انقسام بين فصائل «جيش الفتح» حول أسلوب إدارة مدينة إدلب

«النصرة»: ستُحكم بشرع الله.. و«أحرار الشام»: لم نأت لصنع إمارة

صورة تذكارية في إدلب لمقاتلي المعارضة رافعين 3 أعلام.. «الثورة السورية» و«النصرة» و«جيش الفتح» (رويترز)
صورة تذكارية في إدلب لمقاتلي المعارضة رافعين 3 أعلام.. «الثورة السورية» و«النصرة» و«جيش الفتح» (رويترز)
TT

انقسام بين فصائل «جيش الفتح» حول أسلوب إدارة مدينة إدلب

صورة تذكارية في إدلب لمقاتلي المعارضة رافعين 3 أعلام.. «الثورة السورية» و«النصرة» و«جيش الفتح» (رويترز)
صورة تذكارية في إدلب لمقاتلي المعارضة رافعين 3 أعلام.. «الثورة السورية» و«النصرة» و«جيش الفتح» (رويترز)

فيما يبدو أنه انقسام بين فصائل «جيش الفتح» التي تسيطر على مدينة إدلب من خلال المواقف التي أصدرها بعض مسؤوليها لجهة تولي الحكومة المؤقتة إدارة المدينة، أكد رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة أن المعطيات إيجابية في هذا الإطار، وهناك تجاوب من هذه الفصائل التي يبدي كثير منها الترحيب بأن تكون هناك حياة مدنية في إدلب، وفصل العمل العسكري عن الإدارة المدنية.
ولا ينفي رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة الصعاب التي قد تعوق إمكانية انتقال الحكومة إلى إدلب لتكون مقرا لها لإدارة المناطق السورية المحررة، لكنه يؤكد في الوقت عينه أن الأولوية تبقى الآن لتأمين المساعدات الغذائية والطبية لأهالي إدلب والتسهيل قدر الإمكان لعودة النازحين إليها.
ويشير طعمة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الأمر يتطلب التنسيق والتوافق الكامل مع الفصائل العسكرية التي نجحت في تحريرها من أيدي النظام. وأوضح أن الحكومة المؤقتة ستسعى جاهدة لتقوم بعملها من إدلب، وستبدأ المرحلة الأولى من خلال عمل المجالس البلدية ومديريات الصحة والتعليم، فيما يتطلب نقل مقرات الحكومة إلى المدينة لإدارتها مزيدا من التنسيق مع الكتل والكتائب الموجودة على الأرض، ولكي لا يكون مصير إدلب كمصير الرقة حيث يسيطر تنظيم «داعش»، مضيفا: «سنسعى جهدنا لنثبت للعالم أن المعارضة هي البديل عن النظام».
وبعدما كانت الحكومة المؤقتة قد أعلنت أنها ستبدأ بالتوجيه لمديرياتها للعمل داخل مدينة إدلب التي أعلن عن تحريرها السبت الماضي، قال الشيخ عبد الله المحيسني، أحد شيوخ «جبهة النصرة»: «لا صحة لدخول الائتلاف لمدينة إدلب وإدارة مناطقها، فقد دخل إدلب رجال سالت دماؤهم على ثراها وسيحكمونها بشرع الله ويديرون أمورها.. هكذا عاهدوا الله».
في المقابل، هنأ هاشم الشيخ، القائد العام لـ«حركة أحرار الشام الإسلامية»، مقاتلي الحركة بالنصر الذي تحقق في إدلب، نافيا نية تحويلها زعامة أو إمارة إسلامية، ومطالبا أهالي المدينة بإعانة الحركة على إدارتها، كما هدد النظام بقصف من سماهم «المرتزقة الإيرانيين» في حال قامت قواته بقصف المدينة «المحررة».
ودعا الشيخ في بيان نشره على موقع الحركة مساء الأحد الماضي، مقاتلي الحركة إلى تقديم «الصورة الناصعة لتعامل الإسلام وإدارته لشؤون الناس»، وقال إن الجماعات المشاركة اليوم «قادرة على ذلك بعون الله إن تخلت عن مصالحها الفصائلية وجعلت مصلحة الإسلام ورفع البلاء عن هذا الشعب المكلوم مقدمة على كل مصلحة».
وتوجه بكلمته إلى سكان المدينة قائلا: «يا أهلنا في إدلب الحرة، ها هم أبناؤكم أرخصوا الأرواح وبذلوا الدماء ليرفعوا عنكم ظلم هذا النظام المجرم، فأبشروا بخير أيامكم بإذن الله، فمن قدموا قادتهم قبل جنودهم لم يأتوا ليصنعوا لأنفسهم زعامة أو إمارة».
يذكر أن هاشم الشيخ تم تنصيبه أميرا للحركة التي تعتبر المكون الرئيسي للجبهة الإسلامية المعارضة للنظام السوري، بعد مقتل قائدها حسان عبود، وعدد من القيادات في تفجير مقر اجتماعهم، في 9 سبتمبر (أيلول) 2014، قبل أن يعلن وفي 22 مارس (آذار) الحالي عن توحيد الحركة مع «ألوية صقور الشام»، واندماجهما تحت اسم واحد هو «حركة أحرار الشام الإسلامية»، ليصبح اسم «ألوية صقور الشام» يمثل القوة المركزية للتشكيل الجديد.
وكانت الحكومة المؤقتة قد قالت في بيان لها إنها «ستسعى جاهدة لأن تكون مدينة إدلب الحرة مثالا للعالم أجمع لما أراده السوريون لسوريا المستقبل أن تكون، وستبدأ بالتوجيه لمديرياتها للعمل داخل مدينة إدلب، وللمجلس المحلي لمحافظة إدلب لبدء التنسيق مع الشركاء والفصائل المقاتلة والقوى الفاعلة لتكون مدينة إدلب مقرا لها لإدارة المناطق المحررة على الأراضي السورية». وأهابت الحكومة «بكل القوى المحافظة على الممتلكات الخاصة والعامة، والحفاظ على المؤسسات الحكومية والمرافق الخدمية وضمان استمرار عملها، لنثبت للعالم أن السوريين قادرون على إدارة بلدهم بالشكل الصحيح الرشيد بعد أن غيب الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه كل هذه المظاهر العصرية لعقود». وناشدت «الثوار الأبطال ألا يشتتوا جهودهم، وأن يتكاتفوا لجني انتصارات أخرى يبشر بها هذا النصر، وأن يعملوا على حسن إدارة المدينة المحررة لكي يكتمل هذا الإنجاز الكبير».
وأبدى طعمة تخوفه «من أن يعمد النظام إلى قصف المدينة بالكيماوي، الأمر الذي قد يحول دون قدرة أهالي إدلب على العودة إلى منازلهم، مما يجعلنا نكرر مطالبتنا المجتمع الدولي بضرورة حماية المدينة وعدم تركهم لمصيرهم بين حصار النظام وإجرامه».
وأمس، نفذ طيران النظام الحربي عدة غارات على مناطق في مدينة إدلب ومناطق أخرى في بلدتي سرمين والنيرب بريف إدلب الشمالي، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.



​مصر: انطلاق ماراثون امتحانات «الثانوية» بجدل متكرر حول «صفحات الغش»

وزير التعليم المصري يتابع امتحانات الثانوية العامة من غرفة عمليات مركزية داخل الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري يتابع امتحانات الثانوية العامة من غرفة عمليات مركزية داخل الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
TT

​مصر: انطلاق ماراثون امتحانات «الثانوية» بجدل متكرر حول «صفحات الغش»

وزير التعليم المصري يتابع امتحانات الثانوية العامة من غرفة عمليات مركزية داخل الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري يتابع امتحانات الثانوية العامة من غرفة عمليات مركزية داخل الوزارة (وزارة التربية والتعليم)

انطلق ماراثون امتحانات الثانوية العامة بمصر، الأحد، وسط «تأمين كامل» للجان، و«تشديدات في عملية المراقبة»؛ لتفادي ظاهرة «تسريب الامتحانات»، التي تكررت على مدار الأعوام الماضية. وفيما تداولت صفحات وغروبات صور أسئلة زعمت أنها لامتحاني «الدين» و«التربية الوطنية»، نفت الوزارة ذلك.

وتعد امتحانات الثانوية العامة الحدث الأهم على مدار العام الدراسي، إذ تؤهل نتائجها آلاف الطلاب للالتحاق بالجامعات، ما يضع ضغوطاً وأعباءً على الأهالي والطلاب، الذين يشكون عادة من صعوبات في الامتحانات.

وأدى أكثر من 772 ألف طالب امتحانات مادتي التربية الدينية والتربية الوطنية أمام 1973 لجنة على مستوى الجمهورية، و«شهدت اللجان انضباطاً كاملاً لسير العملية الامتحانية»، ليمر اليوم الأول بـ«هدوء وانضباط»، حسب بيان للوزارة.

وأشار البيان إلى أن الوزير محمد عبد اللطيف، تابع سير الامتحانات من غرفة مركزية في الوزارة، بعدما «تواصل مع مديريات التربية والتعليم كافة الموجودة بغرف العمليات المحلية، واطمأن على وجود ممثلي وزارة الداخلية؛ لتأمين مقار لجان السير (توصيل الامتحانات للجان) بجميع المحافظات».

طالبات يتوجهن لأداء الامتحانات الثانوية (إدارة الصف التعليمية)

وبعد دقائق من بدء الامتحانات رسمياً التاسعة صباحاً، تداولت صفحات وغروبات باسم «شاومينغ»، على مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً لأوراق اختبار كُتب عليها تاريخ العام الدراسي الحالي 2024 - 2025، وزعمت أنها لامتحان مادتي التربية الوطنية والدين. لكن المتحدث باسم الوزارة شادي زلطة، نفى حدوث تسريب، مشيراً إلى أن «ما يتم تداوله امتحانات العام الماضي»، خلال تصريحات لوسائل إعلام محلية.

