الطموح إلى الأفضل هو دوماً هاجس الإنسانية، لذلك لم تكف البشرية يوماً عن الحلم بالمدينة الفاضلة أو المدينة السعيدة المسكونة بالبهجة والنجاح والاستقرار، تجسيداً لهذا المفهوم الفلسفي يستضيف غاليري «ليوان» بالقاهرة نحو 60 عملاً إبداعياً في معرض فني بعنوان «طموح» يعكس رؤى ثرية نابضة بالحب والحياة ومشاعر متداخلة فياضة تجاه الماضي والواقع مع استشراف المستقبل بأمل وتفاؤل.
ويُعد المعرض المستمر حتى 28 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي لـ6 فنانين شباب خطوة مهمة في سبيل تحقيق الطموح لمجموعة من التشكيليين في بداية مشوارهم الفني، وهم داليا نجم وأحمد مجدي وعاليا عيس، وخشوع الجوهري، وعمر صديق، وتقى عمرو، حيث تشابك كل منهم مع مفهوم الطموح وتعايش معه على مسطح أعماله داعياً المتلقي بحفاوة إلى مشاركته التجربة.
جاءت مشاركة داليا ماجد نجم، المدرس المساعد بكلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة، معبرة عن إرث اجتماعي طويل بالمجتمع المصري، حيث العادات التي تسبق حفلات العرس في الريف، وتقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الطموح يرتبط بالمستقبل، والمستقبل يتم تشكيله من الحاضر والماضي معاً»، ومن هنا جعلت الفنانة أعمالها بمثابة مساحة فنية لتناول بصري سردي لمجتمعها المصري وما يحمله من سمات يغلب عليها الأصل الطيب والخير والبهجة، مطوعة الفن الشعبي وسيلة لهذا التعبير بأسلوبها وألوانها الزاهية، وجاء كل عمل من أعمالها حاملاً عادة من العادات المصرية المرتبطة باحتفالات الزفاف مثل «الحنانة» و«الوليمة».
ومن اللافت تخلي الفنانة في أسلوبها عن النسب الطبيعية للجسد والاهتمام بطيات القماش مع الاتجاه إلى التجريد، وفي الوقت ذاته اهتمت بالتفاصيل لحشد رموزها الخاصة المستمدة من الفلكلور الشعبي إلى جانب مكنونها الداخلي. واستخدمت خامة الأكريلك لمساعدتها في إظهار اللون الصاخب الصريح الذي دائماً ما يعطي إحساساً بالبهجة والانفعال والشعور بالفرح، ويبرز الحالة التي يتمتع بها ممارسو هذه العادات، وفق داليا.
فيما يعد تمازج الاتجاهات الفنية سمة تميز لوحات تقى عمرو أبو زيد في المعرض، فالفنانة التي تخرجت في كلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة عام 2020، احتفت بتجريد بعض العناصر من مفهومها الأكاديمي المتعارف عليه باستخدام الخطوط الحرة الانفعالية مع استخدام للمدرسة السريالية ذات الطابع الفانتازي، فيعيش المتلقي من خلال أعمالها في عوالم من الحرية والموسيقى والأحاسيس الجديرة بإصدار شهادة ميلاد جديدة للطموح.
وتقول أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»، «بدأ هذا الاتجاه معي من خلال مشروع تخرجي حيث تعمدت الابتعاد عن الدراسة الأكاديمية وإطلاق العنان ليدي وعقلي، وهو ما يتماهى مع ثيمة المعرض، حيث المساحة الفنية الحرة واستخدام الألوان الجريئة، التي تعبر عن الأمل والطموح».
وإذا كان الطموح بمعناه المتعارف عليه هو التطلع للأفضل، فإن في لوحات تقى نتحسس الطموح كتوظيف واعٍ لاستخدام الألوان والعناصر المبهجة في اللوحة، وكيفية إظهار الفكرة للمتلقي من دون الحاجة إلى شرح مدلولها، فمن خلال 11 عملاً فنياً ننتقل بسلاسة وفرحة بين خامات «السوفت باستل» وألوان الإكريليك وقلم الحبر الأسود والألوان المائية.
أما خشوع الجوهري، فتشارك بـ6 أعمال عبارة عن مشاهد حياتية يومية عبرت عنها بطريقة بسيطة ومرحة مليئة بتفاصيل كثيرة حية، وربما تمس بداخلنا مشاعر مختلطة من الفرح والحزن والشوق والهدوء والتناغم والتلقائية، فهي تمثل سرداً لعالم خاص صنعته بخطوطها، لكن قادتها إليه حسب وصفها لـ«الشرق الأوسط» لحظات من أزمنة بعيدة مشوشة، أو ربما أحلام وخيالات بسيطة وذكريات راسخة بداخلي، وحين يستقبلها المتلقي فإنه يشاركني هذا العالم مشاعره وتخيلاته كأنه عالمه الخاص، بل قد يستدعي داخله مشاعر عالمه الخاص ومكنوناته.
8 أعمال للفنان الشاب عمر صديق، تُمثل الحضور النحتي في المعرض، الذي أمده بالثقة بالنفس يقول: «لا أنكر أنني كنت محظوظاً، لأنني النحات الوحيد وسط المجموعة المتميزة التي عرضت معي، فهم خمسة ما بين مصورين ورسامين، ما أدى إلى تسليط الأضواء على أعمالي، ولفت أنظار النحاتين والمتابعين الذين زاروا المعرض إليها».
اتسمت أعمال صديق بالحركة المفرطة التي جسدها بسلاسة وتلخيص شديدين، وهو ما يصفه بأنه كان صعباً للغاية في التنفيذ، وجاء نتيجة تأثر بممارسته للرياضة لأوقات طويلة ومستمرة.
تشكيليون شباب يرسمون البهجة بـ«طموح»
معرض مصري يضم نحو 60 لوحة ومنحوتة
تشكيليون شباب يرسمون البهجة بـ«طموح»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة