مسارح بريطانيا لم تعد تشترط الكمامة... فهل تنتصر البهجة على الخوف؟

افتُتحت مسارح لندن منذ 19 يوليو من دون أي تباعد اجتماعي أو كمامات (نيويورك تايمز)
افتُتحت مسارح لندن منذ 19 يوليو من دون أي تباعد اجتماعي أو كمامات (نيويورك تايمز)
TT

مسارح بريطانيا لم تعد تشترط الكمامة... فهل تنتصر البهجة على الخوف؟

افتُتحت مسارح لندن منذ 19 يوليو من دون أي تباعد اجتماعي أو كمامات (نيويورك تايمز)
افتُتحت مسارح لندن منذ 19 يوليو من دون أي تباعد اجتماعي أو كمامات (نيويورك تايمز)

قبل انتشار وباء (كوفيد - 19)، اعتادت نيكوليت جونز الذهاب إلى المسرح برفقة ابنتها بواقع خمسين مرة في العام تقريباً، لكنها الآن توقفت عن الذهاب نهائياً.
تقول جونز (61 سنة): إن «المسرح وسيلتي للاسترخاء والهروب؛ ففكرة الجلوس إلى جوار شخص لا يرتدي القناع، يضحك ويبتهج لساعتين، كفيلة بأن تزيل أي منغصات».
سمحت السلطات مؤخراً، بفتح المسارح هنا من دون قيود لمدة ثلاثة أشهر، ورغم أن الجمهور سعيد بالعودة إلى العروض الحية، فإن القواعد غير المتسقة ما زالت تزعج بعض رواد المسرح.
على عكس مسارح «برودواي»، لا يُطلب من رواد المسارح في إنجلترا ارتداء أقنعة في مقاعدهم أو التطعيم الكامل، إذ إن الأمر بات متروكاً لكل مكان على حدة؛ فغالبية مسارح «ويست إند» تطلب من مرتاديها إثبات التطعيم أو إظهار نتيجة اختبار سلبية عند الباب، لكن بعض الأماكن الأصغر لا تطلب ذلك. صحيح أن مرتادي المسارح لا يزالون يُنصحون بارتداء الأقنعة، فإن الكثيرين يختارون عدم ارتدائها، حتى مع تزايد عدد حالات الإصابة بالفيروس في بريطانيا بشكل مطرد.
ما شعور عشاق المسرح تجاه هذا الوضع الطبيعي الجديد؟ هل غير الوباء ما يرونه، وكيف يرونه؟
تحدثنا إلى سبعة من عشاق المسرح الآخرين لمعرفة ذلك، وإليكم مقتطفات مما حُرر من تلك المحادثات.
كنت أذهب في الغالب إلى المسرح الفرعي، وربما كانت أفضل أوقاتي تلك التي قضيتها في مشاهدة ثلاث مسرحيات بعنوان «The NW Trilogy» في مسرح
«The Kiln»، حيث تناولت جميعها أحوال المهاجرين في شمال غربي لندن.
في نهاية العرض، اجتمع طاقم الممثلين بالكامل وساروا رافعين اللافتات. كانت لحظات مفعمة بالطاقة والحياة، وحينها التفت إلى رفيقي وقلت، «واو، لقد افتقدنا كل هذا» كانت لحظات من التواصل الاجتماعي الحقيقي والتنفيس التي طالما افتقدناها في زمن الإغلاق.
وفي الأماكن الصغيرة، لم يطلب أحد التحقق من التطعيم أو أي شيء من هذا القبيل. ومن المحتمل أنهم يحاولون فقط استعادة جماهيرهم، لذا كن واثقاً بأن الجميع يبذل قصارى جهده في سبيل تحقيق ذلك.
مع ارتداء الأقنعة، يبدو الأمر مختلفاً كل ليلة، فأحياناً يرتدي شخص واحد قناعاً، وأحياناً يرتدي نصف الجمهور، وفي بعض الأحيان لا توجد أقنعة، وأحياناً أخرى ترى الجميع بأقنعة.
أكره أن أعترف بذلك خشية أن يصاب بعض أصدقائي بالرعب، لكنني لم أرتد قناعاً، ولا أعرف لماذا. لنفترض أنني أعمى ولا أستطيع أن أرى من يرتديها ومن لا يرتديها، لذلك في عالمي الصغير لم يطلب مني أحد ذلك. لم يقل لي أحد أي شيء.
أنا لست منزعجة من فيروس (كوفيد - 19) رغم أننا جميعاً لدينا مستويات مختلفة من المخاطر. ذهبت إلى مسرحية «Twelfth Night» بمسرح «The Globe» المزودة بتعليق صوتي، وكان الأمر رائعاً. ولم يكن هناك فاصل، وقلت لنفسي: «يا إلهي، ساعتان، 40 دقيقة من دون استراحة!» لكنها طارت.
حجزت ثلاث مسرحيات أخرى، لأبين ما فعله «كوفيد» بي، ولأفعل ما أحب وما يسعدني. أنا أنتظر زوال هذه الغمة، ولم يحدث بعد.