وقبل قبل أيام من انطلاق الامتحانات أكد الوزير عبد اللطيف تشديد إجراءات مواجهة الغش بشكل يفوق الأعوام السابقة، عبر زيادة أعداد المراقبين داخل اللجان، بالإضافة إلى الإجراءات القديمة نفسها في تفتيش الطلاب بالعصا الإلكترونية لمنع دخولهم بأي أجهزة، فضلاً عن مراقبة اللجان بالكاميرات.

وقال مدير إدارة حدائق أكتوبر (جنوب العاصمة) التعليمية، عبد المقصود سعيد، لـ«الشرق الأوسط» إن الوزارة مدتهم لأول مرة ببرنامج عبر الجوال، يُحمله المراقبون، يتمكنون من خلاله من الكشف عن أي سماعات أو أجهزة إلكترونية لدى الطالب سواء كانت ظاهرة أو مخفية.

وطالب وزير التعليم مديري الإدارات بضرورة «التأكد من دخول الطلاب إلى اللجان من دون أي أجهزة إلكترونية، وتطبيق إجراءات تفتيشية صارمة، والتعامل بكل حزم وحسم في التفتيش قبل دخول اللجان لضمان الانضباط، واتخاذ الإجراءات الفورية مع أي تجاوزات».

طالبات داخل إحدى لجان الثانوية العامة خلال العام الماضي 2024 (وزارة التربية والتعليم)

وأضاف سعيد: «امتحانات (الأحد) مرت بسلام دون أي عراقيل، أو رصد لحالات غش داخل نطاق مديريته التعليمية»، مشيراً إلى «مراقبته اللجان من خلال الكاميرات الموجودة داخلها».

الأمر نفسه أكده مدير تعليم مديرية المنوفية (دلتا النيل) التعليمة، محمد صلاح، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «لم نرصد أي حالات غش كبيرة اليوم»، مؤكداً تشديد نظام المراقبة، سواء من خلال الكاميرات في بعض اللجان، أو «تشديد الرقابة البشرية في اللجان التي لا توجد فيها كاميرات»، وعلق على الأخيرة بأنه «لم يأت لنا أي شكوى أو رصد لحالات غش فيها».

كان الوزير وجه أيضاً «بالتأكيد على رؤساء اللجان بمراجعة الكاميرات داخل اللجان، قبل البدء وبعد الانتهاء من الامتحان، ومراعاة توزيع الأسئلة في الوقت المحدد مع بداية توقيت الامتحان، ودخول الطلاب اللجان في الوقت المحدد».

تقييم مبكر

وأشادت عضوة لجنة التعليم بمجلس النواب (البرلمان)، جيهان البيومي، بـ«التنظيم الجيد» لأول أيام امتحانات الثانوية العامة، «وعدم وجود أي شكوى من صعوبة الامتحانات»، لكنها رأت أنه «من المبكر الحكم على تجاوز تحدي الغش الذي تواجهه الوزارة».

وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن امتحانات اليوم «لا تضاف إلى المجموع، وكذلك الامتحانات التي سيؤديها الطلاب يوم 17 في الشهر الحالي، لذا يبقى الاختبار الحقيقي مع بدء الامتحانات التي تضاف للمجموع، للتأكد من فاعلية منظومة مواجهة الغش، والسيطرة على تسريب الامتحانات».

وتستمر امتحانات الثانوية العامة خلال الفترة من 15 يونيو (حزيران) الحالي، حتى 10 يوليو (تموز) المقبل.

وفيما اتفق معها مدير إدارة المنوفية التعليمية محمد صلاح على أنه «من المبكر الحكم على فاعلية منظومة مواجهة الغش التي يتخذونها، مقارنة بالأعوام الماضية» قائلاً: «ذلك يحتاج لعدة أيام»، لكنه رأى أن «الغش مبدأ، والطالب الذي يتبناه لا يُفرق بين ما إذا كانت المادة مضافة للمجموع أو غير مضافة».

ويستبعد الخبير التربوي، عاصم حجازي، قدرة وزارة التربية والتعليم على «القضاء على الغش بشكل كامل، ما دامت استمرت الامتحانات بالطريقة التي تُؤدى بها حالياً؛ من حيث امتحان واحد يخضع له الطلاب في الوقت نفسه، وبإجابات ورقية».

وأوضح حجازي لـ«الشرق الأوسط» احتمالات الغش في هذه الطريقة «تساوي عدد اللجان التي تجري فيها الامتحانات، وتظل احتمالية تهريب أجهزة إلكترونية لطالب داخلها، أو تسريبها من مراقب قائمة، مهما شدّدت الوزارة من إجراءات مواجهة الغش».

ورأى الخبير التربوي أن أفضل طريقة للقضاء عليه هو «تغيير أسلوب الامتحان إلى عدة امتحانات تتم في أوقات متعاقبة، وتعتمد على بنوك أسئلة، متكافئة من حيث المستوى، بحيث لا تصبح هناك إمكانية للتسريب في ظل وجود أكثر من نموذج للامتحانات».