضة من الشباب اللبناني في رحلة على الدراجة الهوائية



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».