الليرة التركية تستعيد بعض عافيتها بعد تخفيف نزاع «طرد السفراء»

محاولات إنقاذ لبنوك الدولة بخفض فائدة القروض

عصف التلويح التركي بشأن طرد 10 سفراء بالليرة التركية المنهارة (رويترز)
عصف التلويح التركي بشأن طرد 10 سفراء بالليرة التركية المنهارة (رويترز)
TT

الليرة التركية تستعيد بعض عافيتها بعد تخفيف نزاع «طرد السفراء»

عصف التلويح التركي بشأن طرد 10 سفراء بالليرة التركية المنهارة (رويترز)
عصف التلويح التركي بشأن طرد 10 سفراء بالليرة التركية المنهارة (رويترز)

استردت الليرة التركية بعض عافيتها أمس بعدما رحّب الرئيس رجب طيب إردوغان ببيانات صدرت عن سفارات غربية، وهو ما يمهد الطريق إلى تخفيف تصعيد في نزاع دبلوماسي بين حكومته و10 دول بينها الولايات المتحدة.
وكانت الليرة قد هوت 2.4 في المائة إلى مستوى قياسي منخفض في التعاملات المبكرة أمس بعدما قال إردوغان يوم السبت إنه أصدر تعليمات إلى وزير خارجيته لطرد سفراء الولايات المتحدة وتسع دول غربية أخرى لمطالبتهم بإطلاق سراح رجل الأعمال عثمان كافالا المحبوس منذ أربع سنوات بتهم تمويل احتجاجات والضلوع في انقلاب فاشل.
وصعدت الليرة 0.7 في المائة في أعقاب أحدث تعليقات من إردوغان والتي اعتبرها محللون محاولة لتهدئة توترات دبلوماسية، حسب {رويترز}.
وتعاني الليرة التركية من الأساس انهياراً غير مسبوق تاريخياً. ولم تفلح خطوة البنوك التركية الثلاثة المملوكة للدولة بخفض أسعار الفائدة على قروض الشركات والأفراد والرهن العقاري، وغيرها من القروض في تحسين أداء العملة أمام العملات الأجنبية.
وسجلت الليرة التركية، صباح الاثنين، أدنى مستوى لها، في التاريخ، مقابل الدولار، حيث بلغ سعرها 9.85 ليرة للدولار، ثم تحسنت نسبياً إلى مستوى 9.73 ليرة للدولار، وهو أدنى من المستوى المنخفض، الذي سجلته الخميس الماضي، بعد أن خفضت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي التركي سعر الفائدة من 18 إلى 16 في المائة. لتبلغ خسائر الليرة 24 في المائة من قيمتها منذ بداية العام.
وقادت الرسالة الصادرة عن السفارة الأميركية والسفارات الأخرى والترحيب التركي بها إلى ارتياح في الأسواق التركية، حيث انتعشت الليرة التركية فور صدور البيان واستعادت بعض خسائرها التي سجلتها صباح أمس في افتتاح تعاملات الأسبوع بسبب تهديد إردوغان بطرد السفراء، حيث اقتتحت تعاملاتها عند 9.85 ليرة للدولار وارتفعت عقب الرسالة إلى 9.56 ليرة للدولار. وقال إردوغان، خلال تجمع جماهيري لأنصاره في أسكشهير بوسط تركيا، السبت، إنه أصدر تعليمات إلى وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، لإعلان السفراء العشرة أشخاصاً غير مرغوب فيهم بأسرع وقت، مضيفاً «يجب على هؤلاء السفراء معرفة تركيا وفهمها، وإلا فعليهم مغادرة بلادنا».
وكانت سفارات الولايات المتحدة، وألمانيا، وفرنسا، وهولندا، والدنمارك، والنرويج، والسويد، وفنلندا، وكندا، ونيوزيلندا، دعت في بيان مشترك، الاثنين الماضي، إلى الإفراج عن رجل الأعمال الناشط البارز في مجال الحقوق المدنية، عثمان كافالا (46 عاماً)، المتهم بالتجسس ومحاولة إطاحة النظام الدستوري للبلاد عبر دعم محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016؛ عادّة أن «استمرار احتجازه وتغيير التهم الموجهة إليه يثير الشكوك حول الديمقراطية وسيادة القانون في تركيا».
وفي خطوة استهدفت التقليل، ولو بشكل طفيف من خسائر الليرة، أعلنت البنوك الثلاثة المملوكة للدولة (زراعات وخلق ووقف)، أنها قامت بتخفيض يصل إلى 200 نقطة أساس في أسعار الفائدة على قروض الشركات، حسب المنتج وهيكل الاستحقاق.
وذكرت البنوك الثلاثة، في بيان مشترك أمس، أنه تم خفض أسعار الفائدة على قروض الشركات بما يصل إلى 200 نقطة أساس وفقاً لهيكل المنتج والاستحقاق، وهي النسبة ذاتها التي خفض بها البنك المركزي سعر الفائدة الرئيس الأسبوع الماضي.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.