قتلى وجرحى في تفجير حافلة عسكرية وسط دمشق

عناصر من الدفاع المدني يحاولون إطفاء حريق في حافلة انفجرت أمس وسط دمشق (إ.ب.أ)
عناصر من الدفاع المدني يحاولون إطفاء حريق في حافلة انفجرت أمس وسط دمشق (إ.ب.أ)
TT

قتلى وجرحى في تفجير حافلة عسكرية وسط دمشق

عناصر من الدفاع المدني يحاولون إطفاء حريق في حافلة انفجرت أمس وسط دمشق (إ.ب.أ)
عناصر من الدفاع المدني يحاولون إطفاء حريق في حافلة انفجرت أمس وسط دمشق (إ.ب.أ)

تسبب تفجير بعبوتين ناسفتين استهدف صباح الأربعاء حافلة عسكرية في دمشق بمقتل 14 شخصاً، وفق الإعلام الرسمي، في حصيلة دموية هي الأعلى في العاصمة السورية منذ سنوات.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله إنه «نحو الساعة 6:45 من صباح أمس (3:45 ت.غ.)، وفي أثناء مرور حافلة مبيت عسكري في مدينة دمشق بالقرب من جسر (السيد الرئيس)، تعرضت الحافلة لاستهداف إرهابي بعبوتين ناسفتين تم لصقهما مسبقاً بالحافلة».
وأدى التفجير إلى مقتل 14 شخصاً، وإصابة آخرين، وفق المصدر الذي أفاد بأن وحدات الهندسة فككت «عبوة ثالثة سقطت من الحافلة». وأظهرت صور نشرتها وكالة «سانا» عناصر من الدفاع المدني يخمدون الحريق في الحافلة المتفحمة، فيما يتصاعد منها الدخان قرب الجسر الذي يقع في وسط دمشق في منطقة غالباً ما تشهد اكتظاظاً خلال النهار، كونها تُشكل نقطة انطلاق لحافلات النقل.
ولم تتبنَّ أي جهة التفجير حتى الآن.
وقال سلمان الذي يعمل في محل لبيع الخضراوات في المنطقة: «لم نشهد منذ فترة طويلة حوادث من هذا النوع؛ اعتقدنا أننا ارتحنا منها». ويُعد تفجير الخميس الأكثر دموية في العاصمة السورية منذ عام 2017، حين أودى تفجير تبناه تنظيم داعش في مارس (آذار) 2017، واستهدف القصر العدلي، بحياة أكثر من 30 شخصاً. وسبقه في الشهر ذاته تفجيران تبنتهما «هيئة تحرير الشام»، واستهدفا أحد أحياء دمشق القديمة، وتسببا بمقتل أكثر من 70 شخصاً، غالبيتهم من الزوار العراقيين.
وخلال سنوات النزاع المستمر منذ 2011، شهدت دمشق انفجارات ضخمة، تبنت معظمها تنظيمات «جهادية». إلا أن هذا النوع من التفجيرات تراجع بشكل كبير لاحقاً بعدما تمكنت القوات الحكومية منذ عام 2018 من السيطرة على أحياء في العاصمة كانت تحت سيطرة تنظيم داعش، وعلى مناطق قربها كانت تعد معقلاً للفصائل المعارضة.
وإن كانت التفجيرات الضخمة قد تراجعت إلى حد كبير في دمشق، فإنها لا تزال تشهد في فترات متباعدة تفجيرات محدودة بعبوات ناسفة.
وفي وسط سوريا، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الأربعاء، بمقتل 6 عناصر من قوات الدفاع الوطني الموالية لقوات النظام، وإصابة 7 آخرين بجروح، جراء انفجار داخل مستودع ذخيرة تابع لها في ريف حماة الجنوبي.
ولم يأت الإعلام الرسمي على ذكر الانفجار الذي لم تتضح ملابساته بعد. ولم يتمكن «المرصد» من تحديد ما إذا كان حادثاً عرضياً أم أنه نجم عن عبوة ناسفة داخل المستودع التابع لقوات الدفاع الوطني، إحدى أبرز وأكبر المجموعات المسلحة الموالية لقوات النظام.
وتتعرض قوات النظام بين الحين والآخر لهجمات، وتشهد مقرات تابعة لها انفجارات لا تتضح ملابساتها، إن كان في وسط البلاد أو شرقها، حيث يتوارى عناصر من تنظيم داعش، أو جنوباً حيث طغت الفوضى الأمنية منذ سيطرة القوات الحكومية على محافظة درعا.
ومنذ أكثر من 10 سنوات، تشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب بمقتل نحو نصف مليون شخص، ودفع أكثر من نصف سكان سوريا إلى النزوح داخل سوريا أو التشرد خارجها. واستنزفت الحرب الاقتصاد، ودمرت البنى التحتية والمرافق الخدمية. وتشهد البلاد راهناً أزمة اقتصادية خانقة تفاقمها العقوبات الغربية.
وخلال سنوات الحرب الأولى، خسرت قوات النظام مناطق واسعة على يد الفصائل المعارضة والتنظيمات، إلا أنها منذ عام 2015، وبدعم جوي روسي، ومن مقاتلين إيرانيين و«حزب الله» اللبناني، بدأت تتقدم تدريجياً، حتى باتت تسيطر اليوم على نحو ثلي مساحة البلاد.
ولا تزال مناطق واسعة غنية، تضم سهولاً زراعية وآبار نفط وغاز، خارج سيطرة الحكومة، أبرزها مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرقي سوريا، وأخرى في إدلب ومحيطها تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام»، وتلك الواقعة تحت سيطرة فصائل موالية لأنقرة في شمال البلاد.
وشنت قوات النظام آخر هجوم عسكري واسع لها قبل أكثر من عام ونصف العام في إدلب. وتمكنت بدعم روسي، وبعد 3 أشهر من العمليات العسكرية، من إتمام السيطرة على نصف مساحة المحافظة.
ومنذ مارس (آذار) 2020، يسري وقف لإطلاق النار في المنطقة، لكنه يتعرض لخروقات كثيرة، وتتعرض المنطقة بين الحين والآخر لقصف لقوات النظام وغارات روسية، ما يسفر عن سقوط قتلى من المقاتلين والمدنيين.
والأربعاء، قتل 13 شخصاً، بينهم 10 مدنيين، ضمنهم 3 أطفال، وفق المرصد، جراء قصف صاروخي لقوات النظام استهدف سوقاً في وسط مدينة أريحا، في ريف إدلب الجنوبي، في أثناء توجه الأطفال إلى مدارسهم.



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».