لبنان يودع المصمم اللبناني باسيل سودا أحد نجومه المضيئة عالميا

إيلي صعب يقفل مشغله حدادا.. ونجل الراحل يصفه بالأب الحنون

المصمم اللبناني العالمي أثناء إقامة عرضه الأخير في يناير الماضي  -  المصمم الراحل باسيل سودا قبيل رحيله بأشهر قليلة
المصمم اللبناني العالمي أثناء إقامة عرضه الأخير في يناير الماضي - المصمم الراحل باسيل سودا قبيل رحيله بأشهر قليلة
TT

لبنان يودع المصمم اللبناني باسيل سودا أحد نجومه المضيئة عالميا

المصمم اللبناني العالمي أثناء إقامة عرضه الأخير في يناير الماضي  -  المصمم الراحل باسيل سودا قبيل رحيله بأشهر قليلة
المصمم اللبناني العالمي أثناء إقامة عرضه الأخير في يناير الماضي - المصمم الراحل باسيل سودا قبيل رحيله بأشهر قليلة

ودع لبنان البارحة مصمم الأزياء اللبناني باسيل سودا في مأتم مهيب، حضره حشد من أصدقائه وزملائه وفنانات تعاون معهن. وكان المصمم اللبناني (47 عاما) قد وافته المنية قبل يومين، إثر صراع طويل مع مرض السرطان استمر لسنتين فخسر الكثير من وزنه، مما جعله يغيب تماما عن الأضواء والإطلالات التلفزيونية.
«لقد كان أبا حنونا جدا وصاحب أطيب قلب في العالم» هكذا وصف جاد سودا (نجل الراحل) والده خلال مأتمه، والدموع تملأ عينيه، وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم يقصر يوما تجاهنا وتجاه أي شخص يعرفه، لقد رحل باكرا فلم يكن يستأهل هذا العذاب في مرضه». وتابع جاد الذي بدا متأثرا جدا لرحيل والده الباكر فغص صوته أكثر من مرة وهو يتحدث إلينا: «لقد كنا فخورين جدا به ولا شك أن غيابه سيترك فراغا كبيرا في المنزل، فجميعنا في البيت كنا نتشارك معه أفكاره وأحلامه، كما كنت أتوجه يوميا مع والدتي إلى مشغله لنقف إلى جانبه ونسانده بكل ما يقوم به». وختم جاد سودا بالقول: «لقد رحل باكرا فهو لطالما أحب الحياة وعرف كيف يعيشها بتفاصيلها الحلوة والمرة».
أما مهندس التصميم الداخلي داني عون أحد أصدقاء الراحل، فقد ذكر لنا مدى علاقته الوطيدة بصديق عمره كما يصفه وقال: «لقد كان شخصا صادقا جدا، أعرفه منذ نحو 20 عاما ولم يخذلني أو يفاجئني بموقف لا يليق بالشهامة. لقد كان بمثابة أسطورة رحلت عنا باكرا، هكذا هو دائما قدر الأساطير». وتابع: «في الفترة الأخيرة كان حزينا جدا ومقهورا لأنه سيودع الحياة باكرا. وآخر ما ذكره لي في هذا الخصوص هو الذي كان يعلم جيدا حقيقة مرضه، أنه حبذا لو كان في استطاعته العيش بعد لبضع سنوات أخرى، ليفرح بالذي حققه من نجاحات حتى اليوم وليتمكن من الإفراج عن بعض أحلامه الكثيرة». من ناحيته، زياد عباس الذي كان بمثابة الأخ للمصمم الراحل، إذ بقي ملازما له في السنوات العشرين الأخيرة اعتبر أنه: «ليس هناك من كلمات أستطيع أن أعبر بها عن فقداني لباسيل الصديق والرفيق، فهو خسارة كبيرة لعائلته وللبنان معا».
أما علي الجفال الذي عمل معه لمدة سنتين متتاليتين كمسؤول إعلامي فقال: «كان مميزا بأعماله التي تنبئك بأنه صاحبها ما إن تشاهدها ومن اللحظة الأولى، لقد كان يبحث دائما عن الأفضل، ويرفض إلا أن يشرف بنفسه على أدق تفاصيل مهنته. لقد تغير شكله الخارجي تماما في أيامه الأخيرة حتى إنني بالكاد استطعت التعرف إليه، عندما التقيته في وسط بيروت منذ فترة يتأبط ذراع زوجته وهما خارجان من محلات (آيشتي) والابتسامة مرسومة على ثغره، برحيله خسرنا عمودا من أعمدة لبنان الجميل».
اشتهر باسيل سودا بتصاميمه الخارجة عن المألوف والتي كانت بغالبيتها ذات قصات سوريالية، وتطعيمات بالريش والدانتيل والقماش الفضفاض.
كثيرات هي أسماء الفنانات اللاتي تعاون مع باسيل سودا الذي يلقب في عالم الأزياء بـ«سيد السجادة الحمراء»، نظرا للشهرة الواسعة التي حققتها تصاميمه التي ارتدينها فنانات عالميات خلال إطلالاتهن في مهرجانات عدة كـ«كان السينمائي» و«غرايمي» وغيرهما. فاختارته كل من كايتي بيري وكيري اندروود واميلي بلانت وكريستينا آبلغيت وغيرهن من العالم الغربي. فيما كان بالنسبة لفنانات لبنانيات أمثال مايا دياب ويارا بمثابة صاحب الأنامل الساحرة، التي تزين إطلالاتهن في الكليبات الغنائية أو البرامج التلفزيونية. أما الفنانة الإماراتية أحلام فكانت أول من تعاون معها من بين الفنانات العربيات، كما غردت إثر وفاته على حسابها الخاص على موقع «تويتر» تقول: «الموت يغيب المصمم باسيل سودا بعد صراع مع المرض اسأل الله أن يكون في مكان أفضل، وأنا تعاملت معه لأكثر من ثماني سنوات».
أما الفنانة نانسي عجرم فنشرت له صورة على موقع «إنستغرام»، بالأبيض والأسود يقف فيها مكتوف الأيدي ونعته قائلة: «باسيل سودا ستبقى حيا في ذاكرتنا وفي قلوبنا».
وحضر المصمم اللبناني العالمي إيلي صعب شخصيا إلى مراسم الجنازة، وكان قد أعلن الحداد لخسارة صديقه وطلب من موظفيه والعاملين لديه، والذي يعد بعضهم من الزملاء المقربين للمصمم الراحل، بإقفال المشغل خاصته في بيروت عند موعد إقامة الجنازة أي في الرابعة من بعد ظهر البارحة، والتوجه إلى الكنيسة (سيدة البشارة) في منطقة المتحف للمشاركة أيضا في الصلاة على نفسه. ومن بين المصممين الذين حضروا مراسم الجنازة أيضا كل من جورج شويتر وبيار كاترا.
بعض مصممي الأزياء اللبنانيين نعوا زميلهم كالمصمم جورج شقرا، الذي نشر أيضا على موقع التواصل الاجتماعي «إنستغرام»، صورة لباسيل سودا أثناء إقامته لأحد معارضه وقد لونها بالأبيض والأسود حدادا على رحيله. كذلك الأمر بالنسبة للمصمم رامي القاضي الذي استخدم الموقع نفسه لينعي بأسى زميله الراحل.
وإثر انتشار خبر وفاة المصمم اللبناني العالمي، أكدت «دار سودا» لتصميم الأزياء، أن زوجته ماريان ستكمل مشوار زوجها الراحل مؤسس هذه الدار وأن طيفه لن يغيب عنها أبدا.
والمعروف أن الراحل باسيل سودا (ولد عام 1968) قد بدأ مشواره المهني مع والده، فكان يساعده في خياطة البدلات الرجالية، وفي عام 1978 صمم ثوبا لوالدته ورغم تخصصه في الهندسة المعمارية، إلا أنه انجذب نحو عالم الأزياء فالتحق بدار إيلي صعب لتصميم الأزياء، وعمل لديه لـ4 سنوات متتالية. وفي عام 2000 قرر باسيل سودا أن يفتتح مشغله الخاص، فشكلت بيروت انطلاقته الأولى ومنها طار إلى مجال العالمية بحيث نظم أكثر من عرض للأزياء على خشبات باريس وغيرها.
أما آخر مجموعة أزياء له فكانت تلك التي حملت أحدث تصاميمه لموسم ربيع وصيف 2015، والتي أطلقها في يناير (كانون الثاني) الماضي ولاقت نجاحا كبيرا، وتألفت من ألوان الزهر والأخضر والأصفر الفاهية.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».