«دوائر» تفتح يوماً كاملاً للراغبين في معالجة صحتهم النفسية

تسهم الفنون في معالجة الأزمات النفسية والتخلص منها
تسهم الفنون في معالجة الأزمات النفسية والتخلص منها
TT

«دوائر» تفتح يوماً كاملاً للراغبين في معالجة صحتهم النفسية

تسهم الفنون في معالجة الأزمات النفسية والتخلص منها
تسهم الفنون في معالجة الأزمات النفسية والتخلص منها

بعد ستة أشهر من حصول انفجار بيروت، أظهرت الدراسات أنه ترك بأثره الكبير على الصحة النفسية للناجين منه، حيث تبين أنه تسبب بانتشار حالات الكآبة والإحباط والتعب الجسدي، إضافة إلى معاناة كثيرين من الكوابيس وحالات الصدمة (Trauma). فالانفجار هو نقطة الماء التي أفاضت الكأس، كونه كشف عن تراكمات يعيشها اللبناني منذ سنوات طويلة، فهو عكس ما يعتقده كثيرون لم يستطع أن يشفى بعد من الأزمات السابقة.
عاش اللبنانيون تداعيات الحرب الأهلية واضطهادهم أثناء الاحتجاجات، والخوف من وباء أرعب العالم، ومن ثم جاء انفجار بيروت ليكمل حلقة المعاناة. وحسب استطلاعات أجرتها اليونيسيف، فإن نسبة الأطفال الذين يعانون من حالات الصدمة بعد الانفجار بلغت 50 في المائة من أصل 100 ألف طفل. كذلك الأمر بالنسبة لنحو مليون ونصف لاجئ سوري صاروا يعانون من الصدمة مرة ثانية بعد الأولى التي أصيبوا بها إثر مغادرتهم بلادهم.
وانطلاقاً من هذه الوقائع تحركت جمعية «دوائر» ونظمت مجموعة حلقات متخصصة بعلاج الأزمات النفسية والاضطرابات العاطفية، ما بعد الصدمة. وتحت عنوان «الدعم النفسي لأبطال بيروت» أقامت تدريبات تعبيرية تعنى بتفريغ المشاعر السلبية لعناصر من الدفاع المدني وممرضين وممرضات وأعضاء مؤسسات المجتمع المدني ولمتطوعين شباب. المبادرة انطلقت منذ نحو السنة، واليوم وفي مناسبة اختتامها تقيم «دوائر» في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري نشاطاً يفتح أبوابه أمام جميع الراغبين في معالجة صحتهم النفسية. وتقام هذه المبادرة بالتعاون مع منظمة أكشن آيد الدولية (Action Aid)، وبتمويل من منظمة الوكالة الدنماركية للتنمية الدولية (DANIDA).
تنظم المبادرة تحت عنوان «منمشي سوا منعبر سوا» (Walkathon) على الطريق البحري لبيروت. وينطلق التجمع من ساحة الشهداء في التاسعة صباحاً متوجهاً إلى جادة شفيق الوزان سيراً على الأقدام. وﻳﺗﺿمن ﺍﻟﻧﺷﺎﻁ ﻋﺭﺽ ﻓﻳﺩﻳﻭﻫﺎﺕ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣﺷﺭﻭﻉ ﻭﻧﺷﺎﻁﺎﺕ ترفيهية ﺗﻔﺎﻋﻠﻳﺔ ﺩﺍﻋﻣﺔ ﻟﻠﺻﺣﺔ النفسية، ﻣﻥ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺭﺳﻡ وﺍﻟﻳﻭﻏﺎ وﺍﻟﻣﻭﺳﻳﻘﻰ. كما يخصَّص جناح خاص بالأطفال يستطيعون من خلاله التعبير عن مخاوفهم وهواجسهم عبر فنون مختلفة. وتشارك في هذا النشاط الذي يستمر لغاية 12 ظهراً جمعيات ﺗُﻌﻧﻰ ﺑﺎﻟﺻﺣﺔ ﺍﻟﻧﻔﺳﻳﺔ.
وتوضح رانيا الزعتري المسؤولة في جمعية «دوائر» أن من شأن هذا النشاط الإسهام في تقديم المساعدة للبنانيين من مختلف الأعمار والمناطق اللبنانية. وتتابع في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ارتكز مشروعنا الأساسي «أبطال بيروت» على أن يكتسب العاملون في الخطوط الأمامية مهارات جديدة تساعدهم على التزود براحة نفسية تنعكس إيجاباً على عملهم على الأرض، كما تزيد قدراتهم على الصمود وتنمي مشاعر التسامح مع الأزمات. اليوم نكمل مبادرتنا، من خلال يوم كامل يتيح الفرصة أمام كل من يرغب في التعرف إلى أوضاع صحته النفسية».
نتائج إيجابية لمستها جمعية «دوائر» خلال جلسات الدعم النفسي التي نظمتها، فهي شملت 30 ممرضاً وممرضة، و16 عنصراً من الدفاع المدني و70 شاباً متطوعاً في جمعيات ساعدت الأهالي بعيد انفجار بيروت وغيرهم.
وتروي الزعتري حكاية نماذج، كالعنصر في الدفاع المدني الذي فقد القدرة على الابتسامة وحب العمل إثر انفجار بيروت. «عندما انفجر باكياً في إحدى الجلسات كان المشهد مؤثراً جداً، فهو تحت ضغط الذكورية، كان يحصر دموعه الحزينة، على زملاء فقدهم بفعل الانفجار، ولمشاهدته الدمار الهائل حوله. وعندما عبر عن كل مشاعره السلبية أحس بالراحة». تخبرنا رانيا الزعتري أيضاً عن ممرضة كانت مصابة بالكآبة والإحباط إلى حد جعلها تهمل شكلها الخارجي. وتعلق: «عاد إليها الشعور بحب الحياة من جديد بعدما أفرغت كل حزنها في جلسات الدعم النفسي. واليوم تمارس عملها بشكل طبيعي، وتوزع ابتسامتها على الجميع بعدما افتقدتها لأكثر من عام. فالابتسامة حسب الزعتري هي الدليل الأول على صحة نفسية سليمة ومستقرة يتمتع بها الشخص، وعلى طاقة إيجابية يتفاعل بها مع الآخر.
وتضيف في سياق حديثها «انطلاقاً من يوم (منمشي سوا منعبر سوا) سنؤمن الفرص لتثبيت الاستقرار والتكيف النفسيين، وهما يساعدان صاحبهما على التفاعل بصورة إيجابية مع الآخر. وقد دربنا من شاركنا سابقاً في مبادرتنا، على كل هذه النقاط ليصبحوا معطائين من دون تردد. فكلما كانت أفكارنا إيجابية انعكست على تصرفاتنا؛ فالصحة النفسية تتأثر بالعوامل الاجتماعية والعكس صحيح».


مقالات ذات صلة

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.