لطالما كان الذهاب إلى المسرح أمراً مكلفاً، لكننا وجدنا هذا التطبيق حيث يمكنك شراء التذاكر التي كانت بعيدة المنال. ما سهل الأمر عليَّ هو أن العديد من الأشخاص ليسوا مستعدين بعد للعودة، ولا تدفق للسائحين الذين نراهم عادة في لندن. فها نحن نشتري تذاكر مسرحيات «Heathers» و«Come from Away» من الأكشاك مقابل 25 جنيهاً إسترلينياً فقط (34 دولاراً)، مقارنة بسعر 150 جنيهاً في السابق.
على ما يبدو، أنه قد بات لدي مجال أكبر بكثير لمشاهدة الأشياء التي أريدها، فقد كنت سابقاً أسأل نفسي: «هل يمكننا رؤية هذا؟» وهو ما أصبحت أستطيع فعله الآن.
ذهبنا إلى مسرح «ويست إند» ست مرات، وبمجرد أن يصبح المكان مشغولاً مرة أخرى، سنعود على الأرجح إلى المسارح المحلية. ابنتي إيزي تذهب إلى المدرسة، وأنا مدرسة، لذلك ربما اعتدنا أكثر على التواجد وسط مجموعات كبيرة من الناس، ولم نشعر بالقلق حيال «كوفيد»، وكان الجميع يرتدون أقنعة. ما يزعجني أكثر من الذهاب إلى المسارح هو مشهد الناس الذين لا يرتدون أقنعة في القطار أو في قطارات الأنفاق، خصوصاً إذا كانوا مرضى ويسعلون، هذا أكثر ما يقلقني.
قبل الإصابة بفيروس «كورونا»، كنت أذهب إلى المسرح طوال الوقت، وغداً سأعود، لمشاهدة مسرحية «Wuthering Heights» في مسرح «Bristol Old Vic»، وفضلت هذا المكان، لأنه يراعي التباعد الاجتماعي، فنحن محظوظون حيث نعيش، إذ لا تزال بعض المسارح تقدم عروضاً تراعي التباعد الاجتماعي.
لم أكن مستعداً حتى الآن، فقد ذهبت إلى مسرحية في أغسطس (آب)، وأصبت بالفزع، فقد كان هناك نحو 400 شخص من دون مسافات وكنت واحدة من نحو ستة أشخاص فقط يرتدون أقنعة. بعد بضعة أيام، أرسل لي صديق رسالة نصية ليقول إنهم أصيبوا بـ«كوفيد».
اخترت مسرحية «Wuthering Hights»، وأعجبني فريق «Wise Children» الذي يؤديها. إذا كنت ستضع نفسك في حالة من القلق، فيجب أن يكون لأمر تعرف أنك ستستمتع به.
اعتدت مشاهدة بعض العروض مراراً وتكراراً مثل مسرحيات «Six» و«Juliet»، لكن عندما لم يكن المسرح موجوداً، كنت شغوفاً بالعروض التي لم أشاهدها، لذلك حاولت أن أتوسع في خياراتي، ولا تزال المسرحيات الموسيقية هي الأساس وبالفعل أحبها.
كان فيلم «Frozen» مذهلاً، لا سيما رؤية جيل الشباب في الجمهور وأعينهم تضيء، كما كنت في مثل سنهم. وفي نهاية عرض «Let It Go» كدت أبكي، كان التنوع بين الحاضرين ملهماً حقاً.
في حالة الإغلاق، عندما لم أتمكن من التعبير عن شغفي بالمسرح، كان الأمر صعباً ولم أكن أدرك مدى اعتمادي على تلك العروض للتعبير عن هويتي.
عندما أعيد فتح المسارح، تلقيت الكثير من التعليقات من الأشخاص على قناتي تقول: «أريد أن أذهب إلى عرض، لكنني أخشى ألا يكون الوضع آمناً». لذلك بدأت باستخدام مدوناتي لإظهار مدى الالتزام بمراعاة سلامة الناس، وكيف يمكن للأشخاص القيام بالأشياء بأنفسهم مثل الاختبار في المنزل. الآن أتلقى تعليقات تقول: «بفضلك أشعر بالأمان الكافي للذهاب».
أنا مخرجة مسرحية، لذا أحتاج إلى رؤية العمل، لكني كنت أشعر بالتوتر لأن الناس توقفوا عن ارتداء الأقنعة هذا الخريف. كنت أحاول الحصول على الدعم حتى أتمكن من الدخول في التدريبات لرؤية الأشياء، وأحاول مشاهدة البث المباشر، ولكن في الوقت الحالي هناك بث لعرض واحد فقط؛ لذا فإن العروض المتباعدة اجتماعياً هي الطريقة المثلى بالنسبة لي. أعاني حالياً من متلازمة التعب المزمن، وهي مرض طويل الأمد له مجموعة واسعة من الأعراض، وكذلك من التهاب الدماغ والنخاع العضلي، لذلك فأنا على دراية بالمدة التي يتطلبها التعافي من «كوفيد».
الناس متحمسون للغاية للعودة، ويمكنني أن أتفهم وأغفر لهم تسرعهم، ولكن على ما يبدو فهناك نقص في الوعي.
خدمة: نيويورك تايمز*


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».