البرلمان يدرس طلب إردوغان تمديد مهمة جيشه في سوريا

تزامناً مع التلويح بعمل عسكري يستهدف «قسد»

TT

البرلمان يدرس طلب إردوغان تمديد مهمة جيشه في سوريا

تلقى البرلمان التركي مذكرة من رئاسة الجمهورية، تطلب فيها تمديد الصلاحية الممنوحة لرئيس الجمهورية بشأن تكليف الجيش تنفيذ عمليات عسكرية في سوريا والعراق لمدة عامين، بالإضافة إلى مذكرة أخرى بشأن تمديد مهام القوات المسلحة المشاركة في قوة الأمم المتحدة المؤقتة لحفظ السلام في لبنان (يونيفيل) لمدة عام يبدأ من 31 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
وجاء في المذكرة الخاصة بسوريا والعراق، والتي حملت توقيع الرئيس رجب طيب إردوغان، أن المخاطر والتهديدات للأمن القومي، التي تحملها التطورات والصراع المستمر في المناطق المتاخمة للحدود البرية الجنوبية لتركيا، في تصاعد مستمر.
وتضمنت المذكرة، أن «التنظيمات الإرهابية»، لا سيما حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف سوريا الديمقراطية (قسد) و«داعش»، التي تواصل وجودها في المناطق القريبة من حدودنا مع سوريا، مستمرة في أنشطتها ضد بلادنا وأمننا القومي وضد المدنيين. وأضافت، أن «تنظيم الوحدات الكردية الإرهابي يواصل أنشطته الانفصالية في سوريا، وأن تركيا اتخذت إجراءات تتماشى مع مصالحها المشروعة المتعلقة بأمنها القومي؛ بهدف الحفاظ على الاستقرار والتهدئة القائمة في مناطق عملياتها».
ولفتت الرئاسة في مذكرتها إلى تواصل المخاطر والتهديدات التي تستهدف الأنشطة المتعلقة بإرساء الاستقرار والأمن ضمن إطار «مسار آستانة» في محافظة إدلب شمال غربي سوريا. وأضافت، أنه «في نطاق كل هذه التطورات، فإن اتخاذ الإجراءات اللازمة يحمل أهمية حيوية، وذلك بما يتماشى مع حقوقنا الناشئة عن القانون الدولي حيال تقويض وحدة الأراضي السورية والعراقية عبر الإرهاب وخلق أمر واقع غير مشروع في الميدان وضد جميع أنواع المخاطر والتهديدات والإجراءات التي قد تعرّض أمننا القومي للخطر».
وأكدت، أن تركيا تولي أهمية كبيرة للحفاظ على الاستقرار والوحدة الوطنية ووحدة أراضي كل من سوريا والعراق، مضيفة أن «استمرار وجود عناصر حزب العمال الكردستاني و(داعش) في العراق، والمحاولات الانفصالية القائمة على أساس عرقي، تشكل تهديداً مباشراً للسلم الإقليمي والاستقرار ولأمن بلادنا».
وطلبت المذكرة الرئاسية من البرلمان تمديد فترة التفويض الممنوحة لرئيس الجمهورية بشأن تنفيذ عمليات عسكرية في سوريا والعراق عامين جديدين، اعتباراً من 30 أكتوبر 2021.
وجاء طلب تمديد صلاحية رئيس الجمهورية بتكليف الجيش عمليات عسكرية في سوريا، في الوقت الذي تصاعدت فيه التصريحات التركية في الفترة الأخيرة بشأن احتمالات القيام بعملية عسكرية جديدة تستهدف «قسد» في شمال سوريا، بعد تعرض القوات التركية لعدد من الهجمات مؤخراً راح ضحيتها جندي واثنان من عناصر شرطة العمليات الخاصة في مارع شمال حلب، ضمن المنطقة المعروفة بـ«درع الفرات»، الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها.
واتهمت أنقرة الولايات المتحدة وروسيا بعدم الوفاء بالتزاماتهما بموجب الاتفاقات المتعلقة بإبعاد الوحدات الكردية عن حدود تركيا الجنوبية لمسافة 30 كيلومتراً، فضلاً عن تزويد واشنطن الوحدات الكردية بالسلاح، وحمّلتهما جانباً من المسؤولية عن الهجمات التي تستهدف قواتها في شمال سوريا.
كما تشعر تركيا بالقلق تجاه التصعيد في إدلب من جانب قوات النظام بدعم من روسيا، وقامت خلال الأسبوعين الماضيين بتثبيت نقطتين عسكريتين جديدتين في جنوب وشرق إدلب الواقعة في شمال غربي سوريا والتي تخضع لاتفاق تركي - روسي لوقف إطلاق النار وقع في 5 مارس (آذار) 2020، فضلاً عن التفاهمات الأخرى واتفاق مناطق خفض التصعيد الموقع في آستانة بضمان تركيا وروسيا وإيران.
وتتخوف تركيا من نشوء موجة نزوح جديدة إلى حدودها حال تدهور الوضع في إدلب، في حين تدعم روسيا قوات النظام في فرض سيطرتها عليها كونها المعقل الأخير للمعارضة، ولجماعات متشددة تحاربها روسيا هناك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».