«الرئاسي» يلتزم الصمت حيال اشتباكات ميليشيات مسلحة غرب ليبيا

الحادث يلقي شكوكاً متزايدة حول مدى قدرات البلاد على تأمين الانتخابات المقبلة

رئيس حكومة الوحدة الليبية لدى اجتماعه بوفد قبلي في طرابلس أول من أمس (الحكومة الليبية)
رئيس حكومة الوحدة الليبية لدى اجتماعه بوفد قبلي في طرابلس أول من أمس (الحكومة الليبية)
TT

«الرئاسي» يلتزم الصمت حيال اشتباكات ميليشيات مسلحة غرب ليبيا

رئيس حكومة الوحدة الليبية لدى اجتماعه بوفد قبلي في طرابلس أول من أمس (الحكومة الليبية)
رئيس حكومة الوحدة الليبية لدى اجتماعه بوفد قبلي في طرابلس أول من أمس (الحكومة الليبية)

اندلعت اشتباكات مسلحة بين ميليشيات موالية للسلطة التنفيذية بغرب ليبيا، في محاولة على ما يبدو للسيطرة على مصفاة الزاوية النفطية. لكن المجلس الرئاسي التزم الصمت حيال هذه التطورات العنيفة.
وجرت معارك عنيفة في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس لعدة ساعات بمنطقة الشرفة، بالقرب من مصفاة النفط بمدينة الزاوية، بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين ميليشيا حسن أبوزريبة، نائب رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، التابع للمجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، وميليشيا محمد بحرون، الملقب بالفار التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الدبيبة.
وتحدث شهود عيان لوسائل إعلام محلية عن إطلاق للأعيرة النارية بشكل عشوائي وكثيف داخل الأحياء السكنية، وبإحدى مقابر مدينة الزاوية، الواقعة على بعد 45 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس، مع استمرار التحشيد من طرفي القتال في عدة مناطق.
وزعمت مصادر محلية مقتل مطيع الحراري، آمر قوة غرب طرابلس، وإصابة عدد غير معلوم من المدنيين في هذه الاشتباكات، التي تشكل حرجا سياسيا للسلطة الانتقالية، كما تثير مزيدا من الشكوك حول مدى استعداداتها الأمنية والعسكرية لضمان إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة قبل نهاية العام الحالي.
وأبلغ جمال بحر، عميد بلدية الزاوية، وسائل إعلام محلية بهدوء واستقرار الوضع الأمني بالمدينة أمس. لكنه لم يكشف عن سبب الاشتباكات وعدد الضحايا. فيما التزم المنفي والدبيبة الصمت حيال هذه المعارك، التي تأتي بعد أيام قليلة فقط من استضافتهما في طرابلس مؤتمرا وزاريا حضره ممثلو نحو 30 دولة ومنظمة دولية، لدعم استقرار ليبيا.
وتعد مصفاة الزاوية من أكبر وأهم المصافي النفطية في ليبيا، حيث يضخ عبرها حقل الشرارة أكثر من 250 ألف برميل يومياً، وهو ما يعادل ربع إنتاج ليبيا يومياً. كما تزود المصفاة العاصمة طرابلس، التي تشهد نقصا حادا في الوقود، وهو ما يفسر سعي الفصائل المسلحة للسيطرة على موارد النفط. وكان مقررا أن يوجه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» رفقة عدد من وزرائه، كلمة لسكان برقة (شرق)، في وقت متأخر من مساء أمس، بعد ساعات فقط من مطالبة نائبه عن الإقليم حسين القطراني بضرورة أن يتحلى الدبيبة بجدية في التعامل مع ملف الحقوق الخاصة بالأقاليم كافة، وفقاً للاتفاق السياسي ونتائج الحوار.
وقال القطراني، الذي أبدى اعتراضه على قرار الدبيبة تشكيل فريق حكومي لزيارة المدينة، إن «المطالب واضحة ولا تحتاج إلى تشكيل لجان لزيارة الإقليم»، معتبرا أن استمرار الدبيبة في عدم اتخاذ إجراءات فعلية لحل الإشكاليات، التي تضمنها البيان هو الذي يؤدي إلى تأجيج الموقف.
وكان الدبيبة قد سخر مساء أول من أمس من تهديد ومطالبة بعض المحتجين على سياسات حكومته إزاء إقليم برقة، بإغلاق النفط مجددا، وقال إن هذا «أمر اجتازه الزمن، ويفترض أن ننتج مليوني برميل يوميا».
وأكد الدبيبة لدى اجتماعه مساء أول أمس بطرابلس، مع وفد من مدينة ككلة أن حكومته تنظرلجميع الليبيين بمساواة، وقال إنها ستعمل على تحسين ظروف عيش الجميع، والاستجابة لمطالبهم. كما أبلغ أعيان قبيلة أولاد سليمان أن مشروع المصالحة الوطنية من اختصاص المجلس الرئاسي، وتعهد بدعمه في تنفيذ المهام المنوطة به.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم