كيف تحوّلون أي سطح تريدونه إلى شاشة تعمل باللمس؟

وسيلة ذكيّة صغيرة لتسليط الشاشات التفاعلية على سطوح الموائد والأرضيات

كيف تحوّلون أي سطح تريدونه إلى شاشة تعمل باللمس؟
TT

كيف تحوّلون أي سطح تريدونه إلى شاشة تعمل باللمس؟

كيف تحوّلون أي سطح تريدونه إلى شاشة تعمل باللمس؟

منذ ظهور الهواتف الذكيّة، اتّسع انتشار تقنيّة اللمس للتفاعل مع المحتوى الرقمي، إلّا أنّ استخدام الشّاشات العاملة باللمس لم يتعد حتّى اليوم الأجهزة الصغيرة الحجم. ولكنّ باحثين نجحوا أخيراً في ابتكار وسيلة منخفضة التكلفة لتحويل أي سطح إلى شاشة تعمل بتقنية اللمس، ما قد يفتح الباب لمجموعة واسعة من احتمالات التفاعل مع العالم الرقمي.
اعتمدت المحاولات السابقة للسماح للنّاس بالتلاعب بالصور المسلّطة عن طريق اللمس على أجهزة إدخال مميّزة، وأجهزة استشعار متعدّدة، وخوارزميّات لمعالجة الصّورة، ولكنّها اصطدمت بنوعٍ من الفوضى والإرباك مع المحتوى البصري. في المقابل، لا يحتاج النظام الجديد إلّا لكاميرا واحدة متّصلة مباشرة تحت المسلاط، ويزعم مطوّروه أنّه يعمل دون مشاكل على اختلاف المحتوى الذي تريدون تسليطه.
وسيلة بصرية
تعتمد مقاربة النظام الجديد على عاملٍ أساسي هو حيلة بصريّة ذكيّة تضمن رصد التحرّكات التي تحصل فوق السطح الذي يشهد التسليط، ما يتيح لها تسجيل أصابع المستخدم أثناء ضغطه على الأزرار وتجاهل كلّ شيءٍ آخر يقع في مجال رؤية الكاميرا. يأمل مصممو هذه التقنية استخدامها لصناعة شاشات تفاعليّة أكبر حجماً وفي أي مكان.
يقول سورين جاياسوريا، أستاذ مساعد في كليّة فنون الإعلام والهندسة وهندسة الطاقة والكومبيوتر والكهرباء في جامعة ولاية أريزونا الأميركية، الذي شارك في تصميم هذا النظام بالتعاون مع زملاءٍ له من معهد نارا للعلوم والتقنية في اليابان: «يمكنكم تسليط ما تشاؤون وإضفاء خاصيّة التفاعلية على النظام لعرض ألعاب الفيديو أو مختلف أنواع التجارب».
ويضيف جاياسوريا في حديث نقله الموقع الإلكتروني لجمعية المهندسين الكهربائيين الأميركيين: «إن البنية التحتية المطلوبة لهذا النظام متواضعة جداً لأنّها تقتصر على هذه الكاميرا للتسليط، علماً بأن الأنظمة الأخرى تستخدم كاميرات عدّة أو أجهزة استشعار إضافية للعمق لتحقيق هذا المستوى من التفاعلية».
تعتمد المقاربة الجديدة على مسلاط للمسح بالليزر يمسح بسرعة صعوداً ونزولاً لكي يرسم الصورة المسلّطة خطأ بخط. ترافق هذه العملية كاميرا بمصراعٍ متدحرج تكشف بيكسلات أجهزة استشعارها كلّ واحد على حدة لمسح المشهد البصري خطأ بخط، تماماً كما يفعل المسلاط.
وبمزامنة هذين الجهازين، يمكن دفع مسطّح الضوء الأفقي الذي يصدره المسلاط إلى التقاطع مع المسطّح الأفقي الذي تتلقّاه الكاميرا منه. ولأنّ الجهازين مائلين قليلاً، يتيح مبدأ التثليث هذا للمستخدم احتساب عمق النقطة التي يلتقيان فيها.
كما يتيح هذا الأمر ضبط الإعداد لتتمكّن الكاميرا من التقاط الضوء على مسافة محدّدة فقط من المسلاط، وضبط هذا الأخير بطريقة تسمح له بالتجوّل فوق الصورة المسلّطة مباشرة. هذا يعني أنّه وبينما تستطيع الكاميرا رصد أصابع المستخدم أثناء ضغطه على بقعٍ في الصورة المسلّطة، ستتجاهل ما تبقّى من المشهد البصري.
استشعار حركات اليد
يصف الباحثون في ورقة بحثية نشرتها دورية «IEEE أكسيس» كيف زاوجوا هذا الإعداد مع خوارزمية بسيطة لمعالجة الصورة لتتبّع وضعية أصابع المستخدم على الصورة المسلّطة، لافتين إلى أنّ معلومات التتبّع هذه يمكن استخدامها لاحقاً كمدخلات لأي تطبيق يعتمد على تقنية اللمس.
يقول جاياسوريا إنّ النظام الجديد يتميّز ببساطة الإعداد ولكنّ الفريق يعمل حالياً على خطّة ضبط أوتوماتيكي تزيد الأمور سهولة، وتقلّل التكلفة أكثر. وقد احتاج النموذج التجريبي من النظام إلى 500 دولار لتطويره ولكنّ هذه التكلفة قد تنخفض أكثر إذا ما بدأ إنتاج النظام على المستوى التجاري.
من جهته، يعتبر كريس هاريسون، أستاذ مساعد في معهد التفاعل بين الكومبيوتر والإنسان التّابع لجامعة كارنيغي ميلون، أنّ «فكرة دمج ليزر المسح بليزر الكاميرا لصناعة مسطّحٍ افتراضي مستشعر واضحة جداً».
يرجّح هاريسون أنّ دقّة المقاربة في هذا النظام الجديد لن تكون كشاشات اللمس التقليدية، ولكنّ القدرة على تسليطها على أي سطح من شأنه أن يفتح المجال للكثير من الوظائف الجديدة كمشاهدة مباراة رياضية تفاعلية على طاولة غرفة المعيشة أو تسليط ضوابط التحكّم بالتلفزيون على سطحٍ قريب لتتمكّنوا من الاستغناء عن جهاز التحكّم عن بعد. ويشرح هريسون أنّ «هذه العملية شبيهة برؤية الواقع المعزز من نواحٍ عدّة، ولكن دون الحاجة لارتداء أكسسوارٍ للرأس».
يعتقد الباحثون أنّ هذه التقنية ستكون مفيدة في الأوضاع التي يشكّل فيها التصاق الأصابع مشكلة، كعند التعامل مع الأطفال الصغار مثلاً أو عند محاولة استخدام شاشة اللمس أثناء الطهي.


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»